جميع فصول : الفصل -الفصل 10

26 فصول

الفصل 1‬

قال الموظف بنبرة هادئة: "السيدة ميرا الشهابي، بعد مراجعة دقيقة، تبين أن شهادة زواجك تحتوي على معلومات غير صحيحة، والختم الرسمي مزور."تجمدت ميرا التي جاءت لتجديد شهادة الزواج، وقد بدت عليها علامات الذهول.قالت بارتباك: "هذا مستحيل، أنا وزوجي سيف الراشدي سجلنا زواجنا قبل خمس سنوات، أرجوكِ تأكد مرة أخرى..."أعاد الموظف إدخال رقم هويتهما للتحقق، ثم قال بعد لحظات: "النظام يُظهر أن سيف الراشدي متزوج، لكنكِ أنتِ غير متزوجة."ارتجف صوت ميرا وهي تسأل: "ومن هي الزوجة القانونية لسيف الراشدي؟"أجاب الموظف: "تاليا الحيدري."قبضت ميرا على ظهر الكرسي بقوة، محاولة بصعوبة أن تثبّت جسدها، بينما امتدت يد الموظف لتسلّمها شهادة الزواج بغلافها البارز وحروفها الواضحة، فشعرت بوخز حادّ في عينيها ما إن وقعت نظرتها عليها.إن كانت في البداية تظن أن الخطأ من النظام، فإن سماع اسم تاليا الحيدري جعل كل أوهامها تنهار في لحظة.الزفاف الذي كان حديث الناس قبل خمس سنوات، والزواج الذي بدا مثالياً طيلة تلك السنوات، وكان زواجها الذي كانت تفخر به مجرد كذبة.عادت ميرا إلى المنزل وهي تمسك بشهادة زواج لا قيمة قانونية لها، وقد خ
اقرأ المزيد

الفصل 2‬

تلك الليلة، راودت ميرا كوابيس مؤلمة.في الحلم، كانت تسمع توبيخ والديها يمتزج بكلمات الحب من سيف."إن تزوجتِ من سيف، فلا تطئي باب عائلة الشهابي بعد اليوم.""ميرا، لن أخذلك أبدًا، من الآن فصاعدًا سأكون أقرب شخص إليك في هذا العالم."...قبل خمس سنوات، تخلّت عن خطيبها الذي خُطبت له منذ الصغر رغم معارضة والديها، وأصرّت على الزواج من سيف.غضب والدها حتى أصيب بنوبة قلبية، وأطلقت والدتها كلمات قاسية:"سيأتي اليوم الذي تبكين فيه ندما."اختارت ميرا أن تصدّق الحب، وحملت حقيبتها وغادرت مدينة الهان متجهة وحدها إلى العاصمة.وخلال خمس سنوات، لم يتراجع حب سيف لها، بل ازداد يوما بعد يوم.كان أصدقاء سيف يمزحون قائلين: "حتى لو أشارت ميرا إلى نجمة في السماء وقالت إنها تعجبها، فسيف الكبير سيصعد السلم ليقطفها لها."حين سمعت ميرا ذلك، وضعت يدها على فمها وضحكت بحرارة.لأن سيف قام بذلك حرفيا.فقد رأت ميرا يومًا في مجلة فلكية نجمة زرقاء وقالت عرضًا: "إنها مميزة."وفي ذكرى حبهما، تلقت شهادة من هيئة تسجيل النجوم في بريطانيا.ومنذ ذلك اليوم، أصبحت تلك النجمة الزرقاء المتلألئة في الفضاء تخصها وحدها.وضع سيف في شرفة
اقرأ المزيد

الفصل 3‬

هل يُعقل أن تاليا عادت إلى الوطن؟"سيف، لا أريد لريما أن تنادي أحدًا آخر بأبي وأمي."اقترب سيف منها وهمس في أذنها بلطف: "اطمئني، سأجعل ريما تُدرج رسميا في سجل عائلة الراشدي."توقفت تاليا عن البكاء وابتسمت وسط دموعها."سيف، من الناحية القانونية، نحن الزوجان الحقيقيان، أما ميرا..."تجهم وجه سيف وقال بصرامة: "لقد تزوجتك رسميا قبل حفل زفافي فقط كي لا تتعرضي للأذى وأنتِ في الخارج.""باستثناء لقب زوجة سيف، يمكنني أن أمنحك كل شيء. ميرا لم تخطئ، فإياكِ أن تقتربي منها."أبدت تاليا امتعاضا، لكنها كتمت غضبها مؤقتًا لأن الأهم الآن هو أمر ريما."لا تقلق، لن أنافسها على لقب زوجة سيف، فأنا لا أملك ذلك الحق أصلا."أدرك سيف أن كلماته السابقة كانت قاسية، فانحنى قليلا محاولا تهدئتها:"ما الذي تقولينه؟ إن لم تكوني أنتِ الأحق، فمن يكون؟ أنتِ من أنجبتِ ريما لعائلة الراشدي، وأمي لا تزال تذكرك دائمًا بالخير."كانت ميرا على وشك أن تفقد توازنها، إذ صدمها أن والدة سيف تعرف بعلاقته مع تاليا!تراءت أمام عينيها صورة حماتها بملامحها المتعالية.فقد كانت عائلة الراشدي مستاءة منها لأنها لم تكن تملك أيّ جهاز للعروس.وكا
اقرأ المزيد

