Share

لم يعد للحب أثر
لم يعد للحب أثر
Author: مو نيان

الفصل 1

Author: مو نيان
عندما وصل ماهر إلى موقع الزلزال، كنتُ أنا وفريدة محاصرين تحت صخرة ضخمة.

كنت عاجزة عن الحركة تمامًا، وأشعر بألم ثقيل في بطني. كنت أعلم أن حالة طفلي في داخلي ليست بخير.

لم أسمع صوت فريدة طوال الوقت، مما جعل القلق يتسلل إلى قلبي. رغم أن وضعي كان سيئًا للغاية، حاولت طمأنتها.

"فريدة، لا تخافي، سيأتي أخوكِ لإنقاذنا قريبًا."

رغم أنني وماهر تشاجرنا هذا الصباح وكنا في حالة جفاء، إلا أنني كنت واثقة من أنه سيأتي.

ففي النهاية، أنا أحمل طفله في أحشائي.

كنت أظن أنه حتى لو لم يكن يحبني، فلا بد أنه يتطلع إلى ولادة هذا الطفل.

لكنني كنت مخطئة... لقد بالغت في تقدير مكانتي ومكانة طفلي في قلبه.

عندما لم يكن بالإمكان إنقاذنا معًا، وكان عليه أن يختار من سينقذه أولًا، قال بصوت بارد:"ليلى لا يمكنني إنقاذ سوى فريدة أولًا."

"ماذا؟" حدقت إليه غير مصدقة، معتقدة أنني قد سمعت خطأ،لكن صوته ظل باردًا، بلا أدنى أثر للعاطفة.

" آمل أن تكوني متفهمة، فريدة كانت ضعيفة منذ صغرها، وإذا أنقذتك أولًا، فقد تموت، لا يمكنني أن أقف مكتوف اليدين وأراها تموت."

"كوني مطيعة بعد إنقاذ فريدة، سيأتون فورًا لإنقاذك."

حاولتُ جاهدًة أن أقاوم دموعي، لكن نبرة صوتي ما زالت مرتجفة بالحزن.

"زوجي، لا تفعل هذا... يمكنني الانتظار، لكن طفلنا في بطني لا يستطيع."

"مستحيل."

"ماهر، أرجوك، لا تكن قاسيًا... طفلنا سيموت حقًا!" نظرتُ إليه بيأس وألم يعتصرني.

رمقني ببرود وقال: "ليلى، إن فقدتِ الطفل في بطنكِ، فهذا هو ديْنك لفريدة. لقد قتلتِ طفلها ذات يوم، والآن حان الوقت لسداد الدين."

ثم تابع بصوت بارد كالجليد: "أما عن الطفل الذي تحملينه... إن كان لي حقًا أم لا، فأنتِ أدرى بذلك، سأعتبره لم يكن له وجود من الأساس."

تسلل صقيع كلماته إلى أعماقي حتى ارتعش جسدي كله، أردتُ أن أصرخ، أن أشرح له، أن أدافع عن نفسي.

"كيف يكون طفلي ليس منك؟ أنا لم—"

لكن قبل أن أكمل، بدأ رجال الإنقاذ في العمل، وانقلبت الصخور العملاقة فوقي، لتبتلعني العتمة تمامًا.

تجمد قلبي كما لو أن الجليد احتل كل زاوية فيه... سبع سنوات من الحب، وطفلٌ في أحشائي، لكن كل ذلك لم يكن كافيًا ليعادل مكانة فريدة في قلبه.

بل وصل به الأمر إلى حد إنكار طفله من أجل إنقاذ فريدة.

وهكذا... متُّ.

روحي الآن تطفو في الهواء، أراقبهم وهم يسحبون فريدة من تحت الأنقاض.

وعلى الجانب الآخر... كان زوجي يحتضنها بلهفة، ووجهه يضيء بسعادة من استعاد ما ظن أنه فقده.

بدا أن أحد زملائه لم يحتمل المشهد، فاقترب منه وهمس له بتردد:"أخي ماهر، ما زلنا لم نعثر على زوجتك"

لكن رده جاء باردًا، قاسيًا، كطعنة في الصدر:"إن لم تجدوها، فاستمروا في البحث، لماذا تخبرونني بذلك؟"

شعرتُ وكأن صقيعًا اجتاح قلبي.

