LOGINوفجأة ارتفع صوت امرأة متسلط: "لماذا تطرقون الباب؟ افتحوه مباشرة، أعلم أنه بالداخل، ولست هنا من أجله أصلا!"كان صوتها متعجرفا ومليئا بالاستياء.تعرف فيصل على ذلك الصوت...تالة!قالت بحدة: "تنح جانبا!" ثم خطفت بطاقة الغرفة من يد المدير بضجر، ومع صوت صفير قصير فتحت الباب.لم تلتفت تالة إلى من في الغرفة، بل راحت تبحث بعينيها في الشاشات الإلكترونية المثبتة على الجدران."الشخص الذي تبحثين عنه هناك!"قال فيصل فجأة وهو يشير بيده نحو أسفل الجدار الأيسر في زاوية غير لافتة.تقدمت تالة بخطوات سريعة على زربول، وبالفعل رأت مالك واقفا عند الشرفة، وكأنه يتأمل شيئا ما، وعلى وجهه ابتسامة خفية.ما الذي يراه؟ ولماذا يبدو سعيدا إلى هذا الحد؟تالة تابعت نظره، لكن اتجاه نظره كان يتجاوز حدود الصورة الظاهرة على الشاشة.عضت على شفتيها بغيظ، ثم سمعت صوت فيصل مرة أخرى: "هناك!"التفتت لتنظر.فرأت فيصل يرفع كأسه ويشرب رشفا، بينما كان يحدق في الشاشة المقابلة...وفيها ظهر بوضوح شخص في ساحة الرقص... إنها فادية!هل يعقل أن الراسني الثالث كان ينظر إليها؟مجرد النظر إلى فادية جعله يبدو مسرورا إلى هذا الحد...اشتعل قلب تا
ماهر رأى سيده يحدق في ساحة الرقص بعينين يملأهما الحسد، وكأنه يتمنى لو كان هو من يشارك زوجته الرقصة.لكن اقتراحه هذا جلب له نظرة باردة من مالك.قال مالك بنبرة هادئة: "يبدو أنك فارغ جدا."ماهر: "..."إذن... ماذا يقصد السيد؟هل يريد فعلا أن يبعد الآنسة النعماني؟في العمل، كان ماهر يفتخر بأنه أفضل مساعد لسيده، يكفيه أن يقرأ نظرة واحدة منه ليعرف ما يجب أن يفعل.لكن من الواضح... أن كل ما يتعلق بزوجته يظل لغزا لا يستطيع فهمه.ماهر ألقى نظرة مستنجدة على رائد.رائد رد عليه بنظرة مليئة بالشماتة، لكنه لم ينس أن يمد يد العون لزميله قليل الفطنة.رفع رائد يده إلى فمه وأشار بحركة سحب السحاب.ماهر: "..."هل يقصد أن أصمت؟فأغلق ماهر فمه بحكمة.بينما بقيت عينا مالك تتابعان تلك الظلال في ساحة الرقص، حيث ابتسامة فادية كانت كالسحر، تعبر الهواء لتستقر مباشرة على وجهه.خارج النادي.كان يوسف جالسا في سيارته، وقد أنهى للتو اجتماعا عبر الفيديو.فرك صدغيه بتعب، ثم التفت نحو النادي ورأى مساعده يقترب.سأله وهو مغمض العينين، وصوته يلين حين ذكر فادية: "أين الآنسة؟"انحنى المساعد بجانب السيارة قائلا: "الآنسة ترقص مع
لكن من أجل كرامة السيد، صاغ كلامه على هيئة سؤال.مالك لم يجب، بل ألقى نظرة نحو جهة الكواليس."لكن، ألم تغادر السيدة منذ قليل؟ لقد ركبت السيارة مع الآنسة النعماني..."ماهر لم يكمل جملته، إذ رأى وجه مالك يتغير فجأة، فانقبض قلبه، لكنه مضى وأكمل حديثه رغم التوتر.وجه مالك ازداد قتامة.لقد بقي هنا طوال الوقت، ولم يرهما تخرجان.لكن سرعان ما أدرك الحقيقة.الكواليس هذه، لا بد أن لها أكثر من مخرج.فادية!أتراها مصممة على الهروب منه؟لكنه لم يعد يريد أن يمنحها فرصة أخرى للهرب.حفل الاحتفال بالنجاح...ديمة ستعود، وفادية بالتأكيد ستحضر أيضا."تحقق فورا، أين سيقام حفل الاحتفال الليلة؟"بمجرد أن أعطى مالك أوامره، كان قد غادر الكواليس بخطوات واسعة....في الطريق، ومع أحاديث ديمة المليئة بالفضول، وصلت فادية إلى مكان الاحتفال.نزلتا من السيارة، وما إن همتا بالدخول إلى المبنى، حتى تلقت ديمة اتصالا هاتفيا، لم يتجاوز بضع كلمات قبل أن يغلق الخط.هزت ديمة كتفيها، ونظرت إلى فادية قائلة: "لا داعي للدخول، لقد غيروا المكان!"كان تغييرا مفاجئا،فلم يكن أمامهما إلا أن تغيرا مسارهما.أعادتا الركوب بالسيارة.وعندما
