แชร์

الفصل5

ผู้เขียน: سرو
شدّت يارا شفتيها وقالت وهي تعضّ على أسنانها: "اذهب إذن."

وقضت ليلتها كلّها في المستشفى مع ابنتها، ترعى ابنها، لا تبرحهما خطوةً واحدة.

أمّا شادي المنير وليان، اللذان قالا إنهما "سيعودان سريعًا" فلم يُرَ لهما أثر.

تجرّعت يارا مرارةً لا توصف. كانت صورُ رسائل الواتساب بين شادي وليان تُظهر أنه في البيت، يسألها عن كلّ غرضٍ واحدًا واحدًا أهو الصحيح. لم يعد هذا تعاملَ مضيفٍ مع ضيفةٍ، ولا تعاملَ والدٍ مع أمٍّ بيولوجية فحسب… أترى، هل ما زال قلبُه معلّقًا بليان؟

بادئ الأمر ظنّت أن شادي يُعوّض ليان لأنها أنجبت له توأمًا، وقد قال ذلك بلسانه، لكن نبرته اليوم: "زوجة الأب تبقى زوجة أب"، جعلتها ترى ستّ السنوات كأنها عقدُ تشغيل: صلاحُها وذمُّها مشروطان بالطفلين، ووظيفتها لا تعدو "رعاية الطفلين". إن أحسنا كانت زوجةً صالحة، وإن حصل خللٌ صارت "زوجةَ أبٍ تهرب من المسؤولية". ومهما بلغتْ كفاءتها، لا تُداني صفة "الأمّ البيولوجية" التي تحوزها ليان ولو لم تفعل شيئًا.

الساعة التاسعة والنصف مساءً.

قال حازم بعد أن أنهى المصل الوريدي: "ماما، أنا بخير، هيا نعود إلى البيت؟"

فكّرت يارا وقالت: "حسنًا. سأُنجز إجراء الخروج. إياكما أن تغادرا الغرفة، مفهوم؟"

قالا: "نعم نعم!"

خرجت يارا والخوف يعتصرها، لا مُعين لها، ولم يُرسل شادي مُربّية، وخشيت على الطفلين فرجت الممرّضة أن تُراقبهما. ثم أنهت الإجراءات، واستقلّت بهم سيارة أجرة إلى البيت.

وفي بيت آل المنير، كانت الأنوار ساطعةً والسياراتُ الفاخرة مصطفّةً عند المدخل.

تذكّرت يارا أن شاديًا دعا بعض الأصدقاء، أترى الموعد في البيت؟

قال حازم وهو يشير إلى سيارة: "ماما، هذه غالية، أليس كذلك؟"

قالت يارا: "لا بأس."

وفي عينيها حقًّا "لا بأس"؛ فسياراتُ ماضيها كانت تُساوي هذه كلّها مجتمعةً وأكثر.

دخلت ومعها الطفلان… فتجمّدت في مكانها.

ليس البيتُ عامرًا بالناس فحسب، بل بوليمةٍ صاخبة.

كان البابُ عازلًا للصوت؛ فلمّا دخلوا سمعوا هتافات: "قبلة! قبلة!"

"سيد شادي، لا تخجل!"

"سيدة ليان، وقد صار أولادكما كبارًا، ما الذي يُخجلك؟"

انقطعت أنفاسُ الخدم؛ رأوا يارا ولم يجرُؤوا على تنبيه الجمع.

هناك، كان شادي وليان متقابلَين.

قالت ليان تُعاتب الأصدقاء ضاحكةً: "لا تُثيروا الشغب. كنّا مخطوبَين قديمًا، ولسنا الآن كذلك."

فقال رامز حيدر، أقربُ أصدقاء شادي: "وذلك لسوء الحظ. لولا ما جرى يومها، لكنتُما الآن في أهنأ عيش. اعتبروها حفلةَ إعادة إدراج الشركة ولمّ شملٍ مع حبيبةِ الصبا… قبلة!"

وتأمّل شادي ليان وهي تُخفّف عنه فغمره تأنيبٌ عاصف، ودفعه فجأةً ليميل نحو خدّها…

"قبلة! قبلة!" تعالى الهتاف، إلا صديقُ الطفولة زيد مراد الذي قطّب صامتًا.

وفي اللحظة التي انتظروا فيها التقاءَ الشفتين، ساد الصمت، فبرز صوتٌ هادئٌ ثلاثيّ الكلمات، واضحٌ كالسهم:

"هل كان ممتعًا؟"

ارتدّ شادي خطوتين إلى الوراء، وليان ارتبكت. لم يتوقّع أحد عودة يارا.

