Share

الفصل السادس

Author: الوقت بطيء
دخل مروان الشامي إلى الغرفة وهو يمسك بهاتفه وسألني.

نظرتُ إلى الهاتف، كان بالفعل الإعلان الذي نشرته.

كان سعرها منخفضًا جدًّا، وتم بيعها في نفس اليوم.

ضحكتُ ثم اختلقتُ قصة، "ليست ساعتي، ألم تشترِ هند التميمي وزوجها زوجًا من الساعات أيضًا؟ الآن تريد شراء واحدة جديدة، وطلبت مساعدتي في بيع الساعة كساعةٍ مستعملة."

"حقًّا…."

ظهر عليه الشك، لكنه نظر إليّ بحنان، "تمارا، لقد كنتُ مشغولًا للغاية مؤخرًا، ولم أراعِ مشاعركِ جيدًا، إذا كان هناك ما يزعجكِ، عليكِ أن تُخبريني في وقتها، هل فهمتِ؟"

خفضتُ عيني، "حسنًا."

"منذ أن توفيت أمي العام الماضي بسبب المرض، لم يتبقَ لي سواكِ."

عانقني مروان الشامي كما لو أنني كنزٌ، وكان صوته مملوءًا بالوعد والذنب في نفس الوقت، "عليكِ أن تُصدّقيني، مهما حدث، أنتِ هي أهم شخصٍ في حياتي."

أنا أُصدّقك.

مروان الشامي.

كنتُ في الماضي أُصدّقك دائمًا.

استنشقتُ رائحة الورد الخفيفة من جسده وقلت، "الوقت تأخّر، اذهبْ لكي تستحمّ ثم ارتح قليلًا….."

"دعيني أُعانقكِ قليلًا بعد."

لم يكن مستعدًا لترك حضني، وضع ذقنه على رأسي وقال، "تمارا، هل هناك شيءٌ يزعجكِ؟ انتظريني حتى أنتهي من انشغالاتي خلال هذه الأيام، وسوف نتحدّث جيدًا."

ابتسمتُ.

هل هو مشغولٌ بالوقوف في طابورٍ لشراء الكعكِ إلى رقية شوقي، أم مشغولٌ بتحضير سيارةٍ مليئةٍ بالورود كمفاجأة؟

تحاول ألا أستطيع اكتشاف ما تفعله، وفي نفس الوقت تحاول إرضاء رقية شوقي، يبدو أنكَ مشغولٌ للغاية.

نظر إليّ وقال بلطف، "لماذا عيناكِ حمراوان؟ هل كنتِ تبكين؟"

"أنا….."

كنتُ على وشك الرد، عندما رنّ هاتفه فجأة.

نظر إلى اسم المتصل، ثم تركني فورًا، وأجاب على المكالمة وهو يغادر.

لا أعرف ماذا قال له المتصل، لكن تغيّر وجهه فجأة.

على الرغم من برودة رياح الخريف، لكنه لم يرتدِ معطفًا حتى، بل ركض خارجًا وهو لا يرتدي سوى قميصٍ رقيق.

سنواتٌ من العِشرة جعلتني أُناديه لا شعوريًّا، "مروان الشامي!"

لكنه تصرّف وكأنه لم يسمعني.

آخر مرةٍ رأيته بهذا القلق، كانت عندما تلقّى إشعارًا من المستشفى أن حالة أمه سيئة.

سرتُ نحو النافذة، ونظرتُ إلى البورش السوداء وهي تنطلق في ظلام الليل.

وكأنني ما زلتُ أسمع كلماته، "تمارا، أنتِ أهم شخصٍ في حياتي."

لكن لم يعد ذلك مهمًّا.

الأيام التالية كنتُ مشغولةً للغاية.

بما أنني سأرحل، كان لا بد أن أزور كل الأصدقاء الذين يجب أن أودّعهم.

في هذه الليلة، التقطتُ القلم، وتوقّفتُ للحظة، وأخيرًا وضعتُ علامةً أخرى على التقويم.

غدًا هو عيد ميلاد مروان الشامي.

وهو أيضًا آخر يومٍ لي في هذه المدينة.

بعد أن طلبتُ كعكة عيد ميلادٍ إلى مروان الشامي، أخذتُ كل الصور المُعلّقة لنا على الجدار، وقصصتُها إلى قِطعٍ صغيرة، ثم رميتها في سلة المهملات.

كل شيءٍ في هذا البيت له علاقةٌ بي، تم التخلّص منه بالكامل.

ربما لأنني لم أتناول أدويتي في موعدها خلال هذه الأيام، استيقظتُ هذا الصباح بسبب ألمٍ شديدٍ في معدتي.

