All Chapters of ضباب حالم: Chapter 31 - Chapter 40

100 Chapters

الفصل 31

كانت هذه المرة الثانية التي تقول فيها نيرة له "التزم الأدب".أفلت باهر يده.سحبت نيرة يدها واستعدت للمغادرة.تقدمت خطوة إلى الأمام.لكنها لم تخرج من نطاق سيطرته. مدّ ساقه الطويلة عائقًا طريقها، مستفيدًا من طوله القريب من المتر وتسعين، ووضع يديه على جانبي ذراعيها، ممسكًا بالحائط خلفها، منحنيًا قليلًا لينظر إلى وجهها.لم يكن بينهما سوى مسافة كف اليد.تحديق باهر فيها كان ثابتًا لا يتزعزع.لم يفتته أي تعبير يمر على وجهها."في الصف الثاني الثانوي، لم يكن هناك أي شخص باسم نيرة الألفي.""إذن، من أنتِ حقًا؟"اهتزت داخليًا، وجمعت حاجبيها في تفكير عميق.في مطعم الزلابية، عندما سألها عن فصلها، أجابت نيرة بعفوية: "الثاني".لم تتوقع أنه ذهب حقاً للتحقق من الأمر."دكتور باهر، مكان دراستي الثانوية وفصلي لا علاقة لهما بك إطلاقًا. نحن لسنا معارف مقربين، وسلوكك الآن تجاوز تمامًا حدود العلاقة الطبيعية بين الطبيب والمريض. أنا..."تجنبت نيرة نظراته بشكل واضح."يمكنني تقديم شكوى ضدك."ابتسم ابتسامة رقيقة وكأن الأمر لا يعنيه، وذكر عنوان بريد إلكتروني، قائلًا: "هذا صندوق الشكاوى الداخلي للقسم، الشكوى من هنا ت
Read more

الفصل 32

أفلت باهر يده.علقت في أصابعه رطوبةٌ خفيفة.صاح بصوتٍ أجش: "اعذريني."تبع ذلك صمتٌ قصيرٌ طويل.حتى بعد مغادرة نيرة الحمام، بقي باهر واقفًا في مكانه.كانت مشاعره تُسحب بعنف بواسطة عوامل خارجة عن سيطرته.لم يعرف إن كانت تلك النظرة التي ألقتها المرأة بين الدموع، حاملةً سخريةً ذاتيةً وحزناً عميقًا.أم أن هذا الشخص الذي بدا له نوعًا ما مألوفًا، لم يكن كما ظن في قلبه.الحقيقة التي كان يحاول كشفها، والإحساس بالألفة الذي أثارته فيه.كانا بسبب ظل صفاء الخفيف الذي رآه فيها.عرف باهر أنها ليست صفاء.لكنه كان وكأنما سُحر.رغب في جمع شخصين مختلفين تمامًا في صورة واحدة.رفع يده، وضغط على جبينه المتعب."هذا حقًا جنون."هو نفسه كان مجنون.…يبدو أن ظهور اسم نيرة مفيد، هو ما أثار كل هذا.لأن نيرة قد نسجت كذبةً تجمع بين الحقيقة والزيف.عادت علاقتها مع باهر إلى نقطة توازن جديدة.خلال هذا الشهر، رأته مرتين.المرة الأولى: عندما جاءت إلى المستشفى للحصول على موعد، لتحصل على بعض الأدوية للسيدة شكرية.دخلت إلى عيادته، واستغرقت أربع دقائق فقط.قبل أن تخرج.كان تعامله معها لا يختلف عن تعامله مع أفراد عائلات المر
Read more

