Share

الفصل 10

Author: ندي عبد الرحمن
دوّى صوت ارتطام عنيف!

ثبت كريم سيف على الأرض، ولكمه بقوة.

بدأ الدم يتسرب من زاوية فم سيف بسرعة واضحة للعين المجردة.

"كريم، هل جننت؟!"

لأنه كان يعتبره شقيقه، لم يرد سيف ضربه، واكتفى بالدفاع عن نفسه.

"سيف، تجرؤ على لمسها!" صرخ كريم بأعلى صوته، وعيناه الحمراوان توشك أن تفيض دمًا، كوحش غاضب يزمجر بقوة تهز السماء.

حتى سيف، رغم قوته، فوجئ بهذا الجنون.

"كريم، لقد أسأت الفهم!" دوى صوت ضربة أخرى، إذ هوى كريم بقبضته من جديد على سيف!

في تلك اللحظة، سيف لم يعد قادرًا على التحمل!

"حسنًا يا كريم! لا تميّز بين الصح والخطأ! هل تعرف ما الذي فعلته بك؟!" انقلب سيف على الوضع، واشتبك مع كريم في عراك عنيف.

كلا الرجلين كانا قويي البنية ومعتادين على التدريب، فكانت الضربات بينهما عنيفة ووحشية.

سيف كان لا يزال محافظًا على وعيه، فضبط قوته، أما كريم الذي غمره السكر، كان يضرب بكل عنف دون رحمة.

وقفت يارا متجمدة من الرعب، وهي ترى الرجلين يتقاتلان، وكادا يتدحرجان نحو كومة من الزجاج المهشم على الأرض، فصرخت بصوت حاد: "توقفوا فورًا!"

أسرعت إليهما، وانحنت محاولة الفصل بينهما، لكن فجأة، لا تدري من، دفعها بقوة، أطلقت يارا صرخة مؤلمة، وارتطمت بشدة بالأرض!

ما إن سمع الرجلان صوتها، حتى توقفا عن القتال في الحال، واستدارا نحوها في نفس اللحظة.

رفعت يارا ذراعها، وقد خدش معصمها قليلًا من احتكاكه بالأرض، لم يكن الجرح عميقًا، لكنه كان يؤلمها.

اندفع كريم كالسهم نحوها، وانحنى ليضمها إلى صدره بقوة.

"آسف، هل أنتِ بخير؟" أمسك يدها بعناية بين كفيه، وأخذ ينفخ بلطف على موضع الإصابة، عيناه مليئتان بالندم والحزن، وكأنه يريد أن يبتلعها إلى قلبه.

"آسف، آسف!" ظل يكرر الاعتذار مرارًا وتكرارًا، وجهه مفعم بالخجل والغضب من نفسه.

نهض سيف من على الأرض، مسح الدم عن زاوية فمه، وأطلق ضحكة باردة: "كريم، اتضح أنك تعتبرها أغلي من روحك، بينما إخوتك فمجرد أكياس رمل، أليس كذلك؟"

أشار إلى يارا بغضب، وقال: "هل رأيتِ؟ نحن إخوة منذ أكثر من عشر سنوات، ومع ذلك كاد يقتلني من أجلكِ! وأنتِ، أيتها المرأة عديمة الضمير، الليلة كنتِ تخرجين مع رجل آخر!"

عينا كريم، التي كانت غارقة في الخمر، بدتا وكأنهما استعادتا بعض الصفاء، حدق صامتًا في المرأة بين ذراعيه، وأصداء كلمات سيف تتردد في ذهنه.

رفعت يارا عينيها إليه، لم تتمالك نفسها، مدّت يدها ولمست وجهه بلطف.

كان هو من طلب الطلاق، فلماذا الآن يشرب حد الثمالة؟ ولماذا يقاتل من أجلها؟

فجأة، أمسك كريم بمعصمها، ورفع يدها إلى شفتيه، وقبّل أصابعها برقة وهمس: "هل يؤلمكِ، رنا؟"

تجمدت يارا تمامًا عند سماع اسم "رنا".

