LOGINتمتمتُ بارتباكٍ، "أظنّ أنني لم أفهمك جيدًا."خرج صوتي هشًّا بالكاد يُسمع، وكأن صوتي نسي كيف يُشكِّل الكلمات. لا بدّ أنّ هناك خطأ ما… ربما أسأتُ الفهم.تنهدت آفا بتعبٍ واضح، وقالت بهدوءٍ كئيب، "لم تُخطئي السمع."سكنت الغرفة، لكن الصمت كان أثقل من أي ضجيج.قلبي يخفق بعنف، ويداَي ترتجفان. كلّ الدفء الذي أحاط بي قبل لحظاتٍ تلاشى، وحلّ محلَّه بَردٌ يزحف إلى نُخاعي.تمتمتُ بذهولٍ، "نوح؟ تريدين أن أبحث عن نوح؟"أجابتْ بتنهيدةٍ مرهقةٍ، "نعم."ابتلعتُ الغصّة التي تجمّعت في حلقي، وقلتُ بصوتٍ مرتجفٍ، "عمّتي آفا، أنا آخرُ شخصٍ في العالم قد تطلبين منه هذا."كنتُ عاجزةً عن فهم السبب الذي جعلها تلجأ إليّ أنا بالذات.أخذتُ نفسًا عميقًا في محاولةٍ لتهدئة نفسي.ما طلبتْهُ يفوق قدرتي… أعلم أنّني قلتُ إنني مستعدةٌ لفعل أيّ شيءٍ من أجلها، إلا هذا.نوحُ آخرُ شخصٍ أريدُ التعاملَ معه.قالتْ متوسّلةً، وصوتُها يتهدّجُ بالحزن، "أرجوكِ يا سيرا… عمّكِ وأنا لم نتمكّن من العثور عليه."مرّت سنوات، لكنَّه في نظرها ما يزالُ نوحٌ طفلَها الصغير، ذاك الفتى الذي واجه عائلتَها حين ظلموها.تردّدتُ، ثم قلتُ ببطءٍ، "عمّتي… ماذ
سيرا.أيقظني رنين الهاتف من نومي. تنهّدتُ محاوِلةً تجاهله، ثم غصتُ أعمق في دفء أغطية فراشي. كنتُ مرهقة، وآخر ما أرغب فيه في هذه الساعة المتأخرة مكالمةٌ تُفسد عليّ راحتي.أيًّا كان المتصل، يمكنه الانتظار.توقّف الرنين أخيرًا، فزفرتُ بارتياح. سحبتُ قطّتي نحوي واحتضنتُها، أدفئ وجهي بفرائها الناعم. كنتُ على وشك أن أغفو من جديد، حين دوّى ذلك الرنين اللعين مرّةً أخرى.تحسّستُ الهاتف على الطاولة الجانبية بلا تركيز، فأطحتُ بزجاجة الماء بدون قصد. كان عليّ أن أُغلق الهاتف كما أفعل دائمًا.أنا عالمةُ أحياءٍ؛ لذا يمكنك أن تتخيّل عدد الساعات الطويلة التي أقضيها في المختبر والأبحاث. وحين أجد فرصةً للراحة، أتشبّث بها كما لو كانت كنزًا ثمينًا.ظننتُ أن المتصل أحد زملائي، فمرّرت إصبعي على الشاشة وأجبتُ متذمّرة، "أتمنّى أن يكون الأمر مهمًّا.""سي؟ هل أنتِ مستيقظة؟" جاءني صوتها الحنون المألوف يخترق ضباب النعاس.تجمّد جسدي. ذلك الصوت… أعرفه كما أعرف لحن أغنيتي المفضّلة. زال النعاس عني على الفور، وجلستُ منتصبة."مرحبًا، يا عمّتي آفا"، أجبتُ بخجلٍ، والحرارة تصعد إلى وجهي لشعوري بالذنب من نبرتي الجافة.مواء
أحببتُ نوح منذ أن وعيتُ على الدنيا. كنتُ أؤمن أنّه إن تمسّكتُ به كفايةً، وإن أحببتُه بإخلاصٍ حقيقي، فسيراني يومًا ما، وسيدرك أنّني أنا من تناسبه، وأنه سيختارني، وسيقع في حبي في نهاية المطاف. لكنني كنت مخطئة… مخطئة إلى حدٍّ موجع، واليوم هو الدليل القاطع على خطئي.هل يمكنه أن يرى انكسار قلبي في عينيّ؟ يمكنه أن يلاحظ أن فؤادي ينزف؟ من أُخادع؟ غالبًا لا يهتمّ على الإطلاق. بالنسبة إليه، كنتُ دائمًا تلك الفتاة المزعجة التي تطارده منذ كانت في الثامنة. والآن، وهو يقف إلى جوار عروسه، لستُ شيئًا يُذكر. لو سقطتُ ومِتّ الآن، لما رمش له جفن.وقفتُ هناك وروحي كمخلّفاتٍ منهارةٍ لا تُصلَح، بينما بدأ بإلقاء عهوده. كانت ليلي قد أخبرتني أنه كتبها بنفسه، وكانت بالفعل جميلة، صادقة، نابعة من القلب. تمنّيتُ لو كانت موجّهة إليّ، وليست إلى امرأةٍ أخرى."كُفّي عن الأنانية"، صاح بي ذلك الصوت المزعج في داخلي، "تقبّلي أنه لا يحبكِ ولن يحبك أبدًا."أردتُ تجاهل تلك الكلمات، لكنني كنت أعلم أنها الحقيقة. لقد خسرتُ، وإن كنتُ صادقةً مع نفسي، فقد خسرتُ قبل أن أبدأ السباق أصلًا. لا أعتقد أنني كنتُ في السباق على الإطلاق.ق