أنا زوجته... أنا أم طفله... ومع ذلك، حياتي أو موتي لا تعني له شيئًا، لا تزن عنده أكثر من غياب شخص خرج للعشاء ولم يعد بعد.

في تلك اللحظة، تمتمت فريدة بصوت ضعيف وهي تتشبث به كطفلة مذعورة:

"أخي... كنت خائفة جدًا، عندما ضرب الزلزال، ظننت أنني لن أراك مجددًا... بطني يؤلمني، هل يمكنك أخذي إلى المستشفى؟ أخشى أن يصيب طفلي مكروه."

فحملها بين ذراعيه ورحل... رحل بكل بساطة، بخطوات ثابتة، دون أن يلتفت، دون أن ينظر ولو مرة واحدة إلى حيث أُحتضر في العدم.

في تلك اللحظة، شعرتُ بشيء من الراحة، راحة لم أكن أتوقعها.

كم أنا محظوظة لأنني متُّ، لأني لن أضطر إلى مواجهة هذه الحقيقة القاسية، لن أضطر إلى العيش مع هذا الألم.

Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • لم يعد للحب أثر   الفصل 11

    في يوم جنازتي، اعتنى ماهر بمظهره جيدًا، وارتدى البدلة السوداء التي كنت أحبها كثيرًا، ثم حضر جنازتي.كان سامح، في الأساس، لا يسمح له بالحضور، لكنه في النهاية رضخ لإقناع أمي، التي قالت إن ماهر في النهاية كان زوجي الشرعي.سيحضر الأهل والأصدقاء جميعًا جنازتي. لقد متُّ بالفعل، ولا يمكنني أن أتحمل أن يُقال عني كلام سيئ حتى بعد وفاتي.حضرت حماتي، وكانت تبدو أكثر ضعفًا وهزالًا، وكأنها شاخت عشرات السنين فجأة.ظل ماهر راكعًا أمام قبري طوال الوقت، متوهمًا أنه يكفّر عن ذنوبه، لكن حتى بعد موتي، لا أستطيع إلا أن أشعر بالاشمئزاز منه.بعد انتهاء الجنازة، عاد ماهر إلى تلك الشقة الصغيرة.أما فريدة، فقد كانت على وشك الموت من الجوع بعد ثلاثة أيام من الحرمان، وبمجرد أن رأت ماهر، انتابها الخوف غريزيًا."أخي، أنا أدركت خطئي. لم يكن يجب أن أنتحل شخصية زوجتك، لم يكن يجب أن أعود، لم يكن يجب أن أفرق بينكما، أنا حقًا عرفت خطئي."كان الخوف واضحًا في عينيها؛ كانت تخشى أن يتركها ماهر لتموت جوعًا."أخبريني، كيف مات ذلك الطفل بالضبط؟ هل كانت ليلى هي من دفعتك؟"كانت فريدة مترددة بوضوح، غير متأكدة مما إذا كان عليها قول

  • لم يعد للحب أثر   الفصل 10

    لم أتوقع أن يأتي سامح إلى المستشفى مرة أخرى في اليوم التالي. دخل الغرفة دون أن ينطق بكلمة، ثم أمسك بياقة ماهر وسحبه مباشرةً خارج الغرفة.صرخ ماهر بغضب بعدما جُرَّ خارجًا:"ماذا تفعل؟ هل جننت؟"نظر إليه سامح بوجه متجهم، وقال ببرود:"أنت لا تصدق أن أختي قد ماتت، أليس كذلك؟ اليوم سأجعلك ترى بنفسك إن كانت قد ماتت حقًا أم لا."ثم سحبه بقوة خارج المستشفى.حاول ماهر التملص وهو يقاوم بشدة:"ما هذا الجنون؟ لن أذهب!"سحب سامح ماهر خارج المستشفى بوجهٍ متجهم."ألستُ من لا يصدّق؟! إذن لماذا ترفض؟! تعال وانظر بنفسك أيها الحقير!"ورغم رفض ماهر الشديد، إلا أنه لم يستطع الإفلات من قبضة سامح، الذي جرّه بالقوة إلى المشرحة.عندما وصلا، أوقفه سامح أمام الثلاجة التي تحتضن جثتي، ثم دفعه نحوها بقوة وأجبره على النظر إليّ، إلى جسدي المجمّد.بمجرد أن وقعت عيناه على جثتي، أغمض ماهر عينيه لا إراديًا، وتمتم:"هذه ليست ليلى! لا يمكن أن تكون هي! تلك المرأة كانت أنانية وشريرة للغاية، كيف يمكن أن تموت؟!""ممَّ تخاف؟ افتح عينيك وانظر إلى زوجتك! انظر كيف ماتت! ماتت وهي تحاول بكل قوتها حماية طفلك، بينما كنت أنت مع تلك العاهر

