Share

إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها
إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها
Author: شاهيندا بدوي

الفصل 1

Author: شاهيندا بدوي
كان كل شيءٍ فوضويَّا للغاية بداخل غرفة الفندق.

استفاقت نور، وجسدها كله يؤلمها بشدَّة.

فركت جبينها استعدادًا للنهوض من السرير، وهي تنظر إلى ذلك الرجل الطويل الضخم المستلقي بجانبها.

وسامته مفرطة، ملامح وجهه واضحة، وعيناه وحاجباه غائرتان.

لا يزال غارقًا في نومٍ عميق، ولا تظهر عليه أي علامات استفاقة.

جلست نور على السرير، فانزلق الغطاء ليكشف عن كتفيها الأبيضين الساحرين، وبدت عليهما بضعة آثار.

نزلت من على السرير، ولاحظت قطرات دمٍ واضحة على الشرشف.

تفقدَّت الوقت، ولاحظت اقتراب موعد عملها، فالتقطت ملابس عملها الرسميَّة المبعثرة على الأرض، وارتدتها.

كان قد مزَّق جواربها الشفافة.

فكوّرتها ورمتها في سلة القمامة، وانتعلت كعبها العالي.

طرق أحدهم الباب.

كانت نور قد أعادت ترتيب مظهرها بالفعل، ورجعت إلى هيئتها الأصلية كسكرتيرة عالية الكفاءة. أخذت حقيبتها واتجهت للخارج.

كانت القادمة فتاة جميلة بملامح ناعمة.

وكانت نور هي من استدعتها.

وهي نوع الفتيات الذي يُفضله سمير.

قالت نور: "كل ما عليكِ هو أن تستلقي بجانبه منتظرةً استيقاظه، ولا تنطقي بكلمة."

ألقت نظرة أخيرة على الرجل النائم، فامتلأ قلبها بالمرارة، لذا خرجت من هذه الغرفة.

لم تكن تريد أن يعلم سمير بما حدث بينهما ليلة البارحة.

فبينهما اتفاق، وهو أن يتزوجا زواجًا سريًّا لمدة ثلاث سنوات، وبعدها يمكنهما الطلاق.

وخلال هذه المدَّة، لا يمكن لأيٍ منهما أن يتجاوز الحدود.

كانت سكرتيرته الملاصقة له لمدة سبع سنوات، وكانت زوجته لثلاث سنوات منها.

منذ تخرجها من الجامعة، كانت بجانبه دائمًا، ولم تفارقه يومًا.

وكان قد أوضح لها يومها أن ما بينهما علاقة رئيس بمرؤوسته فقط ولا أكثر.

وقفت نور عند نافذة الممر، تفكِّر في ما حدث الأمس، وكيف اكتنفتها أحضانه في السرير، وناداها باسم شهد.

شعرت بألمٍ في قلبها.

ذلك الاسم هو اسم حبيبته الأولى.

كانت مجرد بديلة عنها في عينيه.

فهي تعرفه جيدًا، وتعلم أنه لم يكن ليرغب أن يحدث بينهما شيء.

لكنها الآن قررت أن تنهي هذا الزواج الذي أخذته وحدها على محمل الجد.

أما ليلة أمس، فستعتبرها نقطة أخيرة في قصتهما التي دامت لثلاث سنوات.

أخرجت هاتفها، وإذا بعينيها تقعان على العنوان الأبرز في الأخبار: (المغنية الشابة شهد تعود إلى البلاد برفقة خطيبها.)

أحكمت قبضتها على الهاتف، وازداد الألم في صدرها حتى كادت تختنق به.

الآن فقط، فهمت لم كان ثملًا البارحة، ولم انهار باكيًا بين ذراعيها.

لفح جسدها نسيمٌ بارد، فضحكت بمرارة معيدةً هاتفها إلى حقيبتها، وسحبت منها علبة سجائر.

أشعلت سيجارة، وأمسكتها بإصبعي السبابة والوسطى النحيلان، والدخان يغطي وجهها الجميل الوحيد.

في تلك اللحظة، ركضت تالين نحوها وهي تلهث، وتقول: "أخت نور، بدلة السيد سمير وصلت، سأدخلها الآن."

قطعت تالين تفكير نور، فالتفتت إليها.

ألقت نظرة على البدلة، وقالت: "انتظري."

