共有

الفصل 2

作者: الغابة العميقة

حدّق أدهم جمال في دانية يوسف طويلًا، ثم قال بابتسامةٍ لا هي ضحك ولا هي غضب:

"تريدين الزواج فتتزوجين، وتريدين الطلاق فتطلبينه...دانية يوسف، تعيشين فعلًا على هواكِ."

حافظت دانية يوسف على يدها الممدودة بالاتفاقية، وقالت بهدوء:

"فكرت طويلًا، وأرى أننا فعلًا غير مناسبين لبعض، ثم إنني حينها لم أكن أعرف علاقتك بحورية أيمن، ولم أكن أعرف…"

لم تكد تُكمل حتى قاطعها أدهم جمال:

"دانية يوسف… عادت حورية، لكن لا تُبالغي. أساليب التمنّع والتدلّل لا تجدي معي."

كانت دائمًا تطمع في نفوذ عائلة جمال في نظره، وتُسحر الجد بكلامها المعسول حتى أقنعته بزواجها منه.

من يطلب الطلاق؟ دانية يوسف هي آخر من قد يفكّر في مفارقته.

شدّت دانية يوسف قبضتها على الاتفاقية حتى برزت العروق على ظهر يدها، لكنها اضطرت للمحافظة على هدوئها وقالت بنبرة ثابتة:

"سواء كنتُ أبالغ أو أتدلّل، وقّع على الأوراق، ولنذهب معًا إلى مكتب الشؤون المدنية، وستعرف الحقيقة حينها يا أدهم جمال."

كانت مُصرةً على أن تثبت نفسها.

نظر إليها أدهم جمال قليلًا ثم قال ببرود:

"حسنًا، أوافق على الطلاق.

لكن قولي لي، يا دانية، هل وافق جدّك؟ هل حصلتِ على دفتر القيد العائلي؟ وهل وافق جدّي؟

إذا كنتِ جادة، فابدئي بالكبار أولًا، وعندما تنتهين تعالي وتحدّثي معي. وإلّا فلا تضيّعي وقتي وجهدي."

قطع عليها الطريق بهذه الكلمات الخفيفة.

سكتت دانية يوسف، لا تجد ما تردّ به.

صحيح… طلاقها من أدهم جمال لم يكن بهذه البساطة.

فالزواج ليس بين شخصين فقط، بل بين عائلتين.

شحب وجهها وهي تنظر إليه دون كلام.

وقف أدهم جمال، وقال بنبرة هادئة تشبه الرتابة:

"إن لم تعودي تفكرين في هذا، فكوني كما أنتِ... نائبة الرئيس، والسيدة الثانية في عائلة جمال كما أنتِ."

تعلّقت الاتفاقية في يده في الهواء، وأرادت دانية يوسف أن تشرح، لكنها ترددت أكثر من مرة، وفي النهاية قالت فقط:

"أنا التي لم أُفكّر جيدًا. سأحاول التفاهم مع كبار العائلة في أسرع وقت."

لم يُجبها، بل فتح الباب وخرج من خلف المكتب، وهو يداه في جيبي بنطاله.

تطلّق دانية يوسف؟

لا تطلّقين إلّا إذا طلعت الشمس من الغرب.

لا يزال يتذكر فرحتها يوم ذهبا لتسجيل الزواج.

أُغلق الباب، فرفعت دانية يوسف يدها تمسّد جبينها، ثم أطلقت زفرةً طويلة.

……

عادت إلى مكتبها وأخبرت صفية جمال بما حدث.

كانت صفية جمال أخت أدهم جمال الصغرى، وتعمل هي أيضًا في الشركة، وهي في نفس عمر دانية يوسف وصديقتها منذ الطفولة.

لكنها كانت في رحلة عمل خارج المدينة في الأيام الأخيرة.

وحين سمعت ما قالت دانية يوسف، رفعت صوتها على الهاتف قائلة:

"يا إلهي، أخيرًا استفقتِ يا سيدتي الكريمة!"

