Share

الفصل 6

Auteur: ندي عبد الرحمن
انهارت كل أفكار يارا فجأة، وأصبحت فوضى عارمة، وعقلها فرغ تمامًا.

"ماذا كنتِ ستقولين؟" تابع كريم سؤاله.

أغمضت يارا عينيها بيأس، في الصباح، كان لا يزال يلومها على استعجالها في قطع علاقتها به، مبررا بأنهما لم يطلقا بعد.

ولكن من الواضح أن من لم يستطع الإنتظار كان هو، الذي هرع ليكون مع رنا.

"أنا... أشعر بالنعاس، أريد أن أنام."

كل الشجاعة التي جمعتها حُطمت أمام الواقع القاسي.

هي لم تكن يومًا خصماً لرنا، بل لا تستحق حتى أن تكون منافسة لها، لأن رنا كانت دائمًا المرأة الوحيدة في قلب كريم.

وكم كان سخيفًا أنها كانت تأمل في استعادته!

"حسنًا، إذن نامي."

ظل صوت كريم هادئًا، خاليًا من أي مشاعر.

بعد أن أغلقت الهاتف، ألقت يارا بنفسها على السرير، وانفجرت بالبكاء.

كريم، أنا... حامل منذ شهرين.

في صباح اليوم التالي.

استيقظت يارا وهي تشعر بالدوار، وقد كان الوقت بلغ الظهر.

دعمت جسدها المنهك لتنهض من السرير، وبعد أن غسلت وجهها، رن الهاتف.

كانت جدة كريم على الخط.

"مرحبًا جدتي."

"يا صغيرتي، ما بكِ؟ صوتكِ مبحوح، هل أنتِ مريضة؟"

سألتها الجدة أمينة بقلق.

"لا شيء، فقط نمت في وقت متأخرالليلة الماضية قليلًا."

"وأين كريم؟ ألم يكن معكِ؟"

"لقد خرج منذ قليل."

"خرج؟"

تجعد جبين أمينة بقلق، "اليوم عيد ميلادكِ، وهو لا يبقى بجانبكِ؟ هذا تصرّف غير مقبول!"

لم تقل يارا شيئاً.

صحيح، اليوم عيد ميلادها.

لكن بالنسبة لها، لم يعد ليوم ميلادها أي معنى.

لو لم تتصل بها الجدة اليوم، لكانت قد نسته تماماً.

وكريم بالتأكيد لا يهتم به أيضًا.

"جدتي، لقد أسأتِ الظن به، هو في الخارج الآن يحضّر لي مفاجأة بنفسه."

"حقًا؟"

ردت الجدة بشك: "إذًا عليّ أن أتصل به وأسأله."

"جدتي، أرجوكِ لا تضغطي عليه، دعيه يركّز على تحضير المفاجأة لي؛ إن لم تثقي به، أفلا تثقين بي؟"

عندما سمعت أمينة نبرة يارا المليئة بالظلم رق قلبها وقالت: "حسنًا، طالما تذكرعيد ميلادكِ، استمتعوا بسهرتكم الليلة، ولن أزعجكم أنا ووالداكِ."

أومأت يارا برأسها، وخديها يحمران خجلًا: "حسنًا."

بعد إنهاء المكالمة، جلست يارا وحدها في الغرفة، يغمرها الشعور بالخيبة.

كانت أكثر ما تكرهه أن تكذب على جدتها، وكانت تشعر بالذنب الشديد.

في هذه الأثناء، اتصلت بها صديقتها المقربة شيماء، لتهنئتها بعيد ميلادها.

لكن يارا، رغم ألمها العميق، لم تجرؤ على إخبارها بالحقيقة واكتفت بالكذب، وقالت إنها ستقضي ليلة عيد ميلادها مع زوجها.

بعد مضي ساعتين، اتصلت الجدة مرة أخرى، تسألها إن كان كريم قد عاد.

لم تجد يارا مفرا من الكذب مجددًا: "إنه يحضّر لي مفاجأة، وسأذهب لرؤيته الآن."