توقفت تالين، وقالت: "هل هناك شيء يا أخت نور؟"

"هو لا يحب اللون الأزرق، بدِّليها ببدلة سوداء. أما ربطة العنق، فلتكن مخططة على شكل مربعات، وقومي بكيِّها مرَّة أخرى، وتأكدي ألا تجعلي فيها أي تجاعيد، ولا تضعيها بكيس بلاستيكي شفَّاف... إنه لا يحب صوت البلاستيك. أدخليها وعلقيها على علَّاقة الملابس." كانت نور كما لو كانت رئيسة الخدم الملاصقة لسمير، تتذكَر كل عاداته وتفاصيله، ولم تخطئ ولا لمرَّة واحدة طوال هذه السنوات كلَّها.

اندهشت تالين، كان هذا هو شهرها الثالث هنا، وكان رؤيتها لوجه السيد سمير الذي يبدو كملك الموت كفيلًا بجعلها ترتَعد خوفًا.

كادت تتسبَّب في مشكلةٍ اليوم أيضًا.

ذهبت تالين على عجلة لتغيِّر البدلة قائلة: "شكرًا يا أخت نور."

وفجأة، سُمع صوت صراخ من داخل الغرفة: "اغربي عن وجهي!"

تبعه صوت صراخ حاد لامرأة خائفة.

فتح الباب بعدها بلحظات.

احمرّت عينا تالين، وبدت حزينة.

لقد تم توبيخها.

وكان السيد سمير غاضبًا ومنفعلًا للغاية هذه المرَّة.

بنظراتٍ متوسِّلة، نظرت إلى نور قائلة: "قال السيد سمير إنه يريدك أن تدخلي."

نظرت نور إلى الباب المفتوح على مصراعيه، تخشى هي الأخرى أن تعجز عن السيطرة على الموقف. فقالت لها: "إذًا، انزلي أنت أولاً."

أطفأت عقب سيجارتها في منفضة السجائر، ودخلت الغرفة باستقامة.

وقفت عند مدخل الباب، ونظرت إلى الفوضى العارمة بداخل الغرفة، كان كل شيء بجانب سمير مبعثرًا.

كان هناك مصباح مكسور، وهاتف ذا شاشة محطّمة لا يزال يهتزّ.

وتلك المرأة التي أحضرتها وقفت عارية لا تتحرك من الخوف، لا تدري أين تقف، يظهر في عينيها شعور بالذنب.

أما سمير فكان جالسًا على السرير، بوجهٍ عابس، لديه تناسب رائع في جسده، الفترات الطويلة من التمرين انعكست على

عضلاته الواضحة، وصدره العريض، وعضلات بطنه البارزة، وخط عضلات البطن السفلية المخبأ تحت الغطاء.

كان يبدو مثيرًا، لولا أن ملامحه الوسيمة القاتمة ونظراته الشرسة الغاضبة تقول إنه على وشك الانفجار.

تقدّمت نور إلى الأمام، ورفعت المصباح من على الأرض، وصبّت كوبًا من الماء ووضعته على الطاولة بجانب السرير، وقالت: "يا سيد سمير، لديك اجتماع الساعة التاسعة والنصف. حان وقت النهوض الآن."

كان سمير لا يزال يحدّق بالمرأة بنظرات جامدة.

كأنّه يظن أن هذا الأمر لا يمكن تصديقه.

لاحظت نور هذا، وقالت للفتاة: "يمكنك الذهاب أولًا."

سارعت المرأة بجمع ملابسها وغادرت بدون أن تتوقَّف للحظة واحدة حتى، كمن أُزيح عن ظهرها حملٌ ثقيل.

ساد الصمت المكان.

ثم تحوّلت عينا سمير إلى نور.

ناولت نور كوب الماء إلى سمير كما اعتادت، ووضعت قميصه على زاوية السرير، وقالت: "يا سيد سمير، يمكنك الآن ارتداء ملابسك."

كان وجهه لا يزال متصلبًا، وبدا على عينيه عدم السرور، قال بصوتٍ بارد: "أين كنتِ البارحة؟"

ارتبكت نور قليلاً، هل يلومها لأنها لم تحمه جيدًا، وسمحت لفتاة أخرى أن تنتهز الفرصة وتنام معه؟ أهذا لأنه يشعر بالأسف تجاه خيانته لشهد؟

كبحت نظرات عينيها، وقالت: "كنت ثملاً يا سيد سمير، ما فعلته كان بسبب تأثير الكحول. جميعنا راشدون، فلا داعي لأن تشغل بالك بالأمر."

