Share

الفصل 0377

Author: مو ليان تشينغ
كان سليم يجلس وحيدا في مكتبه، والأوراق مبعثرة على المكتب العريض أمامه، لكنه لم يلق نظرة على أي منها.

في الخارج، كان الليل قد أرخى سدوله، بينما أضواء المدينة لا تزال متلألئة، وضوضاء السيارات تصل خافتة إلى أذنيه، لكنها لم تكن إلا خلفية صامتة للصمت القاتل داخل مكتبه.

أغمض عينيه بإحكام، وبدأ عقله يعيد شريط كل تفصيلة من وقائع المناقصة التي جرت اليوم.

لم يفهم… لماذا خسر؟

كل شيء كان تحت سيطرته، فكيف انتهى به المطاف إلى النتيجة التي كان يرفض حتى تخيلها؟

ورد… المرأة التي تخلى عنها في الماضي، هي من فازت عليه، وانتزعت مشروع مجموعة الفخم، ونالت احترام الجميع وإعجابهم.

"عزيزي سليم… هل أنت بخير؟"

صوت طرقات خفيفة على الباب، تبعها صوت جميلة الناعم، الذي كان كريشة تحاول تهدئة العاصفة التي تعصف بداخله.

دخلت بهدوء تحمل كوبا من الحليب الساخن، ووجهها مزيج من القلق والحنان.

قالت بلطف وهي تضع الكوب على مكتبه: "عزيزي سليم، اشرب قليلا من الحليب، سيساعد على تهدئة معدتك. أعلم أن حالتك اليوم ليست جيدة، لكن ما حدث قد حدث، لا فائدة من تأنيب النفس. يجب أن تتماسك، لا تزال أمامنا فرص قادمة."

فتح سليم عينيه ببطء، ونظر
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • عيد لها، جنازة لي   الفصل 0377

    كان سليم يجلس وحيدا في مكتبه، والأوراق مبعثرة على المكتب العريض أمامه، لكنه لم يلق نظرة على أي منها.في الخارج، كان الليل قد أرخى سدوله، بينما أضواء المدينة لا تزال متلألئة، وضوضاء السيارات تصل خافتة إلى أذنيه، لكنها لم تكن إلا خلفية صامتة للصمت القاتل داخل مكتبه.أغمض عينيه بإحكام، وبدأ عقله يعيد شريط كل تفصيلة من وقائع المناقصة التي جرت اليوم.لم يفهم… لماذا خسر؟كل شيء كان تحت سيطرته، فكيف انتهى به المطاف إلى النتيجة التي كان يرفض حتى تخيلها؟ورد… المرأة التي تخلى عنها في الماضي، هي من فازت عليه، وانتزعت مشروع مجموعة الفخم، ونالت احترام الجميع وإعجابهم."عزيزي سليم… هل أنت بخير؟"صوت طرقات خفيفة على الباب، تبعها صوت جميلة الناعم، الذي كان كريشة تحاول تهدئة العاصفة التي تعصف بداخله.دخلت بهدوء تحمل كوبا من الحليب الساخن، ووجهها مزيج من القلق والحنان.قالت بلطف وهي تضع الكوب على مكتبه: "عزيزي سليم، اشرب قليلا من الحليب، سيساعد على تهدئة معدتك. أعلم أن حالتك اليوم ليست جيدة، لكن ما حدث قد حدث، لا فائدة من تأنيب النفس. يجب أن تتماسك، لا تزال أمامنا فرص قادمة."فتح سليم عينيه ببطء، ونظر

