Share

الفصل 14

Author: قطة برائحة البطيخ
لاحظت نور نظراته، فتذكرت فجأة فوضى تلك الليلة.

اشتعلت وجنتاها حمراء كالنار.

لكن الرجل بقي محافظا على هيبته الأرستقراطية، بوجهٍ باردٍ كالثلج، وعينين ضيقتين لا تُظهران أدنى رغبة.

حتى أنها لم تجد سببًا لتتهمه بالوقاحة!

اضطرت نور إلى السعال بخفة قبل أن تواصل: "الميزة هي أن شركتنا، رغم صغر حجمها، ستكرس كل جهودها لمشروعكم حصريًا، وسنكون أكثر حرصًا من الشركات الكبرى."

ألقت نظرة خاطفة على مالك، لكن لم يظهر أي تغير على تعابيره.

ثم أضافت بجرأة: "بالإضافة إلى أننا سنلبي جميع طلباتكم بأقصى قدر ممكن!"

أخيرًا ظهرت إشارة رد فعل على وجهه.

"أحقًا؟ أي طلب؟"

أومأت برأسها بإخلاص، لتصطدم بنظراته الغامضة التي لا قاع لها.

استمر في الصمت، بينما ظلت أصابعه تنقر على الأريكة بنمط منتظم.

إيقاعٌ لا هو سريع ولا بطيء.

لكن كل نقرة كانت كأنما تقع مباشرة على قلب نور، مما زاد من توترها.

مرت الدقائق ثانيةً تلو الأخرى، وبعد صمت طويل، انفرجت شفتاه الرقيقتان عن جملة واحدة: "هذا العقد ليس مستحيل التوقيع."

لمعت في عيني نور لمحة فرح للحظة، لكن مالك تابع فورًا: "يمكنني منحك السعر ذاته الممنوح للشركات الكبرى، لكن بشرط واحد."

عضت نور على شفتيها: "تفضل، سنلبي أي طلب في وسعنا."

رفع حاجبه بنظرة متفحصة: "شرطي هو، أنتِ."

أومأت برأسها دون تفكير: "نعم، ماذا؟"

توقفت قليلاً ثم سألت: "هل تقصد أن أكون حبيبتك، سيد مالك؟"

انحنى فمه بابتسامة ساخرة، بينما همس بنبرة تهكمية: "أتعتقدين أنكِ مؤهلة لهذا اللقب؟"

كانت الكلمات جارحة لدرجة جعلتها تصمت فورًا.

بقي مالك محافظًا على هيبته الأرستقراطية، بينما نهض قائلًا: "أمنحكِ يومًا واحدًا للتفكير، غرفتي 808 في الطابق العلوي، إذا قررتِ، فأحضري العقد إليّ."

بعد أن أنهى كلامه، نهض مغادرًا الغرفة على الفور.

تاركًا نور وحيدة تجلس في غرفة المقابلة مذهولة.

هل سمعت بشكل صحيح؟

هل حقًا استخدم مالك العقد لإجبارها على الموافقة على علاقة معه؟

شعرت ببرودة تتسلل شيئًا فشيئًا إلى أعماق قلبها.

صحيح أنها في البداية كانت هي من بدأت باستفزاز مالك، لكن الوضع كان مختلفًا تمامًا آنذاك!

إذا وافقت هذه المرة على شروطه، فما الفرق بين ذلك وبين بيعها لجسدها؟

لا شك أن مالك رجل استثنائي، وهي لا تشعر بأي نفور منه.

لكن إذا وافقت على هذا، فلن يكون هناك مساواة في المكانة بينهما!

بدأت تتساءل، هل هذا العقد يستحق كل هذا حقًا؟

وبينما كانت في خضم صراعها الداخلي، دوى رنين هاتفها فجأة.

كانت المتصلة هي سهيلة، ترددت للحظة قبل أن ترد، وقبل أن تنطق بأي كلمة، سمعت صوت سهيلة المرتعش من البكاء: "ألو نور، ماذا أفعل؟ أنا لا أعرف ماذا أفعل..."

جمعت نور أفكارها وسألت: "ماذا حدث؟"

قالت سهيلة بينما كانت تنتحب: "أمي في المستشفى وقال الأطباء إنها تعاني من فشل كلوي ويجب العثور على كلية متبرع بها على الفور، لكن..."

