Share

هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية
هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية
Author: ندي عبد الرحمن

الفصل 1

Author: ندي عبد الرحمن
كانت يارا ذات القامة الصغيرة، متكورة داخل الفراش، تمسح برفق على بطنها وتتنهّد بارتياحٍ لأن الطفل بخير.

عاد كريم الليلة الماضية، وأراد التقرب منها؛ فهما زوجان لم يلتقيا منذ شهرين، فلم تستطع رفضه.

كان كريم قد انتهى من الاستحمام وارتدى ملابسه ألا وهي بدلة رمادية أنيقة مصممة يدويًا، تبرز جسده الممشوق، وتضفي عليه مظهرًا راقيًا وجذابًا.

جلس على الكرسي يعمل على جهازه اللوحي، ويمرر أصابعه ببطء على الشاشة بحركة تنم عن بعض الكسل والجاذبية.

لاحظ أن يارا ما زالت متغطية بالكامل بالبطانية، لا يظهر منها سوى رأسها الصغير وعيناها السوداوان تراقبانه باستمرار؛ فقال بهدوء: "استيقظتِ؟ تعالي لنتناول الإفطار."

"حسنًا" ارتدت يارا ملابس النوم، ووجهها محمر، ثم نزلت من السرير.

في غرفة الطعام، كانت يارا تضغط بالشوكة على البيض في طبقها بلا توقف، بينما كانت يدها اليسرى تلامس بطنها، ثم قالت بتوتر وتردد: "لدي شيء أريد أن أخبرك إياه."

في اللحظة نفسها قال كريم: "لدي شيء أريد أن أخبركِ إياه."

"…"

تبادل الاثنان النظرات.

وبعد لحظة من الصمت، قال كريم: "ما رأيكِ أن تتكلمي أنتِ أولًا؟"

" الأفضل أن تتكلم أنت أولًا."

نادرًا ما كان يبادر بالحديث معها.

قطع قطعة من البيض المقلي بهدوء؛ وقال: "طلبت تجهيز أوراق الطلاق، ستُرسل بعد قليل؛ إذا كان هناك شيء غير مناسب بها، سأجعلهم يعدلوها، لذا فلتوقّعيها في أقرب وقت."

"…"

تجمدت يارا في مكانها، وأصبح عقلها فارغًا تمامًا، علي الرغم من جلوسها، إلا أنها شعرت وكأنها على وشك السقوط من علي الكرسي.

ونسيت حتى كيف تتنفس.

قالت بصوت مبحوح، ونبرتها تحمل مزيجًا من عدم التصديق والخوف، وهي تقرص ساقها خفيةً علّها تستفيق من الكابوس: "أتقول أننا سننفصل؟"

أجاب بهدوء تام، خالٍ من أي دفء: "نعم."

تشوش عقل يارا.

بالأمس فقط، كانا يعيشان اللحظات الأكثر حميميةً في العالم، واليوم وبكل بساطة، يطرح موضوع الطلاق!

وضعت يديها على بطنها، وبدأت عيناها تلمعان بالدموع، وقالت بصوتٍ مكسور: "ماذا لو كان هناك…"

"عادت رنا من الخارج، وزواجنا القائم على العقد يجب أن ينتهي."

"…"

كادت تنسي حقيقة الأمر لقضائها حياةً سعيدة بالعام الماضي.

كانت تعرف منذ البداية أن زواجهما مجرد عقد، وأن قلبه مع امرأة أخرى، وأن الطلاق حتمي.

"هل هناك مشكلة؟" من البداية إلى النهاية، كان كريم يتحدث وكأنه يناقش عقدًا تجاريًا، ببرود واحترافية كاملة.

" لا توجد مشكلة."

حركت يدها من بطنها إلى ساقها، وأمسكت بطرف فستانها بشدة حتى كادت أظافرها تخترق كفها عبر القماش الرقيق.

طالما يريد الطلاق، فلن يرغب بهذا الطفل، وإلا ستغضب تلك المرأة.