ثم تابعت تطمئنها:

"لا تقلقي، أنا طبعًا في صفّك. الآن عليكِ الرجوع إلى البيت واسألي جدّك عن دفتر القيد العائلي. إذا وافق وأعطاكِ إياه، فالأمر انتهى نصفه. أما عائلة جمال، فسنجد لها حلًّا."

"شكرًا لكِ يا صفية."

"لا تقولي شكرًا."

لولا أن أخاها أدهم عديم المسؤولية، لما أقدمت هي نفسها على فعلٍ كهذا: مساعدة زوجة أخيها على الطلاق.

وجود صفية جمال في صفّها منح دانية يوسف بعض الشجاعة.

عادت إلى بيت عائلتها عند المساء بعد انتهاء الدوام.

كان بيت عائلة يوسف القديم عبارة عن دار صغير على طراز فناء رباعي، يقع في زقاق قديم بوسط المدينة.

يتكون من طابقين، وقد خضع لعدة ترميمات، فحافظ على الطراز القديم وفي الوقت نفسه اكتسب لمسات عصرية خفيفة.

الزقاق هادئ، والورود الحمراء تتسلّق جدران الفناء.

أوقفت دانية يوسف سيارتها جانب الطريق، وحملت علبة من الحلويات التي يحبها جدها، ثم دخلت.

"الآنسة عادت."

"خالة آمنة."

حيّت الخادمة ثم ذهبت لتبحث عن الجد.

عادةً ما تكون بنات الثالثة والعشرين في قمة شبابهن، يلبسن ألوانًا زاهية.

أما دانية يوسف فكانت هادئة المظهر، شعرها مرفوع في كعكة منخفضة، وعلى وجهها ابتسامة نادرة.

هي نائبة الرئيس في الشركة، وسيدة عائلة يوسف؛ وعليها أن تحافظ على هذه الصورة.

وجدت الجد، وجلسَت معه تُشاهد الأزهار وتلاعب الطيور.

حين كانا يلعبان الشطرنج بعد العشاء، قال الجد:

"حاجباكِ معقودان منذ بداية الليل، قولي ماذا تريدين أن أساعدكِ فيه هذه المرة؟"

كانت تمسك قطعة المدفع بين أصابعها، فرفعت رأسها ونظرت إليه، حدّقت فيه طويلًا قبل أن تقول بهدوء:

"جدي… لم أعد أريد الاستمرار مع أدهم جمال. أريد الطلاق."

هذا القرار لم يكن اندفاعًا، بل نتيجة تفكير طويل ومراجعة عميقة.

تغيّرت ملامح الجد فور سماع كلامها، وساد الصمت.

وبعد فترة، وقف ودخل غرفته دون كلمة، ثم خرج بعد قليل.

ما زالت ملامحه ثقيلة وهو يقول:

"حين سألتكِ من قبل إن كنتِ فكرتِ جيدًا، قلتِ إنكِ واثقة من قراركِ."

ثم لوّح بيده مستسلمًا:

"لا بأس… لقد بذلتِ ما في وسعك في هذا الزواج. اليوم جئتِ لتأخذي دفتر القيد العائلي، أليس كذلك؟ حسنًا، إذا لم تعودي تريدين الاستمرار فاذهبي وأنهي الإجراءات، إراحتك لنفسك هي أيضًا إراحة لأدهم."

قال ذلك، ومدّ دفتر القيد العائلي نحوها.

لا يستخدم الجد الإنترنت، ولا يعرف ما يُكتب في الأخبار، لكنه سمع الكثير عن مآسي أدهم.

إن كانت لا تحبه فعلًا، فليُنْهِ الأمر.

لن يُجبِرَها أحد.

نظرت دانية يوسف إلى الدفتر في يد جدها، واحمرّت عيناها:

"جدي… أنا آسفة."

زواجها من أدهم جمال لم يجعلها وحدها أضحوكة، بل أحرج الجد أيضًا.

وضع الجد الدفتر في يدها وقال وهو يجلس:

"لم تُخطئي بحق أحد. المهم ألّا تظلمي نفسك. لا تكوني قاسية على نفسك، هذا هو الأهم."