لم تعرف إلى أين تذهب، ولم ترغب في رؤية أحد ،فحجزت غرفة في أحد الفنادق وجلست بمفردها، تفتح التلفاز لتمضية الوقت .

فجأة ظهر خبر ترفيهي علي شاشة التلفاز.

كريم يفتح باب السيارة لامرأة غامضة، ثم يصطحبها معه.

في المشهد، كانت المرأة تمسك بذراعه وتهمس في أذنه، وكان الإثنان في غاية القرب.

رغم أن الكاميرا لم تلتقط وجه المرأة بوضوح، إلا أن يارا تعرفت عليها علي الفور.

كانت هي رنا، المرأة التي لم يستطع كريم نسيانها طوال هذا الوقت.

مع من يمكن لكريم أن يكون بهذه الرقة؟

شعرت يارا وكأن قلبها يُمزق بالسكين، وفقدت كل إحساس بالحياة، ورغم عرض برامج كوميدية بعدها علي التلفاز، ظل وجهها خاليًا من أي تعبير، ولم تستطع أن تبتسم ولو لمرة واحدة.

Continuez à lire ce livre gratuitement
Scanner le code pour télécharger l'application

Latest chapter

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل 100

    تجاهل كريم رفضها، وأضاف جملة أخرى: "عندما اتصلت بي، كنت بالفعل مع رنا في الحمام.""لا تقل شيئًا بعد الآن، لن أسمع!"سدّت يارا أذنيها قائلة: "لا أريد أن أسمع ما فعلته معها هناك!"تقدم كريم وأمسك بيدها، وسحبها بعنف من أذنيها، وقال: "لماذا لا تسمعين؟ هل تعتقدين أنني فعلت شيئًا معها؟"ردّت بغضب: "ما فعلته تعرفه أنت جيدًا."فجأة ابتسم كريم وقال: "يارا، هل فهمتِ أخيرًا هذا الشعور؟"تفاجأت يارا وسألته: "ماذا تقول؟"أجاب: "بالأمس في المستشفى، كنت تلومينني لأنني لم أستمع لتفسيرك، ولكنك الآن لا ترغبين في الاستماع لتفسيري.""..."صُدمت يارا، كانت بالفعل لا تريد الاستماع له، لكن هل يحتاج هو ورنا إلى شرح بعد؟قالت يارا متمردة: "هذا مختلف!"رد كريم معترضًا: "ما الفرق؟ أنتِ فقط تسمعين أنني كنت معها في الحمام، ولكنك لا تسمعين لماذا كنت معها هناك؛ تمامًا كما حدث بالأمس، سمعت أنكِ رميتِ الماء على رنا، لكنني لم أسمع تفسيركِ، يارا، لا يمكنكِ إنكار أننا في هذه الحالة، كلا منا فاقد للعقلانية."الآن فهم كريم شعور يارا من أمس، لم يرغب في سماع تفسيرها رغم أنها كانت تريد توضح موقفها.لقد وصل إلى هذه الحالة هو أ

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الحلقة 99

    قال كريم وهو يقطب حاجبيه: "البارحة انجذبتِ إلى حضني، والآن تمنعيني من لمسكِ، ما الذي يجعلكِ تغضبين هكذا؟""هل نسيت أنا فقط غاضبة، لأنني رششت ماءً على وجه رنا! اذهَب إليها، فهي ذات مزاج حسن، ولا تأتِ إليّ!" كان صوت يارا يملؤه المرارة."هل ما زلتِ غاضبةً بسبب ما حدث ليلة البارحة؟""لا أريد الحديث عن ما حدث ليلة البارحة!"شعرت يارا بأن ما حدث هذا الصباح أكثر إثارةً لغضبها من أحداث الليلة الماضية."أعترف أنني تصرفت بعجلةٍ البارحة، رنا حاولت الانتحار، ولم أفكر كثيرًا حينها، لا أعرف بالتحديد ما الذي جرى بينكما، فلنتنازل كل منا خطوة، ألا توافقين على ألا نذكر الأمر مجددًا؟"أطلقت يارا تنهيدة ساخرة: "حين تغضب، تمسكني بقوة وتجبرني على الاعتذار لها بعنف، والآن تقول لا نذكر الأمر؟ يبدو أن كل شيء يجب أن يتم وفقًا لأفكارك.""حسنًا، أعتذر لكِ." تقدم كريم خطوة، وقال: "إذا كنتِ تلومينني، فاصفعيني على وجهي عدة صفعات."أمسك بيدها وضرب وجهه بها.تفاجأت يارا وسحبت يدها بسرعة،"هل جننت؟""يا يارا، أعتذر لكِ بصدق عن ما حدث الليلة الماضية، لا يهمني سبب رش الماء، لم يكن يجب أن أقول لك تلك الكلمات، ولم يكن يجب أ

