Share

الفصل3

Author: ندي عبد الرحمن
قالت يارا، وقد بدا عليها الغضب: "لم أقصد هذا."

لو كانت تحمل مثل هذا المعنى، لما كانت سمحت له ليلة أمس بالاقتراب منها رغم حملها.

لم يرد كريم بشيء، فقط حملها وعاد بها إلى الغرفة، ووضعها برفق على السرير، كل حركة منه كانت تحمل لطفًا واهتمامًا بالغين.

حبست يارا دموعها بكل ما استطاعت من قوة.

رتب لها ملابسها بعناية، لكن حين لامست يده بطنها المسطح عن غير قصد.

ارتجف جسدها كله، وسرعان ما دفعت يده بعيدًا، تمسكًا غريزيًا بالخوف من انكشاف سرها.

توقف كريم قليلًا وسألها: "ما بكِ؟"

هل لأنها تستعد للطلاق، لم تعد تسمح له بلمسها؟

قالت يارا، وهي تبحث عن عذر لتبرير موقفها: "لا شيء، فقط لم أنم جيدًا، أشعر ببعض الدوار."

رد كريم، وعيناه مليئتان بالقلق: "سأنادي الطبيب، وجهكِ لا يبدو على ما يرام."

مد يده ولمس جبهتها برفق، كانت حرارتها طبيعية.

ومع ذلك، ظل شعور غريب يساوره بأن هناك شيئًا غير صحيح.

قالت يارا بسرعة: "أنا حقًا بخير."

لا يمكن أن تدع الطبيب يفحصها، وإلا قد ينكشف أمر حملها، وأضافت: "سأنام قليلاً، وسأتحسن."

قال كريم بنبرة جادة: "يارا، سأمنحكِ فرصةً أخيرة، إما أن تقولي لي الحقيقة أو آخذك إلى المستشفى."

كان يظن أنها تستطيع أن تخفي عنه ما تشعر به؟

ابتسمت يارا ابتسامة باهتة وقالت: "فقط، مضى وقت طويل دون أن يحدث شيء بيننا، وما جرى ليلة البارحة حدث فجأة، فجسدي لم يتأقلم بعد، وما زلت أشعر بالتعب؛ لا داعي للذهاب إلى المستشفى، سأرتاح قليلاً وإلا سيكون الأمر محرجًا."

للحظة، عبرت نظرة من الحرج عيني كريم بعد سماعه تفسيرها المعقول.

دون أن يرد بشيء، مدّ يده بسرعة، وسحب الغطاء ليغطيها بعناية قائلاً: "كان عليكِ أن تخبريني مبكرًا، عندها ما كنت سأدعك تنهضي، كنت سأرسل لكِ الإفطار إلى السرير."

قبضت يارا يدها بشدة تحت الغطاء، تكافح بقوة حتى لا تنهار دموعها.

كم كان قاسيًا، كيف استطاع أن يظل مهتماً بها بهذه الطريقة بعد أن قرر الطلاق؟

إنه قادر على الرحيل وقتما يشاء، بينما يتركها غارقة في حبه، تتألم وحدها.

رفع كريم معصمه، وألقي نظرة علي ساعته، وكأنه تذكر أمرًا عليه إنجازه.

قالت يارا، بصوتٍ خافت وهي تخفي مشاعرها: "زوجي... أقصد سيد كريم، إذا كان لديك عمل، فاذهب، أنا سأرتاح قليلاً."

حين خرجت كلمتي "سيد كريم" من فمها، عقد كريم حاجبيها بانزعاج، فلم يسبق لها أن نادته بهذه الطريقة.

سألها بنبرة هادئة تحمل غضبًا مكتومًا: "ماذا ناديتِني؟"

كان صوته يبدو هادئا، لكن خلف هدوئه هناك نبرة من الغضب الخفي .

تماسكت يارا، وقست على نفسها، وقالت بثبات: "نحن سننفصل، من الأفضل أن نعتاد الأمر باكرًا؛ حتى لا ننادي بعضنا بألقاب حميمة بعد الطلاق، فيسمعنا الآخرون ويخطئون الفهم."

شعر كريم أن كلماتها كانت جارحة وقاسية.

نهض كريم واقفًا، دون أن يقول شيئًا، ثم استدار وغادر.

وفي اللحظة ذاتها تقريبًا، أدارت يارا جسدها نحو الجهة الأخرى وانهمرت دموعها بصمت.