في بداية تأسيس الشركة، لم يكن هناك أحد في الشركة سوى أنا ومروان الشامي.

عندما نكون مشغولين، كنا نأكل وننام في الشركة.

لكي أثبت أمام والدي أن مروان الشامي يستحق، لم آخُذ أيّ مالٍ من عائلتي منذ التخرّج.

عندما كنا نعاني من ضائقةٍ مالية، كنا من أجل توفير المال، نأكل نحن الاثنين كيس نودلز واحدًا فقط.

في المساء، كنا نُضطر لحضور حفلاتٍ للعمل.

هو لا يتحمّل الشرب، لذا أغلب الكحول كان يدخل إلى معدتي.

في إحدى المرّات، شربتُ حتى ثقبتْ معدتي، وبّخني الطبيب بشدّة، ذلك الرجل الذي طوله أكثر من مئةٍ وثمانين سم، كانت عيناه حمراء بطريقةٍ لا تُصدّق.

قال إنني عانيتُ كثيرًا بسببه.

قال إنّه، هو مروان الشامي، لن يُخيّب ظن تمارا خطاب طوال حياته.

أخيرًا لقد فهمتُ.

الوعود، حتى في اللحظة التي تُقال فيها، قد لا تكون صادقة.

نهضتُ وأنا أُمسك بمعدتي، أكلتُ قطعةً من التوست، ثم ابتلعتُ حبّةَ دواءٍ للمعدة.

لكن مفعول الدواء لم يكن سريعًا، وازداد الألم سوءًا، فالتويتُ على الأريكة، وبدأ العرق البارد يتصبب مني بلا توقّف.

أخرجتُ هاتفي واتصلتُ بمروان الشامي.

لكن لم يُجِبْ عليّ أحد.

يبدو أن مروان الشامي مشغولٌ للغاية مجددًا.

ليس لديه وقتٌ لكي يرد على حبيبته حتى.

عندما اتصلتُ بهند التميمي، عرفتُ أنه مشغولٌ هذه الأيام.

مشغولٌ لدرجة أنه لم يذهب حتى إلى الشركة.

أكوامٌ من الملفات والمشاريع غير المكتملة، كلها بانتظار توقيعه.

كانت هند التميمي غاضبة، "تمارا، هو أُصيب بهوسِ الحب، هل أُصبتِ به أنتِ أيضًا؟ لا يمكنكما إهمال الشركة بسبب تحضير الزفاف! حاولي إقناعه بالعودة فورًا إلى الشركة!"

"أيضًا، لقد سمعتُ أن السيد المنصوري، مدير شركة الريادة للاستثمار، سيُقيم حفل زفافه الأسبوع المقبل، من الأفضل أن يحاول مروان الشامي الحصول على دعوة والذهاب لحضور الحفل في مدينة النخبة، لتكوين علاقات طيبة وانطباعٍ جيد، إذا وافق فارس المنصوري، فسيكون طرح شركتنا للعامة أمرًا مؤكدًا."

"انتظري."

كنتُ شبه غائبةٍ عن الوعي بسبب الألم، لكن سمعتُ الجملة الأخيرة، ثم سألتُ فجأة، "ما اسم الشخص من شركة الريادة للاستثمار؟"

"فارس المنصوري!"
Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • هنالك دائمًا شخص يحبك كما في البداية   الفصل التاسع عشر

    أدركتُ النقطة الأساسية، "متى كان موعد لقائكم الجامعي؟""في بداية هذا الشهر، أعتقد كان في اليوم السادس.""…….."جدي هو من اقترح أن أتزوج من عائلة المنصوري.وكان ذلك في اليوم الثامن من هذا الشهر.الفرق بين الموعدين بسيط جدًا.مصادفة عجيبة.عندما رأتني شاردة، هزّت ندى الراسي ذراعي وسألتني، "ماذا هناك؟ بماذا تفكرين؟""ندى، هل تقصدين أن…….."قلت غير مصدقة، "فارس المنصوري كان يحبني منذ وقت طويل، لذلك سألَك عن أخباري؟""وإلا؟ هل هو مجنون؟""……."طوال اليوم، كان قلبي ينبض بشدة دون توقف.تذكّرت، منذ أيام، عندما كنا في السيارة، حين اعترف فارس المنصوري بهدوء أنه لديه فتاة يحبها.بدأت عواطفي تزداد أكثر فأكثر.شعرت بالدهشة، والاستغراب، والحيرة، والتردد، وقليلٍ من الامتنان.امتنان لأن زوجي المستقبلي يحبني، ويحبني بهذا القدر الكبير.ظللت أتقلّب في السرير حتى الفجر.فجأة وصلتني رسالة على الهاتف:فارس المنصوري: [لا تستطيعين النوم؟]جلستُ فجأة، وكتبت بسرعة، [كيف عرفت؟][في منتصف الليل، وما زالت خطواتك تزيد على تطبيق رياضة الواتساب، معناها فقط أنكِ ما زلتِ تلعبين على الهاتف.][فارس المنصوري….]كنت خائفة

