Share

الفصل 7

Author: شاهيندا بدوي
بعد أن مكثت قليلًا في المستشفى، غادرت بجراحها فاقدةً لبريقها.

"يا نور!"

نادتها سالي حين وصلت لأخذها من المستشفى، وما إن رأت وجهها الشاحب، والضمادات على رأسها حتى أسرعت وأمسكتها، وقالت بقلق: "يا إلهي، أين حدثت لك هذه الإصابة؟"

لم تجبها نور.

"في هذا الوقت لا تكونين إلَّا في العمل، لا شك أن هذه إصابة عمل، صحيح؟" قالت سالي، ثم أكملت سائلةً: "وأين هو سمير؟"

"لا أعلم."

رأت سالي أن وجهها شاحب، وتوصَّلت إلى أن ما يؤلمها ليس مجرد إصابة جسدية، بل شيء أعمق، فضحكت ببرود: "تعملين بكل جدٍ من أجله حتى أنك أُصبتِ بهذا الشكل، بينما لا أثر له أثناء حالتك تلك كزوجك! إن وجوده حقًا كعدمه!"

"لن يكون زوجي عما قريب."

"ماذا تقولين؟ وكذلك يريد الطلاق منك؟" تبدَّل وجه سالي.

"أنا من يريد الطلاق منه، ليس هو."

تقلَّب موقف سالي على الفور وقالت: "إذًا فلتتطلقي بسرعة!" وأكملت وهي تنبِّهها: "إياكِ أن تنسي أن تطالبي بنصف الثروة، فالمرأة الذكية يمكنها أن تخسر رجلًا، لكن لا يمكنها أن تخسر المال، ومع المال يمكنك أن تجدي رجلًا أفضل، يمكنك حتى أن تجدي أكثر من رجل، يمكنكِ أن تجدي رجالًا مطيعين يرعونك، ويدللونك كل يوم!"

لكنهما كانا قد اتفقا منذ زواجهما أنها إن تطلَّقت، فلن تحصل على أي شيء.

"يا نور!"

نادتها سالي فجأة، قاطبة حاجبيها: "لماذا تريدين الطلاق فجأة؟ أنت تحبينه منذ سنوات طويلة، لا يمكن أن تتخلي عنه بسهولة هكذا، إلا إذا خانك."

تبدَّلت تعابير وجه نور، وابتسمت بمرارة، ثم قالت: "ألم تري الأخبار؟ لقد عادت شهد."

انفعلت سالي قائلة: "لم تمض أيام على عودتها، هل أصبح بينهما علاقة بالفعل؟" ثم أكملت: "هذه خيانة زوجية، وتعد ذنبًا مضاعفًا، عليك أن تحصلي على قسمٍ أكبر من الثروة، أنا أحذرك يا نور، إياكِ أن تتساهلي معه، فطالما أن الزواج بينكما قائم، فلك الحق بنصف الثروة، وإن لم يكن النصف فثلثها. هذا مقابل خيانته! وإن رفض، فافضحي أمره أمام الجميع، دعينا نرى كيف سيستطيع المشي بين الناس بعد فضحه!"

"لقد قرَّرت بالفعل."

كان رد فعلها هادئًا للغاية.

لم تتخذ يومًا قرارًا لم تكن واثقةً منه، هذه الكلمات التي قالتها تؤكد أنها قد سأمت بالفعل من زواجها البائس هذا، ولم تعد تريد الاستمرار في علاقة لا أمل فيها.

"سأذهب الليلة إلى بيتك، لا أريد رؤيته."

كلما تذكرت أنه أمضى الليل مع شهد، شعرت أنها لو التقت به بالتأكيد ستشعر بعدم ارتياح، بل وقد ينشب شجار آخر.

وهما على حافة الطلاق، لذا لا حاجة لزيادة المشاكل.

لذا اعتقدت ألا داعي للرجوع إلى منزلٍ لا تنتمي إليه.

"حسنًا، تعالي إلى منزلي، وسأطبخ لك حساء الدجاج لتتعافي قليلًا، لابد أن منزل آل القزعلي جحيمٌ على الأرض، أنظري كيف جعلوك نحيلة وضعيفة، إنهم حقًا بلا أخلاق!" أخذت سالي تسبهم بغضب وهي تساعدها على المشي حتى كادت أن تلعن ثمانية عشر جيلٍ من عائلتهم.