كانت نبرتها الباردة كما لو أنها تقول له: لا تقلق، سأرتّب الأمر بدلًا منك، لن أجعل أي امرأة أخرى تزعجك.

حدَّق بها، وبرزت عروق جبينه حينما قال: "سأسألك للمرَّة الأخيرة، أين كنتِ ليلة البارحة؟"

توتَّرت نور قليلًا، وأجابت: "أرهقتني الملفات التي علي الاهتمام بها مؤخرًا، لذا نمت في المكتب."

ولمّا أنهت جملتها، سمعته يطلق همهمة قصيرة.

كان وجهه عابسًا، وشفاهه النحيفة مطبقة على بعضها البعض، وقام حينها من السرير، آخذًا معه منشفة استحمام، ولفَّها على جسده.

أخذت نور تنظر إلى ظهره والدموع في عينيها.

لطالما أخفى جسده أمامها، كما لو كانت رؤيتها له أمرٌ يثير اشمئزازه.

لكن البارحة لم يفعل ذلك إطلاقًا، حين اعتقد أنها شهد.

وحينما استفاقت من شرودها، كان قد انتهى من الاستحمام وخرج، ويقف أمام مرآة طويلة تصل حتى الأرض.

اقتربت منه نور، وبدأت تُزرّر له أزرار القميص كما اعتادت.

كان طويل القامة، بطول يبلغ 188 سم، بالرغم من أنها كانت بطول 168 سم، إلا أنها كان ينقصها القليل من السنتميترات لتستطيع ربط ربطة عنقه.

كان يبدو كما لو ما يزال يشعر بالغضب لكونه متسخًا، ويشعر بالأسف تجاه شهد، فيرفض حتى أن ينحني لنور قليلًا بكل كبرياء.

لم يكن أمامها سوى أن وقفت على أطراف أصابعها، وأمسكت بطرف ربطة العنق، ثم مرَّرتها خلف عنقه.

وبينما كانت تركّز في ربطها، اقتربت أنفاسه الدافئة من أذنيها، وقال بصوته المبحوح: "يا نور، أنت هي المرأة التي كانت معي البارحة، أليس كذلك؟"

Continue to read this book for free
Scan code to download App
Comments (5)
goodnovel comment avatar
Nisrine
واااو رائع جدا
goodnovel comment avatar
waed younes
كفوا القصة
goodnovel comment avatar
ربا الشرمان
مجلد بدون سبب في خراب مرحبا مليون مبروك يا حبيبي غ
VIEW ALL COMMENTS

Latest chapter

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل402

    قالت نور: "إذًا سنرحل الآن".ردّت المديرة: "حسنًا، آمل أن أراكم في المرة القادمة".ألقى سمير نظرة على الأطفال، ولم ينسَ أن يسأل قبل أن يغادر: "هل تذكرون كيف يجب أن تنادونا؟"أجابوا جميعًا بصوت واحد: "أخ وأخت!"وبأدب جمّ.تابع سمير: "وإن لم تنادونا أخًا وأختًا، فبماذا يمكنكم أيضًا أن تُنادونا؟"ردّ الأطفال وقد فهموا: "عمّ وعمّة!"كرّر لهم هذا القول عشر مرات. حتى أصبحوا يتذكرونه.نظرت نور إلى سمير، ورأته مُرتاحًا مع الأطفال، ترتسم ابتسامة على وجهه. هتفوا ثانية بصوت واحد: "عمّ، عمّة، لتنعما بالسعادة طوال حياتكما!"أدركت نور فجأة، وسألتهم: "ماذا تعنون بذلك؟"أجابها الأطفال: "قال العم قبل قليل إنكِ زوجته، لذلك لا يجوز أن نُخطئ في الألقاب، فإن لم نناديكما أخًا وأختًا، فعلينا أن نناديكما عمًّا وعمّة، لا يمكن أن يكون أحدكما عمًّا والآخر أختًا".بهتت نور، ولم تجد ما تقوله. لم تفهم الأمر الذي يؤرقه.اتضح أنه بسبب الألقاب.كيف له أن يُعلن الآن أمام الجميع أنها زوجته؟ولمّا همّت بالرد، استبقتها المديرة ضاحكة: "آنسة نور، لم أكن أتصوّر أنكِ بهذا الشباب ومتزوجة بالفعل، ومعكِ زوج مثل السيد سمير يدع

