جميع فصول : الفصل -الفصل 450

492 فصول

الفصل 441

عندما خرجت فادية من الغرفة، تركت هاتفها وهو يسجل الفيديو.كان الهاتف مخبأ بين وسائد الأريكة بشكل خفي، لكنه موضوع بزاوية تمكنه من تصوير كل ما يجري بجانب سرير المريض بوضوح.كانت فادية تشك في ليان.لكن شكوكها لا بد لها من أدلة.بعد أن غادرت غرفة المريض، أوصت فادية رائد بالصوت المنخفض: "اذهب وراقب عند باب غرفة الشيخ الهاشمي، وإذا حدث أي تحرك بالداخل، ادخل فورا."فادية أرادت اختبار ليان، لكنها لا تستطيع السماح لها بالنجاح فيما تنوي.لم يمض وقت طويل على مغادرة فادية، حتى دخلت ليان الغرفة.تأكدت بحذر من خلو الممر من الناس، ثم دخلت مطمئنة.ونظرت إلى الشيخ الهاشمي الراقد على السرير.هي تعلم أنه لو أصيب الشيخ بمضاعفات، سيستدعى الأطباء بسرعة.وسيشك بها يوسف وجنى، بل حتى فادية ستواجهها بالاتهام.لكن هذه اللحظة لم تعد تحتمل حسابات أكثر."جدي..."جلست ليان عند حافة السرير وأمسكت بيده، بعينين ممتلئتين بالصدق الظاهري، وكأنها حقا تكن له عاطفة عميقة."ارجع إلينا، جدي... لولو تشتاق إليك كثيرا...""لم نلتق منذ زمن طويل، ولولو لا تريد أن تفقدك يا جدي..."كانت كلماتها تخرج بانفعال متزايد.وكأنها لم تعد قادر
اقرأ المزيد

الفصل 442

ليان بدت شديدة الانفعال.الدموع بالنسبة لها مثل صنبور ماء، تفتحه أو تغلقه متى تشاء، تبكي بصدق كما تريد وفي أي وقت تحتاج.التقت عيناها المبللة بالدموع بنظرة يوسف، لكن وجهه ظل قاتما.لكن ليان كانت تدرك جيدا، أنها لا تستطيع تحت نظر يوسف أن تظهر أي خلل.هذه المشاهد عليها أن تكملها للنهاية.قالت بصوت متهدج: "جدي، أنت بالتأكيد سمعتني عندما ناديتك، أليس كذلك؟"ثم التفتت تنظر إلى الشيخ الهاشمي، وأمسكت بيده قائلة: "قال الطبيب إن لديك رغبة قوية في العيش، كنت أعلم أنك ما زلت تفكر بي، فنحن التقينا قريبا فقط، وبالتأكيد لن تترك لولو وحدها…""جدي، إن كنت لا تستطيع ترك لولو، فافتح عينيك الآن، أيمكنك أن ترى لولو؟"في هذه اللحظة، دخلت فادية إلى الغرفة،وما إن سمعت كلمات ليان، حتى تجعد حاجباها.فقد أخبرها رائد بكل ما حدث هنا في طريقها، وحتى لو لم يظهر يوسف، كان رائد مستعدا ليمنع ليان من إلحاق الأذى بالشيخ الهاشمي.ومع ذلك، شعرت فادية بالارتياح لأن يوسف حضر بنفسه.لكن الأمر لم يقف عند هذا…فلما تذكرت تقرير الطبيب، اقتربت بخطوات سريعة، وهي تحدق في عيني الشيخ المغلقتين، وقلبها يخفق بقوة.هل ظهرت عليه علامات
اقرأ المزيد