الفصل 33

خرجت نيرة من الحمام.تقدمت بضع خطوات ثم توقفت فجأة.كان الحمام واقعًا في زاوية الممر بجواره نافذة مفتوحة ومنطقة بسيطة للتدخين.كان باهر يرتدي قميصًا رماديًا فاتحًا يستند إلى جانب النافذة.والهواء يندفع بلطف من خلفه.كان باهر يستند إلى النافذة بين اصابعه سيجارة.اشتبها ثم اسقط يده بتلقائية وحال على ظهر يده عروق زرقاء واضحة.كان قد ثنى كمية إلى منتصف ساعديه.حيث تمتد العروق الزرقاء من ظهر يده إلى موضع الثنية.نظرت نيرة إليه بلا ارادة.فحاد باهر نظره عن هاتفه.عيناه باردتان ولكن حدقتاه سوداوان.لمحها فأومأ براسه بإجلال.فأومأت نيرة براسها أيضا.ثم اطبقت جفونها ومضت قدمًا.بينها وبين باهر لم يتجاوز التفاعل هذه الإشارة.بل بدا انهما يحافظان بقصد على مسافة بينهما.وفي اللحظة التي غادرت فيها نيرة، خرجت فتاة من الحمام ونادت على نيرة."انتِ ايتها الانسة سقط منكِ احمر الشفاه".لكن نيرة لم تسمع.…كانت نيرة جلست للتو، عندما أشارت إليها زميلتها التي تجلس بجانبها بإيماءة غامضة.فتحت نيرة هاتفها، حيث كانت مجموعة الدردشة المكونة من أربع عضوات تغص بالرسائل التي تجاوزت 99+ في لحظات:"لقد التقطت صورة لص
Read more

الفصل 34

كانت رولا مولعة بمتابعة مجلات الأزياء، وبما أنها تعمل في قسم العملاء فهي تتعامل مع مختلف الشخصيات.أخرجت هاتفها وبحثت عن تلك الساعة، وحين لم تسمع ردًا من نيرة، تابعت كلامها بنفسها: "إنها علامة تجارية نادرة، بتصميم مميز جدًا، حتى أنها أغلى من سيارته.فقط الخبراء الحقيقيون هم من يقدرون على شراء هذه الماركات المتخصصة.ما هي خلفية حبيب المديرة لينا هذا؟"كانت رولا تحب الثرثرة، بينما تميل نيرة إلى الهدوء. أثناء انتظارهما للسيارة على جانب الطريق، شعرت نيرة بنسيم هواء جلب معه برودة قارسة.في هذه اللحظة وصلت السيارة.صعدتا معًا.لم تشعر رولا بالملل من حديثها المنفرد، فهي تعرف طبيعة نيرة، لكنها لم تتوقع أن ترد عليها هذه المرة: "من خلفيات متشابهة على الأرجح. جد المديرة لينا كان قائد أركان سابقًا، وعائلة الطرف الآخر لا بد أن تكون مؤثرة أيضًا."أومأت رولا موافقة: "صحيح، هؤلاء الأثرياء يهتمون جدًا بمسألة التكافؤ في الخلفيات."بينما كانت السيارة تسير.عبرت عدة تقاطعات.وفجأة علقت في زحام مروري.من الملعب الرياضي القريب، كانت تندفع أصوات غنائية.تأوه السائق: "آه، لو كنت أعلم لما سلكت هذا الطريق."نظر
Read more

الفصل 35

سعلت من الدخان، أمسكت بملابسه على صدره، وسعلت عدة مرات، "هذا مكان المدرسة..."ألا يخاف أن يراه أحد؟كانت الساعة تقترب من العاشرة مساءً، لم يكن هناك أحد حولهم.في تلك اللحظة، كانت تنظر إليه بتوقع خفي.لأنها في ذلك الوقت كانت قد خسرت بعض الوزن.بدأت ملامحها الجميلة الأصلية تظهر.لا توجد فتاة لا تحب الجمال، ولا توجد فتاة لا تريد أن يراها من تحب في أجمل صورة، كانت تعلم أنه سيأتي اليوم، وأنها ستراه في المساء، حتى أنها وضعت مكياجًا.لكنه على ما يبدو لم يلاحظ ذلك.فقط سألها: "كم في اليوم؟""8 دولار." أجابت صفاء، وكان في عينيها بعض الخيبة. "ثمانية دولارات في اليوم للعمل الجزئي."ابتسم باهر بخفة. "لم أسأل عن شيء آخر، فيما تفكرين؟"نظر إلى ساعته."أنا هنا منذ السابعة والنصف، وشربت فنجانين من القهوة من صنعكِ، وأنتِ بالداخل لم تطلي حتى بنظرة إلى الخارج، يا صفاء، هل عيناكِ للزينة؟""رأيتك."لم تقل صفاء إن زميلتها كانت تعمل معها، ولو ذهبت إلى باهر سوف تُكتشف.في تلك الليلة، ذهبت صفاء إلى شقة باهر الفاخرة في وسط المدينة.أعطاها صندوق هدية وطلب منها فتحه.في الداخل كانت ساعة نسائية.نفس الموديل الذي ك
Read more

