Home / الرومانسية / طرقنا تفترق بعد الزواج / الفصل 10 التقاء سيارتّي الزفاف

Share

الفصل 10 التقاء سيارتّي الزفاف

Author: رنا الخالد
كانت نجوم الليلة الماضية ساحرة بجمالها، واليوم جاءت الشمس مشرقة بنفس القدر من البهاء.

استيقظت سارة على ضوء الشمس، وما إن فتحت عينيها حتى وجدت ابتسامة جدتها تحت وهج الضوء، تقول لها مداعبة:

"يا صغيرتي، قلبك كبير! اليوم عرسك، وما زلتِ تنامين بهذا العمق!"

دفنت سارة وجهها في كف الجدة، وهمست بصوت كسول:

"جدتي... ما زلت أشعر بالنعاس."

ضحكت الجدة وقالت:

"لا مزيد من النوم، سيارة العرس وصلت لتأخذك!"

رفعت سارة رأسها، ونظرت من النافذة حيث أشارت الجدة،

فرأت صفًا من السيارات السوداء الفاخرة تصطف أمام مركز العلاج.

أهو ذلك الشاب من الإنترنت فعلًا؟ هل جاء ليأخذها للزواج كما وعد؟

خرجت من الغرفة، وبخطوات بطيئة تقدمت نحو الباب،

فرأته هناك... رجل يقف متوهجًا تحت أشعة الشمس، كأنه نزل من مشهد سينمائي.

بذلة داكنة مصممة خصيصًا على جسده، وأزرار الأكمام تلمع كالألماس تحت أشعة الشمس.

من رأسه حتى قدميه، كان تجسيدًا حيًّا للفخامة والنفوذ.

قالت الجدة من خلفها:

"أما آن لكِ أن تذهبي إليه؟"

عندها التفت الرجل، ووقع نظر سارة على وجهه،

فتسارعت دقات قلبها، وكأن الزمن توقف لثانيتين.

"أ... أنت؟!"

في الساعة التاسعة وتسع وخمسين دقيقة صباحًا، في شارع العاصمة الرئيسي،

تقابلت سيارتان فاخرتان في عرض الطريق، أحدهما لعائلة راشد يتقدمها بشير والأخرى لعائلة سعيد يتقدمها مراد.

كان الرجلان من أبرز شخصيات العاصمة:

"أحدهما صاحب السلطة، والآخر صاحب الثروة، واليوم... كلاهما يتزوج."

أشعل الحدث اهتمام الإعلام، لدرجة أن أغلب الصحفيين لم يغمض لهم جفن،

يبحثون عن أفضل نقطة تصوير، ويبثّون اللحظة مباشرة إلى الملايين.

كان حجم الموكبين هائلًا،

صفوف من السيارات امتدت بلا نهاية، كأنها تنين ضخم من الفخامة،

كل سيارة مزيّنة بأشرطة حمراء وكرات حريرية،

حتى الشمس أشرقت بوهج أحمر وكأنها تحتفل معهم.

سار كل موكب في طريقه، لكن عند مركز الساحة الكبرى في الشارع،

تقابل الموكبان.

وفقًا للتقليد، عند التقاطع، تتبادل العروسَان باقَتَي الزهور،

تعبيرًا عن التمني المتبادل للسعادة.

زفاف بشير كان مفاجئًا، ولم يكن أحد يعرف من هي العروس،

ولهذا، في تلك اللحظة، كانت كل العدسات، وكل العيون،

مصوّبة نحو سيارته، في انتظار لقطة الوجه.

لكن شخصًا واحدًا لم يكن مهتمًا إطلاقًا: "مراد."

منذ مكالمته الأخيرة مع سارة في الليلة الماضية، لم يذق النوم،

كان جسده حاضرًا، لكن روحه... تائهة، هائمة.

لم يهتم بمن تزوج بشير،

كان كل ما يشغله: "هل جاءت سارة إلى مكان الحفل؟"

قبل لحظة من الانطلاق، لم يرها هناك،

وسارة لم تكن من النوع الذي يتأخر، ومع ذلك... لم تأتِ.

حاول الاتصال بها، لكن الهاتف كان مغلقًا،

أرسل من يبحث عنها،

لكن الخبر جاء بأن مركز العلاج لم يعد فيه أحد.

تابع الأخبار المحلية، ولم يجد أي ذكر لحادث أو طارئ.

