Share

الفصل 8

Author: شاهيندا بدوي
كانت نور تتفهم جيدًا مدى جديته في العمل، وعدم سماحه بحدوث أدنى خطأ.

لكن لا يمكنه أن يلومها على هذا الأمر، فقد كان بالأمس في المستشفى يرافق شهد.

"أنت من قلت إنك مشغول، وأغلقت الهاتف."

توقف سمير قليلًا وأطبق على شفتيه، ثم قال: "وكيف تمت معالجة الأمر؟"

في ذلك الوقت كانت نور لا تزال في المستشفى، فقالت: "لم أتمكن من معالجته، حينها أنا كنت..."

"يا سكرتيرة نور." قاطعها سمير بنبرة باردة، وأكمل: "أذكر أنه لم يكن يصدر منكِ مثل هذه الأخطاء من قبل."

تعمد مناداتها بـ(سكرتيرة نور)، مذكِّرًا إياها بهويتها كسكرتيرة، وليس كزوجة.

عضت نور شفتيها، وجدت صعوبة في الشرح، فقالت: "حالة الموقع لا تزال تسمح بالاستمرار في العمل، والمشكلة ليست كبيرة، أنا أرى أنه لا يوجد شيء خطير لهذه الدرجة."

"لا تبحثي نفسك عن أعذار عند حدوث المشاكل، هذا ما علمتك إياه سابقًا."، ثم أتبع بجفاء: "تعالي إلى الشركة حالًا!"

أنهى المكالمة بعد أن انتهى من كلامه، ببرود وحسم.

شعرت نور بألم في قلبها، لكنها لم تملك وقتا للتفكير طويلًا، فقد ذهبت إلى المستشفى البارحة، ولم تفكِّر بأمر حالة الموقع، لذا لم تكن تعرف إن كانت حالة الموقع قد ساءت.

فأسرعت في تجهيز نفسها استعدادًا للذهاب إلى الشركة.

استفاقت سالي، وحين رأتها مستعجلةً هكذا، تثاءبت قائلة: "لقد استيقظت مبكرًا، فإلى أين أنتِ ذاهبة هكذا؟"

"لدي بعض الأمور، سأعود إلى الشركة."

قالت سالي مستاءة: "بعد كل هذا لا تزالين تفكرين فيه؟" ثم فكرت بدقَّة قليلًا، وقالت: "لكن لا بأس، لقد أرسلت وثائق الطلاق إلى شركته."

سألتها نور وهي تنتعل حذاءها: "أرسلتها بالفعل؟"

قالت سالي: "نعم، أرسلتها في الصباح الباكر بخدمة التوصيل العاجل، يجب أن يكون قد استلمها الآن."

كانت سالي أسرع منها في التحرُّك.

إن كانت تريد الطلاق، فعليها أن تتطلَّق حالًا.

فكرت نور أنه طالما كان الانفصال أمرًا محتومًا، فلا فرق إن حدث الآن أو لاحقًا، لذا قالت: "جيد، كنا سنتطلَّق عاجلًا أم آجلًا."

سحبتها سالي بشدَّة من ذراعيها، وقالت بمكر: "مستقبلي في أن أكون امرأة ثريَّة يعتمد عليك وعلى ضميرك، يجب أن تبذلي جهدًا يا نور وتلعبي بعض الحيل بذكاء للحصول على نصيبك."

رأت نور حماسها الذي يفوق حماسها هي نفسها بطلة القصًّة.

لم تتجرأ على أن تفكِر في الأمر كثيرًا، فأجابت: "حسنًا، أعرف ذلك."

في مكتب الرئيس.

كان سمير منشغلًا بالعمل.

دخل صلاح وهو يحمل ملفًا ورقيًّا بنيًا محكم الإغلاق، وقال: "يا سيد سمير، هذه وثيقة مستعجلة وصلت عبر البريد السريع."

"حسنًا."

وضع صلاح الملف أمامه ثم غادر.

مال سمير بعينيه على الملف، وفتحه بلا مبالاة، ليجد أمامه عنوانًا كبيرًا يقول: (اتفاقية طلاق).

تغيرت ملامحه على الفور، وأخرج الأوراق وبدأ يقرأها.

وبعد أن انتهى من قراءتها، ازداد لون وجهه قتامة، حتى خرجت من فمه ضحكة ساخرة، وقال: "يا لجرأتها!"