الفصل 36

في هذه الأثناء، اتصلت السيدة هويدا وسألته عن أحواله مع لينا.ثم تابعت قبل أن يجيب، "غدًا ستأتي والدة لينا إلى منزلنا، وأريد منك أن تكون متواجدًا".ضحك باهر، وهو يقود سيارته وقال لها، "هذا ممتاز يا أمي، وفّري عليّ العناء وارفضيها نيابة عنّي".تنهّدت هويدا وقالت، "آه يا صدري... أشعر وكأنني سأحتاج أن أتصل بالإسعاف الآن!"ابتسم باهر بهدوء وقال، "لا تضيّعي وقت الإسعاف يا أمي، إن كان صدركِ يؤلمكِ، فكل الأدوية موجودة في صيدلية المنزل، وإن اتصلتِ بهم، قد يطلبونني لأذهب للمناوبة".قبل ثلاث ساعات فقط، كانت هويدا قد اتصلت به أيضًا، تخبره أن ضغطها ارتفع ولن يطمئن قلبها إلا إن وافق على تناول العشاء مع لينا، فاضطر باهر أن يلين قلبه ويقبل الدعوة.زمجرت هويدا بخفة، "أيها الشقي، لقد عاد ضغطي ليرتفع مجددًا!"كانت هويدا وتيسير بمثابة رفيقتي لعب في نادي السيدات، تلتقيان أسبوعيًا للعب الورق، وهويدا راضية تمام الرضا عن لينا، وترى أنها زوجة مثالية لابنها.بالنسبة لها، سواء كانا منسابين أم لا، فلا بد أن يجرّب ابنها على الأقل ويمنحها فرصة.فقالت له بنبرة جادة، "اسمع، إن لم تعجبك لينا بالفعل، فسأرفضها بنفسي...
Read more

الفصل 37

كان سالم يعرف ابنه باهر كما يعرف كفّ يده.هذا الصغير كان منذ طفولته شديد الذكاء، يفوق شقيقيه كفاءةً وتميزًا.لو لم تقع تلك الحادثة المشؤومة... حادثة الاختطاف التي غيّرت مجرى حياتهم، لما أصبح باهر على ما هو عليه اليوم.كان يامن، توأم باهر، قطعة من روحه، وموته أمام عيني باهر كان جرحًا لا يندمل.خطفه المجرمون وعذّبوه حتى قضى نحبه، والطفل باهر يشاهد عاجزًا، وكأن طفولته كلها قُطعت معه.منذ تلك اللحظة، تغيّر الصغير الذي كان يومًا "الشيطان المدلّل" لعائلة الدالي، وتحول إلى شاب صامت، قليل الكلام، بارد الملامح، لا يقرّب أحدًا إلى قلبه.أما يزيد، الابن الأكبر للعائلة، فهو في الأصل ابن صديق قديم للعائلة، ربّوه بينهم حتى صار كواحد منهم، وكان باهر يقدّره احترامًا شديدًا.وكان سالم الدالي يتمنى أن يتولّى ولداه معًا إدارة مجموعة الدالي، لكن باهر اختار أن يترك التجارة، درس الطب وسافر للخارج سبع سنوات، رافضًا الدخول في أي صراع على السلطة داخل العائلة.لذا دائمًا كان سالم يشعر أنه مقصّر في حق ابنه باهر، وأن عليه أن يعوّضه ما استطاع.تنهد وقال لزوجته هويدا، "تلك الفتاة... أظن أن باهر ما زال يحملها في قلب
Read more

الفصل 38

حصل باهر على إجازة يوم الخميس.في فترة بعد الظهر، وجد وقتًا لحجز موعد في قسم الطب النفسي، وكان الحجز في مستشفى الحياة، وهي بعيدة قليلًا عن مستشفى الشفاء، بل تقع في حي آخر، في حي الصفوة.فهو في النهاية طبيب مشهور في مستشفى الشفاء، يُعد من أبرز أطباء الجيل الجديد، ومع الحملات الدعائية التي تقوم بها المستشفى عنه، صار معروفًا بين زملائه. ورغم أن زيارة قسم الطب النفسي ليست أمرًا مخجلًا، ومعظم الناس اليوم يعانون من بعض الاضطرابات النفسية، إلا أن باهر شعر لأول مرة بما يشعر به المريض الذي يهاب الاعتراف بمرضه.حين وصل إلى باب العيادة، وقف لحظة وضحك ساخرًا من نفسه؛ إذ فهم أخيرًا معنى أن يخشى المريض مواجهة مرضه. لم يكن يرغب حقًا في أن يبوح بمكنونات قلبه لشخص غريب، ومع ذلك لم يجد سبيلًا آخر لتخفيف ما يعانيه، فمد يده ودفع الباب ودخل.كانت الطبيبة التي استقبلته تحمل اسم العائلة "كارم". سألته بعض الأسئلة الروتينية، فأجابها باهر بصوت متزن وهو يصف حالته النفسية في الأيام الأخيرة.نظرت الطبيبة إليه وسألته، "هل تحبها؟ تلك التي كانت أول حبّ في حياتك".عقد باهر حاجبيه، وصمت بضع ثوانٍ، ولم يجب عن السؤال.نظ
Read more

