آڤامرّ حوالي شهرين منذ أن احترق منزلي بالكامل، وخلال تلك الفترة لم يحدث لي شيء يُذكر.لم تكن هناك أي هجمات أخرى. الأمور كانت هادئة، وكنت أُمني نفسي بأن ذلك الحقير قد تراجع عن فكرة قتلي.لكن القائد نصحني بألّا أرفع سقف آمالي. طلب مني أن أظل على حذر وأن أبقى يقظة.برأيه، أشخاص كهؤلاء لا يتراجعون بسهولة. قال إن من حاول إيذائي على الأرجح ينتظر اللحظة المناسبة، يخطط في الظل، ويتحين الوقت المثالي ليهاجم.أنا أتفهم منطقه، لكن من الصعب ألّا أتفاءل وسط هذا الهدوء، من السهل أن يطمئن المرء ويُسقط حذره عندما يبدو أن التهديد قد زال.بصراحة، كانت هذه الأشهر القليلة من أجمل ما عشته في حياتي، لا تقارن طبعًا باللحظات التي أقضيها مع نوح، لكنها كانت جيدة بما يكفي لتمنحني بعض السلام.وما جعلها بهذه الروعة... كان إيثان، كل لحظة أمضيتها برفقته كانت كفيلة بأن تُعلّمني شيئًا جديدًا عن نفسي.أعشق البقاء بقربه، وإن كنتُ صادقة مع نفسي، فعليّ أن أُقرّ بأن مشاعري تجاهه بدأت تتجاوز حدود الإعجاب.إنه كل ما كنت أتمنى أن يكونه رووان، لطيف، حنون، ويولي اهتمامًا حقيقيًا. ناهيك عن العلاقة الحميمة الرائعة بيننا، كل مرة ي
"لا شيء… فقط كنت بحاجة إلى سماع صوتك."، أجبت ببساطة، وصوتي يخونني في نهايته."هل أنت بخير يا عزيزي؟"، سألت أمي بقلق، وقلقها كان واضحًا في نبرتها.ابتسمت عند سماعي اسم التدليل الذي تناديني به منذ أن كنت طفلًا، "أنا بخير، فقط مرهق من ضغط الشغل… لا أكثر.""أنت تعمل كثيرًا، تحتاج لإجازة أو أي شيء يريحك. ليس وكأنك لا تستطيع تحمّل تكلفتها."، ضحكت برقة.سمعت صوت حركة، ثم صوت الأواني والمقالي المألوف، كانت تطبخ أو تخبز، ويمكنني أن أراهن بكل أموالي أنها كانت تخبز. كانت تعشق الخَبز أكثر من أي شيء آخر."سآخذ إجازة عندما تهدأ الأمور… هناك الكثير من الفوضى الآن."، كذبت جزئيًا.مع كل ما يخيّم فوق رأسي من كارثة وشيكة، أشك أنني سأحظى بتلك الإجازة. أنا لست شخصًا جيدًا، أعلم ذلك جيدًا، لكن هذا لا يمنعني من أن أدعو في سري أن تسير الأمور كما أريد."حسنًا"، استسلمت أخيرًا، "لكن على الأقل، خذ عطلة نهاية أسبوع، فقط للاسترخاء. سيكون ذلك مفيدًا لك، سينقي ذهنك، وربما ترى الأمور من منظور جديد،" قالتها بنبرة حكيمة.وهذا أحد الأسباب التي تجعلني أحب أمي بشدة. دائمًا ما تقدم أفضل النصائح، واحدة من أذكى النساء اللوات
من وجهة نظر مجهولةأمشي ذهابًا وإيابًا في شقتي، أعصابي مشدودة، وقلبي ليس على ما يرام. حاولت الاتصال بذلك اللعين مرارًا، لكنه لا يجيب.صمته منذ أن أحرق منزل آفا هو أكثر ما يرعبني… لأنني لا أعلم ما الذي يُخطط له، وإن لم أعرف خطته، فلن أتمكن من صدّها… خصوصًا لو أخطأ كما فعل الأفعى السوداء من قبل.رفعت هاتفي واتصلت بأحد رجالي."سيدي؟" ردّ بليك في أول رنّة."هل تمكنت من العثور عليه؟"، سألت بقلق.أنا لست ممن يقلقون عادة. لا أتوتّر بسهولة، لكن هذه المرة مختلفة. لدي شعور سيئ للغاية… شعور لعين بأن شيئًا كبيرًا على وشك الحدوث."لا... كأنه تبخّر من الوجود."، قالها لتتفجّر الشتائم من فمي، "لا أحد تمكّن من العثور عليه."حين علمت أن الأفعى السوداء قد تم القبض عليه، عرفت أن عليّ التخلص منه فورًا. لم يكن سيستغرق الأمر وقتًا حتى تربطه الشرطة بي، لذا فجّرت دماغه قبل أن يفعل.كنت محقًا، لم يستغرقهم وقتًا طويلًا حتى اقتربوا منه، لكن لحسن الحظ، كنت قد تخلّصت منه مسبقًا.أعرف نوعية الرجال مثله، لأنه مصنوع من نفس العفن الذي خرجتُ منه. لو أمسكوا به حيًّا، لكان باعني في أول استجواب، لم يكن يكنّ لي ولاءًا، وكان