كانت يارا تنزف بصمتٍ. لو لم تدخل الآن، لعلّ القبلةَ وقعت. وشادي، لا يُؤخذ بالإكراه فما دام مالَ إليها، فقد أراد. إذن ما زال يحبّ ليان.

كانت وحدَها ترعى الطفلين؛ قالا إنهما سيعودان سريعًا، فإذا هما في البيت يتغزّلان ويُقيمون وليمة.

كان بعضُ الأصدقاء قد التقوا يارا من قبل نادرًا، وأكثرُهم يراها مُغتنِمةً لفرصةٍ: امرأةٌ من أسرةٍ عاديّة، كما يظنّون حَظِيت بزوجٍ لامعٍ وتوأمٍ مجّانًا، لا عملَ لها إلا جمالُها. لكنهم، آخرَ الأمر يعلمون أنها "السيدةُ يارا"، فشعورٌ بالذنب خنَقهم.

قال رامز حيدر مُبتسمًا: "أهلاً، حضرتِ يا سيدة يارا؟ ألستِ في المستشفى؟"

قالت بابتسامةٍ رقيقةٍ موجعة وهي تنظر إلى شادي وليان: "نعم، كنتُ في المستشفى."

"وماذا تفعلان أنتما إذن؟"

زادهم ذلك خفوتًا.

قالت ربى غاضبة: "أبي، ألم تقل ستُضيف الأصدقاء وتعود سريعًا؟"

وقال حازم وهو يزفر: "أبي لا يُبالي بحالي! كدتُ أموت من الحساسية، وأنت هنا مع التي تسبّبت لي بذلك! لا أحبّك!"

تبادل الأصدقاء نظراتِ الدهشة—ما كانوا يعلمون. وكانت كلماتُ الطفلين كالكفّ على وجه شادي.

كان ينوي الذهاب لاحقًا، فجعل الموعد في البيت ليتمكّن من أخذ أغراض الطفلين والعودة—لكن الصخب شدّه، واستدعى رامزُ ليان، فامتدّ السهر.

قالت يارا، تنظر إلى الجمع: "أهلاً بكم، أنتم أصدقاءُ شادي، وضيافتُكم في بيتنا محلّ ترحيبي. لكن أرجو منكم مراعاة الأصول. الآنسة ليان ضيفتُنا أنا وشادي، فأحسنوا إليها بما يليق."

(كأنها تقول: أين الحياء؟)

التزموا الصمت.

ثم التفتت إلى ليان: "آنسة ليان، ألستِ ناسيةً أن شادي رجلٌ مُتزوّج؟"

دهش الجميع، فهي الرقيقةُ دائمًا كيف اشتدّ لسانُها؟

وفي عين رامز، كانت ليان ضعيفةً تُحمى، وإنما يارا هي المُتسلّطة التي نالت ما لا تستحقّ!

قالت ليان مرتبكةً: "عذرًا، أنا لم…"

قال شادي: "يارا، لا تُغالِي."

قالت وهي تبرق دموعُها: "أُغالِي؟ وأنا في المستشفى مع الطفلين، وأنتم هنا تكادون تتبادلون القُبَل؟ أجهلتم معنى الحياء؟"

زجرها شادي: "يكفي!"

وسقط السكونُ على القاعة.

تجمّدت يارا في مكانها. رأت وجه شادي الغاضب، ولمحت أطراف العيون المُتفرّجة، وسمعت طفليها يناديانها: "ماما"… لكن في خاطرها مرّ يومُ الزفاف، حين قبض على يدها وقال: "أوافق."

ستّ سنواتٍ من الجهد… ماذا جنت؟ زوجةُ أب من فمِ زوجها، ويا سَلَفَتنا من أفواه الآخرين.

لقد حاولتْ أن تكون كلَّ شيء، إلا نفسها.

ومض شيءٌ في قلبها، ثم ابتسمت وقالت: "حسنًا… واصلوا."

انقبض قلبُ شادي، مدّ يده يمسكها، فتجنّبته، فتعلّق كفُّه بالهواء.

قالت ربى بلهفة: "ماما، إلى أين؟ خُذينا معكِ."

تدارك شادي فحمل حازم وأمسك ربى: "بابا معكما."

همست ليان: "وأمُّكما هنا أيضًا."

وتبيّن ليارا، فجأةً أن هذا البيت لن يتداعى بغيابها؛ فهُم "عائلةٌ من أربعة"، وهي الزائدة.