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل401

    تغيّر وجه سمير عندما رأى هذا المشهد، ولم يَدرِ ما الذي اقترفه.أسرعت نور إلى ضمّهم معًا، واستطردت تُطمئنهم: "حسنًا حسنًا، العمّ ليس الذئب الشرير، العمّ رجل طيب، ألم يُحضر لكم المؤن للتو؟ لا تخافوا، فالأطفال الذين يبكون ليسوا رائعين على الإطلاق!"مسح الأطفال دموعهم، وقالوا وسط بكائهم: "يجب ألّا نبكي، نحن أشجع الأطفال، لا يجوز أن نبكي!"لكن ما إن رأوا سمير حتى تجهمت وجوههم، حاولوا حبس دموعهم لكن الخوف تمكّن منهم.ألقى سمير بنظراته نحو نور، إنها رقيقةٌ للغاية في تعاملها مع الأطفال، حتى بدت كالماء في نعومتها.سعل مرتين بلا وعي، ثم اقترب من الصغار.لكن الخوف ما زال يسكنهم، فتراجعوا جميعًا إلى خلفها.اسودّ وجه سمير، إذ لم يتوقع أن هؤلاء الصغار يُصابون بالفزع بهذه السهولة، وكأنهم رأوا شبحًا."ادخلوا بسرعة، وإلّا دخل الذئب الشرير من الخارج!"وما إن سمع الأطفال حتى أسرعوا إلى الداخل.ولحقت بهم نور.أبصرهم سمير مبتعدين، ولم يُدرِ أهو شعور حسن أم سيئ، لكنه شعر أن نور تتحرّر من قيودها وهي تتعامل معهم، تفيض لطفًا وسعادة.كما لو أنه رأى وجهها الآخر، وجهًا تزهو فيه ابتسامة صافية من القلب.التفت سمير

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل400

    كان كلامه لاذعًا، لكن أفعاله لم تكن عادية، صحيح أن شركة القزعلي قامت بالكثير من الأعمال الخيرية، لكن لم يسبق لسمير أن باشر أمرًا كهذا بنفسه، قالت نور: "لم أقل ذلك، لكنني وصلت قبل لحظات، ثم جئتَ أنت وتبرعتَ بهذه المواد، أليست مصادفة تدعو للشك؟ على أي حال، إن لم تكن أنت، فلن أسأل أكثر".كانت لديها أمور كثيرة لتنجزها، ولم ترغب في أن تُضيع وقتها في الجدال معه.فضلًا عن أن ملامحه كانت تنطق بعدم رضاه عنها.عبس سمير لدى رؤيتها تتصرَّف وكأنها غير مهتمة، إذا كان في الأساس غير راضٍ عنها، وها هي الآن تزداد برودةً في تعاملها معه.وفجأة دوّى صوت عشرات الأطفال يركضون نحوهما يصيحون: "عم، يا عم!"كانوا يركضون نحو السيارة بسرعة، غير آبهين بالسقوط.عرفت أنهم ينادون على سمير.اضطرت لأن تعود إلى سيارته.أحاطوا بسيارته، عيونهم تلمع بالفضول والامتنان، وراحوا يرددون ببراءة: "شكرًا يا عم، أنت طيب القلب حقًّا!"كانت تلك أول مرة يقترب فيها سمير من أطفالٍ بهذا الشكل.وبهذا العدد الكبير.التفُّوا كلهم حول سيارته.لم يعرف أكان يحب الأطفال أم لا، لكنه لم يحب يومًا أن يكون محط أنظار أحد.كما أن هؤلاء الأطفال بدوا مت

