Mag-log inجنى بملامح يكسوها الغضب.كانت أكثر ما تكرهه هو ذلك الماضي الذي عاشت فيه كأنها مجرد ظل لا يراه أحد.سنوات طويلة لم يذكره أحد، حتى كادت تنساه، لكن بعض كبار الموظفين في الشركة ما زالوا يعرفون بوجود جوجو.أولئك الذين يثرثرون انسحبوا واحدا تلو الآخر.وبالطبع لاحظت جنى وجود يوسف ومالك.ففي الأيام الماضية لم تأت إلى المقر الرئيسي، واليوم فقط عرفت أن مالك صار يزور مجموعة الهاشمي يوميا.هل السبب هو فادية؟سرعان ما أيقنت أن هذا هو التفسير الوحيد.فباستثناء جوجو في الماضي، لم تكن هناك امرأة أخرى قادرة على تحريك مشاعر هذين الرجلين في الوقت نفسه سوى فادية.وبمجرد أن تذكرت اسمها، ازدادت تجاعيد القلق على جبين جنى.لقد مرت عدة أيام من دون أن تراها!جلست في أحد الأركان، بينما تسللت إلى مسامعها كلمات خافتة من الجهة الأخرى:"الصراع على إرث مجموعة الهاشمي... يمكنني أن أساعدك!"جلس الرجلان في المطعم، كل منهما يتناول طعامه بصمت، حتى كسر مالك هذا الصمت أولا.أما يوسف فظل مطأطئ الرأس، وكأنه لم يسمع شيئا.وبعد لحظة عاد صوت مالك: "الأوراق التي تملكها سلمى مرتبطة ببعض مصالح مجموعة الراسني، وبكلمة منك لن تحصل سلم
رفع مالك عينيه نحو يوسف للحظة، لكنه لم يقل شيئا.كان يريد أن يسأله عن مكان فادية، لكن من الواضح أن يوسف لن يخبره.اكتفى مالك بنظرة واحدة ثم أنزل رأسه.يوسف رفع حاجبيه وأكمل عمله بهدوء.في الخارج كان الليل يزداد عمقا، وفي البرج كله لم يبق سوى يوسف ومالك، وكأن بينهما تفاهم غير معلن، كل منهما غارق في عمله دون أن يقطع الآخر.بعد ساعتين، نهض يوسف ليستعد للمغادرة.وبمجرد أن تحرك، وضع مالك ملفاته جانبا، وأخذ معطفه، ولحق به خارج المكتب.خطواته كانت مسموعة بوضوح خلف يوسف، لكنه لم يلتفت، بل مضى مباشرة نحو المرآب. مالك لم يكتف بملازمته طوال اليوم، بل حتى سيارته كانت مركونة بجوار سيارة يوسف.ركب يوسف سيارته، وفي اللحظة نفسها ركب مالك سيارته أيضا.تحركت السيارتان، واحدة تتبع الأخرى، على مسافة محسوبة، حتى دخلت سيارة يوسف إلى قصر الهاشمي.من خلال تحقيقاته قبل أيام، كان مالك متأكدا أن فادية ليست في قصر الهاشمي.ألقى نظرة على القصر، ثم أدار سيارته بإحباط.في اليوم التالي، كرر مالك ما فعله بالأمس، وجعل من مكتب يوسف مكان عمله.ثم جاء اليوم الثالث، والرابع...أكثر عازبين العاصمة ثراء ونفوذا أصبحا بهذه الد
تجمدت ندى لبرهة وقالت: "ماذا فعلت هذه المرة؟"أجاب فيصل ببرود وهو يرمق بعينه المرأة المستلقية على السرير، عارية، ترميه بنظرات دلال منذ الصباح: "لم أفعل شيئا، كنت...""كنت هادئا البارحة، لكن..."سحب فيصل نظره فجأة، وملامحه ازدادت جدية: "حين رتبت الأمر البارحة، جاء يوسف وأخذها معه."ولم يعرف الخبر إلا هذا الصباح.حتى لو كانت تلك المرأة قد ماتت فعلا، فإن ارتباطها بعائلة الهاشمي سيجعل الأمور أكثر تعقيدا.وخاصة تلك الجملة التي قالها يوسف:「أفراد عائلة الهاشمي، لا يحق لأحد منكم المساس بهم.」لكن ديمة تحمل لقب النعماني...قال فيصل بحدة: "أمي، أريد منك أن تبحثي لي عن علاقة ديمة بعائلة الهاشمي. وأيضا عن فادية..."تغير وجه ندى بمجرد أن سمعت اسم يوسف.فهو أبرز أبناء الجيل الجديد في عائلة الهاشمي، وكان الحفيد الأقرب إلى قلب الشيخ الهاشمي. لذلك كانت ندى تعرف عنه الكثير.وعلى مر السنين، كان الاتفاق الضمني بين عائلة الهاشمي وعائلة الراسني هو عدم التدخل في شؤون بعضهما.لكن يوسف أخذها معه..."من الأفضل أن تختفي قليلا عن الأنظار." على الرغم من أن ندى تعلم أنها قادرة على إدارة الموقف، إلا أنها يجب أن تكون
