Share

الفصل 6

Auteur: الغابة العميقة

انتفضت دانية يوسف فزعًا، ورفعت رأسها لتنظر إليه، وقالت:

"ألم تنم بعد؟ لقد أخفتني."

لم تُجب عن سؤاله، بينما كان أدهم جمال يُدخل يديه في جيبي سرواله وينظر إليها ببرود.

شعرت دانية يوسف بوخزةٍ من الذنب أمام تلك النظرة، رغم أنها لا تعرف سببها.

هو لم يهتمّ بها يومًا.

تجنّبت عينيه وشرحت:

"نفدت بطارية هاتفي. عادت صفية من رحلة عمل، وكنا نتناول العشاء معًا."

ضحك أدهم جمال بسخرية وقال:

"وجبة عشاء تحتاج إلى ستّ أو سبع ساعات؟"

رفعت دانية يوسف عينيها لتنظر إليه بالطريقة ذاتها.

من الواضح أنّه كان يعرف إلى أين ذهبت.

حدّقت فيه بلحظات، ثم قالت:

"من حقي أن يكون لي أصدقائي وحياتي الخاصّة أيضًا."

أطرق برأسه ينظر إليها وقال بنبرة متكاسلة:

"الزواج لم ينتهِ بعد، وعجزتِ عن إكمال التمثيل؟"

تمثيل؟ متى مثّلت شيئًا؟

منذ ثلاث سنوات بعد الزواج، لم تخرج بمفردها سوى هذه المرة.

عاد إلى البيت قبلها الليلة فقط، وصادف أن نفدت بطارية هاتفها في الليلة نفسها.

هكذا عاشت ثلاث سنوات، تنتظر وحدها في غرفةٍ خالية.

نظرت إلى أدهم جمال ولم تجادله حول مَن المخطئ ومَن المصيب.

ففي النهاية، هذا الطريق كانت هي من اختارته.

اكتفت بالتذكير بهدوء:

"أدهم جمال، نحن على وشك الطلاق."

والمعنى الضمني: لا تتدخّل في شؤوني، فلم يعد لك حقّ عليّ.

ظلّ أدهم جمال ينظر إليها ببرود قاتم بعد أن أنهت كلامها.

ولمّا رأت أنه يحدّق بها صامتًا، استدارت متجهة إلى الحمّام، لكنه أخرج يده اليمنى من جيبه فجأة وجذبها نحوه بقوة وهو يقول:

"تتزوّجين وقتما تشائين، وتطلبين الطلاق وقتما تشائين، بماذا تظنين عائلة جمال؟"

تحدّثت عن الطلاق قبل أيامٍ، فتجاهلها، وها هي تعيد الكلام اليوم.

أحقًا تظنّ أنّ صبره لا حدود له؟

اشتعل غضب دانية يوسف بدورها بعد أن جذبها إليه، فحدّقت فيه وقالت بحدّة:

"لو كنت أعلم أن الزواج سيكون هكذا، يا أدهم جمال، لما تزوّجتك أبدًا."

سكتت لحظة ثم أضافت:

"أعرف أنّك تخشى أن يؤثّر الطلاق على الشركة، لكن بعد أن ننهي الإجراءات، سأُبقي الأمر سرًا. وأمّا متى نعلن، أو لا نعلن أصلًا، فالأمر يعود إليك."

ومع إصرارها على الطلاق، أعاد أدهم جمال يديه إلى جيبيه، وأدار وجهه جانبًا.

خيّم الصمت على الغرفة، حتى بات بإمكانهما سماع أنفاسهما بوضوح.

عاد ينظر إليها بعد برهة، وقال بنبرة باردة:

"دانية، الزواج لم ينتهِ بعد، فلا تنسي مكانتك."