قال كريم، وكأنه تذكر شيئًا: "صحيح، قولي للجدة إنكِ لا تكنين لي أي مشاعر وأنكِ غير سعيدة معي، لذلك تريدين الطلاق."

أجبرت يارا نفسها على الابتسام بخفة، فأومأت برأسها: "حسنًا."

لو بادر هو بالأمر، لغضبت الجدة كثيرًا.

رأى كريم ردها الهادئ، فرفع شفتيه بابتسامة غامضة، لم يُعرف هل كانت ارتياح أم سخرية.

"هذا هو الواقع أصلًا، أنتِ لم تكوني سعيدة، والآن يمكنكِ التحرر."

"حسنًا."، أجابت يارا بصعوبة، وحلقها يؤلمها وكأن به رصاص مصهور، وبالكاد استطاعت إخراج صوتها.

هكذا سيكون أفضل، حتى لا تكون عبئًا عليه.

ارتفع حاجبا كريم قليلًا وكأنه أدرك شيئًا من إجابتها، ثم همهم بهدوء: "هذا جيد."
Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل300

    سألها رامي: "ماذا هناك؟"تذكّرت يارا بعض الأمور، لكنها لم تكن متأكدة، ولو قالتها بتهور الآن فلن يكون مناسبًا، لذا هزّت رأسها: "لا شيء، سأساعدك في جمع الأوراق، هذه الملفات مهمة جدًا، لا تُلقِها هكذا مرة أخرى."انحنت يارا لتجمع الأوراق المبعثرة على الأرض ورقة ورقة.قال رامي على عجل: "لا داعي يا يارا، سأقوم بذلك أنا."وأسرع رامي ليجمع الأوراق معها.وعندما التقت أيديهما على نفس الورقة، لامست أصابعهما بعضها بالخطأ.سحبت يارا يدها كمن أصابها مسّ كهربائي، وارتسمت على شفتيها ابتسامة حرج، ثم ناولت الاوراق التي بيدها إلى رامي.قالت: "رامي، سأغادر الآن، لدي بعض الأمور التي عليّ إنهاؤها."سألها رامي: "ألن تنتظري سوزان؟ يمكنني أن أتصل بها لتعود.""لا داعي، لدي ما أفعله اليوم لا أستطيع أن أتناول الغداء معها، فلنؤجّلها لمرة أخرى.""إلى أين ستذهبين؟ سأوصلك.""لا حاجة، سآخذ سيارة أجرة.""لا يمكن أن أتركك هكذا. سأطلب من السائق أن يوصلك، هكذا أطمئن."أصرّ رامي."أنا…" كادت يارا أن ترفض، لكنها خشيت أن يقلق عليها، فأومأت: "حسنًا إذن."…بعد أن عادت يارا إلى منزلها، كان أول ما فعلته أن اتصلت بكريم.وعندما أُ

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل299

    كان من الصعب على يارا أن تربط بين رامي الذي كان غاضبًا ومنفعلًا قبل قليل، وبين هذا الرجل الحزين الضعيف والعاجز أمامها الآن.لكن الغريب أنهما الشخص نفسه.حتى رجل مثل رامي، يمكن أن يفقد السيطرة على مشاعره ويثور بشدة.ويمكن أن يغرق بلحظات من الحزن العميق واليأس.قال رامي وهو يرفع رأسه وينظر إليها بجدية: "يارا، هل يمكنكِ أن تفكري معي في الأمر؟"أومأت يارا بسرعة وقالت باهتمام: "سأفعل. انتظر قليلًا، سأفكر معك."لقد أخذت الأمر بجدية.فقد ساعدها رامي كثيرًا من قبل، والآن أخيرًا لديها فرصة لرد الجميل، فلم يكن من الممكن أن ترفض.وإذا تمكنت من مساعدته في الحصول على سعادته، فستشعر بالراحة، ولن تبقى مدينة له بالكثير.قالت مقترحة:"ما رأيك أن تبدأ كصديق فقط؟ أن تتعامل معها كصديقة دون محاولة التقرب كثيراً، كن صادقًا، واهتم بها، وامنحها الراحة في التعامل، وأنا واثقة أنها بمرور الوقت ستشعر بمدى روعتك."هذا كان أفضل ما استطاعت يارا التفكير به.قال بدهشة وفي عينيه بريق خافت: "حقًا؟ هل تعتقدين أن هذه الطريقة الأفضل؟"أومأت يارا:"نعم. رامي، جرّب ذلك أولًا. بما أنك قلت إنها لا تزال غير قادرة على الخروج من