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل 98

    نَدِمَت يارا أشد الندم على المكالمة التي أجرتها، حتى أنها تتخيل المشهد بوضوح.لم تستطع التحمل أكثر، فأغلقت الهاتف بغضب.ألقت به جانبًا، وانهارت بالبكاء على السرير."كريم يا حقير، يا حقير!"فكرة أن كريم كان يساعد رنا في الحمام، سواء بمسح جسدها أو ربما الاستحمام معها ، أصابتها كصاعقة.كانت لا تزال تشعر بالألم، وشعرت كأن صاعقة ضربت رأسها.اتضح أنها لا تزال قادرة على الشعور بالألم.هي كانت تعتقد أنه يكفي ألا تنظر أو تفكر في الأمر، لكن القدر شاء أن تسمع ذلك، فكيف لها ألا تفكر فيه؟حتى تنفّسها أصبح مؤلمًا، وشعرت بضيق في صدرها.حاولت أن تفرض على نفسها التنفس بعمق من أجل الجنين في بطنها.حضّرت وجبة الغداء بسرعة، ثم ذهبت يارا إلى غرفة الطعام لتأكل.لم يكن لديها شهية، لكن من أجل الجنين كان عليها أن تأكل، فدفعت الطعام إلى فمها بشدة، وحاولت بلُطف بلع الطعام، لكن معدتها كانت تعاني من اضطرابات شديدة.خاصة عندما تتذكر ما فعله كريم مع رنا في الحمام، شعرت بأنها حتى لم تستطع ابتلاع لعابها!"سيدتي، هل هناك ما يؤلمكِ؟ هل الطعام لا يعجبكِ؟"سألها الخادم، وقد لاحظ عليها ملامح التعب وصعوبة البلع."لا... لا

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل 97

    لم ينم كريم طوال الليل، ظلّ إلى جانبها يراقبها طوال الوقت، وكلما تحرّكت قليلاً، سارع ليفحص ما إذا كانت تتألّم، أو إذا كانت بحاجة إلى الماء.حتى بزغ الفجر، مدّ كريم يده يتحسّس حرارة جبين يارا.وعندما تأكّد من أن حرارتها قد انخفضت، تنفّس أخيرًا الصعداء.كان كريم مرهقًا جدًّا، فجلس على السرير، وفرك منتصف أنفه بأصابعه، ثم سار مترنّحًا نحو الحمّام، لكنه اصطدم بسلة المهملات دون قصد.توقف فجأة، خشية أن يكون قد أيقظ يارا، لكن لحسن الحظ، كانت لا تزال تغطّ في نوم عميق.انحنى كريم ودفع سلة المهملات قليلًا إلى الداخل، وفجأة لمح داخلها حبتين من الدواء.بدا على وجهه علامات الدهشة.ألمت قل يارا قد قالت إنها تناولت الدواء؟ فلماذا إذًا الدواء في سلة المهملات؟لماذا كذبت عليه؟ مجرد حبتين فقط، لماذا لم تتناولهما؟ لم تكن يومًا من النوع الذي يرفض تناول الدواء.شعر كريم بعدم ارتياح، وأدار رأسه ناظرًا بعمق إلى المرأة النائمة على السرير....عندما استيقظت يارا مجددًا، كان الوقت قد اقترب من الظهيرة.كانت وحدها على السرير.حدّقت بعينيها نحو السقف، وبدت شاردة، ما زال دوار خفيف يدور في رأسها .تذكّرت بغموض أن كري