الفصل 443

كان الصوت مسنا، واهنا كأنه مجرد أنفاس متكسرة، ومع ذلك كان واضحا لدرجة أن من في الغرفة سمعوه بجلاء.في غرفة المرضى، تجمد الثلاثة للحظة.تقدمت فادية ويوسف بخطوة عفوية للأمام."جدي؟"ناداه الاثنان بحذر، والرجاء يملأ نظرهما نحو الشيخ الهاشمي.لكن الشيخ الهاشمي ظل مغمض العينين، وجهه شاحب، وكأن تلك الهمسة "لولو" التي صدرت، لم تكن إلا وهما في أسماعهم.حتى ليان، التي فزعت للحظة، عندما رأت الشيخ الهاشمي بلا أي "علامة غريبة"، تنفست الصعداء قليلا.في تلك اللحظة، كان قلبها قد اختل إيقاعه بالفعل.لقد أقسمت للتو القسم الأشد…تذكرت عبارتها "فليصعقني البرق، ولألق أسوأ مصير"، فعضت شفتيها باضطراب.لحسن الحظ أن الشيخ الهاشمي لم يفق بعد.لكن المشهد لم ينته بعد.تظاهرت بالإمساك بيد الشيخ الهاشمي وقالت بصوت حزين: "تظلمانني هكذا، جدي يراها بعينه، لا يهم إن تحملت الغبن، لكنكما بهذا تؤذان قلب جدي، أنتما…""يكفي!"قاطعها صوت فادية الحاد قبل أن تكمل.إن كانت فادية من قبل تشك فقط في نوايا ليان تجاه الشيخ الهاشمي، فهي الآن أيقنت أنها لا تهتم لأمره حقا.احتقرت فادية ما بداخل عينيها، ورمت ليان بنظرة باردة: "اخرجي!"
اقرأ المزيد

الفصل 444

وذلك الرجل...ارتسمت في ذهن ليان صورة مالك، فاشتعل قلبها بمزيج من الخجل والغضب.الراسني الثالث هناك بالداخل، وهو يساعد فادية، أما إذا دخلت هي وظهر أمامه حالها المذل هذا، فلن يكون سوى عار أشد عليها."فادية... ستدفعين الثمن غاليا!"حدقت ليان نحو المستشفى بعينين حادتين، وأقسمت في سرها أن تدوس فادية تحت قدميها ذات يوم.وفي تلك اللحظة، بعدما ساقها الحارس بعيدا، عاد الهدوء إلى غرفة المريض.رفعت فادية بصرها نحو الباب.رأت ظلا طويلا مهيبا مسندا على الخارج، نصف جسده ظاهر، وهي تعرف جيدا من يكون، وتدرك أن إدخال رجال الحراس كان بأمره.لكنها الآن لا تملك وقتا للاهتمام به.التفتت نحو الشيخ الهاشمي؛ لا يزال مغمض العينين، فاندفعت بخطوات سريعة إلى الأريكة وأخذت هاتفها.وبعد أن أنهت مشاهدة المقطع المصور، شعرت بخفقان يعصر قلبها.ليان...لو أنها في اندفاعها قبل قليل فوق جسد جدها أسقطت شيئا يضره، فلن يثبت الفيديو تهمة واضحة، وكل ما عليها فقط هو أن تقول: "كان خطأ غير مقصود، لم أعلم، لم أتعمد"، ثم تبكي وتظهر ببراءتها المزعومة، وينتهي الأمر.وحتى إن لم تنجح، فستتمسك بالقسم وتدعي المظلومية، دائما تجد وسيلة لله
اقرأ المزيد

الفصل 445

هناء…نعم، هناء!في المرة السابقة، كي تبعدها عن الأنظار وتخفيها من المشاكل، جعلتها تغادر مدينة الياقوت.لكن الآن، هي بحاجة إلى مساعدة، وهناء هي الخيار الأمثل.على الفور، اتصلت ليان بهناء."تقولين الآن إنك ابنة عائلة الهاشمي، لكن أنت في الحقيقة…"هناء، حين علمت بهوية ليان الجديدة عبر الهاتف، أصابها الذهول.فقد غادرت مدينة الياقوت متجهة إلى دولة المها، وعاشت هناك حياة من اللهو بلا قيود، حتى انقطعت تماما عن أخبار المدينة، فلم تكن تعلم أن ليان أصبحت حفيدة عائلة الهاشمي.وتعتبر عائلة الهاشمي من أعرق ثلاث عائلات في عاصمة الدولة!لكن ليان التي كانت تعرفها…ليان أدركت ما تريد قوله فقطعت كلامها بوجه متجهم: "أنا تبنتني أمي من دار الرعاية، بعض الأمور لم أخبركم عنها فقط.""لكن…"لكن طوال تلك السنوات، كانت تنادي ريان "أبي"، وبروح صادقة كما لو أنها ابنته فعلا."لقد أجريت فحص النسب مع العائلة، وتأكدت صلة الدم مع الجد. فبأي شيء تشككين بعد هذا؟" قالت ليان بلهجة يعلوها الانزعاج.تبددت شكوك هناء تدريجيا.ففحص النسب لا يكذب، والنتيجة أكيدة.سرعان ما غيرت لهجتها بالمديح والإعجاب: "مبارك لك يا أختي لولو، كن
اقرأ المزيد