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل298

    "صحيح."أومأ رامي برأسه، "هالة… هالة بمعنى البهجة وصفاء النفس."سألت يارا بفضول: "هل عندك صورة لها؟"كانت متشوقة لتعرف شكل الفتاة التي يحبها رامي.خاصة بعدما قال إن شخصيتها تشبهها قليلًا، مما زاد فضولها.قال مترددًا: "صورتها…" ثم تذكّر فجأة، "هي في هاتفي، لكني لم أحضر هاتفي اليوم، تركته في البيت، لذلك لم أرَ رسائلكِ ولم أستقبل مكالمتكِ."كان عذره مثاليًا لدرجة لا يثير الشك.وفعلاً كان يقول الحقيقة.فقد خرج في الصباح على عجل، وبسبب غضبه نسي هاتفه، ولولا ذلك، ما كان ليتجاهل اتصالات يارا.قالت يارا: "إذن هذا هو السبب."إذن حين أرسلت له رسائلها، كان قد غادر بالفعل."لنتركها لوقت لاحق. لكن، ألم تحاول أن تقترب منها؟ أم أنك فشلت في ذلك؟"ردّ رامي بمرارة: "المشكلة هي…، لديها حبيب."قالت يارا: "آه، إذن هي ليست عزباء."ولم تعرف كيف تعبّر لرامي: هل تواسيه بالكلام، أم تشجعه على مطاردة من يحب؟لكن بما أن الفتاة لها علاقة بالفعل، فليس من الصواب أن تشجعه على أن يكون مَن يُفسدها.قالت محاولة التخفيف عنه: "رامي، أنا أفهم شعورك. أن تُحب شخصًا لا يخصّك."كم يشبه هذا وضعها مع كريم.لكن رامي تابع: "لكنها انف

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل297

    قال رامي وهو يثبت نظره عليها: "في الحقيقة، لدي فتاة أحبها."سألت يارا بدهشة: "حقًا؟ لديك فتاة تحبها؟ وهل أعرف مَن هي؟"قال: "هي… قريبة جدًا مني..."يارا: "..." أرادت قدماها أن تتراجع للخلف، لكن جسدها تجمّد في مكانه، وارتجف طرف فمها بلا إرادة.اقترب رامي منها خطوة فجأة.فبادرت يارا بخطوة إلى الوراء.قال: "يارا، هل تستطيعين مساعدتي في أمرٍ ما؟"سألت: "أي أمر؟"أجاب: "هل يمكنكِ أن تعلّمينني كيف أجعل الفتاة تُعجب بي؟"قالت يارا غير مصدّقة: "أنا أعلّمك؟ هذا…أظن أن سوزان أدرى بهذه الأشياء. أنا إنسانة مملة، لا أفهم الرجال ولا حتى النساء."ابتسم وقال: "لكن لا بد أنكِ تفهمين. الفتاة التي أحبها تشبهكِ في طباعها. أما سوزان فهي فتاة مشاغبة لا تهدأ، لذلك من الطبيعي أنها لا تفهم الفتيات الهادئات."سألت يارا: "حقًا؟ ومن هي الفتاة التي تحبها؟"قال: "هي...هي فتاة تعرّفت عليها في حفلة، هادئة جدًا، منذ أن رأيتها لأول مرة، شعرت أن قلبي يخفق بقوة."تنفّست يارا الصعداء.اتضح أنها فتاة تعرّف عليها في حفلة.جيّد، المهم ألّا تكون هي نفسها.وبما أن يارا قالت كلامها بوضوح، لم يُرد رامي أن يُظهر أي مشاعر أخرى، ف