الجزء الأول– سيرا.كنتُ أسير في الممر بخطواتٍ بطيئةٍ وثقيلة، وقلبي يخفق بعنف. كنتُ أقبض بقوةٍ على باقةٍ من الورد الأبيض والزهري حتى أخذت ترتجف بين يديّ، بينما كان فستاني ينساب خلفي بخفةٍ وأنا أتقدّم. بدا كلّ شيءٍ جميلًا ومثاليًا، كما خططنا له تمامًا.تسمّرتْ عيناي في وجهه المبتسم. كم بدا وسيمًا وآسرًا! لقد كان بريق ابتسامته يخطف الأنفاس، حتى تلاشى كل شيء للحظة، ونسيت متابعة السير وكدتُ أتعثّر. كانت السعادة المشعّة من وجهه تكاد تبكيني. تابعت السير نحوه، وكل خطوةٍ تقرّبني منه أكثر فأكثر. بدا مختلفًا عمّا اعتدت عليه؛ فهذه هي المرة الأولى التي لا ينظر إليّ فيها نوح وودز بازدراء وكراهية.كان يفترض أن أكون سعيدة، بل في غاية السعادة، لأنني أسير نحو الرجل الذي أحبّه… لكنني لم أكن كذلك. كان قلبي ينفطر في صدري، وأكاد أسمع صدى تحطّمه وهو يتفتت إلى شظايا صغيرة في داخلي. شعرتُ بالاختناق، ومع ذلك أجبرت نفسي على الابتسام. كان عليّ أن أبدو متماسكة، أن أُخفي أنّني أتمزّق من الداخل، أن أُقنع الجميع بأنني بخير بينما أنا أموت ببطء، لأن الرجل الذي أحبّه يتزوّج من غيري.تحوّل عالمي الذي كان مشرقًا يومًا ما
شهقتُ من الصدمة وابتعدتُ عنه في اللحظة التي قفز فيها جسدٌ صغيرٌ فوقنا."عيدُ ميلادٍ مجيد!" صرخ بصوتٍ مُغنّى يفيضُ سعادةً."تبًّا!" تنهدتُ أنا وغابرييل بانزعاج.ألم يكن بإمكانه أن يتأخر ساعةً أو نحو ذلك؟ إن كان في هذه العائلة من يُجيد إفساد اللحظات علينا، فهو طفلُنا الثاني، أندرو، لكننا نناديه درو.قد لا يدرك كم هو مُفسِدٌ للحظات الحميمية، لكن لا بأس، فهو يفعلها على أيّ حال.صرخ بحماسٍ طفوليٍّ لا يُقاوَم، "استيقظوا! استيقظوا!" كان صوته عاليًا إلى درجةٍ أنني، للحظةٍ، لم أسمع شيئًا سوى رنينِه في أذنيّ.قال له غابرييل متأففًا، "لسنا بحاجةٍ إلى الصراخ يا درو، نسمعك جيدًا دون أن تُدمِّر طبلتَي أذنَينا."لكن لم يبدُ أن درو يُصغي، بل تابع قفزه وابتسامته تشعّ كأشعة الصباح.تحرّك غابرييل تحت الملاءات، ربما محاولًا تعديلَ وضعيته. جلستُ واستندتُ إلى لوح السرير الخشبي قبل أن أُمسكَ بطفلي المفرطِ النشاط والمتحمِّس. آخرُ ما نحتاجه هو أن يؤذيَ والده عن طريق الخطأ بالدوس على عضوه أو أمرٍ من هذا النوع.دخلت ليلي الغرفة وهي تحمل طفلَنا الصغير ثيو ذا العامين، وقالت مبتسمةً،"حاولتُ أن أُبقي ليام بعيدًا، ل
هاربر.كنتُ أحلّق في سحابةٍ بيضاء من النعاس، دافئة، هادئة، ومفعمة بالسكينة. شعرتُ بالأمان… وبالحب.شيئًا فشيئًا، بدأت أستيقظ، فوجدتُ غابرييل خلفي، يحتضنني بذراعيه كما يفعل دائمًا حين ننام معًا، يشدُّني إليه بقوة وكأنّه يخشى أن أتلاشى إن أفلتني.تحرّكتُ قليلًا في محاولتي للانفلات من بين ذراعيه، لكنه شدّني نحوه أكثر، حتى شعرتُ بحرارة جسده على جسدي.لدينا حياة جنسية صحية، لكن هناك أوقات تشعر فيها أنك تريد المزيد. ومع ثلاثة أطفال، يصبح من الصعب أحيانًا الحصول على وقت خاص دون مقاطعة."همم،" تمتم غابرييل بأنين لذيذ حين حككتُ مؤخرتي على خاصرتهوصل الصوت إلى كل ما فيَّ. فعلتها ثانية، فانتزع منه أنينًا آخرًا شديد الجاذبيةبدأ غابرييل يغمر ظهري وكتفيَّ وعنقي بقُبُلات متتابعة. مرت أيام قليلة، وكنتُ أتوق إليه، أتوق للمسَتِه.سألني، بصوتٍ مثقلًا بالنعاس، "هل أنتِ استيقظتي؟""أجل.""حسنًا."غاصت يده التي كانت حول خصري داخل ملابسي الداخلية، بينما واصل هو غمر جسدي بالقُبُلات الصغيرة العذبة. كنتُ قد ابتَللتُ بالفعل."غابرييل،" أننتُ حين استغل رطوبتي ليداعبني بها. بقدر ما أحب هذا، أريد شيئًا أكثر. "أرجو