تطلب الاتفاقية منه أن يقسم ثلثي ممتلكاته لصالحها، مقابل إنهاء الزواج بهدوء، وإلا ستفضحه.

ظل وجه سمير عابسًا دون أن يهدأ.

وكان موظفو الشركة يرتجفون من الخوف، لدرجة أنهم خافوا أن يسمع أصوات تنفسهم.

لم يكن أحدٌ منهم على علم بما حدث، وكأنه تناول عبوَّة ناسفة في الصباح، فلم يجرؤ أحد على الاقتراب منه خطوةً واحدة.

قلب سمير الوثائق، وقال بصوت بارد: "لماذا لم يتم إبلاغي فور وقوع الحادث؟ من أصيب؟ وهل تم تهدئة المصابين على الفور؟"

تحدثت تالين وهي تخفض رأسها وترتجف من الخوف: "يا سيد سمير، وقتها كانت الحالة طارئة، ولم نستطع الوصول إليك عبر الهاتف، ذلك جعلت الأخت نور..."

قطب سمير حاجبيه وقاطعها قائلًا: "إذًا هذا هو تقصير منها!"

شعرت تالين بالذنب، وكادت تبكي وهي تقول: "الأخت نور لم تكن تقصد، وقوع الحادث كان مفاجئًا، ولوم التقصير يقع عليّ أنا لأنني لم أحسن حماية الأخت نور، ذلك اليوم حينما سقط لوح زجاجي على رأسها وتعرضت لإصابة ودخلت المستشفى، توقف العمل يومًا كاملًا، مما أدى إلى تعطيل المشروع، هذا كلُّه خطئي يا سيد سمير."

تفاجأ سمير بعدما سمع كلامها، وسأل مصدومًا: "ماذا قلتِ؟ نور هي من أصيبت؟"

رفعت تالين رأسها بحيرة، وقالت بارتباك: "يا سيد سمير، ألم تكن تعلم؟ الأخت نور أصيبت بارتجاج في المخ، وأول شيء فعلته بعدما أفاقت هو القلق بشأن العمل، ولم تهتم حتى بصحة جسدها. بالأمس لم نتمكن من التواصل معك، لذلك لم يتم إبلاغك، لكنني كنت أظن أن الأخت نور قد أخبرتك."
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Comments (8)
goodnovel comment avatar
May Saeed
اوصل لبقاقي القصه ازاي
goodnovel comment avatar
Rym Blidi
باقي القصة من فضلكم
goodnovel comment avatar
Oumnia Benhamdane
كيف يمكنني أكمل القصة
VIEW ALL COMMENTS

Latest chapter

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل 150

    تزامن ذلك مع عودة سمير من الخارج، كان وجهه باردًا كعادته وهو يستمع لتقارير العمل."سيد سمير، لقد تم ترتيب كل شيء ليتم الإرسال الساعة الواحدة ظهرًا."نظر سمير إلى نور التي كانت مشغولة على مقربة، ثم ناداها ببرود قائلًا: "سكرتيرة نور."أسرعت إليه وقالت: "نعم يا سيد سمير.""تعالي معي إن لم يكن لديك ما يشغلك بعد الظهر."ما إن قالها حتى استغرب جميع من كان واقفا.فهذا النوع من المهام شاق، ولا ترغب أي فتاة بالقيام به.كان هذا العمل يُسند دومًا للرجال.ونور هي الفتاة الوحيدة في الفريق.كانت الشمس في الخارج حارقة، وهي ترتدي فستانًا وحذاء بكعب عالٍ، ليس مريحًا للمشي، ولا للجلوس على الأرض، لم يكن من المناسب لها أن تذهب.لكن لا أحد يجرؤ على مخالفة أوامر سمير.قالت بإذعان: "حاضر يا سيد سمير.""جيد."توقَّف عن النظر إليها، وانصرف إلى مكتبه ببرود.أرادت تالين أن تشاركها في العمل، فقالت: "سأرافقك يا أخت نور."ردت نور: "لا داعي لذلك، عدد العاملين كافٍ، وجودك أو عدمه لن يغير شيئًا، ابقي في المكتب."كانت الشمس في أوجها في الساعة الواحدة ظهرًا.لكن عمال النظافة في الشوارع لم يتوقفوا عن العمل.حملت نور علب

