الفصل 3

بصعوبة كبيرة، تمكنوا أخيرًا من الوصول إلى أقرب مستشفى، لكن بعد الفحص، أخبرهم الطبيب بوجه متجهم:

إصابة قدم رهف خطيرة للغاية، والطريقة الوحيدة الآن هي بتر الجزء المصاب لمنع تفاقم التسمم.

إذا تُرك الجرح الملتهب والمتقرح دون علاج، فقد تفقد رهف ساقها بالكامل.

ليس هذا فحسب، بل إن الجوع الشديد أضر بجهازها الهضمي، وقد يستغرق التعافي التام منه ما لا يقل عن عشرين عامًا.

حازم تلقى الخبر وكأنه ضُرب بمطرقة على رأسه، ظل في حالة ذهول للحظات قبل أن يستعيد وعيه، ثم انفجر غاضبًا وركل الكرسي بقوة:

"مستحيل!"

"مجرد إصابة سطحية كيف تصل إلى البتر؟ أيها الطبيب الفاشل، لا تتحدث بالهراء! "

ليلى سارعت إلى تهدئته:

"حازم، لا تقلق."

"بالتأكيد المشكلة ليست في الإصابة، بل في مستوى الأطباء هنا. عندما نعيدها إلى الرياض، سنجد حلاً."

"أخي طبيب جراح بارع، دعه يلقي نظرة أولًا."

"وإن لزم الأمر، يمكننا الاستعانة بخبراء من الخارج."

حينها فقط بدأ حازم يهدأ، لكن القلق ظل واضحًا في عينيه.

"نعم، نعم، دعي أخاك يفحص رهف." قال وهو يقبض يده بتوتر:

"ابحثوا عن أفضل الأطباء، لا بد أن هناك علاجاً!"

بسرعة، قوموا بِأخذها إلى الرياض، حيث تولى خالد، شقيق ليلى وأفضل جراح إصابات في مستشفى المدينة، قام بفحص رهف وبعد المعاينة، قال بنبرة هادئة:

"لا شيء خطير، مجرد إصابة سطحية، تحتاج فقط إلى بعض الوقت للشفاء."

"أما مسألة الأضرار الداخلية، فهي سخافة، كل ما تعاني منه هو سوء تغذية بسيط."

"في رأيي، هذا مجرد أسلوب قديم من رهف لكسب تعاطفك."

رغم هذه الطمأنينة، ظل حازم مترددًا، فقد رأى بنفسه فظاعة إصابتها. هل يمكن أن يكون الأمر بهذه البساطة؟

ليلى مستغلة الفرصة، تشبثت بذراعه قائلة بلطف:

"أخي حازم، لا تقلق، أخي طبيب ماهر، لا يمكن أن يخطئ."

نظر خالد إلى حازم بوجه عابس، وقال بنبرة غير راضية:

"كنت قد وعدت بحماية ليلى، فكيف أُصيبت يدها وما زالت لم تُشفَ؟"

"بدلًا من القلق على رهف، يجدر بك الاهتمام بليلى."

"يدها هي يد فنانة، وإن حدث لها مكروه، لن أسامحك!"

ابتسمت ليلى بتصنع:

"أخي، لا تقل ذلك."

"أنا متأكدة أن رهف لم تؤذني عمدًا، لقد كانت مجرد لحظة طيش."

ثم نظرت إلى حازم بابتسامة حزينة ولكنها متماسكة:

"حتى لو لم أتمكن من الرسم مجددًا......"

"طالما أن حازم بجانبي، سأكون سعيدة."

"مستحيل!"سرعان ما وقع حازم في الفخ، وأمسك يدها بحزم:

"لا تقلقي، سأجعلك تمسكين الفرشاة من جديد!"

بهذه المسرحية المتقنة بين الشقيقين، تلاشت تمامًا مخاوف حازم بشأن رهف.

أما رهف، فقد اعتادت على ألاعيبهم.

قبل أسبوع، عندما وقع الانهيار الجليدي، كانت قد تفادت الخطر، لكن ليلى دفعتها فجأة نحو الحافة، مما أدى إلى سقوطها عن الجبل أثناء المشادة بينهما. أصيبت ليلى بخلع في ذراعيها، بينما هوت رهف إلى أسفل المنحدر.

عند سقوطها، اصطدمت بعنف بصخرة، شعرت وكأن جميع مفاصلها قد انخلعت من أماكنها، وألمها كان لا يُطاق. لم تستطع حتى الصراخ.

وبينما كانت تهوي، سمعت صوت ليلى المليء بالشر وهي تهمس ببرود:

"من الأفضل أن تموتي هنا، حتى لا تعودي وتسببين المشاكل."

"هناك الكثير من الوحوش في هذا الجبل، إن تمكنت من إطعامها، فسيكون هذا أعظم فضل تقومين به في حياتك."