  • عيد لها، جنازة لي   الفصل 0376

    ضحكت ورد بسخرية، وعيناها مليئتان بالاحتقار: "الرئيس سليم، أنت تبالغ كثيرا.""لقد فزت بالمناقصة بفضل كفاءتي، أما أنت، فلا تلومن إلا نفسك… لأنك ببساطة، لست ندا لي."توقفت لحظة، ثم تابعت بنبرة أكثر برودا: "ثم دعني أوضح لك أمرا، الرئيس سليم، الخاسر هنا هو أنت، وليس أنا من جعلك تبدو مثيرا للشفقة. أنت من فشل، ولهذا أصبحت تحت قدمي."كانت كلمات ورد كالسكاكين، مزقت كبرياء سليم وأدمته حتى الأعماق.احمر وجهه غضبا، وعلت أنفاسه بشكل ملحوظ، كان يحدق بها بغضب لكنه لم يتمكن من النطق بكلمة واحدة.أما جميلة، فكانت لا تزال تراقب من خلف العمود، تسمع بوضوح كل كلمة في هذا الحوار المشتعل.وسمعت ورد وهي تهين سليم بلا أدنى رحمة، فشعرت بخليط غريب من الراحة والغيرة في آن واحد.كانت تغار من ثقة ورد وقوتها، ومن نظرات سليم نحوها، بل وتغار أكثر من قدرة ورد على إثارة مشاعر سليم بهذا الشكل… في حين أنها، وعلى الرغم من كل محاولاتها، لم تستطع يوما أن تلامس قلبه.أنهت ورد كلماتها، ثم تجاهلت سليم تماما، وغادرت مع فريقها دون أن تلتفت.وظل سليم واقفا وحيدا في الممر، ملامحه قاتمة، وعيناه غارقتان في مزيج من الحزن والخذلان، كأن

  • عيد لها، جنازة لي   الفصل 0375

    كان صدره يعلو ويهبط بشدة، وأنفاسه متسارعة، والغضب والشعور بالهزيمة يكادان يلتهمانه من الداخل.استدار فجأة وغادر القاعة بخطوات غاضبة، تاركا جميلة واقفة وحدها في مكانها، كأنها تاهت في زحام العالم.وقفت ورد على المنصة وألقت كلمة موجزة بعد الفوز، شكرت فيها لجنة التحكيم وفريق عملها، ثم نزلت من المنصة وسط تهاني الحضور.أخرجت هاتفها، واتصلت بجليل.سرعان ما أجيب الاتصال، وجاءها صوت جليل اللطيف من الطرف الآخر: "حبيبتي، كيف جرى الأمر؟ هل أعلنت النتيجة؟"جاء صوت ورد مشبعا بالفرح والحماسة التي لا يمكن إخفاؤها: "جليل، لقد نجحت! فزنا بالمناقصة! مجموعة الورد التكنولوجية حصلت على مشروع مجموعة الفخم!"وبدا صوت جليل من الطرف الآخر مفعما بالفرحة والرضا: "حقا؟ هذا رائع! كنت واثقا أنك ستنجحين! مبروك يا حبيبتي ورد، تعبك لم يذهب هباء!"ارتسمت ابتسامة سعادة عريضة على وجه ورد، وشعرت بسيل من الفرح يغمر قلبها: "شكرا لك، جليل… لو لا دعمك وتشجيعك في هذه الفترة، لما وصلت إلى هذه النتيجة بهذه السلاسة."قال جليل برقة: "كيف تودين الاحتفال الليلة؟ حجزت مطعما لنحتفل بك."ضحكت ورد وقالت: "فكرة ممتازة، ولكن هذه الليلة الع

  • عيد لها، جنازة لي   الفصل 0374

    تواضع ورد وثقتها بنفسها أكسباها مجددا إعجاب الحاضرين.كل من في القاعة أصبح يشعر بإعجاب وتوقع كبير تجاه هذه الرئيسة الشابة والناجحة.كان سليم واقفا على الهامش، يراقب بصمت وبرود مشهد التفاف الجميع حول ورد، وقلبه كأنه وضع في قارورة من التوابل؛ مزيج مرير من الغيرة، والخذلان، والحنق، والمرارة.أدرك حينها أن الهزيمة هذه المرة قد تكون حقيقية. والأسوأ، أن من انتصر عليه هي المرأة التي طالما احتقرها ولم يأبه بها.هذا الإدراك أشعل داخله شعورا بالهزيمة والمهانة لم يعرف له مثيلا من قبل.حتى جميلة بدأت تلاحظ تغير الأجواء داخل القاعة.سمعت كلمات المديح تنهال على ورد، ورأت نظرات التقدير من الجميع، فبدأ القلق يتسلل إلى أعماقها.أمسكت بذراع سليم بشدة وهمست بصوت يرتجف: "سليم… ماذا سنفعل؟ يبدو أن ورد… يبدو أنها ستفوز فعلا."لكن سليم ظل صامتا، ووجهه يزداد سوادا وكآبة.فكلام جميلة لم يكن إلا الحقيقة. أداء ورد فاق كل توقعاته، بل جعله يشعر بالعجز الكامل أمامها.ومع نهاية الجولة الثانية من العروض، بدأت معالم النصر تتضح شيئا فشيئا.أما الإعلان الرسمي عن النتيجة، فتم تحديده لاجتماع مغلق لاحقا.وبات جو القاعة أكث