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل 149

    غسلت الجرح بمطهر، ثم لفته جيدًا بالشاش.لم تمضِ إلا دقائق حتى أوقف صلاح السيارة بجانب الطريق.سندت نور سمير ليصعد إلى السيارة، وألقت نظرة على لاشين.رمت نظرها نظرة واحدة فقط، إلا أن سمير رآها وأدرك اهتمامها به.تحدث لاشين أولًا، وقال بهدوء: "عودي الآن، السيد سمير مصاب ويحتاج إلى من يعتني به."كان يعطي سمير مخرجًا، يعرف ما عليها فعله، فسمير مديرها، ويجب أن توازن بين الأمور.لوّحت له بيدها وقالت: "إذن سأعود الآن، شكرًا لأنك رافقتني اليوم في اللعب."قال لاشين: "عفوًا."أُغلق باب السيارة.كان صلاح على وشك الركوب، لكنه تذكر شيئًا، فابتسم واقترب من لاشين، وقال: "أتعبناك معنا يا سيد لاشين."ثم أخذ منه دب الفراولة الضخم.ففي نهاية الأمر، هذا الدب فاز به سمير من أجل نور، ولا يليق أن يأخذه غيرها.وهذه أول مرة يرى صلاح فيها مديره عنيدًا إلى هذه الدرجة.تحرّكت السيارة ببطء، وظلّت عينا لاشين تلاحقانها، فيما استعصى تخمين ما يشعر به من ملامحه.رن هاتفه فجأة.وصلته رسالة نصية.كُتب فيها: "العشاء جاهز، متى ستعود؟"أعاد الهاتف إلى جيبه، وسار في الاتجاه المعاكس.لم تكن نور مطمئنة حين عادا إلى المنزل، فقد

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل 148

    سأل سمير: "أهذا يكفي؟ أليس أجمل من الذي بيدك؟"سكتت نور، ونظرت إلى الدب، فإذا به أطول من سمير نفسه، عليها أن تجره على الأرض إن حملته بيدها، فأسرعت تهز رأسها وتقول: "لا أريده، إنه كبير جدًا، ولم يعجبني كذلك."اكفهرت ملامح سمير وقال: "هذا ليس أجمل من الذي في يدك؟ هيا خذيه!"ورماه إليها بيد واحدة.نظرت نور إلى الدمية التي كانت بين يديها، ثم جاء الدب الآخر يطير نحوها، فثقل الحمل عليها، وكادت تختنق من الضغط."سمير، كفى عبثًا!" حاولت ألا تسقط الدميتين على الأرض، ورفعت رأسها بشق الأنفس لتقول ذلك.سكت سمير، وبدا وجهه باردًا، ولم يفهم، ألم تكن تحب الدمى الكبيرة؟والدب الذي قدَّمه إليها أكبر من ذلك الذي بيدها، لماذا لا يُحمسها ذلك؟لماذا لم تفرح به؟أين الخطأ في ما فعله؟شعرت نور أن كلامها قد يجرح كرامته، فقالت بلطف: "إنه ثقيل جدًا، لا أستطيع حمله.""سأساعدكِ." أمسك بالدب العملاق، وقال: "هكذا سيكون الأمر أسهل عليكِ."عادت أنفاسها وقالت: "شكرًا لك." رأى صلاح هذه الحرب الباردة، وشعر أن برودة سمير بدأت تنتشر حوله، وتوقع أنه بلغ حدَّه في الغضب.وخاصة أن عيني نور لم تلتفتا إليه، وهذا كصب الزيت على ا

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل 147

    تصبب صلاح عرقًا باردًا، فسمير هو مصدر رزقه، كيف لا يتبعه؟رأى أن وجه سمير لا يبشر بخير، فقال: "لا تغضب يا سيد سمير، تريد سكرتيرة نور أن تواصل اللعب، ما رأيك أن نلعب معها؟"أجاب سمير بعدم رضا: "من قال إني أريد اللعب معها؟"رأت نور موقفه، فلم تُلح، وقالت للاشين: "أمامنا ألعابُ كثيرة ممتعة، فلنذهب ونرَ."أجابها: "حسنًا." ثم التفت إلى سمير قائلًا: "سنذهب نحن أولًا يا سيد سمير."تابع الاثنان سيرهما.نظر سمير إلى ظهريهما واكفهر وجهه، وقال: "أتود مرافقتَهما يا صلاح؟""نعم نعم."صاح صلاح فورًا: "أود مرافقتكِ يا سكرتيرة نور."قال ذلك، ولحق بهم سمير أيضًا.مشى خلفهم، ووقعت عيناه على دمية دورايمون التي تحتضنها نور، فتمتم مع نفسه: "لعبة صغيرة تجعلها بهذه السعادة؟"بدت ملامحها حين حصلت على اللعبة للتو وكأنها فازت بأغلى كنز في العالم.وهي لا تعدو كونها لعبة تافهة!اشترى حجرًا إمبراطوريًا نادرًا بمئات الآلاف، وأعطاه لها بدون أن تبذل أي جهد، ولم يُرَ على وجهها مثل هذه السعادة.لم يفهم.ما الذي يدور في عقل هذه المرأة؟لم تنحنِ للمال، وبذلت جهدًا كبيرًا لتحصل على شيء زهيد، لكنها فرحت به للغاية."يمكن هن