بضعة أشخاص من عائلة النجدي يهاجمون عجوزا واحدة؟ارتسمت على شفتي الحاجة الراسني ابتسامة ساخرة ازدادت وضوحا.لم تقل شيئا، بل تعمدت أن تحدق في تالة. ورغم أنها كانت تلف جسدها بمنشفة، إلا أن آثار الكدمات على عنقها وذراعيها كانت ظاهرة للعيان.وكأنها تعرضها عمدا أمام الجميع.شعرت تالة بالارتباك تحت نظراتها، لكنها واثقة من براعتها في التمثيل، مقتنعة أنها لم تترك أي ثغرة، فاستمرت في إظهار ملامح المظلومة والضعيفة والمرتبكة، محاولة استدرار تعاطف الحاجة الراسني."ندى…..."بعد لحظة، تكلمت الحاجة الراسني فجأة."أمي، أنا هنا." أجابت ندى بسرعة، وقد أدركت أن الحاجة ستتكلم، فسارعت بالاقتراب منها.امتلأ قلبها بالترقب، متمنية أن تعلن الحاجة موافقتها فورا وتثبت أمر الزواج.مدت الحاجة الراسني يدها، فسارعت ندى إلى إمساكها ومساعدتها.وباعتمادها على دعم ندى، نهضت الحاجة قائلة: "هذا الفطور أثقل معدتي، يجب أن أعود إلى البيت لأرتاح قليلا."الجميع: "...…"لم يفهم الحاضرون مغزى كلامها، لكن ندى شعرت وكأنها تلقت صفعة على وجهها، فتجمدت ملامحها."أمي، سأوصلك...…" حاولت ندى أن ترسم ابتسامة سريعة.لكنها لم تكمل جملتها حت
"نعم، من يجرؤ على إذلال أختي، لا يهم من يكون! إن لم يتحمل مسؤوليته فسأجبره عليها بالقوة!" قال ابن عائلة النجدي بغضب شديد.وبينما كان يهم بالاندفاع إلى الغرفة، أوقفته تالة."أخي، لا تفعل...""البارحة، لا بد أنه دخل الغرفة الخطأ، وكان قد شرب كثيرا، لذلك...""أنا لا ألومه..."فهي في النهاية ستتزوج من مالك، خصوصا أن الحاجة الراسني موجودة هنا، فلا بد أن تظهر تسامحها حتى لو تعرضت "للإهانة".كانت تظن أن الحاجة الراسني ستعجب بها.لكنها لم تتوقع أن تلمح ابتسامة باردة خفية على وجه الحاجة.ارتبكت تالة، وفجأة دوى صوت الحاجة الراسني:"لا تلومينه، ومع ذلك تستدعين كل هؤلاء الناس؟"كلماتها الهادئة جعلت الجميع يتجمدون في مكانهم، أما ندى فشعرت وكأنها كشفت تماما.تالة ازداد ارتباكها أكثر.ندى سارعت لتلطيف الأجواء: "تالة كانت خائفة وقتها، لذلك اتصلت بزوجة أخي. أمي، انظري الآن إلى الوضع... مالك وتالة حدث بينهما ما حدث..."المعنى واضح: يجب أن يتحمل مالك المسؤولية، ويجب أن تتحمل عائلة الراسني المسؤولية.ندى توقفت عند هذا الحد، وهي واثقة أن الحاجة الراسني ستفهم وترد.لكن مرت لحظات طويلة من الصمت، ولم يصدر عن
مالك شعر بضجيج يملأ أذنيه، وفي اللحظة التالية هبطت قبضة قوية على وجهه.بهذا الصخب استعاد وعيه فجأة.فتح عينيه، فأول ما رآه هو حشد من الناس يحيطون به، بعضهم غاضب وبعضهم يحدق فيه بعجز.تدفقت إلى ذهنه ذكريات الليلة الماضية قبل أن ينهار، وفهم حينها أنه وقع في فخ مدبر.صرخت تالة: "أخي، لا تضربه!"حتى في هذه اللحظة، كانت تحاول حماية مالك.التفت مالك نحو المرأة بجانبه، ورأى آثار الكدمات الزرقاء والبنفسجية على جسدها، فانعقد حاجباه بحدة.قال شقيقها بغضب: "توتو، هو يؤذيك وأنت ما زلت تدافعين عنه!" وهم بضرب مالك مرة أخرى، لكن والد تالة أوقفه بصوت حازم."يكفي!"كان وجه والد تالة متجهما، لكن في عينيه ومضت لمحة خوف حاول أن يخفيها.فهو، بصفته رجل أعمال، يعرف جيدا دهاء الراسني الثالث.في الحقيقة، لم يكن موافقا على خطة ابنته توتو للإيقاع به، لأنه كان يدرك أنه لو اكتشف الراسني الثالث الحقيقة، فلن تستطيع عائلة النجدي كلها تحمل العواقب.لكن ندى وزوجته أقنعاه بالمخاطرة، وبعد تفكير طويل قرر أن يخوض هذه المغامرة.إن نجحت، فسيصبح والد زوجة حاكم مجموعة الراسني!توجه والد تالة نحو مالك بنظرة حادة وسأله: "ما الذي