  • عيد لها، جنازة لي   الفصل 0373

    ومع ذلك، بالمقارنة مع ورد، بدا عرض سليم تقليديا إلى حد ما، يفتقر إلى الإبداع والتميز.وعلاوة على ذلك، لم يكن أداؤه في الإجابة عن أسئلة لجنة التحكيم بالمستوى المطلوب؛ ففي عدة مرات، عجز عن الرد تماما، بل وظهرت بعض الثغرات والأخطاء الواضحة في إجاباته.ولم يبد المحكمون في الصفوف السفلية اهتماما كبيرا بعرض سليم، بل إن بعضهم بدأ يتصفح عروض شركات أخرى أثناء حديثه، ما يدل على عدم رضاهم عما يقدمه.وكان سليم قد أدرك جيدا إخفاقه.استطاع أن يلمس تغير موقف لجنة التحكيم، كما لاحظ نظرات السخرية والشماتة التي لم يخفها ممثلو بعض الشركات الأخرى.هذا الفارق الشاسع بين التوقعات والواقع ملأ قلب سليم بالإحباط والغضب.كان يظن أنه سيحسم هذه الجولة كما اعتاد، بانتصار سهل وساحق على جميع منافسيه.لكن الواقع صفعه مجددا، وبقوة أشد من أي وقت مضى.لقد أدى ظهور ورد إلى إرباك خطته بالكامل، وزرع في قلبه شعورا بالخطر لم يسبق أن شعر به من قبل.أما جميلة، فلما رأت سليم يتعثر على المنصة، دب في قلبها القلق والفوضى.كانت تظن أنه ما دام سليم هو من يقود، فإن هذه الجولة ستكون مضمونة بلا شك.لكنها الآن بدأت تشعر أن الأمور لا تسي

  • عيد لها، جنازة لي   الفصل 0372

    بدأ سليم يشعر بازدياد الضيق والانزعاج في صدره.المرأة التي كان يدوس عليها في الماضي، أصبحت اليوم في مكانة لا يمكنه حتى الوصول إليها، وهذا الأمر وجه ضربة قاسية إلى كبريائه المتغطرس.أما جميلة الجالسة بجانب سليم، فقد لاحظت بحدة التغير الذي طرأ عليه.لاحظت أنه منذ لحظة صعود ورد إلى المنصة، وسليم لم يحول بصره عنها، ينظر إليها بعينين مليئتين بالتعقيد، ووجه تغشاه الكآبة.دق جرس الإنذار في قلب جميلة على الفور.لا بد أن سليم عاد يفكر في ورد دون أن يستطيع السيطرة على نفسه.قالت جميلة بلهجة مصطنعة من الخفة، وفي نبرتها شيء من الاختبار: "عزيزي سليم، يبدو أن أداء الآنسة ورد اليوم كان فعلا مميزا."كانت تحاول أن تخفي قلقها الداخلي من خلال مدح ورد، كما أرادت أن تراقب رد فعل سليم عن كثب.وما إن سمع سليم كلامها حتى عبس وجهه، وازدادت تجاعيد القلق على جبينه.رمق جميلة بنظرة باردة، وقال بنبرة غير راضية: "وماذا في ذلك؟ كلام منمق لجذب الأنظار ليس أكثر."لم تكن جميلة تتوقع أن يكون رد فعله بهذه الحدة، فتجمدت قليلا، ولم تعد قادرة على الحفاظ على ابتسامتها المصطنعة.كانت تظن أن مدحها لورد قد يخفف من التوتر، لكن ا

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status