All Chapters of عزوبيتي أشعلت نادي الثريّات: Chapter 11 - Chapter 20

70 Chapters

الفصل11

هزّ فارس رأسه مبتسمًا بمرارة ولم يُجِب على الرسالة. لم يعد يشعر تجاه رنا لطفي بالكثير؛ لم تعد تلك التي عرفها، وبقي زمنُ حُبّه الأوّل حبيسَ الذاكرة، حبيسَ صيفِ تخرّج الجامعة. تصفّح هاتفه فرأى مكالماتٍ فائتة كثيرة غالبها، عروضُ تأمينٍ وقروضٍ لا يُلقي لها بالًا لكن لفتَه رقمٌ اتصل عند العاشرة صباحًا ثلاث مرّات متتالية. يبدو أنه ليس رقمَ ترويج. اتّصل فارس بذلك الرقم: "مرحبًا، من اتصل بي؟ أنا فارس الدالي." جاءه صوتٌ رقيق: "أهلًا فارس، أنا بيان شرف، مديرة الموارد البشرية في مقر مجموعة إي-بي-إس. اتصلتُ لأُبلِغك أنك صباح اليوم تمّ تعيينك رسميًا في قسم التسويق بالمقرّ. رجاءً أنجِز تسليم العمل مع الفرع القطاعي الذي تتبعه، وتعالِ لتسجيل المباشرة يوم الاثنين المقبل." "آه؟ تمّ تعييني في المقر؟" تجمّد فارس لحظة ولم يستوعب. "أهناك إشكال يا سيد فارس؟" سألت بيان بلطف. كان مُستغربًا؛ فهو ما زال متدرّبًا، وها هو اليوم ذاهبٌ أصلاً لبدء إجراءات الاستقالة، فكيف صار فجأة موظفًا في المقر؟ "ألا يكون هناك خلط؟ لعلّه تشابه أسماء؟" "لا. بين دفعة المتدرّبين هذه، لا يوجد إلا فارس واحد باسمك. لا التباس."
Read more

الفصل12  

"ما المعنى؟" تجمّد رامي مراد لحظة. قال فارس: "عجيب! أنت مدير الفرع، ألا ينبغي أن تكون آخرَ مَن يجهل هذا؟ لقد تمّ توظيفي في قسم التسويق بمقرّ مجموعة إي-بي-إس!" "ماذا؟" بدت الدهشة على وجه رامي: "أعد ما قلت!" قال فارس: "سأباشر العمل في المقرّ يوم الإثنين القادم." رمش رامي بعينيه الصغيرتين الداهيتين بضع مرّات، ثم افترّ عن ابتسامة ساخرة: "هاها، هل اختلّ عقلك؟" ورمى إليه باستمارة استقالة: "أنت؟ انظر إلى نفسك قبل أن تحلم! لا تُضِع وقتي، املأ الاستقالة وارحل؛ يكفيني أنك تزعجني لمجرّد رؤيتك!" وفي الجانب، رمقته الموظفة التابعة بازدراء، وعلى شفتيها سخريةٌ باردة: "تحلم بالمستحيل!" رمقها فارس بنظرة حادّة، ثم التقط استمارة الاستقالة ومزّقها نصفين تمزيقًا. "ماذا تفعل؟!" انفجر رامي غضبًا. قال فارس بصرامة: "قلتُ إني جئتُ لتسليم العمل. إن كنتَ تشكّ، فاتصل الآن بقسم الموارد البشرية واسأل." لمّا رأى رامي جدّية فارس، اضطرب قليلًا. تمتم وهو يفتح حاسوبه ليفتح البريد: "إن كنتَ ذاهبًا للمقرّ حقًا، فلا بد أن تصلَني إفادة!" فتح رسالةً غير مقروءة صادرة صباح اليوم، فتقلّبت ملامحه. وبعد برهةٍ أغلق الحا
Read more