  • هنالك دائمًا شخص يحبك كما في البداية   الفصل الثامن عشر

    لو كان شخصًا آخر، ربما كان سيشوّه سمعة تمارا خطاب باستمرار.لكن رقية شوقي لن تفعل ذلك.فهي تعرف مروان الشامي جيدًا.ما تريده هو تذكير مروان الشامي مرارًا وتكرارًا باسم "تمارا خطاب"، لكي تغرز تلك الشوكة في قلبه أعمق.لكي تجعل مروان الشامي يعيش طوال حياته في الندم.بهذه الطريقة فقط يمكن لمروان الشامي……أن يفقد رغبته في تغيير النساء.وعندها فقط تستطيع الحصول على كل ما تريده.قبل يومين من زفاف تمارا خطاب، طلبت هند التميمي إجازة شخصية، وسافرت مباشرةً إلى مدينة النخبة.وكان مروان الشامي هو من وافق على طلب الإجازة.ظل يحدّق طويلاً في سبب الإجازة المكتوب من هند التميمي بذهول:"السفر لمدينة أخرى لحضور زفاف صديقة مقرّبة."في الأصل…..كانت هند التميمي من المفترض أن تستخدم هذه الإجازة لحضور حفل زفافه هو وتمارا خطاب.لكن الآن…المرأة التي عاش معها ست سنوات، ستقف غدًا بجانب رجلٍ آخر.استند مروان الشامي على المكتب ونهض، وسار ببطء نحو قسم التصميم.وصل مدير قسم التصميم الجديد،لكن ظل مكتب تمارا خطاب خاليًا.رغم أنها أفرغت المنزل، إلا أن مكتبها ما زال يحتفظ ببعض آثارها.كانت تحب استخدام المعطّرات في الم

  • هنالك دائمًا شخص يحبك كما في البداية   الفصل السابع عشر

    لم تُصدق رقية شوقي الأمر."هي ستتزوج من رجل آخر، وأنت تُهديها شيئًا ثمينًا كهذا؟ هذه الشقة سعرها الحالي في السوق...…..""هي تستحق."قال مروان الشامي هاتين الكلمتين فقط وغادر.لحقت رقية شوقي به وقالت، "إلى أين أنت ذاهب؟""لدي موعد، عودي بنفسك.""….."ترك رقية شوقي خلفه.وبسبب ألمها الجسدي، لم تستطع اللحاق به أبدًا.وفي النهاية، لم يكن أمامها سوى العودة إلى المنزل بسيارة أجرة.لكنها لم تكن تملك صبر تمارا خطاب، فقبل حتى أن تُكمل الساعة التاسعة، بدأت تتصل بمروان الشامي مكالمة تلو الأخرى.لكن لم يرد مروان الشامي.استمرت بالاتصال.وأرسلت رسائل على الواتساب.تمارا خطاب يسهل خداعها، أما هي فلا.فالرجل إن لم تتم مراقبته، فلا أحد يعرف أبدًا أي امرأة سينتهي به المطاف معها.لم تستطع أن تفهم ما هو السحر الذي أعطته تمارا خطاب لمروان الشامي،مع أنه سابقًا لم يكن يظهر عليه أي حب عميق تجاهها.أما الآن، فيتصرف وكأنه غارق في الحب بها.ظلّت هكذا حتى الثانية فجرًا، وصدر صوت أخيرًا من هاتفها.لكن الصوت لم يكن صوت مروان الشامي.كان أحد أصدقائه."رقية، مروان شرب كثيرًا، ولا يتوقف عن قول إنه يريد العودة إلى ال