الفصل 4‬

ظهرت قطرات عرق دقيقة على جبين سيف، وأشار إلى تاليا موضحًا:"تاليا هي إحدى المساهمين في دار الرعاية الاجتماعية هذه، وقد صادف أن التقيت بها اليوم."سألته ميرا: "وما علاقة هذا بتبنّي ريما؟"اسودّ وجه سيف وقال: "ميرا، كيف لم أكتشف من قبل أنك قاسية وعديمة الرحمة إلى هذا الحد؟ ريما طفلة لطيفة ومسكينة، ألا يوجعك قلبك من أجلها؟"قاسية؟ عديمة الرحمة؟هي التي خُدعت وخُذلت، والآن تُصوَّر كأنها هي المذنبة.تقدّمت تاليا بابتسامة ودودة، وأمسكت بيد ميرا وجذبتها برفق قائلة:"ميرا، سمعت من سيف أنكما تنويان تبنّي ريما، أنا سعيدة جداً من أجلكما. ريما هي أكثر طفلة مطيعة في دار الرعاية الاجتماعية."لم تتمالك ميرا نفسها وسألتها: "بما أن ريما بهذا القدر من اللطف، لماذا لا تتبنينها أنتِ إذن؟"تلعثمت تاليا قليلاً وابتسمت ابتسامة محرجة.تقدّم سيف ليحمي تاليا خلفه وقال بامتعاض: "ماذا تهذرين يا ميرا؟ تاليا غير متزوجة، فكيف لها أن تتبنّى طفلاً؟"شعرت ميرا بألم يخترق صدرها كالإبر.سيف يستطيع أن يراعي مشاعر تاليا، لكنه لا يفكر كيف سينظر الناس إلى ميرا إن تبنت ريما؟خمس سنوات من الزواج، وكان سيف يمنعها من الحمل بحجة
اقرأ المزيد

الفصل 5‬

"آه!"صرخت تاليا صرخة حادة.م مدّت ميرا يدها لا إراديًا لتسحبها، فلم تمسك إلا بزرّ من ثوبها فانقطع.في تلك اللحظة، خرج سيف من عند المنعطف، فسمع الصوت وهرع إلى المكان.أمام عينيه كانت تاليا تتدحرج على الدرج، وميرا ما زالت ممدودة اليد في الهواء.دفع سيف ميرا جانبًا، واندفع نحو تاليا ليحملها بين ذراعيه."تاليا، استيقظي!"تشبثت تاليا بذراعه وبدت على وجهها آلام شديدة، وقالت:"سيف، لا تلُم ميرا، هي فقط لا تحب ريما كثيرًا كما تعلم. لم أقل سوى بضع كلمات فغضبت."ثم أغمي عليها بين ذراعيه.استدار سيف بغتةً، وحدّق بغضب في ميرا التي كانت ملقاة على الأرض بعد أن دفعها."ميرا، أنتِ تعلمين أنني أكره أكثر من أي شيء من يظهر وجهين أمامي."ثم حمل تاليا مسرعًا نحو المستشفى، وقال بصرامة:"من الأفضل أن تدعي أن تاليا بخير، وإلا فلا تلوميني إن لم أعد أراعي ما كان بيننا."سمعت ميرا صوت محرك السيارة من الأسفل، فرفعت كفّها المجروحة التي شقّتها الحصى.كانت الدماء تسيل بغزارة.اقتربت مديرة دار الرعاية الاجتماعية بعد أن سمعت الضجيج، وساعدت ميرا على النهوض، لكنها ترددت في الكلام.نزعت ميرا الوشاح الحريري عن عنقها ولفّ
اقرأ المزيد

