هزّ فارس رأسه مبتسمًا بمرارة ولم يُجِب على الرسالة. لم يعد يشعر تجاه رنا لطفي بالكثير؛ لم تعد تلك التي عرفها، وبقي زمنُ حُبّه الأوّل حبيسَ الذاكرة، حبيسَ صيفِ تخرّج الجامعة. تصفّح هاتفه فرأى مكالماتٍ فائتة كثيرة غالبها، عروضُ تأمينٍ وقروضٍ لا يُلقي لها بالًا لكن لفتَه رقمٌ اتصل عند العاشرة صباحًا ثلاث مرّات متتالية. يبدو أنه ليس رقمَ ترويج. اتّصل فارس بذلك الرقم: "مرحبًا، من اتصل بي؟ أنا فارس الدالي." جاءه صوتٌ رقيق: "أهلًا فارس، أنا بيان شرف، مديرة الموارد البشرية في مقر مجموعة إي-بي-إس. اتصلتُ لأُبلِغك أنك صباح اليوم تمّ تعيينك رسميًا في قسم التسويق بالمقرّ. رجاءً أنجِز تسليم العمل مع الفرع القطاعي الذي تتبعه، وتعالِ لتسجيل المباشرة يوم الاثنين المقبل." "آه؟ تمّ تعييني في المقر؟" تجمّد فارس لحظة ولم يستوعب. "أهناك إشكال يا سيد فارس؟" سألت بيان بلطف. كان مُستغربًا؛ فهو ما زال متدرّبًا، وها هو اليوم ذاهبٌ أصلاً لبدء إجراءات الاستقالة، فكيف صار فجأة موظفًا في المقر؟ "ألا يكون هناك خلط؟ لعلّه تشابه أسماء؟" "لا. بين دفعة المتدرّبين هذه، لا يوجد إلا فارس واحد باسمك. لا التباس."
Read more