LOGINهذا يختلف تمامًا عن تصرفه مع آيلين، حين اشترى لها الكعكة والفستان، كأنه شخصان مختلفان.وحتى حين لمح نور، اكتفى بالود والحديث الهادئ معها بكلمتين."لا."أنكر همام تلقائيًا.ابتسم فرعون ابتسامة باردة على شفتيه، وقال: "إذن أحضرها إلى هنا"."....حاضر."أخطر الأماكن هي أحيانًا أكثرها أمانًا، فوجود نور بالقرب من فرعون يعني على الأقل أن آيلين لن تتاح لها الفرصة لإيذائها....أما عند آيلين. جاء إيهاب عندها. رحبت به تلقائيًا عندما راته: "عم إيهاب، لماذا جئت؟""جئت لأطمئن عليك."كان إيهاب يضع يديه خلف ظهره.كان حال آيلين أفضل مما توقع.لكنه لم يكن راضيًا تمامًا، وقال: "لا أريدك أن تكوني كالزهرة محمية في بيت الزجاج"."أعلم."ردت بكلمةٍ واحدةٍ فقط.لم يمكث إيهاب عندها طويلًا، وبعد رحيله، تذكرت آيلين شخصًا آخر، يعاني أوجاعًا يومية لا تنتهي.نادَت آيلين على أحمد، وسألته: "أحمد، ماذا عن تلك المرأة في الغرفة السرية؟"أومأ أحمد أمامها باحترام، وقال:"آنستي، ما زالت على حالها"."حسنًا، إذن لم تعد ذات قيمة. امحوا ذاكرتها، وأرسلوها إلى معسكر العبيد."ومضت لمحة حادة في عيني أحمد."حاضر."أومأ أحمد، وشرع ف
حتى النهاية، لم يستطع إلا التعبير عن شعوره من خلال أفعاله الصامتة، محيطًا إياها في حضنه بإحكام.ورغم أن سماعها تقول إنها تبحث عن لاشين، يجعل صدره يمتلأ بثقلٍ غريب، ويُغضبه، لكنه سرعان ما يتراجع عن ذلك التفكير، فلاشين جاء إلى هنا من أجلها.ورغبتها في إيجاده، أمر منطقي.ونور الآن بين ذراعيه. وهي بخير، وهذا وحده يساوي كل شيء.اتكأت نور على صدره، ربما قد لا يريا شمس الغد، لكن على الأقل في هذه اللحظة، هما معًا....أما عند همام. فبينما كان يستعد للتحرك لمقابلة فرعون، ظهر السيد المهرج أمامه، وأومأ برأسه قائلًا: "سيدي الشاب"."كيف حال نور؟"كان همام لا يتكلَّم إلا ونور على لسانه، وبدا اهتمامه بها واضحًا في نظر السيد المهرج.أجاب السيد المهرج بصراحة: "قلتَ أن نحترم رغبتها، ففعلنا مثلما قلت، وهي الآن تبحث عن بعض الأشخاص في معسكر العبيد بشكل واسع. وأيضًا، العبد الجديد الذي جاء حديثًا، أشعر أنه..."أنه ليس عبدًا عاديًا، بل شخص دخل من دون أن يُكشف أمره، وليس بسيطًا. فالشجاعة والجرأة التي يمتلكها تفوق قدرات أي شخص عادي.لكن همام قاطعه بهدوء قبل أن يكمل: "بعض الأمور، إذا لم تقلها، فلن أعتبرك اخرس
كونها قد أُسرِت ووصلت إلى هذا المكان، فهذا وحده أمرٌ مأساويٌ بما فيه الكفاية، بغض النظر عن مشاعر الأستاذ همام تجاهها الآن، لكن لولا وجوده، لكانت قد تعرّضت للتعذيب حتى لم تعد تعرف شكلها البشري.لكن سمير خاطر بنفسه ودخل هذا المكان!أمسك سمير وجه نور بيديه، وقال بصوت أجش: "نور، لا يمكنني أن أتصرف كأن شيئًا لم يحدث، في حين أنك أسرتِ!"فمهما كان المكان خطرًا، ما دامت نور فيه، فإنه على استعداد للتضحية بكل ما لديه لاختراق المكان.لاحظت نور في عينيه السوداوين عزمه الراسخ.كانت تشعر بالاختناق في حلقها. فسمير يمتلك جيشًا، ومع ذلك ترك كل شيء وراءه ودخل هذا المكان بحثًا عنها.تذكرت أيضًا كيف أنه قبل مغادرته نقل لها كل ممتلكاته، ممهدًا لها الطريق بالكامل.قالت نور وهي تدفعه بعيدًا: "سمير، نحن الآن تحت المراقبة، ربما قد تم اكتشافك بالفعل".لكن سمير الذي يبلغ طوله حوالي المائة والتسعين سنتيمر، كان يقف أمامها كالجبال.لم يعد بإمكان سمير التفكير في أي شيء آخر، أمسك بذقنها وقبّلها، فتح فكها ليستشعر طعمها وتنفسها.هكذا فقط استطاع أن يشعر بها بصدق.لكن سمير كان عقلانيًا، فبعد لحظة من التنفس العميق، تمالك