توقف كريم فجأة عن السير، ثم التفت برأسه نحوها وقال بصوت منخفض: "يارا، لطالما كنتِ تعتبرينني أخًا لكِ، أليس كذلك؟"

تجمدت يارا للحظة، ثم مسحت دموعها خفية وهمست: "ماذا؟"

قال كريم بهدوء: "قبل الزواج، قلتِ إنكِ لا ترينني كرجل، بل كأخ فقط."

أجابت بصوت خافت: "نعم، قلت هذا."

لكنها تساءلت داخليًا، لماذا يُذّكرها بهذا الآن؟

واصل كريم بنبرة تحمل ثقلًا خفيًا: "والآن ألم يتغير هذا الشعور؟ ألا تزالين ترينني أخًا، ولا تحملين لي مشاعر كرجل؟"

ظلت يارا صامتة، بينما كانت أصابعها تشد الغطاء بقوة حتى ابيضت مفاصلها.

عضت على أسنانها بقوة، والدموع تنهمر بلا توقف، تحاول بكل ما أوتيت من قوة أن تسيطر على ارتجاف جسدها.

تذكرت حين رأت كريم للمرة الأولى، في الحادية عشرة من عمرها، ذلك الفتى الذي خطف قلبها من النظرة الأولى.

حينها، رأت في عينيه أجمل مجرة في الكون.

في التاسعة عشرة، خُطبت له، وفي العشرين، أصبحت زوجته والآن في الحادية والعشرين، لم تهتز مشاعرها نحوه قط، بل مع مرور الوقت، ازداد حبها عمقًا.

رغم أن زواجهما دام عامًا واحدًا فقط، إلا أنهما قضيا معًا عشرة أعوام من العشرة والقرب.

كان كريم هو كل شبابها، ولم يكن لقلبها متسع لسواه.

لقد كان حبه كالسُم الذي جرى في عروقها، ولم يكن لها علاج إلا هو.

سألها كريم مجددًا بصوت أعمق: "لماذا لا تجيبيني؟ ما الذي يمنعكِ من قول الحقيقة؟"

Patuloy na basahin ang aklat na ito nang libre
I-scan ang code upang i-download ang App

Pinakabagong kabanata

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل408

    نظرت يارا إليه بصمت.ما الذي يريده هذا الرجل منها؟هل يريدها أن تفقد السيطرة وتصرخ به كالمجنونة؟هل عندما يرى امرأة لا يحبها تفقد عقلها من أجله، سيمنحه ذلك شعورًا برجولته وتفوّقه؟أنزل كريم يديه اللتين كان يسند بهما الحائط، وتراجع بضع خطوات، مباعدًا المسافة بينهما، كانت نظرته يغمرها كآبة عميقة لا يُمكن وصفها بالكلمات.قال بصوت منخفض مبحوح: "تلك الأمور التي لا تريدين أن تخبريني بها، دعيها إذًا تتعفّن في صدرك إلى الأبد. لقد كنتِ على حق، حتى لو أخبرتني بها، النتيجة لن تتغيّر."قبضت يارا على قبضتيها بقوة، والغضب يغلي في عروقها.شعرت وكأنها لعبة بين يديه، يفعل بها ما يشاء، يرفعها إلى السماء ثم يُسقطها في الجحيم، كان يحب العبث بمشاعرها دائمًا ثم يتظاهر بالبراءة.هذا هو كريم ، الرجل الذي أحبّته طوال هذه السنين.دوّى صوت صفعةٍ عالية صفعةٌ وجّهتها بكل قوتها.احمرّ خَدُّ كريم من شدتها، أحس بوخزٍ خفيفٍ على وجهه، فمرّر أصابعه عليه بهدوء، ثم نظر إليها بثبات دون أن يُبدِي أيّ انفعال.كان كفّ يارا ترتجف من شدّة الألم، كأن جلدها يتشقّق.كانت تودّ لو تمزّقه تمزيقًا في تلك اللحظة.استدارت بسرعة وفتحت

