Share

الفصل 16

Author: الغابة العميقة
ما إن نادى إيهاب نبيل: "دانية"، حتى التفت أدهم جمال فورًا، ونظر في الاتجاه نفسه.

وعندما رأى بوضوح أن دانية يوسف هي التي تقف أمامهما، أطفأ السيجارة في يده بلا وعي.

لم يتوقع أن الشخص الموجود في الجهة الأخرى… ستكون هي.

أما عن دهشة الرجلين، فقد قابلتها دانية يوسف بهدوء تام.

نظرت إلى أدهم جمال لحظة، ثم نحو إيهاب نبيل، وابتسمت قائلة:

"كنتُ بالخارج أردّ على مكالمة. سأعود الآن إلى الغرفة… تفضّلوا."

تصرّفت وكأنها لم تسمع شيئًا، وكأن شيئًا لم يحدث.

ثم استدارت وعادت إلى داخل الغرفة الخاصة.

ظلّ الرجلان يتابعانها بنظراتهما وهما يشاهدان ظهرها يبتعد.

ولمّا اختفت عن أنظارهما، قال إيهاب نبيل وهو يلتفت إلى أدهم جمال:

"مصادفة غريبة فعلًا… كانت دانية يوسف هي من يقف هناك."

ثم تنهد وأضاف:

"غالبًا ستعود وتحزن لوحدها.

لكن على الأقل… لن تضطر أنت لفتح الموضوع.

هي الآن عرفت الحقيقة."

أعاد أدهم جمال نظره إلى الأمام، واستعاد وقفته السابقة، أسند ذراعيه على الدرابزين، وتأمل أضواء الليل دون أي تعبير.

انتقل إيهاب نبيل للوقوف بجانبه بالطريقة نفسها، ثم سأله:

"أدهم، هل تعتقد فعلًا أن دانية يوسف طلبت الطلاق من أجل الحصول
Continue to read this book for free
Scan code to download App
Locked Chapter

Latest chapter

  • حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء   الفصل 30

    كانت عائلة جمال ذات مكانة عالية، بينما كان جدّ دانية يوسف في الأصل مجرد سائق عند جدّ أدهم.ورغم أنه عمل بجد طوال عمره وادّخر شيئًا لحفيدته…إلا أن الفارق بين العائلتين كان كبيرًا منذ البداية.لهذا عندما نصح أدهم جمال بالطلاق، لم يقل الجدّ كلمة واحدة دفاعًا عن حفيدته، ولم يُحمِّلها شيئًا…بل أخذ كل المسؤولية على نفسه، وقال إنه لم يُحسن تربيتها بما يكفي.فقد أدرك أن المسألة لم تعد مسألة "من المخطئ".بل المهم الآن… ألّا يستمرّ الطفلان (كما يراهما) في إيذاء بعضهما.أن يصل الأمر إلى الطلاق…هذا ما لم يتوقعه أدهم جمال نهائيًا من الجدّ.استمع أدهم جمال لكلمات الجدّ، ولم يشعر إلا بأن هذا التوبيخ الذاتي من الجدّ… إهانة له هو.فمشاكل الزواج… كان هو سببها كلها.ومهما كان الزواج قد تمّ بإجباره… إلا أنه بالفعل لم يؤدِّ يومًا واجبه كزوج.ظلّ ينظر إلى الجدّ دون حركة.وحين توقّف الجد عن الكلام، ابتسم أدهم جمال ابتسامة خفيفة وقال:"جدي، أمورنا سنتعامل أنا ودانية معًا.أنت صحتك ليست جيدة… فلا تشغل بالك ولا تقلق."مهما كانت طباعه، إلا أنه يعرف حدود الأدب مع الكبار.حتى لو كان قاسيًا على دانية يوسف…لا يم

  • حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء   الفصل 29

    لا يعرف كيف حدث… لكن برودة دانية يوسف وابتعادها عنه كانا يضايقانه هو.هي لم تكن هكذا من قبل.كانت تنتظر بعينين ممتلئتين كل مرة يعود فيها إلى الفيلا.اليوم… هو الذي يجلس في الممر ينتظر.بينما هي لم تعد تريده حتى أن ينظر إليها.جلس طويلًا في الممر، ثم التفت من جديد نحو باب غرفة الجد.حدّق قليلًا… ثم نهض وعاد إلى الداخل.عندما دخل، وجد دانية يوسف جالسة في مكانها، ممسكة بيد الجد.فتح الباب وكأن شيئًا لم يحدث، وجلس على نفس المقعد كما قبل.…في الأيام التالية، بقي الجد في المستشفى للمراقبة.تركت دانية يوسف عملها مؤقتًا وبقيت بجانبه طوال الوقت.أما أدهم جمال، فجاء يوميًا تقريبًا:يحادث الجد، يلاعبه الشطرنج، ويجلس معه طويلًا.وذلك جعل الجد سعيدًا جدًا.لكن دانية يوسف…كانت تتعامل معه باحترام، نعم، لكنها بقيت رسمية، بعيدة، ليست كما كانت من قبل.لم تعد تنظر إليه كما كانت، ولم تعد تهتم بأفعاله كما كانت.ظهر كل شيء بوضوح… حتى الجد لاحظ.…ذلك العصر، بينما كان الجد جالسًا مسندًا ظهره، سأل دانية يوسف وهو يراقب تصرفاتها:"دانية، رأيتك هذه الأيام لا تكادين تلتفتين لأدهم، وتزدادين مجاملةً له… هل حدث شي

  • حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء   الفصل 28

    دفعت دانية يوسف الكرسي قليلًا وهي تنهض بسرعة، ونظرت إلى أدهم جمال بدهشة صادقة:"كيف… كيف جئت إلى هنا؟"لم يخطر ببالها على الإطلاق أنه سيأتي.فهي لم تخبره شيئًا عن مرض جدّها.كانت يدا أدهم جمال في جيبي بنطاله، ونظرته فاترة أمام ردّة فعلها.فهو قبل دقائق فقط تلقّى اتصالًا من إيهاب نبيل، يخبره بأن جدّ دانية يوسف أغمي عليه بعد الظهر وأنه الآن في المستشفى.وما إن سمع الخبر… حتى تغيّر وجهه فورًا.لم يكن يعلم.لم يخبره أحد.الجميع عرف…الجميع جاء لزيارة الجد…إلا هو.وكان الوحيد الذي تلقّى الخبر من شخص خارج العائلة.لم يكن مزاجه جيدًا.نظرت دانية يوسف إلى الجد، ثم عادت إليه تقول بهدوء:"جدي بخير، أفاق بعد الظهر، وأنهى كل الفحوص. الآن نائم فقط، فلا تقلق. يمكنك العودة لمتابعة عملك."هي تعرف أنه لن يقلق على الجد… كلامها مجرد مجاملة واجبة.أما وجهه فكان محمّرًا بنفاد الصبر، لا شك أنه مستاء ممن أخبره، ومستاء لأنه اضطر لترك حورية أيمن ليأتي.لا بأس.فليعد إليها بسرعة.لو استيقظ الجد ورآه غير راغب أصلًا بالحضور… سيؤلم ذلك قلبه أكثر.دخل الغرفة، ورمى نظرة خفيفة على دانية يوسف، وقال ببرود:"إنه منتصف

  • حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء   الفصل 27

    كان هيثم جمال يخرج بين الحين والآخر ليردّ على مكالمات ترده من الخارج.أما عند سرير المريض، فكانت دانية يوسف تمسك بيد جدّها، وفي الوقت نفسه تنظر نحو باب الغرفة، ترى هيثم واقفًا في الخارج يتحدث بهدوء…وهذا وحده ملأ قلبها امتنانًا له.…مع حلول المساء، حضرت صفية جمال ويسرى العوضي، وكذلك جمال ربيع.عائلة جمال كبيرة، بينما عائلة يوسف قليلة الأفراد، وأصدقاؤها ليسوا كُثُر، لذلك لم يأتِ أحد لزيارته سوى أفراد عائلة جمال.ومع أن الجميع حضر…فإن أدهم جمال ظلّ غائبًا… ولم يظهر حتى الآن.وعند التاسعة تقريبًا، ولمّا رأت دانية يوسف أن هيثم بقي بجانبها كل هذا الوقت، قالت له بنبرة لطيفة:"أخي الأكبر هيثم، جدي هنا معي… عد للبيت لترتاح قليلًا."كانت تتحدث بأدب، وقد نام الجد بالفعل.فقال هيثم:"حسنًا، سأعود أولًا. وإن حدث أي شيء فاتصلي بي فورًا.""نعم." أومأت دانية يوسف.رافقت هيثم حتى مصعد المستشفى، وكانت تفكر في إنزاله إلى الطابق الأرضي، لكنه قال:"إلى هنا يكفي. عودي الآن، جَدُّك وضعه مستقر، فلا تقلقي.ارتاحي أنتِ أيضًا الليلة."هزّت رأسها بخضوع ولطف:"حسنًا."صعد المصعد، وظلت تنظر إليه حتى اختفى، قبل أ

  • حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء   الفصل 26

    كانت دانية يوسف ما تزال مستديرة بظهرها نحو أدهم جمال، فأطلقت نفسًا طويلًا وهادئًا.وبعد صمت قصير، قالت:"لا، أعرف أنك قلتها من شدة الانفعال."مع أن الكلمة المهينة كانت تُوجَّه إليها، ومع أن الإحراج كان من نصيبها…هي التي تُطمئنه الآن.أعاد أدهم جمال سدّادة الأذن إلى موضعها… فعاد الصمت بينهما.…ومضت الأيام التالية كما كانت دائمًا، باهتة وباردة.كان أدهم جمال يعود إلى المنزل كل يوم، لكن أحاديثهما ظلت قليلة، مُقتضبة، بلا حرارة.…في عصر ذلك اليوم، كانت دانية يوسف قد أنهت اجتماعًا وعادت إلى مكتبها، حين تلقّت اتصالًا من الخالة آمنة.قالت الخالة بصوت قلق:"آنسة… السيد الكبير في المستشفى. أنهى الفحوص قبل قليل. إن انتهى دوامك فتعالي تريه."في الطرف الآخر، انتفضت دانية يوسف في لحظة:"جدي في المستشفى؟! لماذا لم تخبروني فورًا؟!"لم يعد شيء قادرًا على إثارة رد فعل قوي منها… إلا ما يتعلق بجدّها.قالت الخالة:"منعنا السيد الكبير… قال إنّه لا يريد التأثير على عملك."تنهدت دانية يوسف بعجز.أي عمل يمكن أن يكون أهم من جدّها؟لم تُطل الحديث، وأغلقت الخط، وانطلقت بسيارتها إلى المستشفى.…وحين وصلت، كان ا

  • حبٌّ يخرج عن السيطرة، وقلبٌ يتوسل البقاء   الفصل 25

    قالت دانية يوسف إنّها "تعرف"، لكنّها قضت الطريق كلّه عائدةً من البيت القديم بلا روح.استندت بضعف إلى المقعد، وذراعاها تعانقان نفسها بخفة، ورأسها مائل على مسند الكرسي، وعيناها شاحبتان تحدقان في الخارج.لا ضوء فيهما.متعبة.قلبها منهك.كان أدهم جمال يلمحها من المرآة بين الحين والآخر، يراها صامتة، تحدق في الفراغ… ومع ذلك لم يبادر بالكلام.حقًا كانت مجرد كلمات جاءت في لحظة غضب… لكنه يعرف أنها جرحتها.رنّ هاتفه عدة مرات في المقعد الأمامي، وردّ على عدة مكالمات، دون أن تنتبه هي.لم تلتفت، لم تتحرك، فقط واصلت النظر إلى النافذة.حتى توقفت السيارة في فناء المنزل، وحتى فتح لها أدهم جمال باب السيارة، عندها فقط انتبهت فجأة.أمسكت أشياءها بسرعة، وقالت بأدب:"شكرًا."ثم أضافت بلطف خافت:"يبدو أنك لا تزال مشغولًا… سأدخل قبلك."وقالت ذلك قبل أن تنتظر جوابه، واستدارت ودخلت المنزل مباشرة.وقف أدهم جمال ممسكًا بباب السيارة، ينظر إلى ظهرها وهي تبتعد.ولم يتحرك إلا بعد أن دخلت المنزل، فعاد إلى مقعد السائق، وأغلق الباب، وأدار المحرك وغادر.…عادت دانية يوسف إلى غرفة النوم في الطابق العلوي، وبعد أن تأكدت أن أ

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status