  • لم يعد للحب أثر   الفصل 9

    كنت أراقب هذا المشهد المليء بالود والانسجام بينهما، في تلك اللحظة، شعرت بأن قلبي يتمزّق، وكأن سكينًا حادة مزّقت أوصاله.لو كنتُ ما زلتُ على قيد الحياة، لكنتُ بالتأكيد عقبةً بينهما.لكنني الآن أدركتُ أن التوقف عن حبّ شخصٍ ما لا يحتاج إلى وقت طويل، بل يكفي لحظةٌ واحدةٌ فقط.تلك المشاعر التي كنت أتمسك بها بجنون تجاه ماهر تلاشت تمامًا في طرفةِ عين.كنت أراقبه وهو يواسي فريدة بلطف، يستمع إليها وهي تتحدث عن المستقبل الذي تخطّط له معه، يتخيّلان معًا حياة سعيدة، وكأنهما أسرة صغيرةٌ مثالية.لقد توقّفت عن حبه، لكن لماذا ما زلت أشعر بهذا الألم العميق؟كنت أظن أنه بمجرد أن أتوقّف عن حب ماهر، سأتمكّن من الابتعاد عنه، لكنني ما زلت عالقة بجانبه، لا أستطيع مغادرته.شاهدته وهو يهدّئ فريدة حتى نامت، ثم غادر المستشفى بسيارته. تبعته دون تفكير.توجّه إلى متجر مستلزمات الأطفال، وبدأ بشراء أشياء تخصّ الرضّع.شعرت بوخزة في قلبي،فعندما عرفت بأمر حملي،كنت قد ألححتُ على ماهر ليأتي معي لشراء مستلزمات الطفل ولكنه رفضني ببرود قائلاً إنه مازال مبكرًا جداً وننتظر حتي يولد الطفل.أما الآن، فأراه يقف هناك بكل سعادة، ي

  • لم يعد للحب أثر   الفصل 8

    اتسعت عيناي من الصدمة، غير مصدقة ما سمعته للتو. ماذا قال ماهر!صرخ سامح بغضب، وعروقه تكاد تنفجر:"ما هذا الهراء الذي تتفوه به؟! إنها أختي! حتى لو لم تكن شقيقتي بالدم، فقد اعتنت بي منذ الصغر! كيف تجرؤ على التفوه بهذه القذارة؟!"كانت أمي تنظر إلى ماهر بذهول، وكأنها تراه لأول مرة، ثم قالت بصوت ممتزج بالغضب والألم: "ماهر، ابنتي لم تفعل شيئًا يجعلك تتهمها بهذا الشكل! حتى لو لم يكن سامح شقيقها بالدم، فهذا لا يعطيك الحق في إهانتهما بهذه الطريقة!""أنا لم أختلق شيئًا، هم من يعرفون الحقيقة جيدًا. لقد رأيت سامح بنفسه يخرج من غرفة ليلى في منتصف الليل، وإن لم يكن بينهما شيء مشبوه، فما الذي كان يفعله هناك؟! وبعد شهرٍ واحد فقط، أصبحت ليلى حاملًا! فلتخبروني إذًا، من يكون والد الطفل؟" قال ماهر ببرودة، وهو ينظر إلى سامح.كنت أنظر إلى ماهر، أشعر ببرودة تسري في روحي. لم أتخيل يومًا أنني في نظره مجرد امرأة بلا حياء، لكني أتذكر تلك الليلة جيدًا. كنت أعاني من التهابٍ معديّ حاد، وكان سامح هو من أخذني إلى المستشفى. احتجت إلى البقاء هناك، لذا عاد سامح إلى المنزل ليُحضر لي بعض المستلزمات والملابس.وعندما عاد إل