نهض زيد مراد، الصديقُ الوحيد الذي لم يُشجّع القبلة وقال مُعتذرًا: "عذرًا يا سيدة يارا، رامز شرب كثيرًا وتجاوز حدّه."

أراد رامز الاعتراض، فنظر إليه زيد نظرةً حادّة وكفى.

قال زيد للسائق: "انطلق." ثم قال لرامز: "كرامتُك وصداقتُنا على المحكّ. يارا، سواءٌ رضيتَها أم لا زوجته الشرعية. وليان ما شأنها بالمبيت؟ و"قبلة" ماذا؟ أحمقٌ أنت؟"

قال رامز: "امرأةٌ عادية تزوّجت شادي، رزقٌ ساقه الله وأُهديت توأمًا، أليس من واجبها الرعاية؟ على ماذا تغضب؟"

قال زيد: "على أنها ربّت طفلين بيديها ستّ سنوات كأبنائها! لو كانت أختُك، أتقبل أن تكون زوجةَ أب؟"

قال رامز: "أختي لو جرؤت… لأ…" ثم عمّا الصمت.

…أما عند الباب، فكانت يارا تهمّ بالخروج، فرأت على الرفّ هاتفًا نُسي هناك، وشاشتُه على صورةٍ قديمةٍ لشادي في سنّ الثانوية.

وكان لافتًا قميصُه، القميصُ نفسُه في الصورة التي تجمعه بليان، كأنّه قميصان ثنائي.

وذاك القميصُ بعينه لا يزال عنده، يُكويه بعناية ويُعلّقه في خزانة الملابس، لا يَدَعُ خادمًا يمسّه.

ظنّتُه هديةَ أمِّه… فإذا هو قميصُ "ثنائيّ" مع ليان.

سقطت الدموع، وشقّ الألمُ صدرَها، فخرجت مسرعة.

رآها شادي فقال لليان: "استريحي قليلًا."

وخرج الطفلان يعدوان خلفها.

أمسكتْ ربى بذراع أمّها، فرأت يارا دموعَها على خدّها: "سأمرّ على صديقةٍ الليلة. كونا مطيعَين."

قال حازم: "لا!"

وقالت ربى تُدافع عن أمّها: "إن كان أحدٌ سيغادر فلتغادر هي! أنتِ أمُّنا، سيّدةُ هذا البيت!"

توقّفت يارا. نعم، هي سيّدةُ البيت. لكن شاديًا كان يُهينها مرّةً بعد مرّة.

سمع شادي كلام ربى، فأدرك شدّة رفضِ الطفلين لليان، وتذكّر ليالي يارا البيضاء وهي ترعاهما. الجميعُ رأى تضحياتها.

قال: "يارا…"

لم ترفع رأسها. ذكّرها نداءُه بصباحِ التعرّف في "دورةٍ تدريبية" قديمًا، ففاضت دموعُها: "هل تحبّها بعدُ؟"

سكت.

ابتسمت بمرارة.

قال: "أُحبّ أم لا، أنتِ زوجتي، ونحن زوجان."

ارتجفت نظرتُها: "أتريدني زوجةَ "واجبٍ" فقط؟ أنت…"

وكادت تنهار، فهي التي تربّت كابنةِ بيتٍ عريق، كيف تُسحق إلى هذا الحدّ؟ كادت تسأله: "أكنتَ تريدني لأجل الطفلين فقط؟"

ثمّ كمن استفاق من حلمٍ طويل: أخطأتُ، عصيتُ أهلي، وحصرتُ نفسي بعد الزواج فيك وفي طفليك، وتركتُ مهنتي وقيمتي… حتى صرتُ، في عينيك: "وظيفةَ رعاية". خُطوةً بعد خطوة… خطأ بعد خطأ.

كانت تظنّ أهلَها قيدًا، فإذا بهم كانوا سترًا وكرامة.

انفرطت الدموع، ولم يسبق لها أن بكت هكذا طوال ستّ سنوات.

وخفق قلبُ شادي، وهمّ أن يضمّها…

لكن صوتَ ليان قاطع: "يارا، دعيني أشرح، لا ترحلي…"

"آه...!"

خرجت ليان من الطابق العلوي مسرعة، فزلّت قدمُها فالتوى كاحلُها، فصرخت.

التفت شادي: "ليان؟!"

كان الالتواء شديدًا، وعرقُ الألم لَمَعَ على جبينها: "لا أستطيع الحركة… يؤلمني."