عندما عاد سمير إلى المنزل، كان قد حلَّ فجر اليوم التالي بالفعل.

عاد إلى غرفة النوم، فلم يجد أحدًا، وكانت الألحفة مرتبة بعناية.

عادةً ما تكون نائمة في هذا الوقت.

سأل سمير: "أين هي؟"

ترددت الخادمة قليلًا ثم أجابت: "لم تعد زوجتك إلى المنزل منذ ليلة البارحة."

تذكر سمير بوضوح أنها اتَّصلت به بالأمس، ولم يبدُ من صوتها أن هناك شيئًا مريبًا، فلم لم تعد إلى المنزل؟

لم يشأ أن يرهق نفسه بالتفكير في نور أكثر من اللازم، لذا لم يكثر الأسئلة، واستحم وغادر إلى عمله.

وعندما عاد إلى الشركة، سمع عن الحادث الذي حدث في الموقع البارحة.

وبما أنه لم يكن موجودًا، فيجب أن تتحمل نور مسؤولية هذا الحادث، ومع ذلك لم تهتم بالأمر واختفت بلا أثر.

يبدو أنها ليست في حالة مناسبة للعمل هذه الأيام.

لذا اتصل بها سمير فورًا.

كانت نور قد انتهت لتوها من الاستحمام حين سمعت هاتفها يرنُّ، عندما رأت اسم سمير على الشاشة، بدا الاضطراب في عينيها، وترددت قليلًا ثم أجابت: "ماذا هناك؟"

جاء صوت سمير باردًا يقول: "أين كنتِ ليلة البارحة؟"

ردت ببرود: "عند صديقتي."

تابع يسألها بنبرة صارمة: "كيف لا تخبريني أن حادثًا وقع في الموقع؟"

Continue to read this book for free
Scan code to download App
Comments (2)
goodnovel comment avatar
saja sweets alghurabi
وين جاي احسس وبعد لا ما يريد حد ابدا يحاسبه
goodnovel comment avatar
Nuha Rafati
ما اوقح عينه جاي يحاسب وهو ما بده حدا يحاسبه
VIEW ALL COMMENTS

Latest chapter

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل684

    "نعم."تجمدت نور لثانيتين.لم تستوعب الخبر بعد؛ البطل الذي في ذهنها، روميو، تبين أنه مجرد شخصية مزيفة.هل بدايتها مع سمير إذن لم تكن سوى خيال؟ولكنها تبعت خطوات البطل حتى وصلت إلى جانب سمير، إذ به الآن يخبرها أن كل شيء حدث نتيجة خلط في الذاكرة.لكن كان من الصعب عليها تقبل ذلك.شعرت كما لو أن إيمانها ينهار تدريجيًا، رغم أنها شكّت أحيانًا، ولم ترد أن تحطم تلك اللحظات الجميلة.وعندما نظرت إلى سمير، كان في عينيها رفض وإنكار حقيقيان."مستحيل." شددت نور على كلامها: "لا يمكن!""كيف يمكن أن أكون مخطئةً في ذكرياتي؟ لدي ذكريات عن هذا الموضوع، أنا حقًا أتذكر!"عندما رأى سمير أنها غير قادرة على تقبُّل الأمر، همس مطمئنًا: "حتى لو لم يكن كذلك، فلا بأس، القدر جمعنا معًا، هذا قدرنا أنا وأنتِ، فلا تفكّري كثيـ..."لكن نور لم تستطع سماع كلماته، إذا كان كل شيء غير حقيقي، فماذا يبقى حقيقيًا!عشر سنوات وهي تنتظره، هل كانت مجرد أوهام؟"أنا الوحيدة التي نجت من الاختطاف، أنقذتني وأُصبت، أنا أتذكر ذلك بوضوح، الجميع يعلم ذلك، اسألهم إن لم تصدِّقني، صحيح، المدير أحمد يعرف، ووالديّ يعرفان، الجميع يعلم، فلماذا تقول

