Share

الفصل 615

Author: سيد أحمد
أوصل أحمد زوجته سارة إلى المنزل بعد أن ارتاعت مما جرى في السوق، وما إن جلست حتى قالت بهدوء: "أحمد، اليوم صادفتُ في السوق شخصًا غريبًا..."

لكن أحمد كان مشغولًا للغاية، لم يهدأ هاتفه طيلة الطريق، ورنّ مجددًا ليقطع كلام سارة.

أجاب سريعًا: "حسنًا، سأمرّ حالًا."

أنهى المكالمة والتفت إليها قائلًا: "حبيبتي سارة، ما الذي أردتِ أن تخبريني به؟ ماذا جرى معكِ في السوق؟"

تنهدت سارة بخفوت وقالت: "لا شيء مهم، اذهب لشغلك أولًا، فقط عدْ باكرًا."

"حسنًا".

ثم مدّ يده ليمرّرها على رأسها برفق قبل أن يستدير ويغادر.

بقيت سارة شاردة تفكر في ذلك الغريب، حتى وإن لم يكن شريرًا، فربما الأمر لا يستحق القلق.

لكنها في أعماقها ظلت تخشى أن تكون الأحداث قد بلغت نقطة لا عودة منها، وأن القادم سيحمل ما هو أعقد.

أما أحمد، فجلس في المقعد الخلفي للسيارة والسماء الملبّدة بالغيوم تزيد وجهه قسوة وكآبة.

خالد و محمود ما زالا محتجزَين، وسارة تعرّضت لهذا الموقف، ولا عجب أن حالته النفسية كانت في أسوأ صورها.

لم يكفّ عن متابعة مسار الرأي العام على الشبكة.

قال له أحد رجاله: "سيدي الرئيس أحمد، لقد بلغ الأمر هذا الحد، ألا ينبغي أن نتحرك
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 616

    نهضت سناء ببطء، وعندها فقط انتبه أحمد إلى أنّ ساقيها من الركبة وما دون لم تعودا بشريتين، بل آليتين يكسوهما المعدن.قال أحمد بدهشة ظاهرة: "ساقاكِ…"ابتسمت هي وشفتيها الملطختين بالحمرة القانية ترتجفان بابتسامة ساخرة: "غريب؟ حين ألقيتَ بي يومها كان عليك أن تتوقّع أنّ أي شيء قد يحدث."لكن كلماتها تلك لم تُرضِ أحمد، بل لم يكلّف نفسه حتى عناء تصحيحها، فاكتفى بنبرة باردة: "أخبريني، ماذا تريدين؟"لم تكن سناء تتوقع أن يبقى على هذا القدر من الهدوء بعد أن رأى ساقيها، فظهر في عينيها شيء من الضيق.ومع ذلك كتمت حنقها وأجبرت ابتسامة على شفتيها: "أعرف أنّك لستَ بحاجة إلى المال، لذا لن أطلبه منك، أريدك فقط أن تبقى معي ليلة واحدة."توقف أحمد عن تقليب الصور بين يديه، وكأنّه لم يسمع جيّدًا."ماذا قلتِ؟"لم تُبدِ سناء أي حرج، بل على العكس، ومض في وجهها بريق جنون وهي تنحني فجأة لتعانقه من الخلف.قطّب أحمد جبينه بشدة، وأمسك بها ليفصلها عنه.لم تستطع ساقاها الاصطناعيتان حمل جسدها، فسقطت أرضًا.همست والدموع في عينيها: "أنتَ لا تزال قاسيًا كما كنتَ يا أحمد."دفع أحمد الكرسي ونهض، في عينيه قسوة أشبه ببرودة الثلج