الفصل13  

"وهو يرى رامي اليوم يتزلف له كالكلب الأليف، شعر فارس براحةٍ لا توصف. لكنّه، إزاء هذا التبجّح الوقح، لم يملك إلا النفور. قال: "لسنا أخوين، ولا حاجة لوجبة اليوم. سنلتقي كثيرًا في العمل لاحقًا، فلا داعي لكل هذا التأسّف. الأفضل أن نُسرّع تسليم العمل." كان فارس يمقت هذا المتلوّن الذي يبدّل وجهه كما تُقلَّب الصفحات، فلم يُرِه وجهًا طيبًا. واستشفّ رامي من كلامه نبرة تهديد، فتجهّم وجهه أشدّ التجهّم. وفي اللحظة التالية، لمعت عيناه حيلةً، فالتقط هاتفه متظاهرًا باتصال: "ألو… نعم، نعم…" ثم غطّى السماعة وقال متصنّعًا: "لحظة من فضلك، مكالمة مهمّة!" ونهض خارجًا، ولمّا مرّ بالموظفة التابعة أومأ لها خفيةً بعينه. دوّى الباب وهو يُغلق بإحكام. فهمت الموظفة قصده، تنفّست بعمق، رتّبت شعرها، واتجهت نحو فارس. كانت بطول يقارب مترًا وخمسةً وستين، ذات قوامٍ متناسقٍ على هيئةٍ غربية، لكن بوجهٍ طفوليٍّ أبيضَ نضر، مفارقته لافتة. تقدّمت إليه بخطواتٍ يتمايل فيها خصرُها، وترسم الحركةُ قوسًا عند الورك، ويتأرجح ذيلُ تنّورتها يمنةً ويسرةً، كأن تحتها أسرارَ دلالٍ لا تنتهي. أبرزت أنوثتها إلى أقصاها. قالت: "يا فا
Read more

الفصل14 

"ابتعد من طريقي!" انفجر فارس الدالي غضبًا، ودفع الموظفة فسقطت على الأرض. هو حديث عهدٍ بالحياة المهنية، لكنه ليس ساذجًا. كان يعلم أن ما يجري الآن ليس إلا خدعة إغواء يدبّرها رامي مراد. فمنذ لحظة دخول فارس المكتب ورؤيته ما لا ينبغي بين رامي وتلك المرأة، خشي رامي أن يفضحه فارس في المقرّ، فأراد أن "يقدّم" تلك الموظفة لفارس ليُسكتَه، وفي الوقت نفسه يقرّب المسافة بينهما فلا يخاف من متاعبه لاحقًا. ضربتان بحجرٍ واحد، دهاءٌ قذر. وربما لا يقوى كثيرون على صدّ إغراء تلك الموظفة. لكن فارس الذي كبح نفسه البارحة وهو قريبٌ من امرأة بمكانة يارا، صار يرى الأمور بعينٍ أخرى. لذلك بلغ به الغيظ من ألاعيب رامي حدَّه الأقصى. "رامي مراد، تعال إلى هنا!" صاح فارس نحو الباب."أنا آتي، آتي!" دخل رامي مبتسمًا ابتسامةً مزيّفة وهو يدفع الباب. قال فارس بصوتٍ جهوري: "سأباشر الآن تسليم العمل. إن عبثتَ ثانيةً فسأرفع بكل ما عندي إلى المقرّ! أتريد أن تجرّب؟" قال رامي مسرعًا: "لا لا، يا فارس تمهّل! سأُنهي إجراءات التسليم الآن، الآن!" وقد دوّى الضجيج في المكتب، فتنبه بقية الزملاء. أولئك الذين طالما حسدوا فارس أ
Read more

الفصل15  

أسنده ثم همس في أذنه أمال فارسُ رأسه إلى أذن رامي مراد وهمس: "عليك أن تخبرني: من هو القيادي الكبير في المقر الذي يريد أن ينال من يارا؟" "آه؟" تجمّدت ملامح رامي زمنًا دون أن ينطق. "لا تريد الكلام؟ لا بأس، لن أسأل." قالها فارسُ واستدار ليمضي. "يا فارس!" جذبَه رامي وقد احمرّ وجهه، ثم تمتم: "سأقول... لكن لا تتصرّف بطيش!" ابتسم فارس: "أتظنّني أتهوّر؟" "حسن إذن." دنا رامي من أذنه وهمس: "ذلك الذي كلّفني بالمهمّة هو..." ... ... كان صيف مدينة الرونق خانقًا، والشارع يغلي كأنه فرن عظيم يعصر الأنفاس. وفي تلك اللحظة كانت فيلا الغانم باردة بنسيم المكيّف لطيفة الأجواء. قال فارس: "أختي يارا، جئت أودّعك!" جلس قبالتها وفي عينيه أثر تردّد لا يُسمّى. في هذه الأيام وُلد في قلبه نحوها شعور لا يفهمه تمامًا: يراها أختًا، ومع ذلك يخفق قلبه لها بخفقة بين الحلم واليقظة. سألت وهي تقضم حبّة كرز مكتنزة تلمع على شفتيها: "تودّعني؟ إلى أين ستذهب؟" أجاب: "نُقلت إلى مقر مجموعة إي-بي-إس الدوائية." "آه؟ هذه بشارة!" أضاءت عيناها، وابتسمت بثبات: "مبروك يا فارس!" تنفّس فارس قليلًا: "ولهذا، جئت لأكتب لك الوص
Read more