صوت مألوف جعل فادية تتجمد لوهلة.لم يخطر ببالها أنه سيلحق بها إلى هنا.أما ديمة فرفعت رأسها ببطء، وما إن رأت الرجل خلف فادية حتى انبهرت بلحظة من ملامحه.حاجبان كثيفان، عيون لامعة، ملامح حادة، وطول يناهز المتر والتسعين، كأنه خلق ليكون عارض أزياء. حتى خصلات شعره بدت وكأنها تبعث سحرا خاصا. على الفور وضعت ديمة له تقييمها.إنه بلا شك، أوسم رجل رأته في حياتها حتى الآن!لحظة… ماذا قال؟اتركيها؟"هل كنت تخاطبني؟" سألت ديمة وهي تحتضن فادية ولم تفلتها بعد.لكن نظرات هذا الرجل بدت غريبة، مليئة بالاستحواذ.استحواذ!أدركت ديمة شيئا، وقبل أن يجيب مالك، دفعت فادية بتوتر، ونظراتها تتنقل بينهما بترقب."هو… هل هو؟"هل يكون هو الشخص الذي خمنته؟فادية شدت شفتيها، وقد قرأت بوضوح السؤال غير المعلن في عيني ديمة.لكنها وقد حسمت أمرها منذ زمن بأن لا مستقبل يجمعها بمالك، فكيف تقدم تعريفا الآن؟ومع لحظة تفكير، اتخذت قرارها: "إنه…""أنا زوجها!"لم يمهلها مالك لتكمل، بل قدم نفسه مباشرة.وفي تلك اللحظة تعرف هو أيضا على ديمة، وأدرك أنها أقرب صديقة لفادية، فخفف من حدته السابقة وقال بأدب: "فوفو حدثتني عنك."فادية: "…"
كانت كلمات الأغنية عاطفية ومليئة بالشجن، ومع أدائها، بدا وكأن كل كلمة مغناة خصيصا لمالك.وبالفعل، كانت عينا مالك مثبتتين عليها، لم يزح نظره عنها ولو للحظة.امتلأ قلب تالة بالحماس أكثر فأكثر، وقررت أن تزيد من حدة الموقف.وحين أوشكت على الوصول إلى أكثر مقطع مؤثر، أدارت ظهرها متعمدة، لتمنحه التفاتة حالمة تعتقد أنها ستسحر مالك.كانت متلهفة لذلك، مقتنعة أن هذه النظرة ستأسره.لكن حين استدارت…كان مقعد مالك في الصف الأمامي… فارغا!وبشكل غريزي، بدأت تالة تبحث عنه في مقاعد الجمهور، حتى نسيت أن تحرك شفتيها مع الأغنية.لم تر أي أثر له، والأسوأ من ذلك…"هل هي… تغني مزيفا؟""لم تحرك شفتيها، ومع ذلك استمرت الأغنية، أليس هذا غناء مزيفا؟""يا للعار! كنت أظن أن صوتها جميل، لكن يبدو أنه ليس صوتها أصلا!""إن لم تكن قادرة على الغناء، فلتصمت، أما أن تتظاهر فهذا إهدار لمشاعرنا!"بدأت الهمسات تتعالى بين الجمهور.بعضهم ساخط، وبعضهم ساخر.أعاد ذلك الصوت انتباه تالة، وحاولت أن تواصل التظاهر بتحريك شفتيها، لكن الجمهور لم يعد يصدقها.وانفجرت الضحكات الساخرة من كل جانب.العرض انتهى فعليا، وبدأ الجمهور يغادر واحدا
تبتسم تالة وتحمل في طياتها شيئا من الفضول، وهي تنظر إلى فادية بانتظار جوابها.فتحول أنظار الجميع نحو فادية.ورغم أن الأعين لا تزال مركزة عليها، إلا أن سؤال تالة هذا جعل فادية تتنفس الصعداء.لم تكن تدري ما غرض تالة من هذا السؤال، لكنه على أي حال أفضل بكثير من أن تكون مرتبطة بمالك وتحت أنظار الجميع كما قبل قليل.أما عن سؤالها…ابتسمت فادية وأجابت: "لا، لا أعرف."قالتها بكل صراحة، ففاجأت تالة قليلا.ثم تابعت بسؤال آخر: "إذا لا بد أنك تجيدين الرقص؟"هزت فادية رأسها بابتسامة معتذرة: "آسفة، لا أعرف أيضا."ارتسمت على وجه تالة ملامح أسف ممزوجة ببعض الاعتذار: "آه، عذرا آنسة فادية، كنت أظن أنك تجيدين، فبما أنك بهذا الجمال، توقعت أن تكون لديك موهبة ما. كنت في الحقيقة أنوي أن أقترح أن تقدمي عرضا صغيرا للجميع، كنوع من الاحتفال بنجاح هذا العرض."حينها فقط أدركت فادية مقصدها.لقد أرادت أن تكشف للجميع أنها لا تجيد شيئا.وبهذا، تظهر تالة نفسها كالموهوبة المتفوقة.لكن في لحظة، فهمت فادية أكثر: تالة تريد أن تسحب الأضواء إليها!حسنا! ممتاز!إن كان هناك من يريد خطف الأضواء، فهي تتمنى ذلك بكل سرور."للأسف،