الفصل 446 ‬

...بدأت تستقر حالة الشيخ الهاشمي شيئا فشيئا، وكأنه لم يتبق سوى أن يفتح عينيه ليستيقظ.في المساء، بقي يوسف بجانبه في المستشفى للاعتناء به.أما فادية، فعادت إلى برج الصفاء الملكي.دخلت، وأشعلت الضوء، فاندفعت إليها رائحة مألوفة، لتتفاجأ برؤية رجل يستند إلى الحائط بجانب المدخل، فقفز قلبها في صدرها.خلال هذه الأيام، كانا يلتقيان كثيرا، لكن بالكاد يتبادلان الكلمات، حتى النظرات كانت نادرة جدا.عبست فادية، أليس يكون في المستشفى؟ ما الذي أتى به إلى البيت؟لم يدم التقاء أعينهما سوى لحظة، ثم سرعان ما صرفت بصرها، وبدأت بتبديل حذائها وانسحبت إلى غرفتها.حتى وهي تدير له ظهرها، أحست بنظراته تطاردها بلا انقطاع.دخلت فادية الغرفة وأغلقت الباب خلفها.بعد حمام دافئ، خرجت مرة أخرى، لتجد أن أثره قد اختفى.إلى أين ذهب؟!خالجها إحساس خافت بالخذلان.وما إن أدركت تلك المشاعر الغريبة، حتى حاولت التخلص منها بسرعة، ثم اتجهت نحو السرير عازمة على النوم، دون أن تلاحظ أن هناك ظلا جالسا على الأريكة تحت ضوء خافت.وما إن جلست على السرير وأشعلت الضوء،حتى التفتت ورأته. شهقت بصوت عال:"آه…!"ارتجف قلبها حتى كاد أن يقفز.
اقرأ المزيد

الفصل 447

"إلى متى ستظلين تتهربين مني؟"انطلق صوت مالك منخفضا، وعيناه لم تفارقاها للحظة، ثم استدار ليواجهها مباشرة، مجبرا إياها على النظر إليه.فادية عقدت حاجبيها.يقول إنها تهرب منه؟ إذن لديها ما تقوله وتدافع به.تنفست بعمق، ورفعت عينيها التي كانت تتهرب بهما منه، لتلتقي سواد عينيه القاتم."وأنت، إلى متى ستخفي أمرك عني؟"تساؤلها البارد حمل في طياته سخرية وشيئا من التهكم على نفسها.في لحظة، بدا وكأن شيئا ما انهار في عيني مالك.كان يدرك تماما مقصدها.ذاك القلق الذي أخفاه من قبل، بدأ الآن يخنقه أكثر. "فادية..."أراد أن يبرر.لكن فادية ابتسمت بسخرية."كان يجب أن أعرفك منذ البداية. شخص يعمل في ملهى ليلي، وفجأة يخرج مائة مليون بلا أن يرمش له جفن؟!""أقارب مجموعة الراسني؟! ها، لقد كنت أنا الساذجة وأنت الماكر... السيد الثالث الراسني!"نعم، يوجد كثيرون يحملون اسم الراسني،لكن الراسني الثالث واحد فقط!نبرة فادية جعلت قلب مالك يخفق بقوة.وانفلتت منه كلمة تلقائية: "زوجتي..."لكنها قاطعته ببرود: "الراسني الثالث، لا أستحق أن تناديني زوجة." ازدادت عيناها برودة وقد غص صدرها بالغيظ.حين أفاقت بعد أن أغمي عليها ف
اقرأ المزيد

الفصل 448

رائد هو أحد رجال مالك، وإدراك فادية أنها رغم كرهها لأسلوبه في التلاعب بها، إلا أنها استخدمت رجاله لمصلحتها، جعلها تحتقر نفسها قليلا.ثم ارتسمت على وجهها ابتسامة خفيفة، وقالت بامتنان لرائد: "شكرا لك، سأقدم لك فنجان قهوة."فادية حدثت نفسها: هذه المرة استخدمت مساعدته، لكن لاحقا يجب أن أنتبه وأرسم حدودا واضحة.حين دخلت فادية غرفة المرضى، كان رائد ما يزال غارقا في ذهوله.وفجأة شعر أن الأمور تزداد غرابة.لكن مع ذلك، السيدة قدمت له قهوة وابتسمت له بتلك الابتسامة المشرقة، كم هي طيبة!داخل غرفة المرضى.كالعادة، تولت فادية مسح جسد الشيخ الهاشمي برفق، ثم أخرجت الملف الذي استلمته للتو من رائد.كان بداخل الملف نتائج فحص إثبات النسب بين الشيخ الهاشمي وليان.الاستنتاج كان واضحا: يوجد ارتباط عائلي. فادية لم تخف ذهولها.حين أعلنت ليان أنها الحفيدة الحقيقية لعائلة الهاشمي، لم تشكك في البداية. لكن بعد أن لاحظت نياتها الخبيثة تجاه الشيخ الهاشمي، بدأت تشك في صحة هويتها.لكنها كانت فعلا حفيدته الشرعية!أيعني هذا أنها أساءت الظن بليان؟أغلقت فادية الملف ووضعت حقيبتها جانبا، وجلست قرب سرير الشيخ الهاشمي. نظرت
اقرأ المزيد

