Share

الفصل 697

Author: سيد أحمد
كان أحمد يسرع بخطاه رغم أن الليل قد انتصف، إلا أن عينيه لم تعرفا الكلل، فمجرّد أن يتذكّر أنه إن أمسك بهذا المجرم أخيرًا سيتمكّن من العيش مع سارة حياةً سعيدة، يشتد به الشوق واللهفة ليصل بسرعة إلى شارع شارع المعمورة البحري.

كانت السيارة تشقّ عتمة الليل بجنون، وعلى طول الطريق اصطفت عشرات السيارات، ومئات الرجال أحاطوا بالفيلا إحاطةً كاملة حتى صارت محاصرة إحكامًا لا منفذ فيه.

ترجّل أحمد بخطواتٍ مسرعة واندفع يعدو بعزم.

والريح البحرية المالحة الممزوجة برائحة النباتات وعبق الدماء العالقة في الجوّ صفعت وجهه، أينما امتدّت عيناه أبصر رجاله منتشرين.

قال بلهفة: "كيف الوضع؟"

تقدّم عز من بين الحشد وقال: "أيها الرئيس، ذاك الشخص أصيب بجراح، ولشدة اليأس قفز إلى البحر، والأخ خالد انطلق مع رجاله لملاحقته".

قطّب أحمد جبينه، لقد أعدّ لهذه العملية بكل دقة، فكيف وقع مثل هذا الطارئ؟

قال بصرامة: "خذني إلى هناك".

حقًا إن القدر يدور دورته، في المرة السابقة كانت سارة مضطرة أن تلقي بنفسها في البحر، أما هذه المرّة فانقلبت الطاولة على ذاك المجرم.

سأل أحمد: "هل رأى أحدكم ملامح ذاك الشخص؟"

عضّ عز على شفتيه وقال بوجه مت
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 700

    كان هو هيثم ثانيةً، ثم رفعت سارة رأسها وحدّقت فيه ببرود قائلة: "ما الأمر؟"اليوم ارتدى الرجل بدلة بيضاء نقية، ومع وسامته البارزة بدا في أعين الغرباء وكأنه شاب أنيق ذو ذوق رفيع، غير أنّ سارة وحدها كانت تعلم أي قلبٍ خبيثٍ يختبئ تحت هذا المظهر البراق.قال مبتسمًا بسخرية: "لماذا تعاملينني بكل هذه القسوة يا زوجة أخي؟ لقد جئتُ بدافع القلق عليكِ لا أكثر".نظرت إليه نظرة حادة وردّت: "قلتُ لك من قبل، إن تجاوزتَ حدودك مرة أخرى، صدّق أو لا، سأخلع فكّك هذا بيدي".تراجع هيثم خطوة وهو يلمس معصمه بتوترٍ خفيف ثم ابتسم بوقاحة: "زوجة أخي تبدين هادئة وباردة من الخارج، لكن طباعكِ حادة فعلًا، جعلتني أتساءل، تُرى، على السرير هل سيكون الفرق بهذا الوضوح أيضًا؟"ما إن أنهى كلماته حتى رفعت سارة الكوب الذي في يدها ورشّت ماءه الدافئ في وجهه مباشرة.كانت حركتها هادئة غير أنّ المكان كان عامرًا بالأنظار، وكل فعلٍ صغير يكفي لإثارة الاهتمام، فما إن سقط الماء على وجهه حتى التفتت الأنظار إليهما في الحال.شهيرة التي لمحت المشهد تغيّر لون وجهها سريعًا، فأسرعت بخطواتها نحو سارة قائلة: "سارة، ما الذي يحدث؟ ماذا فعل ابني بكِ