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل407

    رخّى كريم قبضتيه اللتين كانتا تشتدّان أكثر فأكثر، فخف ضغطهما عن كتفيها."هل حقًا تريدين أن أقطع علاقتي بها؟""ليست المسألة ما إذا كنتُ أريد أم لا، أنا فقط طرحتُ شرطًا، ستستطيع تنفيذه أم لا هذا يعود إليك."كانت يارا تعلم أن كريم يستحيل أن يفعل ذلك، ولذلك قالت ما قالت لتسدّ عليه الطريق. فهي لا يمكن أن تُطلعه على حقيقة ما في قلبها، ولا على الأمر الذي تخفيه عنه.ولو أنها قالت له الآن، فما الذي سيحدث؟ سيدير ظهره ويعود إلى رنا، وتتحوّل هي إلى مسكينة فقدت حتى آخر أسرارها.خفض كريم جفنيه، وحدّق عميقًا في المرأة القريبة منه حدّ الملامسة، ثم دنَت شفتاه من خدّها، وراح دفء أنفاسه يلامس بشرتها لمسًا خفيفًا، وقال بصوتٍ مبحوح: "إن أنا قطعتُ علاقتي بها، فهل ستعودين إليّ؟"قبضت يارا على طرفي ثوبها بكفّيها.توتّرت قليلًا، وأرادت أن تفلت من أنفاسه الحارّة، فحوّلت وجهها جانبًا."كريم، لا تعبث معي. ولا تسألني أسئلة لا معنى منها.""ولِمَ ترينها بلا معنى؟ أليس شرطكِ أن أقطع علاقتي برنا؟ إذن أخبريني إن وافقتُ على شرطك، هل تعودين إليّ زوجة من جديد؟"ارتجف قلب يارا حين سمعت الجدية في نبرته، واستدارت نحوه تحدّق

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل406

    في ذاكرته، كانت يارا لم تقل يومًا إنها لا تحبه، لكنها أيضًا لم تقل إنها تحبه.لذلك ظل الأمر بالنسبة له لغزًا، لم يكن يعرف، بل كان يُخمِّن فقط، ويظن أن يارا لا تحبه، وأنها لم تكن سعيدة معه.شعرت يارا بوخزة ألم في صدرها، رفعت رأسها بصعوبة ونظرت إليه بصمت، وابتسمت ابتسامة خفيفة تحمل شيئًا من السخرية، وقالت: "ألا ترى أنك مثير للضحك؟ تسألني هذا السؤال الآن؟ ما الذي تريده بالضبط؟"قال كريم وهو يضع كفيه على الجدار خلف أذنيها، محاصرًا إياها داخل ذراعيه واقترب منها قائلًا: "أريد أن أعرف شعورك نحوي، أريد أن أعرف الحقيقة."كان أطول منها بكثير، وحين يتكلم معها، كان ينحني قليلًا، حتى صار وجهه قريبًا جدًا من وجهها، وقال بصوت خافت: "الآن قولي لي، ما هو شعورك الحقيقي تجاهي؟ أريد أن أسمع الحقيقة.""..."في الواقع، لم يكن كريم وحده من لا يفهم يارا، بل يارا أيضًا لم تفهم كريم.لم يفهم أيٌّ منهما الآخر، وكأن بينهما شيئًا ينتظر أن يُكشَف، لكنهما يخافان من كشفه.ظلّا على هذا الحال من الجمود، حتى تراكم بينهما المزيد من سوء الفهم.قالت يارا بهدوء: "هل تريد أن تسمع الحقيقة حقاً؟ إذا قلت لك، هل سيتغير شيء؟"قال

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل405

    "كل الأطباق التي على المائدة مما تحبّه هي، أليس هناك ما أحبّه أنا؟"بدت سهير وكأنّها تشعر ببعض الغيرة.رفع كريم رأسه وقال بهدوء: "أنا لا أعرف ما الذي تحبينه، ولم تخبريني يومًا، فنحن نادرًا ما تناولنا الطعام معًا."نظر إلى والدته دون أن يظهر على وجهه أيّ تعبير.تجمدت ملامح سهير قليلًا.تابع كريم وكأنّه لم يحدث شيء، وواصل وضع الطعام في طبق يارا.التفتت يارا تنظر إلى ملامحه الجانبية الجادّة، فغمرها شعورٌ بالحزن والمرارة.هل يعاني من انفصام في الشخصية؟ يجرحها من جهة، ثم يتعامل معها بلطف من جهة أخرى.قالت وهي تنهض: "عذرًا، سأذهب إلى الحمام." وضعت العيدان جانبًا وغادرت قاعة الطعام.سألت سهير بنبرة ذات مغزى: "كريم، لماذا تتقرب بهذا الشكل من زوجتك السابقة؟"فأجاب بهدوء: "أليست هي مَن ساعدتني؟ أليس من الطبيعي أن أرد الجميل وأضع لها بعض الطعام؟ المعاملة بالمثل.""ساعدتك؟ تقصد تلك الليلة حين سهرت في بيتي وهي تراجع بيانات شركة النهضة؟"رأى كريم ابتسامة غامضة على وجه أمه، فعبس قليلًا وقال: "مجموعة سكاي تفادت خسائر ضخمة بسبب شركة النهضة، وأنا بعت أسهمها في الوقت المناسب وربحت كثيرًا، أليست تلك مساعد

