Share

الفصل 58

Author: شاهيندا بدوي
ضمت نور يديها حول عنقه، وقالت: "أريدك أن تبقى معي."

مد سمير يده ليمسح على وجنتيها، وقال: "أنا هنا، ولن أذهب إلى أي مكان." ثم قال وهو يربت على خديها: "جسمكِ كله محمر، لا تتحركي كثيرًا أثناء نومككِ حتى لا تلمسي جروحكِ، فهمتِ؟"

نظرت نور إليه، وفهمت أخيرًا كيف يكون شعور شهد وهي تظهر ضعفها أمامه.

إنه صحيحٌ أن الطفل الذي يبكي يحصل على الحلوى.

أظهرت لسمير القليل من الضعف فقط، فعاملها بلطفٍ حقًا.

"حسنًا." تركت نور يديه، رغم تعلقها به.

غطاها سمير بالبطانية وجلس بجانب السرير، وقال: "هل تشعرين بالبرد؟"

هزت نور رأسها نافية: "لا."

قال سمير بقلق: "لديكِ حمى خفيفة، سأضع منشفة باردة على جبينكِ لأخفض حرارتكِ."

نظرت له نور وهي تقول له من قلبها: "حسنًا، أنت طيب حقًا."

ابتسم سمير وقرص أنفها، ولم تتهرب نور منه، بل نظرت إليه بحنان.

كانت تريد أن تحفظ لطفه في قلبها إلى الأبد.

لكن سمير قال مازحًا: "أيتها الصبيَّة، عليكِ ألَّا تقولي عن الآخرين أنهم طيبون بسهولة."

وضع المنشفة التي بها بعض الثلج على جبينها، وقال بصوته الأجش الخشن: "إذا لم أكن بجانبكِ مستقبلًا، عليكِ ألَّا تدعي أي رجل يخدعكِ، فقط لأنه
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل408

    لم ترد نور أن تُعير سمير المزيد من الاهتمام، وهمّت أن تغادر، فالتفت هو فجأة، ولما رآها قال: "أوشكتُ على الانتهاء، هل تشعرين بالجوع؟"توقفت في مكانها، وواجهته: "كل ما يهمّني متى ترحل".أجاب وكأنه لم يسمع: "سنتناول الطعام بعد عشر دقائق".ثم أدار ظهره لها، مُنهمكًا في الطبق الذي أعدَّه، واضح أنه لا يريد مواجهة سؤالها.بعد عشر دقائق، أقبل وهو يحمل وعاء شوربة الدجاج.وضعه على الطاولة، ثم مسح يديه بمنشفة، ونظر إليها وقال: "تعالي، لقد انتهيت".حدّقت نور في الشوربة التي استغرق إعدادها ساعتين، وصفة للحوامل، كأنه قد يقبّل وجود الطفل في بطنها.اقتربت ببطء وجلست قبالته.كشف الغطاء، وتصاعد البخار ليملأ الجو بعطر اللحم، قال: "ليست سيئة، أليس كذلك؟"كان راضيًا للغاية عن تحفته المطبخيَّة.جلس مقابلاً لها.لم يبقَ غيرهما، كان جو الغرفة هادئًا، يكاد يُخيّل للمرء أنهما زوجان يعيشان لحظة دفء.لم تنبس نور بحرف، بل سألت وهي تُحرّك الملعقة في الحساء: "رأيتُك قبل قليل تُحضّر طعامًا للحوامل".ظهر عليه شيء من الارتباك، الطبخ أمر يسير يمكن للجميع القيام به، لكنها أول مرة يُعدّ طبقًا كهذا، فقال: "دعيني أُغرف لك ب