حتى سيف، الذي كان يراقب بصمت، اتسعت عيناه بالدهشة.

"آسف، رنا، أخفتكِ، أعدك أنني لن أفعلها مرة أخرى."

همس كريم وهو يضمها إليه بقوة، وجهه مليء بالندم العميق.

في تلك اللحظة، كل الحنان الذي كانت تحتفظ به تجاهه تمزق على يد هذه الحقيقة القاسية.

عضت يارا على شفتيها بقوة، دفعت كريم بعيدًا عنها بكل قوتها، ونهضت واقفة.

"أنا لست رنا! أنا يارا!"

لا تدري من أين استمدت القوة لتقولها دون أن تنهار.

رفع كريم رأسه، مترنحًا، ووقف بصعوبة، ثم ابتسم بمرارة وقال: "آسف يا صغيرتي، اختلطت عليّ الأمور."

Patuloy na basahin ang aklat na ito nang libre
I-scan ang code upang i-download ang App

Pinakabagong kabanata

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل300

    سألها رامي: "ماذا هناك؟"تذكّرت يارا بعض الأمور، لكنها لم تكن متأكدة، ولو قالتها بتهور الآن فلن يكون مناسبًا، لذا هزّت رأسها: "لا شيء، سأساعدك في جمع الأوراق، هذه الملفات مهمة جدًا، لا تُلقِها هكذا مرة أخرى."انحنت يارا لتجمع الأوراق المبعثرة على الأرض ورقة ورقة.قال رامي على عجل: "لا داعي يا يارا، سأقوم بذلك أنا."وأسرع رامي ليجمع الأوراق معها.وعندما التقت أيديهما على نفس الورقة، لامست أصابعهما بعضها بالخطأ.سحبت يارا يدها كمن أصابها مسّ كهربائي، وارتسمت على شفتيها ابتسامة حرج، ثم ناولت الاوراق التي بيدها إلى رامي.قالت: "رامي، سأغادر الآن، لدي بعض الأمور التي عليّ إنهاؤها."سألها رامي: "ألن تنتظري سوزان؟ يمكنني أن أتصل بها لتعود.""لا داعي، لدي ما أفعله اليوم لا أستطيع أن أتناول الغداء معها، فلنؤجّلها لمرة أخرى.""إلى أين ستذهبين؟ سأوصلك.""لا حاجة، سآخذ سيارة أجرة.""لا يمكن أن أتركك هكذا. سأطلب من السائق أن يوصلك، هكذا أطمئن."أصرّ رامي."أنا…" كادت يارا أن ترفض، لكنها خشيت أن يقلق عليها، فأومأت: "حسنًا إذن."…بعد أن عادت يارا إلى منزلها، كان أول ما فعلته أن اتصلت بكريم.وعندما أُ

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل299

    كان من الصعب على يارا أن تربط بين رامي الذي كان غاضبًا ومنفعلًا قبل قليل، وبين هذا الرجل الحزين الضعيف والعاجز أمامها الآن.لكن الغريب أنهما الشخص نفسه.حتى رجل مثل رامي، يمكن أن يفقد السيطرة على مشاعره ويثور بشدة.ويمكن أن يغرق بلحظات من الحزن العميق واليأس.قال رامي وهو يرفع رأسه وينظر إليها بجدية: "يارا، هل يمكنكِ أن تفكري معي في الأمر؟"أومأت يارا بسرعة وقالت باهتمام: "سأفعل. انتظر قليلًا، سأفكر معك."لقد أخذت الأمر بجدية.فقد ساعدها رامي كثيرًا من قبل، والآن أخيرًا لديها فرصة لرد الجميل، فلم يكن من الممكن أن ترفض.وإذا تمكنت من مساعدته في الحصول على سعادته، فستشعر بالراحة، ولن تبقى مدينة له بالكثير.قالت مقترحة:"ما رأيك أن تبدأ كصديق فقط؟ أن تتعامل معها كصديقة دون محاولة التقرب كثيراً، كن صادقًا، واهتم بها، وامنحها الراحة في التعامل، وأنا واثقة أنها بمرور الوقت ستشعر بمدى روعتك."هذا كان أفضل ما استطاعت يارا التفكير به.قال بدهشة وفي عينيه بريق خافت: "حقًا؟ هل تعتقدين أن هذه الطريقة الأفضل؟"أومأت يارا:"نعم. رامي، جرّب ذلك أولًا. بما أنك قلت إنها لا تزال غير قادرة على الخروج من

