فادية: "…"ماذا يقصد؟هل هو كما ظنت؟شعرت فادية بقلق يتسلل إلى قلبها، وقالت بثبات: "أنا أحبه كثيرا، وفي هذه الحياة، لن أحب سوى رجل واحد، وهو هو.""أوه؟ حقا؟" رفع مالك حاجبه، وشعور غريب ومعقد يختلط في صدره.ولأول مرة في حياته يسمع فادية تقول إنها تحبه.في اللحظة التي وصل الكلام إلى أذنيه، خفق قلبه بجنون، ولو لم يكن الآن أمامها بهوية الراسني الثالث، لكان اندفع نحوها يعانقها بقوة ويطبع قبلة على شفتيها.لكن في هذه اللحظة، هو الرجل الذي لا تحبه، الراسني الثالث!لأول مرة شعر مالك أن هوية "الراسني الثالث" تثقل عليه وتقيده."نعم." جاء صوت فادية حاسما بلا تردد.وفي ذهنها، ظهر وجه الزوج النجم الأول، حتى أنها لم تلحظ الابتسامة التي مالت على شفتيها."إذن أخبريني، ماذا تحبين فيه؟" تجاوز مالك إحباطه من هوية "الراسني الثالث"، وسألها باهتمام حقيقي ينتظر جوابها.تحبه لأي سبب؟"هو… وسيم جدا." أجمل حتى من أشهر النجوم.تجعد جبين مالك: "ومن يدري؟ ربما أنا أيضا وسيم."تذكرت فادية أول مرة رأت فيها الراسني الثالث، وجهه كان مخفيا تحت قناع، ومن يومها لم تر ملامحه الحقيقية مرة واحدة، فتمتمت دون وعي: "أنا لم أر و
فادية ارتعبت من ذلك الصوت فجأة، فقفزت واقفة، واستدارت تتبع الصوت بعينيها.لكن خلفها كان هناك حاجز خشبي، ومن خلاله لم تر سوى ظل رجل من الخلف، ملامحه لم تتضح لها.كانت على وشك أن تخطو نحوه، لكن صوت الراسني الثالث عاد يتردد:"تفضلي بالجلوس يا آنسة الزهيري."كان صوته عميقا، يحمل قوة تضغط على النفس.تجهم وجه فادية.تجلس؟ هنا؟تنفست كأنها شعرت بالراحة، ما دامت لن تواجه الراسني الثالث وجها لوجه، فهذا أفضل بكثير."شكرا لك، يا راسني الثالث."جلست فادية وهي تحمده على هذا الترتيب، مما جعلها تسترخي قليلا؛ على الأقل بينهما مسافة أمان، حتى لو أراد أن يقوم بشيء غير لائق، سيكون أمامها وقت لتتصرف.أما مالك، فلم يكن ليتخيل ما يدور في رأسها الآن.نظر برضى إلى ترتيبات المكان، فهو وإن لم يكن يحب تلك الزهور الزهرية الناعمة، إلا أن فادية بالتأكيد تعجبها.ثم أشار إلى عازف الكمان…فقام مالك بفرقعة أصابعه، وإذا بالكمان يعزف لحنا عذبا ساحرا، جعل الهواء يمتلئ بفقاعات رومانسية وردية.الراحة التي شعرت بها قبل قليل تبعثرت، وعاد قلب فادية ينقبض من جديد.هذا الذي يفعله الراسني الثالث، ما قصده بالضبط؟شعور غريب من القل
الحارس الشخصي عدل درجة حرارة المكيف بعناية، وبعد نصف ساعة توقفت السيارة أمام أحد الفنادق.فادية نظرت إلى الفندق أمامها، وانعقد حاجباها من الاستغراب.هل هذا هو المكان الذي حدد الراسني الثالث للقائها فيه؟فندق؟ماذا يدور في رأسه؟ابتلعت فادية ريقها، وكاد رد فعلها الفوري أن يكون الاستدارة والهرب.لكن الحارسين كانا بجانبها، واحد عن اليمين وآخر عن الشمال، ينحنون قليلا باحترام ويشيرون نحو المدخل.شدت فادية شفتيها، فهذان الحارسان من رجال الراسني الثالث، بأجسادهم القوية وضخامتهم وخبرة تدريبهم، فكيف لامرأة ضعيفة مثلها أن تهرب؟ كأنها تحلم.أغمضت عينيها، وعندما فتحتهما ثانية كانت قد حسمت أمرها.رفعت رأسها، وكأنها بطلة ذاهبة لمواجهة قدرها، وسارت بخطى ثابتة نحو الفندق.أما مالك، فكان قد تذكر أمرا طارئا في الطريق، فتأخر قليلا، ولهذا وصل الفندق بعد فادية.وبمجرد أن وقعت عيناه على الفندق، تغير لون وجهه."ما... ما معنى هذا؟" قال وهو يرمق رائد بنظرة حادة.إن علمت فادية أنه اختار الفندق مكانا للقائهما، فماذا ستظن به؟صحيح أنه كان يعشق جسد فادية، لكن هذا لم يكن هدف اليوم.لو استطاع مالك لكسر رأس رائد، وقا