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل399

    خرجت نور بعد أن استوضحت بعض الأمور، فرأت طفلة صغيرة في الثالثة أو الرابعة من عمرها جالسة تحت شجرة خيزران، تحتضن قطعة الحلوى التي أعطتها إياها، وتحدّق بها باستمرار.اقتربت نور منها وجلست بجوارها."أخت نور." نادتها الطفلة بعينيها الواسعتين وبصوت عذب.سألتها نور: "لماذا لا تأكلين الحلوى؟"أطرقت الطفلة رأسها، وأمسكت الحلوى بيدها الصغيرة، ثم قالت وهي تهز رأسها: "يعز علي أن آكلها.""لماذا؟"فقالت بظرافة: "سمعتهم يقولون للتو إن هذه الحلوى أطيب ما تذوقوه، أخشى أن أُنهيها سريعًا، لذلك سأحتفظ بها وألعقها قليلًا قليلًا، لأستمتع بها أطول وقت ممكن".ولعقتها بلسانها بحذر. شعرت نور بغصّة في قلبها لدى سماعها ذلك.بالنسبة لها، لم تكن سوى حلوى عادية. من تلك التي اعتادت أكلها في طفولتها.مسحت على رأسها وقالت: "أنتِ ما زلتِ صغيرة الآن، وحين تكبرين وتصبحين في مثل عمري، ستشترين ما تشائين من الحلوى، وستأكلين منها كثيرًا".أعادت الطفلة الحلوى إلى جيبها ورفعت عينيها اللامعتين وهي تقول: "حقًا؟ حين أكبر سآكل كثيرًا من الحلوى؟ أحب الحلوى كثيرًا!"أجابتها نور: "إذًا عليكِ أن تجتهدي في دراستك، وتجني الكثير من الم

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل398

    هي ليست غبية. فقد سمعت عن أميرة وطباعها من الآخرين.تريد دائمًا أن تكون الأقوى، ولا تسمح لأحد من الوافدين الجدد أن يسرق الأضواء منها.وحين فضحتها نور بهذا الوضوح، شعرت أميرة بالحرج والغضب، فصرخت: "كفى كلامًا فارغًا، يجب أن ترافقيني!"لكن نور أجابت: "لديّ أمر آخر، سأرحل الآن!"وتجاوزتها من فورها، عازمة على ألّا تجعلها تتحكَّم بها.ارتجفت أميرة غضبًا، وراحت تدوس الأرض بقدمها وهي تصرخ: "نور!"لكن نور لم تلتفت إليها.ولم يتجرأ أحدٌ على أن يتكلَّم.فنور أول من أظهر ازدراءه لأميرة بهذا الشكل.خرجت نور من المحطة، واستقلت سيارة أجرة نحو عنوان الميتم.كان الوضع هناك طارئًا؛ فالمكان في منطقة نائية خارج المدينة، والطرقات وعرة، ولا يلحظه أحد بسهولة.وعند وصولها، نزلت من السيارة أمام بوابة الميتم الحديدية الصدئة، وخلفها غابة صغيرة من الخيزران، ومبانٍ قديمة لا تليق بمدينة مزدهرة مثل العاصمة."هل أنتِ الآنسة نور؟" قالت مديرة الميتم بعدما رأت نور تقف خارجًا.كانت امرأة في الأربعين من عمرها، شابَ شعرها مبكرًا، فزادها عمرًا على عمرها، ترتدي ثيابًا بسيطة وحذاءً قماشيًا مرقّعًا.حياتها قاسية للغاية.أومأ

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل397

    "أخت أميرة." اقتربت إحدى الفتاتين من أميرة بعد أن خطرت لها فكرة، وهمست لها: "أتدرين أن الموظفة الجديدة كانت تعمل سابقًا في شركة القزعلي؟"رمقتها أميرة مستفهمة: "من تقصدين؟""نور، سمعت أنّ السيد سمير كان مديرها السابق، ربما تتمكن من مساعدتنا".بدت الدهشة على أميرة. فهي لم تكترث يومًا لخلفيات زملائها في المحطة.إذ لا ترى فيها نفعًا لعملها، لذا لم تر هناك ضرورة لمعرفتها.وفوق ذلك، لم يبرز أحد خلال أربع سنواتها في المحطة أكثر تميّزًا منها. فقدرتها على حلّ المشكلات جعلت رئيسة التحرير تقدِّر قدراتها، وإن نجحت في اقتناص مقابلةٍ مع سمير، فلن تجد عائقًا في طريق ترقّيها.ولم تستغرب إذن أن توكل رئيسة التحرير مهمّة كهذه لنور.هذا لأنها عملت سابقًا في شركة القزعلي، ولا يمكن الاستهانة بها....في اليوم التالي، هرعت أميرة فور وصولها المحطة إلى مكتب نور.كانت نور تستعد للخروج، فقد علمت مؤخرًا من أحد معارفها على الإنترنت أنّ ميتمًا على وشك الإغلاق، سيجد خمسون طفلًا أنفسهم بلا مأوى.وأرادت استغلال منصة المحطة لنشر مقال قد يُنقذهم.وبينما كانت تهمّ بالمغادرة بعد أن رتَّبت أغراضها، اعترضتها أميرة، فرفعت

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status