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل407

    مهما قال سمير الآن، شعرت نور أنه ليس طبيعيًا، قالت: "لن تسع أغراضك هذه الشقَّة".أدار سمير عينيه في المكان، فتح باب الخزانة فورًا، ولما رأى حيّزًا صغيرًا داخله، قال: "يسعها هنا، ولا أمانع!"ثم أمر: "صلاح!""حاضر!"علّق صلاح الملابس على الفور. كانت حركاتهما سريعة، وكأن التردد لثانية واحدة كفيل بأن يُضيّع عليهما المكان.خامرت نور مشاعر متناقضة، بدت علاقتها به كأنها تغيّرت، وكأنها لم تتغيَّر في نفس الوقت، لم تتطلّق بعد، ولم تفصل نفسها عنه تمامًا. بل على العكس، تمادى هو أكثر في التسلل إلى حياتها.سريعًا ما أنهى صلاح الترتيب وغادر.سألها سمير باهتمام وهو يلحظ صمتها: "لم تأكلي شيئًا قبل قليل، هل تشعرين بالجوع؟ هل تريدين أن تأكلي شيئًا؟"كيف يمكنها أن تأكل شيئًا في مثل هذه الحالة، أجابت وهي تكاد تختنق بالغضب: "لستُ جائعة"."حتى لو لم تأكلي، يجب أن يأكل الطفل في بطنك." كان سمير يعلم أنها غاضبة.وضعت يدها على بطنها، وسرت داخلها طمأنينة، ثم قالت: "حين أجوع، أستطيع أن أطبخ بنفسي، لكن هنا لا يوجد ما تحبه من طعام..."قال: "سأُعدّ أنا الطعام".تجمدت للحظة، وقد استغربت، ثم رأت سمير وهو يطوي أكمامه

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل406

    أدار سمير بصره في أرجاء المكان، لاحظ أن مساحته كلها لا تساوي حتى مساحة غرفة نومهما في المنزل، دخل إلى الداخل، فلم يجد سوى أغراض نور وحدها.لطالما أحسنت نور الترتيب، وكانت تُبقي على البيت نظيفًا على الدوام.أثار دهشته زوجا النعال الصوفي عند الباب، تزينهما أذنا أرنب صغير.ألقى عليها نظرة أخرى.شعرت نور بالحرج، والتقطت النعال لتُخفيه قائلة: "هل انتهيت من النظر؟"رمق سمير الأريكة التي يجلسان عليها، وقال بصوت خفيض: "هل اعتدتِ العيش هنا؟""لا بأس به.""هذا المكان صغير، والأثاث ناقص، ولا يُقارن ببيتنا حيث الخدم في خدمتك. أظنكِ لن تعتادي العيش هنا. وبما أن الطلاق مستحيل، ما رأيكِ أن تعودي للبيت؟" كان يريد راحتها."ألا تعلم أني أريد الطلاق؟ انتقلتُ إلى هنا لأعيش بعيدًا عنك، لا لأنني تشاجرتُ معك وغادرتُ غاضبة!" تمنَّت أن يفهم، وألا يظن أنها ستعود إليه بمجرَّد أن يُراضيها، فأكملت: "انتهيتَ من جولتك، والآن غادر، عندي عمل غدًا!"غاصت نظراته في عينيها، وقال: "نحن زوجان، فما المشكلة أن جلست هنا؟ يجب أن يعرف الجميع أنكِ زوجتي!"خافت أن يُقدم سميرٍ على تصرُّفٍ مخزٍ، فنفد صبرها وسألت: "ماذا تريد بالضبط؟

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل405

    رفع لاشين كأس الكحول وشرب منه.لطالما تحلى بالعقلانية. حافظ بعقلانية على مكانه في حياة نور، وصان بعقلانية صداقته معها.حتى حين اعترف بحبه لها، لم يكن إلا تحت تأثير الكحول، يستعين به ليُفضي بما يُثقل صدره.لكن لم يكن بوسعه أن يتقدم خطوة أخرى. فقد كان يعلم أن نور تحب سمير. ولم يُرد أن يثقل عليها، بل أراد أن يُبقي لها كل الاحترام.لم يكن أبدًا بقدر جرأة سمير. وربما وحده المحبوب من يملك هذه الثقة التي لا تتزعزع، كان يحسده لأنه يحظى بحب نور.ابتسم لاشين بسخرية، ثم ملأ كأسه حتى الحافة وشربه دفعةً واحدة.كان هاتفه على يمينه في تلك الأحيان يهتز بلا توقف. ألقى عليه نظرة جانبية ثم أدار رأسه وأهمله، مستمرًا في احتساء الكحول بصمت.أما نور، فقد غادرت المطعم وهمّت أن تستقل سيارة أجرة إلى منزلها.لكن لم يكن في الجوار سيارات أجرة شاغرة، وحين تحققت من تطبيق الهاتف، وجدت أن أمامها أكثر من ثلاثين طلبًا في الانتظار. ما يعني أن عليها أن تنتظر نصف ساعة على الأقل.لمّا رأت سمير يُسرع خلفها، لم تتوقف، بل تابعت السير نحو منزلها.تأمل سمير المكان من حوله ولم يقترب منها، فهو أدرك استحالة العثور على سيارة أج