  • لم يعد للحب أثر   الفصل 7

    عندما وصلوا إلى المستشفى، كان ماهر ممسكًا بوعاء حساء الأرز باللحم المفروم، يطعم فريدة بلطف.وقفت أنظر إليهما، يبدوان وكأنهما عاشقان متناغمان، فشعرت بوخزة خفيفة في صدري، لكن الألم لم يكن كما كان من قبل.ربما لأنني متُّ بالفعل، فلم يعد هناك ما يهم. كل شيء أصبح بلا معنى. الموت جعلني أنظر إلى الأمور ببرود. على الأقل، لم يعد بإمكانهما إزعاجي كما كانا يفعلان عندما كنت على قيد الحياة.لكن الشخص الذي لم يستطع التحمُّل كان سامح.كانت عيناه مشتعِلتين بالغضب وهو يحدّق في ماهر، وعندما رأى ذلك المشهد المقزّز أمامه، شعر بالغضب يتفجَّر داخله. لم يتمالك نفسه، فاندفع نحوه ولكمه بقوة، ليطرحه أرضًا، ثم انهال عليه بالركل والضرب."أيها الوغد! أختي كانت عمياء تمامًا حين أحبتك، أيها الحيوان القذر! لم يمر وقت على وفاتها، وأنت هنا تواسي هذه العاهرة بلا خجل! هل تظن أنها سترقد بسلام بعد كل هذا؟!"كان سامح غارقًا في غضبه، وكأنه يريد قتله في تلك اللحظة.لكن ماهر لم يكن من النوع الذي يسمح لأحدٍ بضربه دون رد، فنهض فورًا وبدأ يقاتله بعنف.كانت المعركة بينهما شديدةً لدرجةٍ أنه كان من المستحيل التفريق بينهما، ولم يتوقف

  • لم يعد للحب أثر   الفصل 6

    تم العثور على جثتي بعد يومين، عندما وُجدت، كان جسدي ووجهي مليئين بالجروح بدرجات متفاوتة، لكن يداي ظلّتا متمسكتين ببطني بشدة حتى بعد الموت.بمجرد اكتشاف جثتي، حاول رجال الإنقاذ التواصل مع زوجي، لكنهم لم يتمكنوا من الوصول إليه، فاضطروا إلى الاتصال بأمي وحماتي بدلًا من ذلك.عندما وصلت أمي إلى موقع الحادث ورأت جثتي، انهارت باكية حتى أغمي عليها. ولم تكن حماتي أفضل حالًا، فقد فقدت وعيها في اللحظة نفسها.بعدما استعادتا وعيهما، ذهبتا لإنهاء إجراءات شهادة الوفاة، ثم نُقلت جثتي إلى دار الجنائز.حاولت كلُّ من أمي وحماتي الاتصال بماهر مرارًا، لكنه رفض الرد على مكالماتهما، بل قطع الاتصال بهما دون أدنى اهتمام.عندما وصل سامح إلى المشرحة ورآني ممددة داخل ثلاجة الموتى، لم يستطع التماسك.ذلك الرجل الذي يزيد طوله عن متر وثمانين سنتيمترًا انهار باكيًا كالأطفال."أختي ليلى، كان يجب أن أمنعكِ من الزواج بذلك الوحش منذ البداية!"كان يجب أن أقنعكِ بالطلاق في وقت مبكر، ربما لما كان انتهى بكِ الأمر بهذه الطريقة البشعة!"بكى سامح بحرقة، وأنا كنت أنظر إليه بحزن وأطلقت تنهيدة طويلة.كنت أريد إخباره أنه لا فائدة من

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status