"لكن الطبيب قال إن التكلفة باهظة جدًا، أنا... أنا لا أملك هذا المبلغ."

من خلال كلمات سهيلة المتقطعة، شعرت نور بقلبها ينقبض.

فوالدة سهيلة مريضة في المستشفى وتحتاج بشكل عاجل إلى مصاريف العملية، حيث يتطلب الأمر على الأقل مبلغ مائة ألف دولار.

لو كان هذا في الماضي، لكانت نور قادرة على توفير المائة ألف دولار بسهولة، لكن إنشاء هذه الشركة استنفد كل مدخراتها ومدخرات سهيلة.

أما الآن، فإن الأموال الموجودة في حساب الشركة بالكاد تكفي لدفع رواتب الموظفين.

مائة ألف دولار، هذا المبلغ يشكل تحديًا حقيقيًا لها ولسهيلة في الوقت الحالي.

بعد صمت طويل، وقعت عيناها على العقد الموجود أمامها.

"لا تقلقي، سأجد حلًا." قالت نور لسهيلة بمحاولة لإظهار اللامبالاة: "سأحول لكِ مبلغًا الآن لتسديد المصاريف الأولى، وسأرسل الباقي إلى حسابك غدًا."

فقد عرفت سهيلة لسنوات طويلة، وهي لا تلجأ إليها بطلب المساعدة إلا في أشد الأوقات حرجًا.

وهذه المرة، لم يكن أمامها خيار آخر.

بعد أن أنهت نور المكالمة، أطلقت تنهيدة ثم صعدت إلى الطابق العلوي حاملة العقد.

وقفت أمام الغرفة رقم 808، ورفعت يدها وطرقت الباب.

Continue to read this book for free
Scan code to download App
Comments (1)
goodnovel comment avatar
nalin seyda
سوف يحب مالك نور
VIEW ALL COMMENTS

Latest chapter

  • إدمان الإغراء، الرئيس التنفيذي القاسي يبكي كل ليلة بحزن   الفصل 140

    في السيارة أسفل الفندق.جلس مالك في المقعد الخلفي، وعيناه الضيقتان نصف مغمضتين وهو يفكر في شيء ما.نظر إليه معاذ من خلال المرآة وسأل: "سيد مالك، إلى أين نذهب؟""إلى الفيلا".أومأ معاذ برأسه، وعندما بدأ بتحريك السيارة، تذكر شيئًا وقال: "سيد مالك، سمعت اليوم إشاعة صغيرة"."ما هي؟"نظر إليه معاذ مرة أخرى عبر المرآة قبل أن يجيب: "يقال أن الآنسة نور تسببت في مشهد محرج في المؤتمر الصحفي اليوم، وعائلة فهمي تخطط للإيقاع بها".كانت أصابع مالك تضرب على المقعد الجلد برفق، فتوقف للحظة عند سماع هذا الكلام.عندما لم يرد، تابع معاذ: "سيد مالك، هل نقدم بعض المساعدة للآنسة نور؟"بصفته سائق مالك الشخصي، كان معاذ على علم بالكثير من الأمور.بل يمكن القول إنه يفهم مالك أكثر حتى من والدته نفسها.طوال هذه السنوات، لم يره يهتم بأمور الآخرين، لكنه اليوم ألغى اجتماعًا مهمًا فقط ليقل نور.على مر السنين، كان هناك العديد من النساء حول مالك، ولكن معاذ يعرف جيدًا،لم يكن هناك أي امرأة على الإطلاق نالت شرف أن مالك يقلها بنفسه ويوفر لها مكانًا للإقامة.فنور كانت الأولى.بمجرد أن أنهى كلامه، التفت إليه مالك بنظرة باردة