الفصل 6‬

بعد العشاء في تلك الليلة، كانت ميرا تستعد للعودة إلى غرفتها لتستريح، حين سمعت صوتاً عند الباب.دخلت تاليا وهي تمسك بذراع سيف، وخلفهما عدد من الخدم يحملون حقائب السفر.وجّه سيف الخدم لوضع الحقائب في غرفة الضيوف، ثم التفت نحو ميرا.قال: "تاليا عادت للتو من الخارج ولم تجد مكاناً تستأجره، فطلبتُ منها أن تقيم هنا لبضعة أيام."رفعت تاليا حاجبيها قائلة بابتسامة خفيفة: "سأبقى أياماً قليلة فقط، لا تمانعين يا زوجة سيف، أليس كذلك؟"أجابت ميرا بوجه هادئ: "لا أمانع، يمكنك أن تبقى ما تشائين يا آنسة تاليا."فهي ستغادر بعد ثلاثة أيام على أي حال.تفاجأ سيف قليلاً وسألها: "ألستِ غاضبة؟"هزّت رأسها قائلة: "سأنتقل قريباً على أي حال."تجمّد سيف لحظة وسأل: "ماذا تقصدين؟"لوّحت بيدها قائلة: "لا شيء، كلام عابر."شعر سيف أن حالتها غريبة، وكاد أن يسألها أكثر، لكن تاليا سبقت بالكلام قائلة: "سيف، ألم تقل إنك ستأخذ ريما إلى مدينة الملاهي؟"كان تصرفها ونبرتها يوحيان وكأنها سيدة هذا البيت.ابتسم سيف وقد سُلب تركيزه: "صحيح، سنذهب الآن لنأخذ ريما."ثم رفع نظره نحو ميرا، حرّك شفتيه لكنه لم يقل شيئاً في النهاية.ابتسمت
اقرأ المزيد

الفصل 7‬

كان وجه سيف متجهّمًا وقال بغضب: "ميرا! آمرك بصفتي ربّ هذا البيت أن تشربي الحساء!"كانت تاليا قد أنزلت أمتعتها إلى الطابق السفلي وهمّت بالمغادرة.فارتبك سيف، وخطا بخطوة سريعة نحو ميرا.أمسك بوعاء الحساء، وضغط على فمها ليجبرها على الشرب.قال: "لا أصدق أن وعاءً من الحساء يمكن أن يقتل أحدًا."لم تستطع ميرا المقاومة، فاضطرّت لابتلاع وعاءٍ كامل من حساء الكستناء الحلو.عندها فقط تركها سيف.ضعفت قدماها وجلست على الكرسي متهاوية.كانت تختنق، والدموع والمخاط يسيلان من وجهها وهي تسعل بلا توقف.لم يلقِ سيف عليها نظرة، بل استدار ليلحق بتاليا.وبعد أن هدّأها، كانت تاليا بعينين دامعتين تتكئ على صدره.مرّ سيف بجانب ميرا وقال ببرود: "أرأيتِ؟ لم يحدث لك شيء، لماذا كل هذا التمثيل بالضعف؟"كان حلق ميرا متورمًا لدرجة أنها لم تستطع الكلام، فخرج صوتها متقطّعًا: "اتصل بالإسعاف... أنقذني..."تجهم وجه سيف وقال: "أنتِ على وشك أن تصبحي أمًّا، يجدر بك أن تكوني أكثر نضجًا."ثم أضاف: "اعتذري لتاليا حالًا."كان رأس ميرا يدور، حتى فقدت وعيها من الاختناق.لم يتخيل سيف أن وعاءً من حساء الكستناء الحلو سيجعل حياة ميرا على
اقرأ المزيد

الفصل 8‬

استجابت المربية فورًا وبدأت بجمع الألبومات وإطارات الصور، فكوّمتها جميعًا على عشب الفناء.فتحت ميرا عدة زجاجات من النبيذ الأحمر الذي كان سيف يحتفظ به بعناية، وسكبته فوقها.ثم صبت لنفسها كأسًا، وقدّمت للمربية كأسًا آخر.ارتطمت الكأسين بصوتٍ حاد، كأنه صدى لانكسار خمس سنواتٍ من المشاعر.أشعلت ميرا الولاعة وألقتها في كومة القمامة المتراكمة.وفي وهج النار، رفعت رأسها وشربت ما تبقى في الكأس حتى آخر قطرة، بينما انحدرت دموعها إلى ياقة قميصها.كانت البقية هدايا سيف التي أهداها لها على مر السنين: حقائب، فساتين، ومجوهرات.جمعتها ميرا كلها وعرضتها على منصة بيع المستعمل، وعدّلت حساب التحويل ليكون باسم دار الرعاية الاجتماعية.تلقى سيف اتصالًا من مساعده: "زوجتك عرضت كل ما أهديتها للبيع على الإنترنت."تغير وجهه بسرعة وارتدى ملابسه على عجل.وفي الطريق، ظل يتصل بميرا مرارًا، لكنها لم ترد على أي مكالمة.القلق والاضطراب جعلاه يضغط على دواسة السرعة، متجاوزًا أكثر من إشارة حمراء.وقبل أن تتوقف السيارة تمامًا، اندفع إلى داخل الفناء.كانت ميرا جالسة على الكرسي الهزاز، تمسك بكأسها، وحول قدميها زجاجات فارغة مبع
اقرأ المزيد