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل404

    عادت يارا مرة أخرى إلى المنزل الذي كانت تقيم فيه مع كريم .كان هذا منزلهما الزوجي سابقًا، وكل تفاصيل الديكور فيه مصممة وفق ذوقها.في هذا المكان، عاشا معًا عامًا كاملًا من السعادة.البيت ما زال هو نفسه، لم يتغير شيء.لكن الناس تفرّقوا.عندما دخلت إلى الردهة، رأت سهير وائل جالس على الأريكة، فقالت بدهشة: "ما الذي تفعله هنا؟"كل مرة يرى فيها سهير، يشعر وائل بشيء من الاضطراب، فوقف على الفور وعدّل سترته، واعتدل في وقفته.حتى في منتصف عمره، لم يتخلَّ عن الاهتمام بمظهره.ولن يكون مبالغة إن قيل إن وائل لو مثّل في دراما تجسّد شخصية الأب الأنيق صاحب النفوذ، فمجرد وقوفه هناك كفيلٌ بإثارة إعجاب الجمهور.قال وائل بابتسامة: "سهير، ما الذي جاء بكما أيضًا؟"عقدت سهير حاجبيها قليلًا، وشعرت بشيء غير مطمئن، وفي تلك اللحظة خرج كريم من الداخل قائلًا: "أنا من استدعيته."ظهر كريم أمام الجميع بقميص أبيض وبنطال أسود كلاسيكي أنيق، ملابسه البسيطة والكلاسيكية لا تبلى موضتها أبدًا. رغم أن ملامحه بدت مرهقة بعض الشيء، إلا أن وسامته ما زالت واضحة لا تخفى.سقطت نظراته دون قصد على يارا، فالتقت عيناهما للحظة.أرادت يارا

  • هروب الزوجة الحامل ومطاردة حتي النهاية   الفصل403

    "أمي، لا تقولي مثل هذا الكلام مجددًا، إنه لا يحبّني" قالت يارا بانفعال، "لو كان يحبّني فعلًا، لما طلقني من أجل رنا، ولما آثر تصديقها مرّة بعد أخرى وجرحني، لذلك هو لا يحبّني أصلًا""لأن كريم أحمق" قالت سهير، "لقد عانى من نقص الحبّ في طفولته، ولهذا لا يفهم ما هو الحبّ، ولا يعرف كيف يميّزه. واليوم هدف لقائي به أن أجعلكما تتحدثا بشكل جيد وجهًا لوجه، وتسأليه بوضوح من التي يحبّها حقًا""هل دبرتِ هذا اللقاء من أجلي أنا وكريم؟" تراجعت يارا بضع خطوات إلى الوراء وقالت، "لا، لا يمكنني مقابلته، لقد اتفقنا أن يعيش كلٌّ في طريقه، لا أستطيع...""توقّفي" أمسكت سهير بذراعها، "يارا، هل إلى هذا الحدّ أنتِ جبانة؟ ما قد يحدث من مجرد لقاء؟""هو لا يحبّني، ورؤيته الآن لن تكون إلا إهانة لي. لقد طلّقني من أجل رنا، ومهما حدث، لن أستطيع الرجوع إليه أبدًا."برغم الألم الذي يوجد في قلبها، ورغم حبّها لكريم، كانت يارا تدرك في أعماقها أنّها لا يمكنها أن تحاول استعادته."إن تجرّأ على إهانتك فسأضربه بنفسي! أعطي نفسك فرصة أخيرة، أليس هذا من حقك؟ أعلم أنكِ تتألمين، ورؤيتكما أنتما الاثنان تتألمان، تجعلني أتذكر نفسي مع وال

Higit pang Kabanata
Galugarin at basahin ang magagandang nobela
Libreng basahin ang magagandang nobela sa GoodNovel app. I-download ang mga librong gusto mo at basahin kahit saan at anumang oras.
Libreng basahin ang mga aklat sa app
I-scan ang code para mabasa sa App
DMCA.com Protection Status