الفصل 449

داخل غرفة المستشفى، كان الجو غريبا متوترا.تبادل الثلاثة نظرات سريعة، وفي اللحظة نفسها أدركوا جميعا المشكلة.الشيخ الهاشمي لم يعد يتذكر أي شخص، إنما خلط بين فادية وابنته ربى!"روبو، سامحيني... مرت عشرون سنة وأنت بعيدة عن البيت، والآن عدت أخيرا، من اليوم فصاعدا ستبقين بجوار والدك، وسأحميك دائما."قال وهو يمسك يد فادية بصوت متعب يملؤه الإصرار."روبو، ألا تناديني أبي ولو مرة واحدة؟""روبو، هل ما زلت غاضبة مني؟ لأني لم أبحث عنك طوال العشرين سنة الماضية، بينما دللت أخرى كابنتي؟ لا تقلقي، لقد رجعت، وأنت بالفعل الآنسة الكبيرة لعائلة الهاشمي، هي ليست كذلك... فهلا سامحتني؟"كانت عيناه تتأملان فادية بصدق وحرارة،كأنه ينتظر ردة فعل "ربى".فادية نظرت مستغيثة إلى يوسف وجنى.رأت جنى تعقد حاجبيها وتنظر إليها بعدائية واضحة.فجأة ارتسمت ابتسامة باهتة على وجه جنى، فتقدمت خطوة وأبعدت فادية جانبا، ثم أمسكت بيد الشيخ الهاشمي باهتمام: "هي ليست روبو، انظر إلي... أنا..."عيناها تشبهان عيني فادية كثيرا.لقد عرفت دوما أن السبب الذي جعل الشيخ الهاشمي يختارها في البداية لتكون حفيدته ويتبناها هو أن عينيها تشبهان ع
اقرأ المزيد

الفصل 450

لقد كانت دائما موجودة فقط لأنها تشبه ربى في عينيها، وكأنها مجرد بديلة عنها.كم كانت تتمنى، في مثل هذا الوضع، أن تكون هي من ينظر إليها على أنها ربى!قبضت جنى على قبضتها بقوة، ثم التفتت عبر النافذة الزجاجية في باب الغرفة، فرأت الشيخ الهاشمي ينظر إلى فادية بملامح يملؤها الحنان الأبوي، فاشتعلت الغيرة في قلبها كالنار تتسع بلا حدود.وكأن مجرد نظرة أخرى ستجعلها تفقد السيطرة على نفسها.سحبت جنى بصرها، وسارت بخطوات سريعة خارجة من المستشفى.في غرفة المريض.لم يزل القلق يسيطر على قلب فادية.أمام الشيخ الهاشمي وهو يناديها كل مرة بـ "روبو"، كانت تعلم في أعماقها أنه لا يناديها هي، ومع ذلك لم تطق أن ترى ملامحه المليئة بالرجاء تتحول إلى خيبة أمل.لكن لفظ كلمة "أبي" على لسانها كان يبدو دائما غريبا.ظل الشيخ الهاشمي ممسكا بيدها، يحدثها عن بعض النوادر الطفولية لربى قبل أن تضيع منها.غير أن كلماته كانت مغموسة بالشوق والذنب بعد أن غادرت ربى البيت ثانية بشكل حاسم.قد تكون تلك الذكريات قد تناثرت عنه، لكن مشاعر الذنب والاشتياق لم تنقص أبدا.كانت فادية تنصت له بعناية، تومئ بين الحين والآخر، حتى أتاها الفضول يت
اقرأ المزيد
السابق
1
...
4344454647
...
50
امسح الكود للقراءة على التطبيق
DMCA.com Protection Status