الفصل 9‬

انشغل سيف طوال عطلة نهاية الأسبوع بحجة إنهاء إجراءات تبنّي ريما، فلم يعد إلى المنزل.وهكذا أتاح وقتًا كافيًا لميرا.خلال هذين اليومين، كانت تاليا ترسل لها رسائل باستمرار، أحيانًا صورة غامضة لرجل وامرأة في وضع حميم، وأحيانًا مقطع فيديو فاضح من الدرجة الممنوعة، وأحيانًا تسجيلًا صوتيًا تتباهى فيه قائلة:"ميرا، حتى لو قال سيف إنه يحبك، فماذا بعد؟ أليس يكفي أن ألوّح له فيأتي راكعًا عند قدميّ؟""سمعتُ من سيف أنكِ تنوين إقامة حفلة ترحيب لريما؟ لا أدري إن كان بإمكاني الحضور، فالعلاقة بيني وبين ريما... ليست عادية."...لم تلتفت ميرا إلى تلك الاستفزازات الواضحة، بل احتفظت بها جميعًا كدليل.فكما أن سيف وعدها بمفاجأة، فمن اللائق أن تُعدّ له هدية بالمقابل.وبما أنها ستقيم حفلة ترحيب لريما الراشدي، فقد أرادت أن تكون حفلة فخمة لا تُنسى.أرسلت ميرا دعوات إلى أصدقاء سيف المقرّبين، وعملاء الشركة الكبار، وحتى إلى أقارب وأصدقاء عائلة الراشدي البعيدين.وطبعًا، وصلت الدعوة أيضًا إلى تاليا.في البداية رفض سيف حضورها، لكنها أكدت له مرارًا أنها لن تثير أي مشكلة مع ميرا، فاضطر إلى الموافقة.قال لها: "هل تواصل م
اقرأ المزيد

الفصل 10‬

عاد سيف مسرعًا إلى الفيلا، وأمسك بالمربية يسألها عن مكان ميرا.قالت المربية: "السيدة خرجت في الصباح الباكر لشراء باقات من الزهور الطازجة."عندها شعر سيف ببعض الارتياح.كان حفل الترحيب فخمًا للغاية، تتدلى في وسط القاعة صورة ضخمة مؤطرة بارتفاع شخص بالغ.اقترب سيف محاولًا رفع الغطاء عنها، لكن المربية أوقفته.قالت: "السيدة أوصت بألّا يُكشف عنها حتى يكتمل حضور الضيوف."تراجع سيف عن محاولته.بدأ الضيوف يتوافدون تباعًا، وانشغل سيف بالترحيب بهم، دون أن ينتبه إلى أن ميرا لم تعد بعد.افتتح الحفل، ونزلت ريما من الدرج الحلزوني في الطابق الثاني مرتدية فستانًا كفستان الأميرات.ابتسم سيف ابتسامة الأب الحنون.فجأة، فُتح الباب بقوة مصحوبًا بصوت مرتفع.ظهرت تاليا عند المدخل مرتدية فستانًا فاخرًا مصممًا خصيصًا لها.اتجهت أنظار الجميع نحوها في دهشة من أناقتها اللافتة.تغيرت ملامح وجه سيف، وسارع نحوها بخطوات سريعة.خفض صوته وقال: "ألم أطلب منك أن تكوني أكثر تحفظًا؟"رفعت تاليا يديها ببراءة وقالت: "أليست هذه الفستان التي أرسلتها لي عبر مساعدك؟"ارتبك سيف، لكنه لم يجد وقتًا للاستفسار أكثر.تنحنح وقال بصوت رس
اقرأ المزيد
السابق
123
امسح الكود للقراءة على التطبيق
DMCA.com Protection Status