وسط ترقب الحشود، بدأت نافذة سيارة بشير تنخفض ببطء،

وظهر وجه مغطى بطرحة بيضاء.

ورغم أن الطرحة أخفت ملامحها،

إلا أن الكاميرات عدّلت العدسات لتلتقطها بوضوح.

لكن نورة، التي كانت تقف قريبة، لم تحتج لأي عدسات.

رأت الوجه بوضوح...

ذلك الوجه الذي جعل قلبها يرتجف، وأصابها بالدهشة.

سارة؟!

هل كانت تتوهّم؟

كيف تكون سارة في سيارة بشير؟

ولِم ترتدِ فستان زفاف؟

مدّت سارة باقة الزهور نحو نورة،

بينما كانت الأخيرة تميل جسدها ببطء، تتلقى الزهور بيد مترددة،

شفتاها ترتجفان، كأنها على وشك أن تنطق باسمها أو تسألها سؤالًا.

لكن سارة سبقتها، بصوت هادئ عميق:

"أتمنى لكِ السعادة."

قدّمت لها الزهور، وقدّمت معها الختام.

في هذا اليوم، طُويت كل فصول الماضي.

مراد... أصبح من الماضي.

نورة... أصبحت من الماضي.

وكل الحب، والخذلان، والغضب، صار خلفها.

أتمنى لك السعادة؟

سارة؟!

مراد، الذي كان مطأطِئ الرأس، تجمّد لوهلة.

ثم رفع رأسه فجأة، والدهشة تملأ عينيه.

Continue to read this book for free
Scan code to download App
Comments (1)
goodnovel comment avatar
زينة سهيل
أين التكملة
VIEW ALL COMMENTS

Latest chapter

  • طرقنا تفترق بعد الزواج   الفصل 180 هو من لم يحمها جيدًا

    "ماذا سأقول؟""أسأله: هل تتألم؟""أم ماذا؟"لم تعرف سارة؛ لأول مرة تشعر بهذا معه.ارتباك وحَيرة جعلاها غير طبيعية، حتى إنها لم تجرؤ على التحديق في عينيه.إحساس مزعج ومحرِج؛ لذلك بدت خطواتها نحوه ثقيلة."أين أصبتِ؟"سبقها بشير بالكلام قبل أن ترتّب كلماتها.لا يليق أن تسمي خدشها جرحًا أمام جرحه: "أنا بخير".قال وهو يرفع يده المصابة، فانعقد جبينه من الألم: "تعالي، دعيني أرى".فزعت فقبضت على يده: "لا تتحرّك".قبض على يدها: "إن لم أتحرّك لا تطيعيني؛ سابقًا كنتِ تعاندين وتجادلين، والآن لا تسمعين لي".نبرة شكوى كاملة."أنا حقًا بخير"; ورفعت رأسها: "انظر، مجرد خدش صغير في الجبهة".تأمّل: "عكس ندبتي تمامًا؛ أنا اليسار وأنتِ اليمين. أليست ندبة زوجية؟"صمتت؛ أول مرة تسمع هذا. قالت لتطمئنه: "لن تترك أثرًا".قال وهو يمسح نظره على جسدها: "ولو تركت، لا أمانع. هل هناك جروح في أماكن أخرى؟"قالت: "لا"، ورفعت كمّيها: "انظر".بشرتها بيضاء ناعمة؛ لو أُصيبت فعلًا لكان مُوجِعًا.قال بلا سياق: "جميلة".فهمت مزاحه لرفع شعورها بالذنب؛ فلم تسأله: هل يؤلم؟ فذلك تحصيل حاصل.لحظة دخولها كان حاجباه معقودين، وإن ارتخ