  • إدمان الإغراء، الرئيس التنفيذي القاسي يبكي كل ليلة بحزن   الفصل 139

    ارتفع طرف شفاه مالك بسخرية، بينما ظل يقف بجسده الطويل ليحجب المدخل بالكامل."ألم تقولي أنكِ لن تبقي هنا؟"عبست نور: "قالوا في الفندق إنه لا توجد غرف متاحة، وحتى الفنادق القريبة ممتلئة"."أوه؟" ألقى عليها مالك نظرة جانبية من عينيه الضيقتين، وكأنه لا يصدق كلامها."ألا تخشين أن ألتهمكِ؟" سأل بنبرة ساخرة.توقفت نور للحظة، لقد كان يومها سيئًا بكل المقاييس.عندما خرجت أدركت أن هاتفها قد فرغت بطاريته، ولم يكن بحقيبتها أي نقود سائلة، حتى أنها لم تستطع استدعاء سيارة.لو لم يكن الأمر كذلك، لما اضطرت الآن للتذلل أمام مالك.لحسن الحظ، يبدو أن مالك قد سئم من السخرية منها بنظراته، فأفسح لها الطريق لدخول الغرفة.تنفست نور الصعداء، وعندما دخلت لاحظت بقعة متسخة كبيرة على ملابسه الموضوعة على الأريكة.تذكرت أنها ربما تكون من احتكاكها به عندما حملها على كتفيه.أدركت أنها أساءت فهمه، ظننت أن كل ما يشغله هو ذلك الأمر، وأنه استحم فور وصوله لأنه متحمس، لكن يبدو أنها كانت مخطئة.استرخَت وأخذت تشحن هاتفها.لم يمض وقت طويل حتى خرج مالك من الحمام مرة أخرى، وقد ارتدى ملابس جديدة.كان شعره قد جف للتو، فبدا أقل أناق

  • إدمان الإغراء، الرئيس التنفيذي القاسي يبكي كل ليلة بحزن   الفصل 138

    سمعت نور ذلك فسكتت، فهذا صحيح، ماذا تستطيع أن تفعل؟لا تستطيع فعل أي شيء، حتى الشيء الوحيد الذي تركته أمها لم تستطع حمايته.أحاط بها إحساس عميق بالعجز، فأسندت رأسها إلى المقعد والتفتت نحو النافذة صامتة.لاحظ مالك هدوءها المفاجئ، فألقى عليها نظرة جانبية ثم قال وهو يضم شفتيه برفق: "لا تقلقي، معاذ شخص موثوق به، وسيهتم بما تبقى من الأمور".كانت كلماته تحمل نبرة مواساة.ظلت نور صامتة، لم ترد بكلمة.على أي حال، إذا استمرت في الحديث مع مالك، فستكون هي من سينتهي بها الأمر غاضبة.ساد الصمت داخل السيارة، ولم يُسمع سوى صوت تنفسهما."إلى أين تريدين الذهاب؟"بعد صمت طويل، طرح مالك سؤالًا.توقفت نور لحظة، ثم خفضت رأسها: "لا أعرف".لم تكن تريد العودة إلى منزل عائلة كرم، ولا إلى مكان إقامتها، فمريام تعرفه، ولم تعد ترغب في الذهاب إليه.بعد صمت قصير، قالت: "خذني إلى فندق".وبعد نصف ساعة، أوقف مالك السيارة أمام أحد الفنادق.استجمعت نور أفكارها ونظرت إلى الفندق أمامها، ثم ضغطت شفتيها قليلًا: "لماذا جئنا إلى هنا؟"هذا الفندق لم يكن مكانًا عاديًا، بل كان المكان الذي حدث بينها وبين مالك أول لقاء حميمي.أوقف

  • إدمان الإغراء، الرئيس التنفيذي القاسي يبكي كل ليلة بحزن   الفصل 137

    رفع مالك رأسه عند سماع كلماتها واتبع نظرة نور، ثم أغلق جهاز الكمبيوتر المحمول.ما إن توقفت السيارة حتى فتحت نور الباب على عجل واندفعت خارجًا.في الصباح، كان المنزل الذي زارته سليمًا تمامًا، ولم يكن مختلفًا عما كان عليه عندما كانت والدتها على قيد الحياة سوى أنه يحتاج إلى تنظيف.لكن الآن، كان المنزل أمامها يلفه دخان كثيف، وقد تشوه تمامًا.كان رجال الإطفاء يوجهون خراطيم المياه لإخماد الحريق، بينما هي اندفعت بتهور نحو الداخل."آنسة، الوضع بالداخل خطير، لا يمكنكِ الدخول!" صاح أحد رجال الإطفاء مندهشًا من فعلتها، محاولًا إيقافها.لكن نور، وكأنها لم تسمع، استمرت في الاندفاع بعيون محمرة.قبل أن تتمكن من الدخول، اعترض طريقها ذراع قوي.التفت ذراع الرجل العريضة حول خصرها النحيل وأحكمت إمساكها بها، بينما سمعت صوتًا باردًا يعلو من فوق رأسها: "ألم تسمعي أن الوضع خطر بالداخل؟""أصمّت أذنيكِ أم أنكِ لا تهتمين بحياتكِ؟"كان مالك يعبس بحاجبيه، مظهرًا مزاجًا سيئًا للغاية.رفعت نور عينيها المحمرتين نحوه: "مالك، دعني أدخل"."يجب أن أدخل".ظل مالك صامتًا بعينين باردة، بينما انضمت شفتاه الرقيقتان بإحكام، مما