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل 96

    كانت تضع مقياس الحرارة في فمها، ووجهها شاحب، لكن ملامحها منزعجة ومنتفخة من الغضب، بدت لطيفة إلى حدٍّ ما، لكنها أيضًا مثيرة للشفقة.عندما حان الوقت، أخذ كريم مقياس الحرارة من فمها، ونظر إلى الدرجة، كانت ثمانٍ وثلاثين.حمّى خفيفة.لكن عندما رأى الرقم، قَطَب كريم حاجبيه بقلق، وقال: "سآخذك إلى المستشفى لتلقّي المحلول."فردّت يارا برفض شديد: "لا، لا أريد الذهاب إلى المستشفى."قال كريم: "لكن لديكِ حمى، وأنتِ بحاجة إلى..."قاطعتْه قائلةً: "كريم، لماذا تُصرّ على أخذي إلى المستشفى؟ لقد سببتَ لي صدمة نفسية، هل نسيت؟ أنت من أخذني إلى المستشفى، ولهذا أصبحتُ هكذا، ماذا تريد بعد؟"قالت يارا ذلك عن عمد، فهي تخشى الذهاب إلى المستشفى، إذا أُجري لها فحص، واكتُشف أمر حملها، فسيكون الأمر كارثيًا.تجمّد كريم للحظة، ثم قال: "إذا كنتِ لا تريدين الذهاب إلى المستشفى، لا بأس، سأجعل الطبيب يأتي لإعطائك المحلول هنا."ردّت بهدوء مصطنع: "الخادم أعطاني الدواء، وقد تناولته، أريد النوم الآن."في الواقع، لم تتناول الدواء، بل شربت الماء فقط ورمت الدواء في سلة المهملات.رأى كريم الكوب الفارغ على الطاولة بجانب السرير، فتن

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل 95

    أأنتِ ما زلتِ غاضبةً مني؟" قالها بعدما رأى على وجهها نظرة مملوءة بالاستياء، ربما كانت قد كرهته تمامًا."أنا؟ كيف أجرؤ على أن أغضب منك؟ اذهب وابقَ مع رنا، كي لا يصيبك القهر من رؤيتك لامرأة شريرة مثلي!"قولها إنها ليست غاضبة كان محض كذب، فهي كانت ممتلئة بالغضب تجاهه.عندما سمع كلمة "شريرة"، شعر فجأة بوخزٍ في قلبه، لقد كانت كلماته السابقة قد انغرست في قلبها تماما.وبينما كان كريم لا يعرف بماذا يرد، بدأت يارا تسعل من جديد.أسرع وضمها إلى حضنه، وأخذ يربت على ظهرها بلطف، قال بصوتٍ حنون: "دعينا نقيس حرارتكِ، أرجوكِ، كوني مطيعة.""دعني وشأني." ضغطت بكفيها على صدره، محاولةً إبعاده.لكنه تمسّك بها بشدة، ولم يسمح لها بالحركة."قيسي حرارتكِ، وسأترككِ وشأنكِ، وإن لم تفعلي، فسأظل أحتضنكِ هكذا."كان مستعدًا ليبقى محتضنا إياها طوال الليل.بدأت يارا تدفع صدره بعنف، وهي تقول بغضب: "لا أريد قياس الحرارة، ابتعد عني."كانت تتصرف كطفلة مدللة في لحظة عناد.لم تفهم ما الذي يريده هذا الرجل منها، لقد أهانها في المستشفى، ثم عاد فجأة ليقلق عليها ويهتم بحرارتها؟ وكيف علم أنها مريضة؟إما أن والدته أخبرته، أو أن كب

Plus de chapitres
Découvrez et lisez de bons romans gratuitement
Accédez gratuitement à un grand nombre de bons romans sur GoodNovel. Téléchargez les livres que vous aimez et lisez où et quand vous voulez.
Lisez des livres gratuitement sur l'APP
Scanner le code pour lire sur l'application
DMCA.com Protection Status