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل296

    زاد على توترها ذلك البريقُ من عينيه.قالت يارا وهي تنظر إليه بنظرةٍ صافية: "رامي، نحن صديقان حميمان، حين حزنتُ كنتَ أنتَ من يُساندني، وما فعلتُه أنا لا يعدو أن يكون ردًّا للجميل، بلا أي معنى آخر، فلا تُسيء الفهم."كأن دلْوًا من الماء البارد صُبَّ فوق رأس رامي.لم يعرف إن كانت يارا تتعمّد تذكيره بألا يُفكّر في شيءٍ آخر، أم أنها قالتها عفويًّا.لكن الغاية من كلامها لم تكن إلا أمرًا واحدًا، وهو أن تضع حدودًا واضحة: لا مجال للتأويل، هما مجرد صديقين، واهتمامها به لا يتجاوز اهتمام الصديق بصديقته.فقط…صداقةٌ لا أكثر…امتلأ رأس رامي بفوضى، وكأن خيوطًا مشتبكةً تُكبّله.بل أحسّ وكأن سكاكين حادّة تقطع أعصابه رويدًا رويدًا.هو يعرف منذ البداية أنهما مجرد صديقين، لذلك كان حذرًا في كل خطوة، لكن حين صاغت يارا ذلك بجدّيةٍ واضحة، شعر أنه سقط إلى القاع.دبّ في داخل يارا قلقٌ خفيّ، وما إن همّت أن تقول إنها ستغادر، حتى سبقها رامي بالكلام: "طبعًا."ابتسم وجهه الوسيم قائلًا: "نحن أصدقاء، ولم يخطر ببالي أنكِ تقصدين شيئًا آخر، أنا فقط سعيدٌ حقًّا لأن لدي صديقةً مثلكِ."لاحظت يارا أن ابتسامته بدت مُتكلّفة قلي

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل295

    حدّق رامي مطولًا في المرأة التي أمامه، وشعر قلبه فجأة بلين غامر.هذا الصباح، كان ما يزال غاضبًا منها قليلًا، بل وبسبب مشاعره الشخصية صبّ غضبه على موظفيه.لكن الآن، ادرك أنه لم يعد يحمل أي ذرة غضب.حتى مشكلة ذلك المشروع لم تعد تثير فيه أي انفعال.بل امتلأ قلبه بالرضا.كان الرضا في قلبه ينقسم إلى طبقات، كل طبقة تشبه كيسًا فارغًا، وما إن يمتلئ، يدخل إلى الطبقة التالية، حيث الكيس الأكبر.وشعر أن الكيس الأول قد امتلأ تمامًا، وأنه قد وصل إلى الكيس الثاني.لم تكن مطالب رامي تجاه يارا كبيرة، فقد وضع لنفسه هدفًا منخفضًا منذ البداية، حتى إن مجرد ابتسامة منها أو حديثها معه بلطف كان يكفيه.وعندما علم اليوم أنها قلقت عليه بهذا الشكل، امتلأ الكيس الأول في لحظة.لكن فتح الكيس الثاني بدا فارغًا تمامًا، ومع امتلاء الطبقة الأولى، اجتاحه شعور أكبر بالفراغ.لأنه لم يعد مكتفيًا، بل أراد المزيد.لقد امتلأ الكيس الأول بعنايتها، وأحس بالرضا تجاهها.أما الكيس الثاني، فلن يمتلئ إلا بمزيد من القرب والحميمية.وأما الكيس الثالث، فكان بعيد المنال، وهو ما رآه في حلمه صباح اليوم، ذلك المشهد وحده كان كافيًا لملئه.ومع

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status