"ريان، حدث أمر طارئ في البيت." قالت سناء بصوت مبحوح بالبكاء، وملامحها يكسوها الهلع والارتباك، مما جعل قلب ريان ينقبض في لحظة."ماذا حدث؟ اهدئي وتكلمي بهدوء..."ألقى ريان نظرة غير راضية في اتجاه السيارة الفارهة التي غادرت، ثم صرف النظر وعاد مسرعا إلى عائلة الزهيري.في فيلا عائلة الزهيري.حين وصل ريان، كان رجال الشرطة يسألون عن تفاصيل الحادث.وما إن رأت سناء ريان حتى أسرعت نحوه باكية، وألقت بنفسها في أحضانه.تفقد ريان المشهد في الداخل، فالغرفة تكاد تكون محطمة بالكامل، ولا شيء بقي على حاله.وبعد مغادرة الشرطة، عضت سناء على شفتيها وبدأت تبث شكايتها وهي تبكي:"إنها فادية، لا شك في أنها فادية. حتى لو أتلفوا أجهزة المراقبة، فأنا متأكدة أنها هي. ريان، هل من الممكن أنها اكتشفت شيئا وجاءت لتأخذ بثأر أمها؟"نظر ريان إلى اللقطة الوحيدة التي سجلتها الكاميرا، حيث ظهر بضعة رجال طوال القامة يرتدون بذلات سوداء.تذكر تلك الوجوه التي رآها قبل قليل أمام برج النور، وبدأت قناعته تميل فعلا إلى أنها فادية.لكن..."الأمر الذي حدث في ذلك العام مضت عليه سنين طويلة، كيف لها أن تعرف حقيقة ما جرى حينها؟"غاصت عيناه
رائد ألقى نظرة حذرة على مالك، ثم تجرأ على التخمين وكأنه يمشي على الجمر: "ربما... السيدة... علمت بأنك أنت من يساعدها؟""تعرف إني أساعدها، ومع ذلك ترفض!"قال مالك وهو يضغط على أسنانه ووجهه يزداد قتامة.لقد بدأ بالفعل يجهز للزفاف، لكن مع فادية لم يحرز أي تقدم بعد.شعر بالقلق واتخذ قرارا حاسما."هات!" مد مالك يده نحو رائد، كفه للأعلى.رائد: ؟؟؟ماذا؟"الهاتف!" قالها مالك بلهجة قاسية.لم يجرؤ رائد على التأخير لحظة، فأخرج فورا الهاتف الذي يتواصلون به مع فادية، وأعطاه بكل احترام لسيده.مجوهرات نادية جبران.كان قد حان وقت الانصراف، والمكاتب خلت من الموظفين.كانت فادية ترتب أغراضها وتستعد للمغادرة، حين رن هاتفها.مجموعة الراسني...إنه الرقم الذي كانت تتواصل به مع الراسني الثالث.ابتلعت ريقها بقلق، وأجابت الاتصال وقلبها يخفق بشدة.كانت تظن أن المتصل أحد رجاله، لكن ما إن رفعت السماعة حتى سمعت ذلك الصوت العميق الدافئ..."فادية؟"الراسني الثالث!ارتجفت يدها وكادت تسقط الهاتف من الصدمة.لكنها تمالكت نفسها سريعا، ورسمت ابتسامة وقالت: "الراسني الثالث، هل هناك ما يلزم؟""موضوع والدتك، أوكلت المحامي الخ
ليان لم تحمل يوما أي نية طيبة تجاه فادية.لكنها للأسف الحفيدة المباشرة لجدي.وحين تذكر يوسف معاناة فوفو قبل أيام، قال بصوت منخفض: "فوفو... آسف..."هذا الاعتذار جعل فادية تشعر بالدهشة قليلا."الأخ يوسف، لماذا تقول هذا؟ يجب أن أشكرك، لقد ساعدتني مرتين على التوالي. لكن يا أخي يوسف، لا أريد أن أضعك في موقف صعب، أما بخصوص شركاء العمل فسأحاول إيجاد حل بنفسي".هي تعرف يوسف جيدا وتفهم وضعه.فالشيخ الهاشمي رباه منذ الصغر، وفي قلبه يحتل الشيخ مكانة لا ينافسها أحد. وما يهم الشيخ، يهمه هو أيضا، والحفيدة المباشرة للشيخ لها بالتالي أهمية كبرى لديه.وعلى الطرف الآخر من الهاتف، شعر يوسف أن فوفو قد أساءت فهمه، فاجتاحه ألم خفيف وازداد إحساسه بالذنب.وأخيرا، ابتسم يوسف بمرارة: "ليس أنا".فادية: "...""لم أساعدك، موضوع شركاء العمل يقف خلفه شخص آخر". كان يوسف يفكر في مالك، ومستغربا أنه ساعد فوفو بهذا القدر دون أن يذكر اسمه.لكن هذا ليس مالك المعروف عنده!"شخص آخر؟" سألت فوفو بغير وعي، "من؟"تردد يوسف قليلا قبل أن يجيب: "الراسني الثالث! غيره لا يملك القدرة على مثل هذه الخطوة الكبيرة، وغيره لا يجرؤ علنا على