الفصل16  

"أيعقل أن يارا تريدني أن أسكن معها؟" في تلك اللحظة، خفق قلب فارس بقوة. فكّر أنّ العيش تحت سقفٍ واحد مع امرأة بهذا الجمال يعني أن الحياة ستزدان بمناظر فاتنة في كل ركن. لكن ما لبث أن تراجع: يارا امرأة متزوّجة؛ أهذا لائق؟سأل: "أختي يارا، إن سكنتُ معك، ألن يُربكك ذلك؟" رفعت حاجبها ونظرت إليه: "أنت الآن طبيبي الخاص. السكن قريبًا يُيسّر علاجك لي، وهذا ما أفكّر فيه أولًا. ثم إنّ الأمر مؤقّت؛ ريثما تجد سكنًا مناسبًا في حيّ الميناء تنتقل." "هكذا إذن!" ابتسم فارس بخجل؛ فعلاً بالغ في الظنّ. "ما دمتِ قلتِ هذا، فلن أتحرّج."وإذ وضع العبء عن قلبه، هدأ أكثر، وتعامل مع يارا على أنها صاحبةُ بيتٍ فحسب. ثم قال: "وبطبيعة الحال، طوال إقامتي عندك، سأدفع الإيجار في موعده." قالت: "لا إيجار. أنت تعالجني مجانًا." "آه… صدقتِ." حكّ رأسه.قالت: "أليس علاجي يحتاج إلى أعشابٍ مع علاجٍ بالتدليك؟ كيف تُجرى الجلسات؟" قال: "نحتاج إلى تدليكٍ علاجي." سألت: "وما التفاصيل؟" قال: "أستطيع أن أريَك الآن نموذجًا." "حسنًا!"اقترب فارس وجلس إلى جوارها، وقد داعب أنفه عطرُ بشرتها، فاهتزّ قلبه قليلًا: "تمدّدي في وضعٍ م
Read more

الفصل17

هذه الحسناء هي المعروفة في المجموعة بلقب "الجميلة الجليدية": سجى البكري. "هم." أجابت سجى ببرود من غير أن ترفع بصرها إلى فارس. مرّت عيناها الممدودتان على الملف بين يديها، ورمشاها يلمعان وكأن عينيها تنطقان. رأى فارس أنها منشغلة فلم يقاطعها، ووقف ينتظر حتى تفرغ.بعد لحظات وضعت سجى الملف ونظرت إليه. كان في ملامحها تجلّدٌ وكِبرياء، وفي نظرتها حدّةُ من يتولّى القيادة؛ هيبةٌ تمنع التخطّي. قالت وهي تشير له بالجلوس: "نتعرّف. أنا سجى، مديرة قسم التسويق. اجلس." "حسنًا." تقدّم فارس وجلس قبالة مكتبها.قامت سجى لتُحضّر قهوة. قال فارس: "دعي الأمر عليّ يا مديرة." فرمقته بنظرةٍ باردة: "لا حاجة." انعقد لسان فارس حرجًا، لكنه لمس عن قرب قوّة هذه المرأة؛ ومن نظرةٍ قصيرة أحسّ بفيضٍ من سطوتها يملأ المكان. ليس غريبًا على شابةٍ كهذه أن تكون مديرة تسويق مجموعة إي-بي-إس الدوائية.ضغطت زرّ آلة القهوة، فدقّ هاتفها. وضعت الكوب تحت المصبّ، وعادت إلى المكتب تلتقط الهاتف: "أجل، أنا… قل لي…" بدأ السائل الداكن ينساب إلى الكوب. وبينما تتحادث، عادت باتجاه آلة القهوة.كان الكوب على وشك الامتلاء، فرأى فارس أن
Read more