سألته بهدوء:

"مكانة زوجة الابن الثاني لعائلة جمال؟ أم مكانة نائبة الرئيس دانية؟ أدهم جمال، ومتى تذكّرتَ أنت مكانتك أصلًا؟"

ضحك أدهم جمال وقال وهو ينظر إليها:

"انجرحتِ؟ أنتِ نادمة الآن؟ أنا كما أنا منذ البداية، ألم تعرفي طبعي قبل الزواج؟"

مع كلامه هذا، عجزت دانية يوسف عن الردّ.

واكتفت أخيرًا بالقول:

"كنت صغيرة في ذلك الوقت… وأفكاري كانت ساذجة جدًّا."

ضحك أدهم جمال بغيظ:

"بجملة "كنت صغيرة وساذجة" تريدين محو كل شيء؟ دانية، لقد أمضيتِ ثلاث سنوات في الشركة، وتعرفين كم من العيون تراقبك. هل تظنين أنكِ إن لزمتِ الصمت ستخفين الأمر؟"

قالت دانية يوسف:

"طالما أنك تعرف أنّ العيون كثيرة، لماذا لا تضبط نفسك قليلًا؟"

لم يجد ما يردّ به هذه المرة.

أعاد يديه إلى جيبيه وحدّق فيها طويلًا ثم سأل بوجهٍ جامد:

"هل أنتِ مصرّة على الطلاق؟"

أجابت بهدوء:

"نعم." ثم أضافت:

"سأذهب لأستحمّ، نَمْ مبكّرًا."

بعد أن أنهت كلامها، استدارت إلى خزانة الملابس، أخذت ملابس نوم ودخلت الحمّام.

عندما خرجت بعد الاستحمام، كان أدهم جمال مستندًا إلى السرير يقرأ كتابًا، وقد ترك مساحة كبيرة إلى يساره.

لم تسأله عن السبب، بل ارتدت قناع العينين وسدّادات الأذن، وأخذت بطانيةً وذهبت لتنام على الأريكة دون كلمة.

وضع أدهم جمال الكتاب من يده ورفع رأسه ينظر إليها على السرير.

نظر إليها برهة.

ولمّا رآها ثابتةً تدير له ظهرها، مدّ يده وأطفأ المصباح واستسلم للنوم.

……

طَقّ.

قرابة الثالثة بعد منتصف الليل، سقطت مرة أخرى عن الأريكة، ففركت ذراعها ولم يعد فيها ذرّة غضب.

إلى متى ستستمر هذه الأيام؟ إلى متى ستظلّ تنام على الأريكة؟

التفتت نحو السرير حيث كان أدهم جمال، وكانت تعرف أنه قد استيقظ.

هو أيضًا لم ينَمْ كما يجب في هذه الليالي.

تأمّلته طويلًا وهي جالسة على الأرض، ثم قالت بصوتٍ واهن:

"فلنُنهِ إجراءات الطلاق، يا أدهم جمال."

لم تعد قادرة على الاحتمال، نفد صبرها تمامًا.

ذلك الوتر المشدود في رأسها أوشك أن ينقطع.

ما إن ذكرت الإجراءات حتى دوّى في الغرفة صوت خفيف، ثم أشرقت أنوارها.

فقد أشعل أدهم جمال المصباح.

جلس في السرير وقال ببرود:

"لقد تركتُ لك مكانًا على السرير."

التفتت نحوه وقالت:

"المشكلة ليست في المكان، المشكلة أنّني لم أعد أريد أن أواصل."

ثم نهضت عن الأرض، وعادت بصمت إلى الأريكة، واستلقت عليها وهي تدير ظهرها له.

خلال هذه السنوات الثلاث… بذلت أقصى ما تستطيع.

احتضنت نفسها بذراعيها؛ فقد كانت أيامها مليئة بالعجز وقلة الحيلة.

تنفّست بعمق وأغمضت عينيها، لكن شعرت فجأة بمن يرفع جسدها ويحملها عن الأريكة.

