Share

الفصل 829

Author: سيد أحمد
استغل أحمد فارق طوله، فمدّ يده ليغطي زر الإضاءة ويمنع سارة من تشغيله.

لم يكن يريد لها أن ترى حالته المرهقة في تلك اللحظة.

قال بصوت منخفض: "يا سيدتي، لا تقلقي، أنا بخير فعلًا، اذهبي ورافقي ابنتكِ مارية."

لكن كلما ازداد تستره، ازداد قلق سارة، فأيقنت أن إصابة ما لحقت به، وأنه يخفي الأمر كي لا يقلقها.

ومع أنه كان يحول بينها وبين تشغيل الضوء، إلا أنها في لحظة توتر مدّت يدها تتحسس جسده.

كان أحمد يزداد كبتًا وضيقًا حتى كاد يجن، فخفض صوته قائلًا: "لا تلمسيني."

قالت بحدة: "إذن قل لي ما الذي حدث لك بالضبط؟"

أجابها باقتضاب: "لا شيء."

لكن سارة لم تصدقه، فقد كان يتصبب عرقًا، ولا بد أن إصابته خطيرة، وإلا لما سال منه العرق بهذا الشكل من شدة الألم.

لكن أين موضع الجرح؟

راحت تتحسس بعشوائية، فلم يصبر هو أكثر، وفجأة أمسك بها بعكس حركتها وضغطها على السرير الفردي المجاور.

سقطا معًا، وشعرت سارة فورًا أن السبب ربما أنه فقد الكثير من الدم ولم يعد قادرًا على الوقوف بثبات، ولم يخطر ببالها اتجاه آخر مطلقًا.

قالت بلهفة: "يا حسني، أين أصبتَ؟ قل لي بسرعة."

انسكب صوتها القلق قرب أذنه، يثير بداخله قشعريرة خفيفة.

ظل أح
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 834

    في تلك الليلة لم يغمض لسارة جفن تقريبًا، ظلت طوال الوقت في حالة قلق وتوجس.كانت تخشى أن يقتحم حسني الباب في أية لحظة، وفي الوقت ذاته يساورها القلق بشأن حاله وما قد يكون قد أصابه.بينما كانت السفينة بأكملها غارقة في أجواء الصخب والمرح، لم يكن هناك سوى سارة وحدها تحرس تلك البقعة الصغيرة من السكينة.جلست على الأرض، عانقت ركبتيها بيديها، وراحت تحدّق في القمر البارد المعلّق خارج النافذة، ولم يبق لها في هذه الدنيا سوى ضوءه رفيقًا.كان قلبها مضطربًا، تعود بها الذكريات إلى كل ما مرّت به طوال الطريق، لتكتشف أن حياتها لم تكن سوى عبثٍ وسخريةٍ قاسية.تساءلت في أعماقها ما الذنب الذي اقترفته لتُحرَم من طفلها، وتعيش كل يوم في مطاردةٍ وهروبٍ لا يجرؤ صاحبه على الظهور في النور؟حتى أنها فكرت، لو أن هذا الباب دُفع في هذه اللحظة، ماذا يمكنها أن تفعل؟والجواب كان واضحًا، لا شيء.الفارق بين قوتها وقوته شاسع كالسماء والأرض، وإن أراد أن يغتصبها فلن يكون أمامها سوى الخضوع.ومن أجل طفلها لم يكن مسموحًا لها أن تفكر في الموت، بل عليها أن تنقش هذه الليلة المذلة في أعماق روحها إلى الأبد.الهرب لم يكن خيارًا ممكنًا.