  • إدمان الإغراء، الرئيس التنفيذي القاسي يبكي كل ليلة بحزن   الفصل 136

    وقف مالك بين الاثنين، مستغلًا طوله الفارع ليقف حاجزًا أمام نور، رافعًا ذقنه قليلًا ويده في جيب بنطاله، متخذًا هيئة المتسكع المتبجح.وبالرغم من ذلك، لم يجرؤ كرم على مواجهته.لو كان أي شخص آخر لعبس وجهه على الفور، لكن أمام مالك، أخفض نظره قليلًا ثم رفع نظره إليه قائلًا: "سيد مالك، هذه شؤون عائلية".ملمحًا بذلك إلى أن مالك يتدخل فيما لا يعنيه.لكن مالك لم يتحرك من مكانه: "ترك سيدة تتعرض للأذى ليس من تصرفات الرجل النبيل".بينما كان يتحدث، نظرت إليه نور من خلفه.بفارق كبير في الطول، بالكاد تصل إلى كتفه.لكنها الآن، بينما تنظر إليه، شعرت فجأة بالاطمئنان.رفع كرم رأسه نحو مالك، ثم خطرت له فكرة ما فابتسم ابتسامة خفيفة.لكن قبل أن ينطق بكلمة، استدارت نور وغادرت."نور، توقفي!""نور!"لم تلقَ صيحات كرم أي استجابة منها، بل على العكس، أسرعت خطاها.ضغط كرم على أسنانه، وتجعد حاجباه بشدة."يُقال إن السيد كرم رجل نبيل، يهتم بابنته بالتبني كما لو كانت ابنته الحقيقية، حتى أفضل من العناية بابنته الحقيقية.""."اليوم، تأكدت من ذلك".كانت كلمات مالك متزنة وغير متعجلة، لكن السخرية في نبرته كانت واضحة لا يمكن

  • إدمان الإغراء، الرئيس التنفيذي القاسي يبكي كل ليلة بحزن   الفصل 135

    "والآن سأخبركم بالحقيقة، في يوم الخطوبة، اكتشفت أن أختي الصغرى كانت تخونني مع خطيبي"."لذا كل الشائعات التي سمعتموها صحيحة".بما أن كل ما كان يهمها قد ضاع، فلتنقلب المواجع على الجميع.لم تلتفت نور إلى تعابير وجه فهمي وأمل على المنصة.لكنها كانت تعلم أن كل الحاضرين باستثناء الصحفيين وجوهم سوداء كالفحم.المؤتمر الصحفي الذي كان مُعدًّا لتبرئة رفيق تحوّل إلى محاكمة علنية له ولمريام، بينما اندفع الصحفيون كالمجانين لتسليط كاميراتهم على وجه مريام.هذه المرة شعرت مريام بالذعر حقًا."أختي... لا... لا تتحدثي بهذا الشكل!" نظرت بفزع للصحفيين: "هذا ليس أنا، لا تلفقي التهم!"لقد أتيت لتضحك على مأساة نور.لكن نور تحولت إلى كلبة مجنونة، بعد أن حصلت على مكاسبها تجرأت على نكث وعودها أمام عائلة فهمي وأمام كرم.أما كرم، بينما كان يشاهد الفوضى، شعر وكأن قلبه يعتصر من جديد.صكّ أسنانه ورفع يده مرة أخرى نحو نور.لكنها نظرت إليه ببرودة قائلة: "إن كنتَ تجرؤ فاقتلني".ثم حولت عينيها الجليدية نحو مريام المتظاهرة بالبراءة، وقالت لها بنبرة صارمة: "مريام، كان عليكِ أن تنظفي آثار أفعالكِ جيدًا"."انتظري، عندما أحصل

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status