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل 146

    لحسن الحظ أن البائع كان مستعدًا لذلك، فهرب قبل أن تُطلق الرصاصة.قال سمير بشرود: "يا صلاح، هل أصبت الهدف؟"نظر صلاح إلى البائع الذي شحب وجهه وقال: "كدت أن تصيبه!"كان لاشين لا يزال بين أحضان نور مذهولًا، فهذه أول مرة يراها بهذه السعادة، قال بلطف: "الآن لن تتعجلي؟"قالت نور مبتسمة: "لن أتعجل، أنا سعيدة."تنفس البائع الصعداء، وقال وهو يبتسم: "أنت رائعٌ حقًا أيها الشاب، نادرًا ما يصيب أحد الهدف في الخلف!"أسرع البائع وأعطى نور دمية دورايمون.شعرت نور بشيء من الاطمئنان عندما ضمته بين ذراعيها، كأنها حصلت على شيء يخصها أخيرًا.قال لاشين: "ما العمل بكل هذه الحلقات في يدك؟"قالت نور: "نستخدمها كلها للحصول على الهدايا، ونأخذ الأشياء التي نصيبها.""حسنًا." أطاعها لاشين، وأثبت مهارته مرة أخرى، فكان يصيب بكل حلقة شيئًا مختلفًا، كانت كلها أشياء بسيطة لا فائدة منها، كانا يلعبان فقط لأجل المرح.أما في الكشك المجاور، فقد عمت الفوضى فيه.شعر البائع بالخطر، وقال: "يا إلهي يا سيدي، سأعيد لك المال، فقط توقف عن إطلاق الرصاص!"أسرع صلاح لتهدئة البائع قائلًا: "لا تقلق، لا تقلق، سنشتري من عندك الأشياء التالفة

  • إثر مغادرة زوجته، انهار السيد سمير بالبكاء بعد اكتشاف حملها   الفصل 145

    جعل كلام سمير صلاح يتفاجأ للحظة.لكن روزالين حامل بالفعل، وهي نفس المرأة من تلك الليلة، إذًا فلابد أن يكون الطفل طفله.قال سمير فجأة: "لنذهب."أجاب صلاح وهو يشغِّل السيارة: "حسنًا."عبس سمير وقال: "قلت لننزل من السيارة!""يا سيد سمير، أليس لديك اجتماع؟ إنهم جميعًا في انتظارك، ثم إن هناك الكثير من الناس هنا!" قال صلاح بعد أن رأى وجود الكثير من الناس في المكان، فمن المؤكد أنه سيكون مزدحمًا.لا بأس أن تأتي السكرتيرة نور إلى هنا، أما أن يأتي هو إلى هنا بدون حراس ينظمون له الطريق، فهذا لا يشبه عاداته، ومن المفترض أنه لن يحب المشي في هذا الشارع.نظر سمير بثبات إلى صلاح وقال بهدوء: "ألا تحب أنت هذه الأماكن؟" "ماذا؟" لم يفهم صلاح متى أحب أن يأتي إلى مثل هذه الأماكن.لكن عندما رأى نظرة سمير الحادة، لم يكن أمامه إلا أن يومئ برأسه موافقًا ويقول: "نعم نعم، أحب المجيء إلى هذه الأماكن.""حسنًا، لننزل من السيارة." قالها سمير وهو يحول نظره إلى الخارج.نزل سمير أولًا من السيارة، ونظر إلى الزحام، لم يستطع أن يتخيل ما الشيء الجذَّاب في مثل هذه الأماكن؟كل هذا من أجل بضع دقائق من الألعاب النارية؟لم يست

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status