  • هنالك دائمًا شخص يحبك كما في البداية   الفصل السادس عشر

    عاد مروان الشامي إلى مدينة الياسمين في نفس الليلة.كان أشبه بهروبٍ مذعور.كل كلمة وحرف في لقطات الشاشة هذه، جعله لا يستطيع حتى أن يرفع عينه في وجه تمارا خطاب.بعد أن نزل من الطائرة، توجه مباشرةً إلى بيت رقية شوقي!عندما سمعت رقية شوقي الضجيج، خرجت من غرفتها وهي نصف نائمة، وعندما رأت مروان الشامي، غمرتها السعادة.بالطبع، مروان الشامي بينها هي وتمارا خطاب، اختارها هي.حاولت أن ترتمي في حضن مروان الشامي، لكنه أمسكها من عنقها ودفعها بقوة نحو الأريكة!هذا الاختناق القاتل جعلها تستفيق بالكامل.نظرت إلى مروان الشامي بذعر وهي تكافح بشدة، "مروان، هل جُننت؟ هل تريد قتلي؟!""من سمح لكِ بإرسال لقطات الشاشة هذه إلى تمارا؟"صرخ مروان الشامي دون أن يُخفف قبضته، وعيناه تحدّقان بها، "الآن، لقد أساءت فهم علاقتنا، هل أنتِ راضية؟""لا، لم أفعل….."أجهدت رقية شوقي نفسها لاختراع الأكاذيب، "ليست أنا حقًا من أرسلتها! نعم صحيح، لقد تذكرت، لقد تذكرت! في يوم من الأيام، قالت لي الأخت تمارا إنك تبحث عني، فدخلتُ مكتبك، وتركتُ هاتفي بالخارج.""هل يمكن أن يكون ذلك الوقت… تجسّستْ عليّ الأخت تمارا…..""تمارا ليست من هذ

  • هنالك دائمًا شخص يحبك كما في البداية   الفصل الخامس عشر

    كان وجهه يزداد شحوبًا مع كل صورة.كانت كل لقطة شاشة بمثابة صفعة، تُصفعه بلا رحمة على وجهه.لم يستطع أن يتكلم.كانت عيناه فقط تزدادان احمرارًا.لكنني لم أقم بأي تعبير، مددتُ يدي له فقط، بدون تعابير على وجهي، "هل أحضرت قلادة اليشم؟ أخبرتني هند التميمي أنك رفضت إعطاءها لها."ثم سددت عليه طريق تهرّبه، "إذا لم تحضرها، فأرسلها لي عبر الشحن السريع حين تعود إلى مدينة الياسمين.""تمارا….."كان صوته أجشًا، ينظر إليّ بتوسل، "ألا يمكنك منحي فرصة أخرى؟ مرة واحدة فقط.""مروان الشامي."رمشتُ بعيني، "هناك فرصة واحدة فقط بين الناس."فرصة واحدة فقط لكي نثق بالناس ثقةً كاملة.فإذا انكسرت الثقة، مهما حاولتَ جاهدًا إعادة بنائها، لن يتبقى سوى الشك وسوء الفهم.ومع مرور الوقت، سنجد بعضنا البعض أكثر فأكثر بُغضًا.وأيام مثل هذه، لم تكن ضمن اختياراتي لحياتي أبدًا.ارتجفت أطراف أصابع مروان الشامي، وبعد صمت طويل، سلّمني القلادة أخيرًا.أخذتُها مباشرة دون تردد.في اللحظة التي أخذتُها فيها، بدا وكأنه فقد كل قوته، انهار وهو جالس على الأريكة يحدق بي…..خفضتُ رموشي وقلت، "مروان الشامي، لا تتواصل معي بعد الآن.""لا أريد

  • هنالك دائمًا شخص يحبك كما في البداية   الفصل الرابع عشر

    "علي راحتك."بعد أن أغلقت الهاتف، أعطاني فارس المنصوري فجأة عصا من حلوى الفواكه المغطاة بالسكر القوي.كانت هذه الحلوى المفضلة لدي في مرحلة الإعدادية.كنت أشتري واحدة كل يوم بعد المدرسة، وأتناولها في طريقي للمنزل.في السنوات الماضية، حاولت جاهدًا أن أكون راشدة، فلم أعد أشتري مثل هذه الأشياء الطفولية، ولم يشتريها لي أحد أيضًا.شكرتُه، وقبل أن أبدأ بأخذ قضمة، سمعت فارس المنصوري ينبهني، "فاكهة الزعرور حامضة، معدتك ليست بخير، خذي بضع لقيمات فقط لتذوق الطعم."تجمدت للحظة ثم سألته، "كيف علمت أن معدتي ليست بخير؟"حتى أمي لم تعرف إلا بالأمس فقط.قال فارس المنصوري بهدوء، "الدواء الذي تشربين مكون بالكامل من أعشاب مغذية للمعدة.""……."شعرت بقليل من الدهشة.في العشاء، عندما كنا نتناول الطعام، بدا وكأنه مشغول بالأكل فقط.لم أتخيل أنه لاحظ ذلك.أكلت قضمة من الحلوى وقلت، "أنت دقيق الملاحظة للغاية.""لست سيئًا."أومأ فارس المنصوري رأسه بتواضع.كنت خائفة أن يسألني عن المكالمة التي حدثت للتو، لكن لحسن الحظ لم يسألني عليها طوال المساء حتى بعد أن أوصلني للمنزل.لم أكن خائفة فعلًا، فقط لم أعرف كيف أشرح له ب

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status