الفصل 2

استدرت، فالتقت عينايّ بعينيّ راشد الحادتين المريبتين.

حافظت على ابتسامتي الرقيقة المعتادة.

"كنت أثرثر مع صديقتي للتو، قالت لي أن رئيس أحد الشركات خان زوجته، وأنها تطلب منه الطلاق."

بما أنه يحب التمثيل، فسأجاريه.

تجولت عيني راشد ببطء على وجهي، وكأنه يبحث عن خللٍ ما.

وبعد أن تأكد من عدم وجود أي شيء غير طبيعي، أرخى كتفيه المشدودين أخيرًا.

مد ذراعيه حول خصري، وطبع قبلةً على جبيني.

"ذلك الرجل غبي حقًا! ألا يعلم أن المرأة التي تشعل الضوء وتنتظره كل ليلة هي التي تحبه حقًا؟"

"لو كنت مكانه، لما خنتكِ مهما حدث."

نظرت في عينيه العميقتين، وابتسمت بخفة.

"لكن ماذا لو حدث حقًا؟"

"لو أن..."

"أماني، لا مجال لأي افتراضات." قاطعني راشد فورًا.

"أنا، راشد الوكيل، أقسم بشرف ثروتي لبقية عمري، أنني لن أخونكِ قطعًا."

أومأت برأسي، تظاهرت بإخفاء ألم قلبي.

"بالطبع. هذا كلام عابر."

صمت راشد قليلًا، ثم فرك ذقنه الخشنة على خدي، بدا عليه التوتر الشديد.

هذا غريب جدًا.

بينما كان على علاقة بأختي، كان يكن لي أيضًا مشاعر امتلاك وسيطرة.

"إن نكثت عهدي، فسيكون عقابي ألا أراكِ مجددًا."

"أنتِ ملاكي، وحياتي. أماني، بدونكِ، سأذهب للجحيم."

لم أرد عليه، ابتعدت فقط عن أحضانه.

بعد ثلاثة أيام، سأرحل.

عقابك الذي تمنيته، سيتحقق.

في تلك اللحظة، جاء صوت مساعده من الباب:

"سيد راشد، جهزت كل شيء."

أومأ راشد برأسه، وارتسمت على شفتيه ابتسامة غامضة.

"هيا بنا، جهزت هدية لكِ."

أخذني إلى الشرفة، ثم غطى عينيّ فجأة.

"استعدي للمفاجأة." همس في أذني وهو يعد: "خمسة، أربعة، ثلاثة..."

ما إن انتهى من العد التنازلي، أبعد يديه عن عينيّ.

صُعقت تمامًا من المنظر الذي كان أمامي.

كان الميناء المقابل للشرفة مضاءً بأضواء ساطعة، وطار عدد لا يحصى من الفوانيس المضيئة في الهواء، لتشكل رقم 6.

عانقني راشد من الخلف، كان صوته به لمحة من التأثر.

"حبيبتي، مر على زواجنا ست سنوات، لكن كل يوم معكِ، كان جميلًا كأول لقاء لنا."

كنت أحدق في السماء الساطعة بالأضواء، وقلبي يغرق ببطء.

هذا صحيح، ست سنوات.

من قرة عين عائلة سرحان، إلى كنة عائلة الوكيل الثرية.

هذه السنوات الست، غيرتني كثيرًا.

كانت كافية ليتحول الحب العميق إلى خيانة، والوعود إلى أكاذيب.

أدارني راشد نحوه، نظراته المركزة كادت أن تذيبني.

"ما زلنا سنعيش الكثير من السنوات معًا، وسأمنحكِ الأفضل كل عام."

انحني ببطء وقبلني.

لو لم أجد قرط سندس من اللؤلؤ على الأريكة أمس،

لربما كنت سأنخدع بتعابير وجهه إلى الأبد.

عندما كان على وشك تقبيلي، رن هاتفه فجأة.

عبس وبدا عليه انزعاجه من مقاطعة أمره الجيد.

جيد جدًا. هكذا لا داعي أن أفكر في طريقة لأتجنبه.

"اللعنة، ألم أقل ألا يزعجني أي شخص الليلة؟ أريد أن أرى من ذاك الذي تجرأ على تجاهل كلامي!"

لكن عندما رأى رقم المتصل، تغيرت ملامح وجهه فجأة.

ألقيت نظرة خاطفة على اسم المتصل على الشاشة: "لؤلؤتي الصغيرة."

أعلم أنها سندس.

تنحنح راشد، وأبعد الشاشة بخفة ومهارة، بينما نقرت أصابعه بسرعة على الشاشة.

رأيت بوضوح الذعر والشوق في عينيه.

كما توقعت، في اللحظة التالية، استدار نحوي وتظاهر بشعوره بالذنب.

"ما الخطب؟" سألته بنبرة هادئة، بينما أطراف أصابعي تغرز في راحة يدي.

كانت الحقيقة واضحة بالفعل.

لكنني ما زلت أريد أن أرى، إن كان سيختارني هذه المرة أم لا.

"عزيزتي، طرأ أمر ما بالشركة، ربما يجب أن أفعله بنفسي." وضع هاتفه في جيبه وملامحه مفعمة بالاعتذار.

"الآن؟"

"آسف. أعلم أن الليلة مهمة جدًا، لكن هذا الأمر لا بد أن يتم حله فورًا. عودي لغرفتكِ وارتاحي الآن، سأعود بسرعة."

أومأت برأسي، وافقت بلطف وطواعية.

"فهمت، العمل مهم."

بعد أن سمع ردي، تنهد راشد بارتياح.

عانقني بسرعة، ثم استدار ليغادر.

خرجت السيارة من الفيلا، واختفت أضواءها الخلفية بالتدريج في الظلام.

استدرت وسرت نحو موقف السيارات.

بما أنه طرأ إليه أمر طارئ، إذًا لأذهب وأرى بنفسي.

هذا الأمر، كم هو طارئ بالضبط؟