أومأت وهي تقبض على دفتر القيد العائلي.

كانت تشعر بالحزن، لكنها لم تفهم على مَنْ تحزن بالضبط.

خرجت دانية يوسف من البيت القديم بعد التاسعة مساءً بقليل، وأرسلت إلى صفية جمال رسالتين على واتساب:

صورة، وجملة واحدة:

"صفية، حصلت على دفتر القيد العائلي."

بعد أن رأتها صفية جمال، أرسلت لها رسالة صوتية مدتها ستّون ثانية، تُخبرها بخطوات المرحلة التالية.

……

في البار، كان أدهم جمال يجلس مع إيهاب نبيل وجلال أمين وغيرهما.

الأنوار ساطعة والأجواء صاخبة، وحياته تبدو أكثر حيوية بأضعاف مقارنةً بحياة دانية يوسف الهادئة الرتيبة.

كانت بعض الفتيات يحاولن التقرب منه، لكنه لم يبدِ اهتمامًا.

اتكأ إيهاب نبيل على الأريكة بكسل، ونظر إليه قائلًا بلا مبالاة:

"سمعت أن دانية طلبت منك الطلاق؟"

أخذ أدهم جمال سيجارة من على الطاولة وأشعلها.

نفث دخانًا خفيفًا، ونفض الرماد بابتسامة:

"الأخبار عندك سريعة كالعادة. ما الذي تجمعه لي هذه المرة من أخبار صفية؟"

أخذ إيهاب نبيل نفسًا وقال ناصحًا:

"اهدأ قليلًا. دانية كزوجة لك متحملة فوق طاقتها. العب كما تريد في الخارج، لكن دلّلها قليلًا بين حينٍ وآخر."

"أدلّلها؟" ضحك أدهم جمال.

حتى الدخان الخارج من فمه حمل نبرة السخرية.

هو يدلّل دانية يوسف؟

مستحيل… لا في هذه الحياة ولا في غيرها.

وما إن هدأ ضحكه، حتى أضاء هاتفه الموضوع على الطاولة.

ألقى نظرة، فإذا برسالتين من صفية جمال:

"أخي، أقدّم لك تقريرًا عن تقدّم ملف الطلاق: حصلت دانية على دفتر القيد العائلي."

ومرفق مع الرسالة… صورة لدفتر القيد العائلي لدانية يوسف.

تفاجأ قليلًا.

دانية يوسف جادة؟ عادت فعلًا وأخذت الدفتر؟

كبر الصورة ودقّق فيها طويلًا، وكأنه يتأكد من حقيقتها، حتى لسعه عقب السيجارة في يده، فارتجف ورماها.

في تلك اللحظة، اتصلت أمه.

فتح الخط، فجاء صوت يسرى العوضي سريعًا:

"أدهم، أين أنت الليلة؟ ألا يمكنك أن تجعلنا نرتاح قليلًا؟ ألا يمكنك العودة إلى البيت يومين؟

تترك دانية في البيت وحدها كل مرة، هل هذا يليق؟"

عقد أدهم حاجبيه:

"كلكم مسحورون بها. حسنًا، فهمت."

يحبها الجد، تحبها صفية جمال، وحتى والده ووالدته في صفّها.

من أين أتت دانية يوسف بكل هذه القدرة على كسب القلوب؟

أغلق الخط، ووقف، ثم انحنى وأخذ سترته، وقال لإيهاب نبيل وجلال أمين بوجهٍ بلا تعبير:

"لديّ أمر، سأغادر أولًا."

استقام إيهاب نبيل قليلًا، ورفع حاجبيه:

"لم نبدأ بعد، وتغادر؟"

لم يردّ عليه أدهم جمال، ولوّح بيده وهو يدير له ظهره، ثم غادر مباشرة.

قاد السيارة مبتعدًا عن الحانة، والنوافذ الجانبية مفتوحة.

كانت يده اليمنى على المقود، واليسرى تحمل سيجارة، وساعده يستند إلى حافة النافذة، فيما كان كانت موسيقى "على طرقات الليل" تتردد في الخلفية.