الفصل 39

في تلك السنة، حين نطق باهر بذلك الطلب، كان في داخله شيء من الحرج ومن الرغبة في رفضها.نظرت الطبيبة إليه مرة أخرى؛ كان الرجل أمامها يحمل ملامح "ابن السماء المدلل"، لكنه في مشاعره يبدو ككتلة معقدة من الخيوط المتشابكة. يقول إنه لا يحبها، لكنه يغضب لأنها أعادت إليه الهدايا. يصفها بالغباء، لكنه شاهدها وهي تجتهد بكل قوتها. ينفي حبّه لها، لكنه يتذكر تفاصيل حياتهما معًا بدقة مؤلمة.وربما، كما فكرت الطبيبة، أن الحب لا يكون دومًا من النظرة الأولى لجمالٍ يأسر القلب. قد يبدأ بالإعجاب أو بفتنة العيون، لكنه لا يثبت إلا مع طول العشرة ومعرفة جوهر الطرف الآخر.والفتاة التي يتحدث عنها باهر، لم تكن ربما قد جذبته بجمالها أول لحظة، لكنها تركت في قلبه ندبةً لا تزول.سألته الطبيبة بهدوء، "لماذا انفصلتما إذن؟"قال بصوت منخفض، "كنتُ مضطرًا للسفر للدراسة".كان هذا قراره الذي لم يكن يملك رفاهية تغييره.كان يمكنه البقاء في مدينة الزهور، لكنه لم يرد أن يخذل أخاه الأكبر.هو نفسه من تخلى عن موقع الوريث لمجموعة الدالي.فحادثة الاختطاف التي عاشها في طفولته أخذت منه أخًا لم يعد أبدًا، وتركت في داخله ظلًّا لا يزول.ومنذ
Read more

الفصل 40

انقشع الضباب، وانكشف ما في القلب.وقف باهر في مكانه، وجهه ما زال هادئًا متماسكًا كعادته، لكن قبضته اشتدت على مقبض الباب.قالت الطبيبة بصوت رزين، "سيد باهر، في الحقيقة، ومن وجهة نظر فتاة، بعد أن سمعت قصتك، هناك أشياء أود أن أخبرك بها".ثم أردفت قائلة، "ربما هي لم تكن ترفض أن تشاركك حياتها، بل كانت خجولة، وحساسة، وهشة. في وصفك لها، لم تكن فتاة تجذبك بجمالها، بل كانت ممتلئة الجسد، واستعملت شيئًا ما، طريقة ما، لتجبرك على أن تصبح حبيبها.لكنها أيضًا كانت تدرك أن علاقتك بها لن تدوم طويلًا.لقد كانت مجتهدة، تعمل بجد، طيبة القلب، تشبه عود حشيش صغير ينمو تحت شمس حارقة لكنه يظل واقفًا يقاوم. كانت في أيام الضيق تستطيع أن تجوع أسبوعًا كاملًا فقط لتتمكن من إنقاذ قطة شاردة. كنت تراها حمقاء، لكنك كنت تنجذب إليها رغمًا عنك. لأنك في أعماقك، أردت أنت أيضًا إنقاذ تلك القطة. أنت وهي كليكما طيبان وناعمَا القلب، لكن القشرة الخارجية لكما مختلفة"."لقد استخدمت وسيلة ما لتجبرك على أن تكون حبيبها، لكن سيد باهر، هل فكرت يومًا أنها حين فعلت ذلك، كانت في الوقت نفسه تتخلى عن أشياء عزيزة عليها؟""لقد عاشت طوال حياته
Read more
PREV
123456
...
10
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status