لقد فقد صوابه تمامًا. من الطبيعي أن يظل الناس في زواج بلا حب. تسع سنوات لم تغيّر حقيقة أنني لم أكن يومًا من معجبي آفا، وخاصة بعد ما فعلته لتجبرني على النوم معها."إذا كنت لا تزال مصرًّا على أنك لا تكنّ لها أي مشاعر..."، قال غيب بجدية، "فلماذا تغضب بهذا الشكل من علاقتها بإيثان؟""قلت لك مليون مرة"، صارخًا، "لم يكن ليهمّني لو ارتبطت بأي رجل آخر، لكن ذلك الشرطي... هناك شيء مريب بشأنه"كنا ندور في حلقة مفرغة، وكلما طال الحديث، ازداد غضبي. توقعت أن يكون غيب الشخص الوحيد الذي سيفهمني، لكنه، على ما يبدو، لا يفعل. بدلًا من ذلك، راح يلوّح بتلك الفكرة السخيفة أنني أغار من إيثان لأنني ما زلت أحب آفا."أنا أول من يعترف أن ما فعلته آفا قبل تسع سنوات كان خاطئًا، وقد عاقبناها بما فيه الكفاية. لكن... ماذا لو لم تكن تكذب؟ ماذا لو كانت تقول الحقيقة عندما ادعت أنها كانت مخمورة؟""هذا مستحيل.""حقًا؟ فكر بها جيدًا. كلّنا أردناك مع إيما... باستثناء آفا، بعد تلك الليلة، كنا نبحث عن شخص نعلّق عليه الذنب، وكان من الأسهل أن نوجّه أصابع الاتهام إلى الفتاة التي كانت مهووسة بك لسنوات، بدلًا من أن نواجه حقيقة أنكم
"رووان ما الذي حدث لوجهك؟"، سألني غيب وهو يحدّق في كمادة الثلج الموضوعة على وجهي."إيثان."، تمتمت دون رغبة في الخوض بأي تفاصيل. آخر ما أحتاجه الآن هو محادثة مع شقيقي.اللعنة... ما زلت لا أصدق أنني دخلت في عراك مع ذلك الأحمق، تركت كلماته تستفزني حتى فقدت أعصابي."الشرطي؟"، سأل بفضول، "حبيب آفا الجديد؟" انفجرت عند سماعه ذلك، أمسكت كمادة الثلج ورميتها بعنف نحو الحائط، ثم صرخت، "هو ليس رجلها اللعين"، نهضت من مكاني، والغضب ينهش صدري.ما زلت عاجزًا عن تصديق أنها لا ترى ما أراه، ذلك الرجل يخفي شيئًا، وكل خلية في جسدي تصرخ أن هناك خطبًا ما.لم أتمكّن من العثور على شيء يدينه حتى الآن. تقاريره نظيفة، سجله لا يشوبه شيء، لكن حدسي يصرخ عكس ذلك. هناك شيء ما فيه لا يُريحني... شيء يخفيه، وحدسي لا يخطئ أبدًا."حسب ما سمعت، هو كذلك… ما الذي حصل بينكما؟" أخذت نفسًا عميقًا، أحاول تهدئة النار المشتعلة داخلي."كنا نساعد آفا في نقل الأثاث، وفجأة قال لي أن أبتعد عنها. قال إنها أصبحت له، وإنه لن يسمح لي بإفساد الأمور بينهما."حدّق بي غيب وكأنه لا يصدق ما سمعه، وكأنني فقدت صوابي تمامًا."حقًا؟ هذا هو السبب ال
فتحتُ باب المنزل، ثم استدرت لأواجههما، ستّ أيادٍ أفضل من أربع، خاصة أن بعض قطع الأثاث كانت ثقيلة، وسيكون من الأسهل عليهما حملها بدلًا من أن أتحمّل الأمر أنا وإيثان وحدنا."هلّا توقفتما عن التحديق ببعضكما وجئتما لتساعداني؟"، سألت بضيق حين لم يتحرك أحد منهما.تنهّد رووان ثم سار نحوي بخطى غاضبة، ولحقه إيثان بعد لحظات."ما أول قطعة ستنقلانها؟"، تمتمت حين لم يبادر أيّ منهما بشيء.كانا يثيران أعصابي حقًا، كنت واثقة أنهما لن يغادرا إن طلبتُ منهما البقاء، لكنهما أيضًا لا يساعدان، ولو علمت أن الأمر سيكون بهذا الشكل، لكنتُ استأجرت عمالًا وانتهى الأمر.أخيرًا، تحرك إيثان وأمسك طرف الأريكة، وبعد أن شدّ رووان فكه بوضوح، أمسك الطرف الآخر.نقلوها بصمت إلى غرفة المعيشة، بينما حملتُ الأشياء الخفيفة التي أستطيع حملها بنفسي.عملنا في صمت، حاولتُ فتح أي حديث، لكنهما بديا وكأنهما في مزاج سيئ جدًا.بعد نحو ثلاثين دقيقة، كنا قد نقلنا معظم القطع الثقيلة، وبينما كنت أُحضِر بعض الوسائد الصغيرة، سمعت صوت ارتطام عنيف. هرعتُ إلى الداخل، لأجدهما يتدحرجان على الأرض، ويتبادلان اللكمات."ابتعد عنها، أيها اللعين"، زمجر