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 699

    كأن الزمن توقّف في تلك اللحظة، حقًا هل يمكن أن تبلغ المرأة هذا القدر من الجمال؟إحداهن كزهر الربيع، والأخرى كقمر الخريف.شدّ سامر أصابعه على كأس الشامبانيا، شعر وكأنه يحلم، أخذ يتساءل بينه وبين نفسه، هل هذه فعلًا هي السيدة ناريمان التي يعرفها؟انهمرت في ذهنه صور لا تُحصى لها وهي تكسر الأشياء بعنف، تصرخ بين الخرائب بكل ما أوتيت من قوة، أو تبكي متوسلةً ألا يرحل عنها، أو تسبّ وتشتم شهيرة بفظاظة.أما الآن، فقد بدا على وجهها البرود والكبرياء، كإلهة تسحر القلوب بنظرة واحدة، عينيها تجولان على الحاضرين دون أن تتوقف لحظة عند وجهه.كأنهما أصبحا غريبَين لا صلة بينهما، حتى نظرتها إليه غدت غريبة.بينما كان هيثم يحدّق بوجه سارة بعينين يكاد يذوب فيهما شغفًا، كان يعرف منذ زمن أن هذه المرأة فاتنة، لكنه لم يتخيّل أن ظهورها بهذه الفساتين البسيطة والأنيق سيجعلها أشبه بنجوم فوق القمر، تنظر من علٍ ببرود، وتثير في الرجال رغبة غامضة في إخضاعها.لحظة دخول الجد وجدي مع زوجة ابنه ناريمان، ثم مع زوجة حفيده سارة، جذبت أنظار القاعة بأسرها.الصورة التي بدت عليها السيدة ناريمان كانت بعيدة كل البعد عن تلك "المجنونة" ا

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 698

    اختارت ناريمان لسارة أيضًا فستانًا، غير أنّه يختلف عن ذاك الذي ترتديه هي نفسها، فبينما ارتدت هي اللون الأخضر الداكن، كان نصيب سارة ثوبًا أبيضَ بلون ضوء القمر، يزينه عقد من اللؤلؤ الأبيض الأسترالي، ومعصمها يحمل سوار كنّة عائلة أحمد، فبدت كسيدة مترفة هبطت من بين أزهار الجنة.أما شهيرة، فقد حضرت لأول مرة بصفتها سيدة الدار، متزينة بما يكفي لتبدو وكأنها وجه دعائي لأحد معارض المجوهرات، تخشى أن يجهل الناس أنّ بيتها عامر بالثراء. حتى كأنها تتمنى لو تملك أجسادًا أخرى لتعليق المزيد من الحليّ وإظهار ما تملك من مال ونفائس.ورغم أنّ عائلة أحمد لم تُعلن الأمر رسميًا بعد، إلا أنّ الأخبار قد انتشرت في الدوائر الاجتماعية انتشار النار في الهشيم.فالسيدة ناريمان، بعد أن رُميت جانبًا، ظلّت تقيم في بيت العائلة مستندة إلى اسمها القديم، خصوصًا أنّ الجد وجدي تقدّم في العمر ولم يزل يحمل بعض القلق تجاه ابنه. لكن ما النتيجة؟ أليست شهيرة قد نالت الاعتراف أخيرًا؟ومهما يكن أنّ ناريمان دخلت الدار زواجًا رسميًا، فقد آل بها الحال بعد أعوام طويلة من الصراع إلى أن تصبح زوجة مهملة منبوذة.قبل أن تظهر ناريمان، كان الصا

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 697

    كان أحمد يسرع بخطاه رغم أن الليل قد انتصف، إلا أن عينيه لم تعرفا الكلل، فمجرّد أن يتذكّر أنه إن أمسك بهذا المجرم أخيرًا سيتمكّن من العيش مع سارة حياةً سعيدة، يشتد به الشوق واللهفة ليصل بسرعة إلى شارع شارع المعمورة البحري.كانت السيارة تشقّ عتمة الليل بجنون، وعلى طول الطريق اصطفت عشرات السيارات، ومئات الرجال أحاطوا بالفيلا إحاطةً كاملة حتى صارت محاصرة إحكامًا لا منفذ فيه.ترجّل أحمد بخطواتٍ مسرعة واندفع يعدو بعزم.والريح البحرية المالحة الممزوجة برائحة النباتات وعبق الدماء العالقة في الجوّ صفعت وجهه، أينما امتدّت عيناه أبصر رجاله منتشرين.قال بلهفة: "كيف الوضع؟"تقدّم عز من بين الحشد وقال: "أيها الرئيس، ذاك الشخص أصيب بجراح، ولشدة اليأس قفز إلى البحر، والأخ خالد انطلق مع رجاله لملاحقته".قطّب أحمد جبينه، لقد أعدّ لهذه العملية بكل دقة، فكيف وقع مثل هذا الطارئ؟قال بصرامة: "خذني إلى هناك".حقًا إن القدر يدور دورته، في المرة السابقة كانت سارة مضطرة أن تلقي بنفسها في البحر، أما هذه المرّة فانقلبت الطاولة على ذاك المجرم.سأل أحمد: "هل رأى أحدكم ملامح ذاك الشخص؟"عضّ عز على شفتيه وقال بوجه مت