ولا يزال عاجزًا عن فهم كيف استطاعت دانية يوسف، الفتاة العادية جدًا في نظره، أن تسحر كل أفراد عائلة جمال بهذا الشكل.

في البداية… هو أيضًا كان كالمسحور حين وافق على هذا الزواج.

أخذ نفسًا عميقًا من سيجارته، ونفث دائرة من الدخان.

الشارع شبه خالٍ من السيارات، فرمى ما تبقى من السيجارة وضغط على دواسة البنزين، فازداد عدّاد السرعة.

……

في غرفة النوم في بيت الزوجية.

كانت دانية يوسف تحمل بين ذراعيها بعض مستحضرات الاستحمام والعناية بالبشرة التي أخذتها من الحمام، تستعد لفتح باب الغرفة والخروج، لكن دُفع الباب فجأة من الخارج.

رفعت رأسها.

وتجمّدت في مكانها.

أدهم جمال!

كيف عاد هكذا؟

この本を無料で読み続ける
コードをスキャンしてアプリをダウンロード

最新チャプター

  • حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء   الفصل 30

    كانت عائلة جمال ذات مكانة عالية، بينما كان جدّ دانية يوسف في الأصل مجرد سائق عند جدّ أدهم.ورغم أنه عمل بجد طوال عمره وادّخر شيئًا لحفيدته…إلا أن الفارق بين العائلتين كان كبيرًا منذ البداية.لهذا عندما نصح أدهم جمال بالطلاق، لم يقل الجدّ كلمة واحدة دفاعًا عن حفيدته، ولم يُحمِّلها شيئًا…بل أخذ كل المسؤولية على نفسه، وقال إنه لم يُحسن تربيتها بما يكفي.فقد أدرك أن المسألة لم تعد مسألة "من المخطئ".بل المهم الآن… ألّا يستمرّ الطفلان (كما يراهما) في إيذاء بعضهما.أن يصل الأمر إلى الطلاق…هذا ما لم يتوقعه أدهم جمال نهائيًا من الجدّ.استمع أدهم جمال لكلمات الجدّ، ولم يشعر إلا بأن هذا التوبيخ الذاتي من الجدّ… إهانة له هو.فمشاكل الزواج… كان هو سببها كلها.ومهما كان الزواج قد تمّ بإجباره… إلا أنه بالفعل لم يؤدِّ يومًا واجبه كزوج.ظلّ ينظر إلى الجدّ دون حركة.وحين توقّف الجد عن الكلام، ابتسم أدهم جمال ابتسامة خفيفة وقال:"جدي، أمورنا سنتعامل أنا ودانية معًا.أنت صحتك ليست جيدة… فلا تشغل بالك ولا تقلق."مهما كانت طباعه، إلا أنه يعرف حدود الأدب مع الكبار.حتى لو كان قاسيًا على دانية يوسف…لا يم

  • حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء   الفصل 29

    لا يعرف كيف حدث… لكن برودة دانية يوسف وابتعادها عنه كانا يضايقانه هو.هي لم تكن هكذا من قبل.كانت تنتظر بعينين ممتلئتين كل مرة يعود فيها إلى الفيلا.اليوم… هو الذي يجلس في الممر ينتظر.بينما هي لم تعد تريده حتى أن ينظر إليها.جلس طويلًا في الممر، ثم التفت من جديد نحو باب غرفة الجد.حدّق قليلًا… ثم نهض وعاد إلى الداخل.عندما دخل، وجد دانية يوسف جالسة في مكانها، ممسكة بيد الجد.فتح الباب وكأن شيئًا لم يحدث، وجلس على نفس المقعد كما قبل.…في الأيام التالية، بقي الجد في المستشفى للمراقبة.تركت دانية يوسف عملها مؤقتًا وبقيت بجانبه طوال الوقت.أما أدهم جمال، فجاء يوميًا تقريبًا:يحادث الجد، يلاعبه الشطرنج، ويجلس معه طويلًا.وذلك جعل الجد سعيدًا جدًا.لكن دانية يوسف…كانت تتعامل معه باحترام، نعم، لكنها بقيت رسمية، بعيدة، ليست كما كانت من قبل.لم تعد تنظر إليه كما كانت، ولم تعد تهتم بأفعاله كما كانت.ظهر كل شيء بوضوح… حتى الجد لاحظ.…ذلك العصر، بينما كان الجد جالسًا مسندًا ظهره، سأل دانية يوسف وهو يراقب تصرفاتها:"دانية، رأيتك هذه الأيام لا تكادين تلتفتين لأدهم، وتزدادين مجاملةً له… هل حدث شي

  • حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء   الفصل 28

    دفعت دانية يوسف الكرسي قليلًا وهي تنهض بسرعة، ونظرت إلى أدهم جمال بدهشة صادقة:"كيف… كيف جئت إلى هنا؟"لم يخطر ببالها على الإطلاق أنه سيأتي.فهي لم تخبره شيئًا عن مرض جدّها.كانت يدا أدهم جمال في جيبي بنطاله، ونظرته فاترة أمام ردّة فعلها.فهو قبل دقائق فقط تلقّى اتصالًا من إيهاب نبيل، يخبره بأن جدّ دانية يوسف أغمي عليه بعد الظهر وأنه الآن في المستشفى.وما إن سمع الخبر… حتى تغيّر وجهه فورًا.لم يكن يعلم.لم يخبره أحد.الجميع عرف…الجميع جاء لزيارة الجد…إلا هو.وكان الوحيد الذي تلقّى الخبر من شخص خارج العائلة.لم يكن مزاجه جيدًا.نظرت دانية يوسف إلى الجد، ثم عادت إليه تقول بهدوء:"جدي بخير، أفاق بعد الظهر، وأنهى كل الفحوص. الآن نائم فقط، فلا تقلق. يمكنك العودة لمتابعة عملك."هي تعرف أنه لن يقلق على الجد… كلامها مجرد مجاملة واجبة.أما وجهه فكان محمّرًا بنفاد الصبر، لا شك أنه مستاء ممن أخبره، ومستاء لأنه اضطر لترك حورية أيمن ليأتي.لا بأس.فليعد إليها بسرعة.لو استيقظ الجد ورآه غير راغب أصلًا بالحضور… سيؤلم ذلك قلبه أكثر.دخل الغرفة، ورمى نظرة خفيفة على دانية يوسف، وقال ببرود:"إنه منتصف

  • حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء   الفصل 27

    كان هيثم جمال يخرج بين الحين والآخر ليردّ على مكالمات ترده من الخارج.أما عند سرير المريض، فكانت دانية يوسف تمسك بيد جدّها، وفي الوقت نفسه تنظر نحو باب الغرفة، ترى هيثم واقفًا في الخارج يتحدث بهدوء…وهذا وحده ملأ قلبها امتنانًا له.…مع حلول المساء، حضرت صفية جمال ويسرى العوضي، وكذلك جمال ربيع.عائلة جمال كبيرة، بينما عائلة يوسف قليلة الأفراد، وأصدقاؤها ليسوا كُثُر، لذلك لم يأتِ أحد لزيارته سوى أفراد عائلة جمال.ومع أن الجميع حضر…فإن أدهم جمال ظلّ غائبًا… ولم يظهر حتى الآن.وعند التاسعة تقريبًا، ولمّا رأت دانية يوسف أن هيثم بقي بجانبها كل هذا الوقت، قالت له بنبرة لطيفة:"أخي الأكبر هيثم، جدي هنا معي… عد للبيت لترتاح قليلًا."كانت تتحدث بأدب، وقد نام الجد بالفعل.فقال هيثم:"حسنًا، سأعود أولًا. وإن حدث أي شيء فاتصلي بي فورًا.""نعم." أومأت دانية يوسف.رافقت هيثم حتى مصعد المستشفى، وكانت تفكر في إنزاله إلى الطابق الأرضي، لكنه قال:"إلى هنا يكفي. عودي الآن، جَدُّك وضعه مستقر، فلا تقلقي.ارتاحي أنتِ أيضًا الليلة."هزّت رأسها بخضوع ولطف:"حسنًا."صعد المصعد، وظلت تنظر إليه حتى اختفى، قبل أ

  • حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء   الفصل 26

    كانت دانية يوسف ما تزال مستديرة بظهرها نحو أدهم جمال، فأطلقت نفسًا طويلًا وهادئًا.وبعد صمت قصير، قالت:"لا، أعرف أنك قلتها من شدة الانفعال."مع أن الكلمة المهينة كانت تُوجَّه إليها، ومع أن الإحراج كان من نصيبها…هي التي تُطمئنه الآن.أعاد أدهم جمال سدّادة الأذن إلى موضعها… فعاد الصمت بينهما.…ومضت الأيام التالية كما كانت دائمًا، باهتة وباردة.كان أدهم جمال يعود إلى المنزل كل يوم، لكن أحاديثهما ظلت قليلة، مُقتضبة، بلا حرارة.…في عصر ذلك اليوم، كانت دانية يوسف قد أنهت اجتماعًا وعادت إلى مكتبها، حين تلقّت اتصالًا من الخالة آمنة.قالت الخالة بصوت قلق:"آنسة… السيد الكبير في المستشفى. أنهى الفحوص قبل قليل. إن انتهى دوامك فتعالي تريه."في الطرف الآخر، انتفضت دانية يوسف في لحظة:"جدي في المستشفى؟! لماذا لم تخبروني فورًا؟!"لم يعد شيء قادرًا على إثارة رد فعل قوي منها… إلا ما يتعلق بجدّها.قالت الخالة:"منعنا السيد الكبير… قال إنّه لا يريد التأثير على عملك."تنهدت دانية يوسف بعجز.أي عمل يمكن أن يكون أهم من جدّها؟لم تُطل الحديث، وأغلقت الخط، وانطلقت بسيارتها إلى المستشفى.…وحين وصلت، كان ا

  • حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء   الفصل 25

    قالت دانية يوسف إنّها "تعرف"، لكنّها قضت الطريق كلّه عائدةً من البيت القديم بلا روح.استندت بضعف إلى المقعد، وذراعاها تعانقان نفسها بخفة، ورأسها مائل على مسند الكرسي، وعيناها شاحبتان تحدقان في الخارج.لا ضوء فيهما.متعبة.قلبها منهك.كان أدهم جمال يلمحها من المرآة بين الحين والآخر، يراها صامتة، تحدق في الفراغ… ومع ذلك لم يبادر بالكلام.حقًا كانت مجرد كلمات جاءت في لحظة غضب… لكنه يعرف أنها جرحتها.رنّ هاتفه عدة مرات في المقعد الأمامي، وردّ على عدة مكالمات، دون أن تنتبه هي.لم تلتفت، لم تتحرك، فقط واصلت النظر إلى النافذة.حتى توقفت السيارة في فناء المنزل، وحتى فتح لها أدهم جمال باب السيارة، عندها فقط انتبهت فجأة.أمسكت أشياءها بسرعة، وقالت بأدب:"شكرًا."ثم أضافت بلطف خافت:"يبدو أنك لا تزال مشغولًا… سأدخل قبلك."وقالت ذلك قبل أن تنتظر جوابه، واستدارت ودخلت المنزل مباشرة.وقف أدهم جمال ممسكًا بباب السيارة، ينظر إلى ظهرها وهي تبتعد.ولم يتحرك إلا بعد أن دخلت المنزل، فعاد إلى مقعد السائق، وأغلق الباب، وأدار المحرك وغادر.…عادت دانية يوسف إلى غرفة النوم في الطابق العلوي، وبعد أن تأكدت أن أ

続きを読む
無料で面白い小説を探して読んでみましょう
GoodNovel アプリで人気小説に無料で!お好きな本をダウンロードして、いつでもどこでも読みましょう!
アプリで無料で本を読む
コードをスキャンしてアプリで読む
DMCA.com Protection Status