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل683

    تفاجأ سمير للحظة ثم قال: "تحرك!"وشعرت نور أيضًا بحركته: "ما قلته صحيح إذن".قرب سمير وجهه مرة أخرى إلى بطنها، وسألها: "هل شعر بي؟"نزلت نور بنظرها إلى سمير وقالت: "لا بد ذلك، الطفل حساس وقدير على الاستجابة، رغم أنه لم يولد بعد، لكن ربما سمع حديثنا".امتلأ سمير حماسًا، شعور مختلف عن شعوره من قبل. إنها فرحة الأبوة.قبَّل بطن نور بلطف، مقدرًا كل لحظة يقضيها معها. لمست نور رأسه وقالت: "ستراه قريبًا. صحيح أنك لم تكن ترافقه كثيرًا هذه الأيام، لكن بعد ولادته سيكون أمامك وقت كاف لتبني علاقة معه".ابتسم سمير بصمت. ساعدها على الدخول إلى الغرفة. ذهبت نور لتستحم وتستريح.حضَّر لها بيجامتها واعتنى بها أثناء الاستحمام. كانت هذه الأمور في السابق تقوم بها نور لسمير. والآن انعكس الدور.شعرت نور بالخجل قليلًا، لكنها لما فكرت أنهما صارا أبًا وأمًا، تخلت عن التكلف وسمحت لسمير أن يتذوق مسؤولية الزوج والأب.كان سمير يخدمها باهتمام، يغسلها ويمسح جسدها، بدا الأمر غريبًا بينهما، إذ لم يعتادا على هذا، لكنه لطيف وحنون، وكل شيء يأتي بالتدريج. حملها إلى السرير بعد الاستحمام. ثم أخذ هو حمامًا سريعًا. وعاد

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل682

    الحمل بحد ذاته متعب للمرأة. فكيف وقد كبر بطنها هكذا، بينما هو لم يؤدِّ واجبه كأب.لم يعتنِ بها بشكلٍ جيد، وتركها تتحمل وحدها، فغمره شعور عميق بالذنب، كان مدينًا بالكثير تجاه نور.وحين رأت نور أن عيني سمير قد احمرّتا، ابتسمت برفق، ووضعت يدها على يده قائلة: "أليس الطفل بخير الآن في بطني؟ الحمل لا بد أن يصاحبه بعض المتاعب، لكن حتى إن كان فيه مشقة، فهي مشقة سعيدة، أنا أنتظر قدومه كل يوم، وأشعر بالفرح بمجرَّد التفكير".قال سمير: "لقد أتعبتك، ولا أريد أن أتعبك بعد الآن".فابتسمت نور مازحة: "هل يُعقل أنك ستكتفي بطفل واحد فقط؟"فأجابها بصوت رقيق: "ستعانين كثيرًا حين يولد هذا الطفل، ولا أريد أن أراك تعانين مرة أخرى".كان يعرف ما يمرّ به جسد المرأة في فترة الولادة. تسعة أشهر كاملة، يكبر الطفل يومًا بعد يوم، ومعه تزداد المعاناة.إنها رحلة صعبة. سواء في الولادة الطبيعية أو القيصرية، لا بد أن تمرّ المرأة بألم قاسٍ. وهو لا يطيق أن يراها تتألم. مرة واحدة تكفي.فقالت نور: "قبل الحمل كنت أظن أن الأمر عذاب، لكن بعدما حملت، صرت أتقبَّله، بل وأراه أقرب إلى السعادة".ثم لمست بطنها وأردفت: "أحيانًا يتح

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل681

    "يُفترض ذلك، لكنّي أتعبتكِ معي"."ما هذا الكلام؟ نحن أصدقاء، ثم إن الأمر لا يخصك أساسًا. كما أنني أقلقتكِ عليّ كثيرًا في أمور عدّة، ولم أقل لك يومًا مثل هذه الكلمات الرسمية، أما أنت فتقولينها لي الآن، كأنك لا تعتبرينني صديقة".ثم واصلت سيرينا بابتسامة: "وأنا متأكدة أنّك لم تتسنَّ لك الفرصة أن تتابعي، لذا سأخبركِ خبرًا سارًا، نجح مسلسلنا نجاحًا باهرًا!"كان ذلك مفاجأة سارة لنور، فقالت: "حقًا؟"قالت سيرينا: "نعم، الصبر أتى ثماره، فقد تجاوزت نسب المشاهدة الرقم الأعلى تاريخيًّا. ألقي نظرة حين تتفرغين. وهناك خبر آخر: هبطت مشاهدات عظم الشيطان بعد أن كان في القمَّة، الكل على الإنترنت يهاجمه، يقولون إن الأحداث فيما بعد ضعيفة، وهناك إشارات إلى نهاية سيئة، والمشاهدة تتراجع يومًا بعد يوم. لقد كسبنا هذه المعركة!"فقالت نور: "هذا رائع، بل كان متوقعًا أيضًا".فهي كانت دائمًا متفائلة بمسلسلهم. حتى وإن لم يحظَ في البداية بشعبية كبيرة، رأت أنّ لديه فرصة للنجاح. وحتى إن لم يقبله الجمهور كثيرًا، فمجرّد تعويض التكاليف يُعدّ نجاحًا. كما تعدُّ خبرة ثمينة لها في مجال المسلسلات والأفلام.لقد أثبت ابتكارهم