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 833

    كان وعي أحمد ينهار مرة بعد مرة على حافة الانفجار، عيناه قد احمرّتا بالدم، ورغم ذلك قاوم آلام جسده وقال بصوت متحشرج: "لا حاجة".قال الطبيب بجدية: "سيدي، تحت تأثير الدواء ستبقى في هذه الحالة، وإن لم تجد متنفسًا فقد يتفاقم الأمر، نصيحتي أن تجد امرأة، فهذا الحلّ مباشر وآمن بلا آثار جانبية".حدّق أحمد فيه بعينين داميتين، حتى شفتاه الرقيقتان قد انفتحتا من شدّة العضّ حتى سال الدم، ثم أجاب بصوت منخفض أجشّ: "قلتُ لا داعي! أعطني الدواء".تنهد الطبيب بمرارة، وكأنه يواجه ثورًا عنيدًا.ثم قال: "حسنًا، لكنني لا أتحمل مسؤولية أي مضاعفات، وحالتك لن تكفيها حقنة واحدة، بل تحتاج إلى اثنتين".ضغط أحمد على أسنانه وقال: "أعطِها لي".حين اخترقت الإبرة جلده ببطء، أغلق أحمد عينيه بإحكام، ولم يسيطر على فكرة واحدة تتردد في ذهنه.لقد كاد يؤذيها مجددًا.في غرفة أخرى مهيّأة بأجواء خادعة، تحيطها المرايا من كل جانب لتكشف الجسد من كل زاوية.كانت امرأة تتمدد فوق السرير، إنها رغدة التي حاولت إغواء أحمد وفشلت.ظنّت أنها اصطادت سمكة كبيرة، لكنها لم تدرك أنها وقعت في شِباك حوت قاتل، وحش لا يرى في الشيطان سوى لعبة.قبل قليل

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 832

    لم تستطع سارة أن ترى ملامح وجهه، لكنها شعرت بجسده وهو يتألم بشدّة، فسألته بخوف: "إذًا أنت..."أجابها بصوت مبحوح: "سأتدبّر أمري بنفسي."وقد وصلت الأمور إلى هذا الحد، فبقاؤها أكثر من ذلك معناه أنها تُعطيه الفرصة بيدها.انزلقت سارة بخفة إلى غرفتها، وأسرعت تغلق الباب بالمفتاح، ولم تكتفِ بذلك، بل حركت الطاولة والكراسي لتسندها إلى الباب خشية أن ينفلت منه زمام نفسه.بعد أن أنهت ما فعلت، جلست على الأرض تتنفس بصعوبة من شدّة الإرهاق.مدّت أصابعها تتحسس الموضع الذي قبّلها فيه منذ قليل، وفي الحقيقة، كانت قد استغرقت في ذهولها آنذاك حتى إنها لم تشعر بالكثير.إنها المرة الأولى في حياتها التي تُقبَّل فيها من رجل آخر، والإحساس غريب ومُربك.الأغرب من ذلك أنها حين لامست يداه جسدها لم ترتجف كثيرًا، بل بدا وكأن جسدها قد اعتاد على لمسته منذ زمن بعيد.ومضت في ذهنها صور قديمة تجمعها بأحمد، فانتفضت بسرعة، وغسلت وجهها بماء بارد، ثم شربت كوبًا كبيرًا من الماء لتطفئ النار المشتعلة في صدرها.تمتمت في سرّها فلنترك له الليلة... عسى أن يجد خلاصه.تمدّدت بجوار طفلتها، وقلبها يخفق بقوة كما لو أنها سارقة تتوجّس من انكشا

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 831

    ذلك الرجل الشامخ بدا في تلك اللحظة متشبّثًا بها برقةٍ وضعفٍ، فارتجف جسد سارة ارتجافًا خفيفًا، وقد أدركت كم تفوقها قوّته بدرجاتٍ شاسعة.في مثل هذا الوضع كانت تعلم جيدًا أن إثارة غضبه أكثر من اللازم سيجعل رغبته في السيطرة أعنف، وعندها لن يكون هناك سبيل للرجوع.أخذت نفسًا عميقًا، واستغلت بقايا عقله التي لم تزل صامدة، وبدأت تكلّمه بهدوء محاولة إقناعه: "يا حسني، أي أمر آخر يمكنني أن أساعدك فيه، إلا هذا الأمر فأنا لا أستطيع."قال بنبرة مضطربة: "لا تستطيعين؟ هل ما زال قلبك معلّقًا بذلك الرجل؟"كان أحمد قد بلغ حدود انهيار عقله، ومع ذلك كان يتجلّد قهرًا لرغبات جسده، محاولًا أن يستغل هذه اللحظة ليعرف حقيقة ما يختبئ في أعماق قلبها.فهي إن رفضت أن يلمسها أحد، فهل هذا يعني أنها ما زالت تحبّه هو؟قطّبت سارة حاجبيها وقالت بصرامة: "لا، لقد تطلّقنا، وصرت حرة في نفسي، ولا شأن له بي بعد الآن."لمع في عيني أحمد بريق خافت من الخيبة، وقال: "إن كان الأمر كذلك، فلماذا لا أكون أنا؟ يا سيدتي، يمكنني أن أتحمل مسؤوليتكِ، وأن أرعى ابنتكِ كأنها ابنتي، وأعدكِ أنني لن أخذلكِ أبدًا."توقف قليلًا ثم أضاف: "حتى إن لم تر