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل298

    "صحيح."أومأ رامي برأسه، "هالة… هالة بمعنى البهجة وصفاء النفس."سألت يارا بفضول: "هل عندك صورة لها؟"كانت متشوقة لتعرف شكل الفتاة التي يحبها رامي.خاصة بعدما قال إن شخصيتها تشبهها قليلًا، مما زاد فضولها.قال مترددًا: "صورتها…" ثم تذكّر فجأة، "هي في هاتفي، لكني لم أحضر هاتفي اليوم، تركته في البيت، لذلك لم أرَ رسائلكِ ولم أستقبل مكالمتكِ."كان عذره مثاليًا لدرجة لا يثير الشك.وفعلاً كان يقول الحقيقة.فقد خرج في الصباح على عجل، وبسبب غضبه نسي هاتفه، ولولا ذلك، ما كان ليتجاهل اتصالات يارا.قالت يارا: "إذن هذا هو السبب."إذن حين أرسلت له رسائلها، كان قد غادر بالفعل."لنتركها لوقت لاحق. لكن، ألم تحاول أن تقترب منها؟ أم أنك فشلت في ذلك؟"ردّ رامي بمرارة: "المشكلة هي…، لديها حبيب."قالت يارا: "آه، إذن هي ليست عزباء."ولم تعرف كيف تعبّر لرامي: هل تواسيه بالكلام، أم تشجعه على مطاردة من يحب؟لكن بما أن الفتاة لها علاقة بالفعل، فليس من الصواب أن تشجعه على أن يكون مَن يُفسدها.قالت محاولة التخفيف عنه: "رامي، أنا أفهم شعورك. أن تُحب شخصًا لا يخصّك."كم يشبه هذا وضعها مع كريم.لكن رامي تابع: "لكنها انف

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل297

    قال رامي وهو يثبت نظره عليها: "في الحقيقة، لدي فتاة أحبها."سألت يارا بدهشة: "حقًا؟ لديك فتاة تحبها؟ وهل أعرف مَن هي؟"قال: "هي… قريبة جدًا مني..."يارا: "..." أرادت قدماها أن تتراجع للخلف، لكن جسدها تجمّد في مكانه، وارتجف طرف فمها بلا إرادة.اقترب رامي منها خطوة فجأة.فبادرت يارا بخطوة إلى الوراء.قال: "يارا، هل تستطيعين مساعدتي في أمرٍ ما؟"سألت: "أي أمر؟"أجاب: "هل يمكنكِ أن تعلّمينني كيف أجعل الفتاة تُعجب بي؟"قالت يارا غير مصدّقة: "أنا أعلّمك؟ هذا…أظن أن سوزان أدرى بهذه الأشياء. أنا إنسانة مملة، لا أفهم الرجال ولا حتى النساء."ابتسم وقال: "لكن لا بد أنكِ تفهمين. الفتاة التي أحبها تشبهكِ في طباعها. أما سوزان فهي فتاة مشاغبة لا تهدأ، لذلك من الطبيعي أنها لا تفهم الفتيات الهادئات."سألت يارا: "حقًا؟ ومن هي الفتاة التي تحبها؟"قال: "هي...هي فتاة تعرّفت عليها في حفلة، هادئة جدًا، منذ أن رأيتها لأول مرة، شعرت أن قلبي يخفق بقوة."تنفّست يارا الصعداء.اتضح أنها فتاة تعرّف عليها في حفلة.جيّد، المهم ألّا تكون هي نفسها.وبما أن يارا قالت كلامها بوضوح، لم يُرد رامي أن يُظهر أي مشاعر أخرى، ف