  • طرقنا تفترق بعد الزواج   الفصل 179 الدين هو حياتها

    "يا بشير، لو تأخرت بضع ثوانٍ لكنت ميتًا، هل تعرف ذلك؟"من داخل غرفة المستشفى وصل توبيخ سامي إلى الخارج.أُصيب بشير وهو ينقذ سارة؛ جرحٌ يمتد من كتفه الأيمن إلى ساعده، عمقه يقارب سنتيمترين.أما سارة، الضحية، فأصابتها خدوش طفيفة فقط؛ وبحسب آمنة لو تأخر الطبيب قليلًا لالتأمت تلقائيًا."حتى لو مت، لا يمكنني أن أقف وأرى زوجتي تحترق أمامي."أراد سامي أن يقول شيئًا، فقال بشير: "أنت حقًا بارع؛ تكتفي بالصراخ وأنت تراني أكاد أحترق حيًّا، ولا تتقدّم للمساعدة.""لا.. أنا... أنا..." حاول سامي التبرير، لكن هذه هي الحقيقة.حين رأى المشهد آنذاك ارتخت ساقاه، فلم يستطع الركض."أنا مدين لك بحياتي مرة أخرى." ورفع يده فلطم وجهه.رمقه بشير: "دع عنك التمثيل؛ أنت منذ الصغر إذا رأيت نارًا تبولتَ في سروالك، ألا أعرفك؟ ثم إنني كنتُ أُنقذ زوجتي؛ لو ذهبتَ أنت، فكيف سيبدو موقفي؟"فهم سامي أنه يواسيه، واحمرّت عيناه: "يا بشير، لقد أخطأت... أنا...""إن قلتَ هذا مجددًا فاخرج!" غلّظ بشير صوت قائلًا:. "لو كنتُ ألومك حقًا لما قلتُ ما قلت. وإذا كنت تشعر فعلًا بالذنب، فابحث عن الفاعل وعاقبه."مسح سامي أنفه: " سأجده ، حتى ولو

  • طرقنا تفترق بعد الزواج   الفصل 178 لا تخافي

    "هاها!"ضحكت شرين: "إذًا، ما تظنين هدفي؟"على عكس بهجتها، برُدت ملامح سارة: "مهما كان قصدك يا زوجة أخي، شأن العاطفة لا يتدخل فيه ثالث.""صحيح، تجاوزت الحد، آسفة، ويبدو أن عشاء الليل اليوم لن يتم، هذه الدعوة في ذمتي، أُعوّضك لاحقًا، وداعًا."غادرت شرين، فنظرت سارة إلى الرجلين غير البعيدين ثم همّت بالمغادرة.قال سامي وهو يلحق بها: "يا زوجة أخي، ألا تنتظرين بشير؟"قالت ببرود: "لماذا أنتظره؟" فمسّ سامي أنفه حرجًا.قال: "أنتما زوجان"، وتذكّر ما سمعه ذاك اليوم فقهقه بخبث: "وأصبح الأمر حقيقة واقعة."قطبت سارة ونظرت جانبًا: "ماذا؟"سعل سامي على عجل: "سأنادي بشير، انتظريه قليلًا."راقبت ركضه بعيدًا، وتفكرت في عبارة "حقيقة واقعة..."حين أدركت الخطر كانت سيارتها محاصرة من اليسار واليمين، المرة السابقة كان نبيل الزامل، أما هذه المرة فلا تدري من.في هذه الأيام المليئة بالحوادث أيقنت أنها في مأزق غير عادي، لكنها لم تفزع، تماسكت واتصلت ببشير."يا زوجتي..."أنا محاصرة بعدة سيارات...""أنا خلفكِ، لا تخافي..." وبحديثه سمعت سارة هدير محركه.أرادت قول شيء، لكن فجأة ارتجت السيارة بعنف، ثم دارت بها الدنيا..

  • طرقنا تفترق بعد الزواج   الفصل 177 دائمًا ما يحب أخذ ما يخص الآخرين

    "هذا الحصان ليس جيدًا، سأهديكِ لاحقًا حصانًا أفضل!"على ظهر الحصان، كان بشير يقود سارة في جولة ممتعة وهو يتذمّر.ما هذا، يستفيد ثم يتذمّرهدأ اضطراب سارة قليلًا، لكنها غضبت: "يا بشير، قد لا تُبالي بحياتك، أما أنا فما زلت أريد أن أعيش"."لن أدعكِ تُصابين بسوء." اعترف بأنه خاطر توًا، لكنه يعرف أنه مع مهارتها لن تسقط ولو ارتفع الحصان نصف متر آخر.ثم إنه لم يقترب إلا وهو واثق."وماذا عنك أنت؟" سألت بنفاد صبر.ما إن أنهت حتى ضمّها أقرب؛ أنفاسه الحارّة على عنقها: "أوه، اتضح أنكِ قلقة عليّ".سارة: "...…"قادها شوطين، فأوقفته. ذهبت هي وشرين لتبديل الملابس، فيما تقدّم بشير بفرسه بتمهّل إلى زاهر: "يبدو أن السيد الزامل متفرّغ هذه الأيام".لم يُجب زاهر، فأردف بشير: "وتظهر كثيرًا أمام زوجتي".قال زاهر القليل المصيب: "هل السيد راشد غير واثق من نفسه؟"رفرف قميص بشير في الريح: "أذواقُ السيد الزامل متوارثة... دائمًا يحب أخذ ما يخصّ الآخرين".رفع زاهر عينيه؛ تلاقى الطرفان بنظرة عالية: "ماذا؟ هل أخطأتُ في شيء؟"سبق أن حدثت فضيحة لعائلة الزامل؛ أُخفيت، لكن تسرّب بعضُها.تحرّكت تيارات صامتة؛ حتى الخيول أحس

  • طرقنا تفترق بعد الزواج   الفصل 176 بشير، ابتعد!