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل404

    صمت لاشين عاجزًا عن الكلام. بينما تطلعت نور بدهشة إلى سمير. كيف له أن يحمل وثيقة الزواج معه دومًا؟ لم تعد تفهمه!أمسك سمير بالوثيقة، وفكّ اللفافات طبقةً تلو الأخرى حتى بان الغلاف الأحمر. ثم رفعها عاليًا أمام لاشين، ليراها بوضوح، وقال: "هذه وثيقة زواجي من نور، أرأيتَ يا سيد لاشين؟"أطبق لاشين شفتيه، وغامت عيناه بعمق. لمح بريقًا من زهوٍ لا يشبهه في نظرات سمير.وكأنه يغتبط لمجرد أن وثيقة زواجهما ما زالت قائمة.لكن أليس زواجه من نور زواجًا صوريًا؟ أليس الأحرى به أن يتعجل الطلاق؟كان قد ظنّ أن الأمر مسألة كبرياء ذكوري، إذ لم يعترف يومًا بكونها زوجته. لكن الآن يرى له طفولية لم يعهدها فيه. فمن ذا الذي يُغلف وثيقة زواجه بإحكام كهذا ويفاخر بها أمام الآخرين؟قال لاشين بهدوء: "على أية حال، هذا الزواج مآله إلى طلاق."لكن سمير ردّ ببرود: "ومن قال إني أريد الطلاق؟"أطرق لاشين يفكر، بدا له أن هذا الرجل لا ينوي الانفصال.قاطعتهم نور وقد ثبّتت نظرها على سمير: "أنا قلت. أردت الطلاق منذ البداية، حتى لو كانت وثيقة الزواج لا تزال قائمة، فسيأتي يوم تحمل فيه وثيقة الطلاق!"رمقها لاشين بحيرة. واشتدّت

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل403

    قال سمير وهو يسند رأسه إلى زجاج النافذة، محدّقًا بعينيه في الخارج ببرود: "هذا المكان ناءٍ، إن نزلتِ ستضطرين إلى السير عدَّة كيلومترات حتى تبلغي المدينة، فلا تتهوري، فالمجازفة ليست من اختصاصك!"أدركت نور وهي تنظر للطريق أنه ناءٍ فعلًا، ربما تحتاج ساعات لتمشيه.وكان المساء قد حلّ. وربما تظهر الوحوش البرية.لم تعد تُلحّ، حرصًا على سلامتها. فبعض الأحيان، الذكي هو من يُحسن تقدير الموقف.توقفت السيارة عند مدخل محطة التلفاز، ورفع سمير عينيه نحو الشعار أعلى المبنى، ثم سأل بخفة: "سمعتُ أن محطتكم تريد إجراء مقابلةٍ معي قريبًا".أجابت نور: "أحقًا؟"وجه إليها نظرة عميقة وسألها: "لماذا لم تُسند إليك المقابلة؟"آثرت ألا تذكر رفضها، واكتفت بالقول: "مقابلة كهذه لا تُسند إليّ، لم يمضِ على عملي هنا سوى عشرة أيام، وكل ما أفعله هو كتابة تقارير عن قضايا اجتماعية".آمن بكلامها مؤقتًا، فقد جاء إلى هنا فقط من أجلها.وبعد لحظة تفكير، أردف قائلًا: "لو كنتُ أنا موضوع مقابلتك، ألن يعود ذلك بالنفع عليكِ؟"تطلعت إليه نور بحيرة، متسائلة عمّا يعنيه، أهو حقًا يفكر في مصلحتها؟لكنه منشغلٌ دومًا بعمله، كيف له أن يُراع

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status