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل680

    توتَّرت ملامح حازم، وقال: "ما الذي يحدث بالضبط؟"كان يظن أن سمير حصل على الترياق بالفعل. استعادته الوعيَ بعد تعرُّضه للتسمم، تعني أنه من المفترض أن إيهاب قد أعطاه الترياق. كيف يمكن أن تظهر عليه هذه الأعراض مجددًا؟"لست متأكدًا تمامًا." كان يظن أنه بخير، لكن بعد عدة ساعات بدأت تظهر على جسده ردود فعل قوية: "ربما لم يعطني إيهاب الترياق الحقيقي".إيهاب، ذلك الماكر، من الممكن أن يكون قد ترك لنفسه خططًا احتياطية.ساعده حازم على الجلوس بجانبه، وقال بعد أن شعر أن هذا الأمر أضاف للوضع صعوبة أخرى: "أعراض السم الذي أصبت به تختلف عن أعراض نور".الأعراض التي اعتمد عليها حازم لتخمين سم سمير كانت مختلفة تمامًا عن أعراض نور، ومكونات السم مختلفة.لم يستطع سمير أن يصف الألم بدقة، لكنه شعر ببعض الصعوبات الجسدية، ربما لم يمتد تأثير السم في كامل الجسم، وربما لم يكن السم له تأثيرٌ مميت مباشر. كانت الأعراض متقطعة، لكنه شعر أنه قادر على التحمل، ومع ذلك أراد أن يعرف نهايته، فقال: "ماذا سيحدث لي إذا لم يكن هناك ترياق؟"لم يتغير وجه حازم الجاد. لقد رأى الكثير من أنواع السموم؛ بعضها قاتل، وبعضها لا يقتل، لكنه

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل679

    لم يكن يجرؤ على أن يراهن. حتى لو كان سيُراهن بحياة شهد، كان يخشى أن الطرف الآخر لن يوافق على الرهان!لكن عندما سمعته نور يقول ذلك، شعرت بشيء من الحزن في قلبها. فبعد كل هذه الحرب الباردة الطويلة معه، جعلها تواجه كل شيء بمفردها. عانت كثيرًا. على الرغم من أنها كانت تتظاهر بعدم الاهتمام، إلا أنها كانت ضعيفة في أعماق قلبها، تمامًا مثل أي شخص يقع في الحب.امتلأت عيناها بالدموع مرة أخرى عندما سمعت كلماته. انهمرت دموعها دون إرادة منها. وأخذت الأحزان، والمشاعر المكبوتة، والآلام التي اختزنتها لفترة طويلة تتدفَّق كالشلال.رأى سمير كتفيها يرتعشان، فعلم أنها تتألم، فاقترب منها فورًا واحتضنها بقوة. قال بصوت خافت: "آسف، جعلتك تعانين".كان يعلم تمامًا كم كان الوضع صعبًا عليها. فهي تحمل طفلًا في أحشائها، بينما زوجها ليس بجانبها، بل كان سببًا في الكثير من معاناتها. كان يشعر بالذنب. لم يكن بوسعه سوى أن يفعل ذلك من أجل الحفاظ على حياتها.فالحب يمكن أن يعوّض. أما الحياة فلا تُمنح إلا مرة واحدة.كانت نور ما تزال تبكي في أحضانه، وضربته بيدها مرة أخرى، ثم قالت بصوت خافت: "لماذا لا تواجه الأمر معي؟

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status