    حينها تلقّى مالك النسخةَ عالية الدقّة من الفيديو والصور، وقدّمها متزلّفًا: "يا بشير، تفضّل النسخة عالية الدقّة".سبق سامي عيد بشيرَ بخطوة وأمال رأسه نحو الشاشة؛ لمح شيئًا مرّ كلمح البصر، لكنه التقطه بعينه الحادّة: "لماذا ذهب أهلُ الزامل أيضًا؟".لم يخطئ سامي؛ كان المضمار الذي تهيمن عليه سارة وشرين قد أضيفت إليه الآن هيئةُ رجل.فرسٌ بنّيّ يلمع كلّه؛ حتى ليلُ الساحة لا يحجب بريقه. كان الرجل بسترة ركوب سوداء وسروال أبيض، وسيمٌ جدًا؛ انحنى على ظهر الفرس، وساقاه تضغطان بطنه وهو يطوي المضمار.المشهد لا يشبه مضمارًا ضيّقًا؛ كأنه سهلٌ فسيحٌ بلا نهاية.كانت سارة وشرين في ذروة التنافس؛ جذبتهما الصورة، فتبادلتَا نظرةً سريعة، وشدّتا الفرس بين الساقين، وواصلتا الرهان.حين وصل بشير وسامي كانت الخيول الثلاثة تجري كالسهم في المضمار، كأنها تتنازع السيادة.تمتم سامي ساخرًا: "الرجل النبيل لا ينازل امرأة؛ لماذا يتسابق زاهر مع امرأتين؟".ثبّت بشير، المخضلّ بعتمة الليل، نظرَه على سارة؛ ثوبُ الركوب الملتصق أبرز قوامها وخطّ خصرها. ولإحكام السيطرة على الفرس انحنت للأمام، فبان خطّ الخصر والورك كاملًا.لأول مرة

  • طرقنا تفترق بعد الزواج   الفصل 175 ثنائي الجمال والقوة

    "ماذا؟"نظرت سارة إلى شرين ناصر، فنظرت الأخيرة إليها، وقالت: "ألا تشعرين؟ أم أنه لم يفعل ما يكفي؟"مرّ شريط خاطف أمام عيني سارة.قالت شرين: "نشأتُ معه، حتى حركاته أفهمها، يخدع غيري ولا يخدعني."وأضافت: "بشير راشد عقلاني منذ صغره، لا يقع في الحب بسهولة، وإذا أحبّ مضى في حبه حتى الموت."ثم قالت: "سارة، هو يستحق أن تُحبّيه، ولولا أُلفتنا لما أعطيتُ أحدًا غيري فرصة"، وضحكت.ربما لهذا تحالفها الدنيا؛ فالسماء تميل لمن يضحكن.سألتها سارة: "أتعرِفين ليان؟"تجمدت شرين: "من؟"دهشت سارة؛ ألم يكرا معًا، فكيف إذًا لا تعرفها؟قالت شرين: "تقصدين الشائعة؟ لا تهتمّي، كلها كاذبة."ثم فتحت باب السيارة: "اذهبي أنتِ، سأمرّ على مضمار السباق."وقبل أن تصعد سألت: "لن تذهبي حقًا؟"بدا أن شرين لا تريد أن تقضي الليلة لوحدها، فغمغمت سارة: "بما أنكِ صديقة طفولته، سأرافقك."ضحكت شرين: "شكرًا لكِ يا زوجة الأخ."كان المضمار ليلًا هادئًا، وبدّلتا إلى لباس الفروسية، فقالت: "نتسابق جولتين؟"قالت سارة: "حسنًا."قالت شرين: "الخاسرة تدفع مأكولات الليل المتأخرة."بما أنها رافقتها، فترافقها للنهاية، وأومأت سارة.امرأتان جميل

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status