الفصل18  

وجد فارس ندى، فرتّبت له مقعدًا وشرحت بإيجاز لوائح القسم، ثم سألته: "ألم تستلم المستلزمات بعد؟" "وما المقصود بالمستلزمات؟" سأل فارس. لمع في عيني ندى أثرُ تبرّم: "المستلزمات هي أدواتك المكتبية؛ مثل الدفتر والملف وما تحتاجه للعمل، وكذلك بطاقة الموظف. كلّ هذا تستلمه من قسم الشؤون الإدارية." "قسم الشؤون الإدارية؟" تفاجأ فارس. أليس ذاك هو القسم الذي التحقت به رنا؟ سألته ندى: "هل هناك مشكلة؟" "لا، لا مشكلة." قال فارس. قالت: "سأتواصل مع الشؤون على تيمز الآن، اذهب لتستلمها."أسرع فارس حتى بلغ باب قسم الشؤون الإدارية وطرق الباب. "ادخل!" فتح الباب، فهبّت عليه برودةُ المكيّف؛ أبرد بكثير من الخارج. "ما الأمر؟" كان أقربُ مقعدٍ للباب هو مقعد رنا، فسألتها بعادتها. وفي اللحظة التالية اتّسعت عيناها كالفانوس، وصاحت بدهشة: "فارس؟ ما الذي تفعله هنا؟" قال فارس بهدوء: "جئتُ لأراكِ…" كان سيقول: جئتُ إلى قسمكم لاستلام المستلزمات. لكنها قاطعته قبل أن يُتمّ كلامه: "لقد افترقنا، هل يلزمك هذا كلّه؟" أثارت جملتها همهمةَ الفضول حولهما؛ ترك زملاء الشؤون أعمالهم وحدّقوا إلى الباب. قال فارس: "توهمتِ! أ
Read more

الفصل19  

"مدير الشؤون الإدارية عادل صخر تلقّى لتوّه على تيمز إشعارًا من قسم التسويق أرسلته ندى، يفيد بأن فارس الدالي سيحضر لاستلام المستلزمات. فتح عادل بطاقة فارس الشخصية يتأمّل صورته، فإذا بالضجيج يعلو خارج المكتب. خرج، فرأى فارس نفسه عند الباب. "قسم التسويق، رتبة S2 ممثّل مبيعات، صحيح؟" طابق عادلُ البياناتَ مع فارس. "صحيح." "ماذا؟" تجمّدت رنا في مكانها. متى صار فارس موظفًا برتبة S2 في قسم التسويق؟ أما هي فرتبتُها لا تزال S1! صار أعلى درجةً منها! وفوق ذلك، فقسم التسويق الذراعُ الرئيس للمجموعة ومكانته عالية. ووظيفة ممثّل المبيعات عمولتُها بلا سقف؛ قد يدرّ العميل الواحد آلافًا، وأحيانًا عشراتٍ أو مئات الآلاف. مستقبلٌ مفتوح. وأما رنا، فحتى لو أفنت عمرَها هنا، فسيبقى راتبُها ثابتًا. خلال ثوانٍ تقلب وجهُها بين الذهول والغيرة والانكسار. وألقى الزملاء نظراتِ إعجابٍ على فارس. وفتيات الشركة أصلًا يمِلن إلى شباب قسم التسويق. حتى فتيات الشؤون الشابات تلألأت عيونُهن. فشبان التسويق غالبًا مرتبطون. أما فارس فوافدٌ جديد، وقد انفصل للتوّ… لقمةٌ سائغة في عيون الصغيرات. قال عادل: "يا رنا، ل
Read more

الفصل20

"منذ بدأتِ العمل، صرتِ تعانين الأرق كثيرًا." قال فارس وهو يضع الأغراض جانبًا: "أيمكنني فحص نبضك؟" "وتُحسن هذا؟" "أعرف القليل، القليل!" "حسنًا!" مدّت لبنى يدها برحابة. أمسك فارس يدها الرقيقة، فأسند ساعدها من أسفل، ووضع السبابة والوسطى على معصمها الأبيض الناعم. بعد لحظات قال: "يا أختي الكبرى، شهيتكِ ضعيفة، ولا تجدين شغفًا بأي شيء، وتجدين صعوبةً في النوم، وحتى إذا نمتِ تستيقظين مذعورةً، أليس كذلك؟" قالت بدهشة: "صحيح!" قال فارس: "هذا يدلّ على ضعف الطحال مع برودة البدن، وغياب التواصل بين القلب والكليتين—تحتاجين إلى تنظيمٍ عاجل." سألت: "وكيف يكون التنظيم؟" قال: "دعيني أنظر إلى عينيك." اقترب يتأمّل الحدقة. كانا قريبين جدًا، حتى إنّ كلاهما أحسّ بأنفاس الآخر، فصار الجو بينهما غريبًا قليلًا واحمرّت وجنتا لبنى. قال جادًّا: "تحتاجين وصفةً من الدواء العشبي، مع تدليكٍ لنقاط الضغط كمساندة." سألت: "وهذه كلّها تُحسنها؟" قال: "نعم، فبيتنا يتوارث الطب جيلًا بعد جيل. إن سنحت فرصةٌ قريبة سأفحصكِ جيدًا؛ اليوم ليس مناسبًا." فقد خرج لاستلام المستلزمات، وعليه أن يعود سريعًا إلى قسمه. ابتسمت ل
Read more
PREV
1234567
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status