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 830

    كانت تلك المرأة الملعونة قد خشيت أن يرفض الانصياع، فزادت من جرعة الدواء، ظن أحمد أنه لو صبر قليلًا لانتهى مفعوله.لكن العكس هو ما حدث، إذ أخذ أثر الدواء يتضاعف بسرعة أكبر، والإحساس يشتد بقوة، حتى شعر أن عقله يطفو، وجسده يحلّق وكأنه عالق فوق الغيوم.أنفاسه الحارة انسابت قرب أذن سارة، فجعلتها ترتجف باضطراب.قالت وهي تحاول المقاومة: "لا، هذا لا يجوز، أنا..."لكنها لم تكمل، فقد باغتها الرجل، والتصقت شفتاه بشفتيها بلا أي إنذار.دوم دوم دوم.خفق قلبها بعنف، وصداه يتردد في صدرها.صحيح أنها لم تُحب إلا أحمد، ورغم أنهما مطلّقان الآن وهي امرأة حرة، لا يقيّدها شيء.إلا أنها لم تفكر يومًا أن تربطها علاقة برجل آخر.كان ذلك القبلة المفاجئة كالصاعقة، أغضبتها وأذهلتها، وبعد لحظة من الصدمة بدأت تفيق وتقاومه.قالت باضطراب وهي تحاول التملص: "يا حسني، أفق قليلًا، أنا..."لكن جسده كان أشبه بفرن مشتعل، يطوّقها تمامًا، مانعًا إياها من الإفلات.تمتم بصوت خافت مبحوح: "فات الأوان."ثم أضاف قرب أذنها: "لم أعد أستطيع التوقف... سامحيني."منذ البداية، حين لم تكن سارة قريبة، كان قادرًا على كبح نفسه.لكن وصول الأمور

  • سيد أحمد، خالص التعازي في وفاة زوجتك   الفصل 829

    استغل أحمد فارق طوله، فمدّ يده ليغطي زر الإضاءة ويمنع سارة من تشغيله.لم يكن يريد لها أن ترى حالته المرهقة في تلك اللحظة.قال بصوت منخفض: "يا سيدتي، لا تقلقي، أنا بخير فعلًا، اذهبي ورافقي ابنتكِ مارية."لكن كلما ازداد تستره، ازداد قلق سارة، فأيقنت أن إصابة ما لحقت به، وأنه يخفي الأمر كي لا يقلقها.ومع أنه كان يحول بينها وبين تشغيل الضوء، إلا أنها في لحظة توتر مدّت يدها تتحسس جسده.كان أحمد يزداد كبتًا وضيقًا حتى كاد يجن، فخفض صوته قائلًا: "لا تلمسيني."قالت بحدة: "إذن قل لي ما الذي حدث لك بالضبط؟"أجابها باقتضاب: "لا شيء."لكن سارة لم تصدقه، فقد كان يتصبب عرقًا، ولا بد أن إصابته خطيرة، وإلا لما سال منه العرق بهذا الشكل من شدة الألم.لكن أين موضع الجرح؟راحت تتحسس بعشوائية، فلم يصبر هو أكثر، وفجأة أمسك بها بعكس حركتها وضغطها على السرير الفردي المجاور.سقطا معًا، وشعرت سارة فورًا أن السبب ربما أنه فقد الكثير من الدم ولم يعد قادرًا على الوقوف بثبات، ولم يخطر ببالها اتجاه آخر مطلقًا.قالت بلهفة: "يا حسني، أين أصبتَ؟ قل لي بسرعة."انسكب صوتها القلق قرب أذنه، يثير بداخله قشعريرة خفيفة.ظل أح

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status