فزعت دانية يوسف وفتحت عينيها بسرعة، وتشبّثت بثياب أدهم جمال، وعقدت حاجبيها قليلًا:

"ماذا تنوي أن تفعل، يا أدهم جمال؟"

اقترب من السرير ووضعها عليه بلا عنف وبلا لطفٍ زائد، ثم قال:

"لم يجبرك أحد على النوم على الأريكة."

حين قالت إنها ستنام على الأريكة في تلك الليلة، لم يعلّق.

هي دائمًا من تتصرّف من تلقاء نفسها، دائمًا ما تبالغ في التفكير.

حدّقت فيه دون أن ترمش، ولم تعرف ماذا تقول.

ولمّا رآها تكتفي بالنظر إليه، سحب اللحاف وغطّاها بلا اكتراث وقال:

"اطمئني، أنا لست مهتمًّا بكِ."

لم تجب، بل واصلت النظر إليه وهو يصعد إلى السرير.

وراقبته وهو يستلقي إلى جوارها.

لاحظت كم مدى بروز أنفه الوسيم، وكم أنّ ملامح وجهه الجانبية جميلة.

ظلّت تحدّق فيه قليلًا، ثم سألته بنبرةٍ متروّية:

"وماذا عن موضوع الطلاق؟ هل لا بدّ أن يوافق عليه جدّك ووالداك أولًا؟"

أغمض أدهم جمال عينيه وابتسم بتكاسل:

"جدّي وأبي وأمي… تعرفين جيدًا كيف ترمين الأمر كله عليهم."

ثم التفت لينظر إليها مرة أخرى.

استطاع أن يشمّ العطر الخفيف المنبعث منها رغم أنّ بينهما مسافة تسع شخصًا، ذلك العبق الحليبي الناعم.

وسأل:

"دانية، لماذا ترغبين في الطلاق فجأة؟"

كان الجو ساكنًا في الغرفة، وكانت هذه المرة الأولى التي يتحدّثان فيها بهدوء كهذا.

استدارت بنظرها عنه، لكنها ما زالت تحبّه.

وخاصةً حين يكلّمها بلطف وينظر إليها بجدّية.

لكنّ أدهم جمال… لا يحبّها.

نظرت إليه وقالت بصدق:

"أنا مرهَقة جدًّا. لم أعد أريد أن أدور في فلكك بعد الآن، أريد أن أعود كما كنتُ… أن أكون نفسي."

تذكّر أدهم جمال أن تخصّص دانية يوسف لم يكن الإدارة أو التمويل، بل كانت تدرس هندسة الروبوتات الصناعية.

لم يعلّق، فتابعت هي بنبرة لطيفة:

"أدهم جمال، هل لأنني لا أتدخّل في شؤونك، وأرتّب الفوضى من خلفك، فأبدو لك "مفيدة"؟ لكن بالنسبة إلى حياةٍ تقوم على غضّ الطرف، أيّ امرأة أخرى يمكنها أن تؤدّي الدور نفسه."

"ولست "عملية" إلى تلك الدرجة، لا أملك مهرًا يُذكر، ولست بتلك المثالية التي تجعلك تُقيم لي نصبًا تذكاريًّا بعد موتي."

أضحكته نظرتها إلى نفسها، فضحك بصوتٍ عالٍ ومن قلبه.

وبعد أن أنهى ضحكه، نظر إليها وسأل:

"إذًا… فقد سمعتِ حديث ذلك اليوم؟"

أدرك أخيرًا سبب إصرارها المفاجئ على الطلاق بعد ليالٍ من التفكير.

قال موضحًا قبل أن تردّ:

"كلّها كانت مزاحًا، لا داعي لأن تأخذي الأمر على محمل الجدّ."