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 615

    أوصل أحمد زوجته سارة إلى المنزل بعد أن ارتاعت مما جرى في السوق، وما إن جلست حتى قالت بهدوء: "أحمد، اليوم صادفتُ في السوق شخصًا غريبًا..."لكن أحمد كان مشغولًا للغاية، لم يهدأ هاتفه طيلة الطريق، ورنّ مجددًا ليقطع كلام سارة.أجاب سريعًا: "حسنًا، سأمرّ حالًا."أنهى المكالمة والتفت إليها قائلًا: "حبيبتي سارة، ما الذي أردتِ أن تخبريني به؟ ماذا جرى معكِ في السوق؟"تنهدت سارة بخفوت وقالت: "لا شيء مهم، اذهب لشغلك أولًا، فقط عدْ باكرًا.""حسنًا".ثم مدّ يده ليمرّرها على رأسها برفق قبل أن يستدير ويغادر.بقيت سارة شاردة تفكر في ذلك الغريب، حتى وإن لم يكن شريرًا، فربما الأمر لا يستحق القلق.لكنها في أعماقها ظلت تخشى أن تكون الأحداث قد بلغت نقطة لا عودة منها، وأن القادم سيحمل ما هو أعقد.أما أحمد، فجلس في المقعد الخلفي للسيارة والسماء الملبّدة بالغيوم تزيد وجهه قسوة وكآبة.خالد و محمود ما زالا محتجزَين، وسارة تعرّضت لهذا الموقف، ولا عجب أن حالته النفسية كانت في أسوأ صورها.لم يكفّ عن متابعة مسار الرأي العام على الشبكة.قال له أحد رجاله: "سيدي الرئيس أحمد، لقد بلغ الأمر هذا الحد، ألا ينبغي أن نتحرك

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 614

    كانت الحادثة قبل قليل في غاية الخطورة، وسرعان ما وصلت الشرطة إلى المكان، أما أولئك المارة الذين تبعوا الفوضى فقد أصابهم الرعب جميعًا، وتم اقتيادهم إلى المركز.كان على سارة أن تذهب إلى المستشفى فورًا لتلقي العلاج، لذا لم تتمكّن من الذهاب مباشرةً لتسجيل أقوالها.لحسن الحظ، لم تكن مساحة الجرح كبيرة، وبفضل إسعافها السريع لم تتحول الأمور إلى كارثة.أجرت لها المستشفى علاجًا إضافيًا، وعندها فقط اطمأنت السيدة هالة، وزفرت تنهيدة ثقيلة.قالت بصوتٍ يرتجف: "سيدتي، الحمد لله أنّكِ تداركتِ الأمر بسرعة هذه المرة، وإلا لكانت النتيجة وخيمة".ربّتت سارة على كتفها بلطف قائلة: "لا تخافي، ها أنا بخير، لكنكِ يا لهذه الطيبة! في تلك اللحظة الخطيرة وقفتِ أمامي لتصدّي عني، لو أن الحمض كله أصابكِ لكانت العواقب وخيمة".ما إن ذكرت الأمر حتى فاض غضب المربية: "من كان يتوقع أن يكون ذلك الحقير بهذه الخسة! ظننتُ أقصى ما سيفعله هو رمي طلاء أو دهان، لم يخطر ببالي أبدًا أن يكون حمضًا مركزًا".قالت سارة بجدية: "هؤلاء الناس جاءوا مستعدين، ولا يمكن قياس تصرفاتهم بالعقل العادي، لقد أخفتكِ اليوم، أليس كذلك؟""لا، سيدتي، أرجوكِ

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 613

    السيدة هالة لم تكن سوى امرأةٍ في منتصف العمر تعمل في إعداد الطعام، ولم تكن تعرف شيئًا عن الأحداث الصاخبة التي تملأ الإنترنت.أما سارة فلم تكن تعلم سوى أنّ خالد قد اعتُقِل ظلمًا، ولم تدرك أنّ الأمر قد تصاعد إلى هذا الحد على أرض الواقع.فجأة ناداها أحدهم، فتطلعت بدهشة إلى تلك المجموعة من الناس، هي والسيدة هالة لم تدركا ما الذي يجري.وفجأة تحوّلت جميع الرؤوس نحوها، فرأت أن بعض الرجال والنساء يحملون لافتات، وآخرين يحملون دلاءً بداخلها مواد ملونة زاهية، ويبدو أنها طلاء أو ما شابه.وما إن وقعت أعينهم على سارة، حتى اندفعوا نحوها وكأنهم زومبي.فأسرع الحراس ليقفوا حاجزًا بينهم وبينها.فيما هتفت السيدة هالة بقلق: "سيدتي، أرجوكِ ابتعدي".لكن فجأة دوّى خلفها صوتٌ غاضب إلى أقصى حد: "أيتها الرأسمالية القاسية، اذهبي وادفعي حياتكِ ثمنًا لوفاة ماهيتاب".وعندما التفتت سارة رأت شخصًا يهرع نحوها حاملاً شيئًا، قبل أن يرشّه عليها.صرخت السيدة هالة: "سيدتي، احذري"، وأسرعت لتقف أمامها.غير أن سارة كانت أسرع في ردّ فعلها، فدفعت السيدة هالة بيد، وباليد الأخرى أمسكت بحقيبتها لتصدّ جزءًا من السائل المتطاير.سقطت