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل296

    زاد على توترها ذلك البريقُ من عينيه.قالت يارا وهي تنظر إليه بنظرةٍ صافية: "رامي، نحن صديقان حميمان، حين حزنتُ كنتَ أنتَ من يُساندني، وما فعلتُه أنا لا يعدو أن يكون ردًّا للجميل، بلا أي معنى آخر، فلا تُسيء الفهم."كأن دلْوًا من الماء البارد صُبَّ فوق رأس رامي.لم يعرف إن كانت يارا تتعمّد تذكيره بألا يُفكّر في شيءٍ آخر، أم أنها قالتها عفويًّا.لكن الغاية من كلامها لم تكن إلا أمرًا واحدًا، وهو أن تضع حدودًا واضحة: لا مجال للتأويل، هما مجرد صديقين، واهتمامها به لا يتجاوز اهتمام الصديق بصديقته.فقط…صداقةٌ لا أكثر…امتلأ رأس رامي بفوضى، وكأن خيوطًا مشتبكةً تُكبّله.بل أحسّ وكأن سكاكين حادّة تقطع أعصابه رويدًا رويدًا.هو يعرف منذ البداية أنهما مجرد صديقين، لذلك كان حذرًا في كل خطوة، لكن حين صاغت يارا ذلك بجدّيةٍ واضحة، شعر أنه سقط إلى القاع.دبّ في داخل يارا قلقٌ خفيّ، وما إن همّت أن تقول إنها ستغادر، حتى سبقها رامي بالكلام: "طبعًا."ابتسم وجهه الوسيم قائلًا: "نحن أصدقاء، ولم يخطر ببالي أنكِ تقصدين شيئًا آخر، أنا فقط سعيدٌ حقًّا لأن لدي صديقةً مثلكِ."لاحظت يارا أن ابتسامته بدت مُتكلّفة قلي

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل295

    حدّق رامي مطولًا في المرأة التي أمامه، وشعر قلبه فجأة بلين غامر.هذا الصباح، كان ما يزال غاضبًا منها قليلًا، بل وبسبب مشاعره الشخصية صبّ غضبه على موظفيه.لكن الآن، ادرك أنه لم يعد يحمل أي ذرة غضب.حتى مشكلة ذلك المشروع لم تعد تثير فيه أي انفعال.بل امتلأ قلبه بالرضا.كان الرضا في قلبه ينقسم إلى طبقات، كل طبقة تشبه كيسًا فارغًا، وما إن يمتلئ، يدخل إلى الطبقة التالية، حيث الكيس الأكبر.وشعر أن الكيس الأول قد امتلأ تمامًا، وأنه قد وصل إلى الكيس الثاني.لم تكن مطالب رامي تجاه يارا كبيرة، فقد وضع لنفسه هدفًا منخفضًا منذ البداية، حتى إن مجرد ابتسامة منها أو حديثها معه بلطف كان يكفيه.وعندما علم اليوم أنها قلقت عليه بهذا الشكل، امتلأ الكيس الأول في لحظة.لكن فتح الكيس الثاني بدا فارغًا تمامًا، ومع امتلاء الطبقة الأولى، اجتاحه شعور أكبر بالفراغ.لأنه لم يعد مكتفيًا، بل أراد المزيد.لقد امتلأ الكيس الأول بعنايتها، وأحس بالرضا تجاهها.أما الكيس الثاني، فلن يمتلئ إلا بمزيد من القرب والحميمية.وأما الكيس الثالث، فكان بعيد المنال، وهو ما رآه في حلمه صباح اليوم، ذلك المشهد وحده كان كافيًا لملئه.ومع

Higit pang Kabanata
Galugarin at basahin ang magagandang nobela
Libreng basahin ang magagandang nobela sa GoodNovel app. I-download ang mga librong gusto mo at basahin kahit saan at anumang oras.
Libreng basahin ang mga aklat sa app
I-scan ang code para mabasa sa App
DMCA.com Protection Status