لاحظ الرجل نور أيضًا.تلاقت عيناهما، ولاحظت نور عيني الرجل اللتين كانتا صافيتين كالقمر البهي، وأحسَّت بشعور غريب، مع أن وجه الرجل كان غريبًا عنها. إلا أن نور شعرت بألفة غامضة تجاهه.لكن سرعان ما حولت نور بصرها بعيدًا.كانت عينا الرجل تحمل موجات هائجة من المشاعر.قال السيد المهرج وقد لاحظ تلاقي النظرات بين الاثنين وهو يعبس: "هل هذا هو لاشين الذي تبحثين عنه؟"عند سماع أقوال نور للتو، علم السيد المهرج أن عزة ولاشين محتجزان في معسكر العبيد منذ فترة، أما زيد الذي أمامهما الآن، فقد تم أسره للتو فقط.لكن نور نفت ببرود: "لا".فالوجه الذي أمامها يختلف تمامًا عن وجه لاشين.حين سمع الرجل كلمة "لاشين" ونفي نور، غاص بصره في عمقٍ مظلم.بدأ الناس في المنطقة أ في تشكيل طوابير، يمر كلٌّ منهم واحدًا تلو الآخر أمام نور، لكنها لم ترَ لاشين.نبهها السيد المهرج: "لقد رأيتِ ستمائة شخص في منطقة أ، والوقت انتهى اليوم. إذا أردتِ الاستمرار في البحث عنه، عودي غدًا"."حسنًا." لا خيار آخر أمامها سوى هذا.فهذه ليست منطقتها، وليس لها القرار النهائي."فلتعودي إذًا." قال السيد المهرج، وفجأة سمعت نور وراءها صوت كحة
قالت نور وهي تضع يدها على كتف الفتاة: "يمكنني أن آخُذكِ للخارج، أنا الآن أحتاج إلى أشخاص، أنتِ… هل أنت هنا منذ وقتِ طويل؟"في تلك اللحظة، كانت عينا نور صادقتين للغاية.حمايتها لهذه الفتاة لم تكن بلا سبب.أومأت الفتاة برأسها، وقالت: "أنا هنا منذ وقتٍ طويل. وبسبب أن لدي مناعة ضد بعض الأدوية، أشعر أحيانًا بالخوف، فقد رأيت في حياتي الكثير من لحظات الحياة والموت"."أستطيع أن أفهمكِ. أنتِ... بما أنكِ هنا منذ وقتٍ طويل، هل سمعتِ عن امرأة اسمها عزة؟"الآن، كل ما تهدف إليه نور هو معرفة مصير عزة ولاشين، فهي لا تستطيع الآن التأكد من سلامتهما.هزّت الفتاة رأسها، وقالت: "الأسماء يعرفها فقط المسؤولون. لقد رُمينا في هذا المكان الملعون، وكل يوم بالنسبة لنا هو ساحة قتال، أو تجارب لا نهاية لها، وليس لدينا فرصة للتحدث مع بعضنا البعض".صمتت نور، يبدو أن سؤالها للسيد المهرج كان صائبًا.سألت الفتاة بذكاء: "هل دخلتِ هذا المكان عن قصد للبحث عن أحد؟"ضغطت نور شفتيها، وأجابت بهدوء: "نعم، ولكن ذلك ليس الأمر كله، إن كان يُمكننا التعاون..."لكن قبل أن تكمل نور كلامها، قاطعَتها الفتاة: "أي تعاون؟ خذيّني للخارج ببطا
عضّت نور شفتها وقالت وقد شدّت على حنجرتها: "نعم، أيمكن ذلك؟"سألت في النهاية.لم ينسَ السيد المهرج وصية همام، فأومأ برأسه: "قولي... من تريدين أن تجدي؟"قالت نور: "امرأة تُدعى عزة، ورجل يُدعى لاشين".لو كان بإمكانها أن تدخل بنفسها للبحث لكان الأمر أفضل، لكنها كانت تدرك أن البطاقة السوداء التي بيدها لا تمنحها هذا القدر من النفوذ.لم تكن واثقة من موقف فتحية، أما السيد المهرج..."حسنًا، عودي الآن. سأبلّغك إن جاءني خبر بخصوصهما.""شكرًا." شكرته نور.هي ليست صاحبة المكان، ومهما كانت مكانة السيد المهرج، ومن يُساعد، فإنها في هذه اللحظة مضطرة لأن تستعين به.توقف لبرهة متفاجئًا.فهو قد عاش هنا لوقتٍ طويل، وعدد الذين لعنوه وتمنوا موته لا يُحصى، لكن نور شكرته؟والأغرب، أنها بدت صادقة...وفجأة دوّى صوت خفيض متهيب بجانبه: "سيدي المهرج، وصلت للتو دفعة جديدة من العبيد، هل ترغب بالاختيار الآن؟"عاد السيد المهرج إلى وعيه، وأجاب ببرود: "حسنًا، سأذهب لأرى".لم تمضِ دقيقتان حتى كان العبيد الجدد مصطفّين أمامه صفًا وراء صف.لكن هذه الدفعة لم تكن ذات قيمة، معظمهم نحيفون للغاية.أما بالنسبة لملامحهم...فكيف يص