قالت دانية يوسف بهدوءٍ متماسك:

"أدهم جمال، رغبتي في الطلاق ليست فقط بسبب كلامك في ذلك اليوم، بل لأنّنا غير مناسبين لبعضنا من الأساس. ولستُ أفتعل نوبة غضب طفولية، لقد فكّرتُ…"

انقلب أدهم جمال عليها فجأة قبل أن تُكمل جملتها، وحاصرها بين ذراعيه.

وفي اللحظة التالية انقطع صوت دانية يوسف تمامًا.

ظلّت تحدّق فيه بعينين واسعتين، لا تجرؤ على الحركة.

Continuez à lire ce livre gratuitement
Scanner le code pour télécharger l'application

Latest chapter

  • حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء   الفصل 30

    كانت عائلة جمال ذات مكانة عالية، بينما كان جدّ دانية يوسف في الأصل مجرد سائق عند جدّ أدهم.ورغم أنه عمل بجد طوال عمره وادّخر شيئًا لحفيدته…إلا أن الفارق بين العائلتين كان كبيرًا منذ البداية.لهذا عندما نصح أدهم جمال بالطلاق، لم يقل الجدّ كلمة واحدة دفاعًا عن حفيدته، ولم يُحمِّلها شيئًا…بل أخذ كل المسؤولية على نفسه، وقال إنه لم يُحسن تربيتها بما يكفي.فقد أدرك أن المسألة لم تعد مسألة "من المخطئ".بل المهم الآن… ألّا يستمرّ الطفلان (كما يراهما) في إيذاء بعضهما.أن يصل الأمر إلى الطلاق…هذا ما لم يتوقعه أدهم جمال نهائيًا من الجدّ.استمع أدهم جمال لكلمات الجدّ، ولم يشعر إلا بأن هذا التوبيخ الذاتي من الجدّ… إهانة له هو.فمشاكل الزواج… كان هو سببها كلها.ومهما كان الزواج قد تمّ بإجباره… إلا أنه بالفعل لم يؤدِّ يومًا واجبه كزوج.ظلّ ينظر إلى الجدّ دون حركة.وحين توقّف الجد عن الكلام، ابتسم أدهم جمال ابتسامة خفيفة وقال:"جدي، أمورنا سنتعامل أنا ودانية معًا.أنت صحتك ليست جيدة… فلا تشغل بالك ولا تقلق."مهما كانت طباعه، إلا أنه يعرف حدود الأدب مع الكبار.حتى لو كان قاسيًا على دانية يوسف…لا يم

  • حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء   الفصل 29

    لا يعرف كيف حدث… لكن برودة دانية يوسف وابتعادها عنه كانا يضايقانه هو.هي لم تكن هكذا من قبل.كانت تنتظر بعينين ممتلئتين كل مرة يعود فيها إلى الفيلا.اليوم… هو الذي يجلس في الممر ينتظر.بينما هي لم تعد تريده حتى أن ينظر إليها.جلس طويلًا في الممر، ثم التفت من جديد نحو باب غرفة الجد.حدّق قليلًا… ثم نهض وعاد إلى الداخل.عندما دخل، وجد دانية يوسف جالسة في مكانها، ممسكة بيد الجد.فتح الباب وكأن شيئًا لم يحدث، وجلس على نفس المقعد كما قبل.…في الأيام التالية، بقي الجد في المستشفى للمراقبة.تركت دانية يوسف عملها مؤقتًا وبقيت بجانبه طوال الوقت.أما أدهم جمال، فجاء يوميًا تقريبًا:يحادث الجد، يلاعبه الشطرنج، ويجلس معه طويلًا.وذلك جعل الجد سعيدًا جدًا.لكن دانية يوسف…كانت تتعامل معه باحترام، نعم، لكنها بقيت رسمية، بعيدة، ليست كما كانت من قبل.لم تعد تنظر إليه كما كانت، ولم تعد تهتم بأفعاله كما كانت.ظهر كل شيء بوضوح… حتى الجد لاحظ.…ذلك العصر، بينما كان الجد جالسًا مسندًا ظهره، سأل دانية يوسف وهو يراقب تصرفاتها:"دانية، رأيتك هذه الأيام لا تكادين تلتفتين لأدهم، وتزدادين مجاملةً له… هل حدث شي

  • حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء   الفصل 28

    دفعت دانية يوسف الكرسي قليلًا وهي تنهض بسرعة، ونظرت إلى أدهم جمال بدهشة صادقة:"كيف… كيف جئت إلى هنا؟"لم يخطر ببالها على الإطلاق أنه سيأتي.فهي لم تخبره شيئًا عن مرض جدّها.كانت يدا أدهم جمال في جيبي بنطاله، ونظرته فاترة أمام ردّة فعلها.فهو قبل دقائق فقط تلقّى اتصالًا من إيهاب نبيل، يخبره بأن جدّ دانية يوسف أغمي عليه بعد الظهر وأنه الآن في المستشفى.وما إن سمع الخبر… حتى تغيّر وجهه فورًا.لم يكن يعلم.لم يخبره أحد.الجميع عرف…الجميع جاء لزيارة الجد…إلا هو.وكان الوحيد الذي تلقّى الخبر من شخص خارج العائلة.لم يكن مزاجه جيدًا.نظرت دانية يوسف إلى الجد، ثم عادت إليه تقول بهدوء:"جدي بخير، أفاق بعد الظهر، وأنهى كل الفحوص. الآن نائم فقط، فلا تقلق. يمكنك العودة لمتابعة عملك."هي تعرف أنه لن يقلق على الجد… كلامها مجرد مجاملة واجبة.أما وجهه فكان محمّرًا بنفاد الصبر، لا شك أنه مستاء ممن أخبره، ومستاء لأنه اضطر لترك حورية أيمن ليأتي.لا بأس.فليعد إليها بسرعة.لو استيقظ الجد ورآه غير راغب أصلًا بالحضور… سيؤلم ذلك قلبه أكثر.دخل الغرفة، ورمى نظرة خفيفة على دانية يوسف، وقال ببرود:"إنه منتصف

  • حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء   الفصل 27

    كان هيثم جمال يخرج بين الحين والآخر ليردّ على مكالمات ترده من الخارج.أما عند سرير المريض، فكانت دانية يوسف تمسك بيد جدّها، وفي الوقت نفسه تنظر نحو باب الغرفة، ترى هيثم واقفًا في الخارج يتحدث بهدوء…وهذا وحده ملأ قلبها امتنانًا له.…مع حلول المساء، حضرت صفية جمال ويسرى العوضي، وكذلك جمال ربيع.عائلة جمال كبيرة، بينما عائلة يوسف قليلة الأفراد، وأصدقاؤها ليسوا كُثُر، لذلك لم يأتِ أحد لزيارته سوى أفراد عائلة جمال.ومع أن الجميع حضر…فإن أدهم جمال ظلّ غائبًا… ولم يظهر حتى الآن.وعند التاسعة تقريبًا، ولمّا رأت دانية يوسف أن هيثم بقي بجانبها كل هذا الوقت، قالت له بنبرة لطيفة:"أخي الأكبر هيثم، جدي هنا معي… عد للبيت لترتاح قليلًا."كانت تتحدث بأدب، وقد نام الجد بالفعل.فقال هيثم:"حسنًا، سأعود أولًا. وإن حدث أي شيء فاتصلي بي فورًا.""نعم." أومأت دانية يوسف.رافقت هيثم حتى مصعد المستشفى، وكانت تفكر في إنزاله إلى الطابق الأرضي، لكنه قال:"إلى هنا يكفي. عودي الآن، جَدُّك وضعه مستقر، فلا تقلقي.ارتاحي أنتِ أيضًا الليلة."هزّت رأسها بخضوع ولطف:"حسنًا."صعد المصعد، وظلت تنظر إليه حتى اختفى، قبل أ

  • حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء   الفصل 26

    كانت دانية يوسف ما تزال مستديرة بظهرها نحو أدهم جمال، فأطلقت نفسًا طويلًا وهادئًا.وبعد صمت قصير، قالت:"لا، أعرف أنك قلتها من شدة الانفعال."مع أن الكلمة المهينة كانت تُوجَّه إليها، ومع أن الإحراج كان من نصيبها…هي التي تُطمئنه الآن.أعاد أدهم جمال سدّادة الأذن إلى موضعها… فعاد الصمت بينهما.…ومضت الأيام التالية كما كانت دائمًا، باهتة وباردة.كان أدهم جمال يعود إلى المنزل كل يوم، لكن أحاديثهما ظلت قليلة، مُقتضبة، بلا حرارة.…في عصر ذلك اليوم، كانت دانية يوسف قد أنهت اجتماعًا وعادت إلى مكتبها، حين تلقّت اتصالًا من الخالة آمنة.قالت الخالة بصوت قلق:"آنسة… السيد الكبير في المستشفى. أنهى الفحوص قبل قليل. إن انتهى دوامك فتعالي تريه."في الطرف الآخر، انتفضت دانية يوسف في لحظة:"جدي في المستشفى؟! لماذا لم تخبروني فورًا؟!"لم يعد شيء قادرًا على إثارة رد فعل قوي منها… إلا ما يتعلق بجدّها.قالت الخالة:"منعنا السيد الكبير… قال إنّه لا يريد التأثير على عملك."تنهدت دانية يوسف بعجز.أي عمل يمكن أن يكون أهم من جدّها؟لم تُطل الحديث، وأغلقت الخط، وانطلقت بسيارتها إلى المستشفى.…وحين وصلت، كان ا

  • حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء   الفصل 25

    قالت دانية يوسف إنّها "تعرف"، لكنّها قضت الطريق كلّه عائدةً من البيت القديم بلا روح.استندت بضعف إلى المقعد، وذراعاها تعانقان نفسها بخفة، ورأسها مائل على مسند الكرسي، وعيناها شاحبتان تحدقان في الخارج.لا ضوء فيهما.متعبة.قلبها منهك.كان أدهم جمال يلمحها من المرآة بين الحين والآخر، يراها صامتة، تحدق في الفراغ… ومع ذلك لم يبادر بالكلام.حقًا كانت مجرد كلمات جاءت في لحظة غضب… لكنه يعرف أنها جرحتها.رنّ هاتفه عدة مرات في المقعد الأمامي، وردّ على عدة مكالمات، دون أن تنتبه هي.لم تلتفت، لم تتحرك، فقط واصلت النظر إلى النافذة.حتى توقفت السيارة في فناء المنزل، وحتى فتح لها أدهم جمال باب السيارة، عندها فقط انتبهت فجأة.أمسكت أشياءها بسرعة، وقالت بأدب:"شكرًا."ثم أضافت بلطف خافت:"يبدو أنك لا تزال مشغولًا… سأدخل قبلك."وقالت ذلك قبل أن تنتظر جوابه، واستدارت ودخلت المنزل مباشرة.وقف أدهم جمال ممسكًا بباب السيارة، ينظر إلى ظهرها وهي تبتعد.ولم يتحرك إلا بعد أن دخلت المنزل، فعاد إلى مقعد السائق، وأغلق الباب، وأدار المحرك وغادر.…عادت دانية يوسف إلى غرفة النوم في الطابق العلوي، وبعد أن تأكدت أن أ

Plus de chapitres
Découvrez et lisez de bons romans gratuitement
Accédez gratuitement à un grand nombre de bons romans sur GoodNovel. Téléchargez les livres que vous aimez et lisez où et quand vous voulez.
Lisez des livres gratuitement sur l'APP
Scanner le code pour lire sur l'application
DMCA.com Protection Status