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 696

    رفع أحمد إصبعه قائلًا: "انطلقوا، وابقوا على اتصال دائم."أجابه خالد: "مفهوم."اختفى خالد مع الحراس، بينما ظلّ أحمد خاليًا من أي انفعال، محتفظًا بوجهٍ هادئ لا يشوبه الحماس.فبعد عدة مواجهات مع ذلك الرجل، أدرك أنّه شخص شديد الدهاء، ومن أراد الانتصار عليه فلا بدّ أن يكون محكمًا في كل خطوة، بلا ثغرة واحدة.قال أحمد بصوت منخفض وهو يحدّق في الشاشة: "محمود، تحقق جيدًا من مكان إقامته، وانظر إن كان هناك ما يثير الريبة."أجابه محمود بسرعة: "أمرُك، أيها الرئيس التنفيذي أحمد."أخذ محمود يطرق لوحة المفاتيح بخفة وسرعة، وسرعان ما ظهر الموقع المفصّل على الشاشة، بعد تكبير الصورة، بدا واضحًا أنّها فيلّا مطلّة على البحر، تحيط بها مناظر خلابة.قال محمود مشيرًا إلى الشاشة: "انظر، أيها الرئيس، هذه هي الفيلا."ردّ أحمد: "ابحث عمّن يملكها."قال محمود: "حالًا."حرّك أحمد الفأرة ليتأمل المبنى مليًّا، ثم قال: "خلفها غابة كثيفة، وأمامها البحر، لا بد من الانتباه لاحتمال هروبها عبر أي منهما."أجابه محمود: "مفهوم، سأُبلّغ خالد بكل التفاصيل بدقة."مدّ أحمد أصابعه ليلمس خاتم زواجه، متمتمًا في نفسه أنّها الفرصة الذهبية

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 695

    كما قال الثعلب الأسود، فإن منظمة نجم الشمال تضم في صفوفها شتى أصناف البشر، ولم يكن جميع أفرادها من أصحاب القوة الجسدية العالية، فبعضهم مجرد عيون سرية، وبعضهم حلقة وصل، فمنهم من يتولى المهام التمهيدية، ومنهم من ينفذ العمليات المباشرة.لم يطل الوقت حتى تم السيطرة على المدير مؤمن، وتحت تهديدات وإغراءات أحمد لم يكن أمامه إلا الاعتراف ببعض الحقائق. وهكذا علم أحمد أن إحسان موجود أيضًا في هذه المدينة.قال مؤمن بصوت مرتجف: "سيدي، أقصى صلاحياتي أن أتواصل معه، لكنه لا يقابلني وجهًا لوجه، أنا مجرد وسيط لا أكثر، أرجوك أعفِني."تبادل أحمد النظرات مع محمود، وفهم الأخير على الفور قصده. فطالما أن ذلك الشخص في هذه المدينة، فلن يكون من الصعب تحديد موقعه عبر تتبّع المكالمات، والإمساك به لن يكون أمرًا شاقًا.أعد محمود الأجهزة بسرعة، وأحمد لم يشأ أن يترك شيئًا للصدفة، فخشية أن ينقلب المدير مؤمن عليهم في اللحظة الأخيرة، أخذ حقنة وتقدّم نحوه.ارتبك مؤمن وقال: "ماذا تنوي أن تفعل؟"رد أحمد ببرود: "اسمع الكلام ونفّذ ما أقول، وإن حاولت تنبيه أحد فسأذيقك عذابًا يجعل الموت أهون، ثم إن طفلك الذي لم يُكمل شهره بعد

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status