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 612

    كان واضحًا أنّ الرجل يعرفها، غير أنّ ملبسه وهيئته يوحيان بأنّه يتعمّد إخفاء نفسه، بينما الهالة التي تحيط به لا تشبه أبدًا هالة شخص عادي، بل تنضح بالخطر.ومع ذلك، فإنّ هذا الرجل الغامض كان يحتضن في ذراعيه طفلين رضيعين، في مشهد أشبه بنمرٍ مفترس يشمّ وردة برفق.لو قيل إنّه مهرب أطفال، فأيّ مهربٍ سيرضى بإنفاق هذا القدر من المال على شراء ملابس للأطفال؟رفعت سارة عينيها فرأت بطاقات الأسعار، فحتى أبسط قطعة صغيرة من الملابس تجاوز سعرها بضع المئات، فضلًا عن الحفاضات وحليب الأطفال، إذ كان يدفع أمامه عربتين ممتلئتين عن آخرهما.ويكفي أن تُقدّر قيمة إحداهما بعدة آلاف، فأيّ مهربٍ يصرف بهذه البذخ؟كان الطفلان ما يزالان يبكيان، ولم تظهر على الرجل أيّ علامة ضجر، بل أخرج من جيب معطفه مصّتين صغيرتين.كلّ منهما داخل كيس معقّم مُحكم الغلق، ما يدل على أنّه عقّمهما قبل مغادرة المنزل.ثم أدخل كلّ مصّة في فم أحد الطفلين، فتوقّف البكاء أخيرًا.رأت سارة الطفلين وقد أسندا رأسيهما كلّ على كتف الرجل، وعلى خدّيهما الممتلئين دموع لم تجف بعد.وعيناهما الواسعتان تحدّقان في اتجاهها، وأنفيهما محمران، في ملامح بريئة وطيّع

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 611

    مع أنّ الطفلة لم تكن تعرفها، إلا أنّ صوت بكائها جعل قلب سارة ينقبض بشدّة.اقتربت بصمت من الرجل طويل القامة، ثم قالت بهدوء: "هل تحتاج إلى مساعدة؟"وما إن أنهت جملتها، حتى شعرت – أو لعلها توهّمت – بأن جسد الرجل قد تصلّب فجأة.كان يدير لها ظهره، ومع ارتدائه للكمامة لم تستطع رؤية ملامحه.أسرعت تشرح بنبرة ودّية: "يا سيّدي، لا تسئ الفهم، لكنني رأيتك وحدك مع طفلين صغيرين، وقد يكون الأمر صعبًا عليك قليلًا."ظلّ الرجل صامتًا، بينما الطفلة في العربة زاد بكاؤها حدة.جميع نظرات سارة انشدّت نحو الصغيرة، كانت ترقد في عربة بلون أبيض مائل للّبن، ترتدي ملابس وردية متصلة، تبكي حتى انكمشت ملامح وجهها، وارتسمت على بشرتها البيضاء الناعمة ملامح مظلومة.بادرت سارة إلى حملها بسرعة، ولم يمانع الرجل.ابتسمت لها بحنو وقالت: "هيا يا صغيرتي، هل أنتِ جائعة؟ كوني هادئة ولا تبكي."كان لصوتها وقع عجيب، فالطفلة التي كانت تصرخ منذ لحظة، هدأت فجأة وصارت أكثر طواعية.وربما لأنها بكت طويلًا، أخذت تشهق وتنتحب وهي ملتصقة بصدرها.حينها تمكّنت سارة من رؤية وجهها بوضوح، كانت ملامحها دقيقة وجميلة للغاية، ولاسيما عيناها الكبيرتان

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status