حملها شادي وانطلق بها إلى المستشفى من فوره. هديرُ المحرّك بعد طعنة.

بقيت يارا واجفة الصدر… وتحطّم كلُّ عزاء.

في عُمق الليل.

لأن البيت لا يضمّ غير الخدم، لم تستطع أن تذهب هكذا، فأنامت الطفلين. جلست قرب سرير ربى تمسح على يدها الصغيرة؛ كلّما دافعت ابنتها عنها شعرت أن السنوات لم تضع هدرًا. ولكنها كذلك شعرت بقيودِ المحبّة.

انفتح الباب، عاد شادي.

لم تقل شيئًا، قالت فقط:

"ناما؟"

قالت: "نعم." ثم خرجت من غرفة الطفلين وقالت وهي تُومئ نحو غرفة النوم: "فلنتحدّث."

انعقدت شفتا شادي.

جلست وقالت بهدوءٍ حاسم: "لننفصل."

อ่านหนังสือเล่มนี้ต่อได้ฟรี
สแกนรหัสเพื่อดาวน์โหลดแอป

บทล่าสุด

  • اخترتَ حبَّك الأوّل… وأنا اخترتُ نفسي   الفصل30

    كل هذه المنعطفات والخصومات في البيت مؤخرًا إذن منسوبة إلى يارا. طاقة يارا تتصادم مع طاقة شادي، لذا حدث كل هذا. قالت ليان: "دعنا من هذا الآن، يا ياسر خليل، كيف نُعدّل طاقة المكان في البيت؟" تلفّت ياسر خليل حوله وقال: "اطّلعتُ قبل قليل. بعض القطع يجب رميها. مثل صورة الزفاف تلك؛ يغلب عليها الأبيض والأسود وموضوعة في الجهة الغربية، وهذا يضرّ وئام صاحبي البيت. وكذلك كل غرف النوم التي تتجه أبوابها شرقًا يجب تبديل ساكنيها بمن يَمنحك الازدهار. عندها تظهر النتيجة فورًا." أبواب تتجه شرقًا؟ تذكّر ليث عمران أن كل غرف النوم في هذا البيت أبوابها شرقًا على صف واحد. وغرف الضيوف فارغة أصلًا. إن كان لا بدّ من تبديل الساكن، فالمقصود جناح النوم الرئيسي. قالت ليان: "لا أحد هنا يطابق سنة ميلادك غيري يا شادي." انعقد حاجبا ليث. هل يعني ذلك أن على ليان أن تنتقل إلى غرفة النوم الرئيسية؟ قال شادي بصرامة: "يا ليث، أنزل صورة الزفاف." قال ليث: "سيدي، هذا…" قاطعت أمينة: "ألا تُنفَّذ كلمة صاحب البيت؟" ضاق صدر ليث، لكنه لم يستطع الرفض. وأثناء انشغال الخدم بإنزال الصورة التي يتجاوز طولها مترين، تلقّى شادي

  • اخترتَ حبَّك الأوّل… وأنا اخترتُ نفسي   الفصل29

    رغم أن يارا لا تعرف ذلك المدعو ياسر خليل، فإن هيئته تكفي لتخمين عمله. "أنا من مواليد سنة النمر، ما المشكلة؟" ليان تفاجأت: "إذًا يا يارا أنتِ من مواليد النمر؟" ثم التفتت إلى شادي قائلة: "شادي، هذا…" لم تمكث يارا، واستدارت إلى المطبخ. بدت كالغريبة، تدخل وتخرج ثم تصعد إلى الطابق العلوي. رنّ الجرس. ليان كانت الأقرب إلى الباب ففتحته، "جدّتي؟" دخلت أمينة زهران على كرسي متحرك يدفعه أحدهم، وسألت بلهفة: "كيف الحال يا ياسر خليل؟" كان ياسر خليل بدعوة من أمينة. قال ياسر خليل: "يا سيدة أمينة، طاقة المكان هنا غير مستقرة، ولإعادتها للاتّزان يجب إبعاد كل شخص أو شيء يتنافر مع البيت. وقد تأكدتُ أن هنا ثلاثة أشخاص لا يصلحون للبقاء طويلًا. أما الأشياء فيمكن ترتيبها لاحقًا." قالت أمينة بجدية: "شادي، خيرٌ أن نأخذ بالحيطة. هذا يخصّ الطفلين ومسارك المهني. أذكر أن والديك في حياتهما كانا يثقان بطاقة المكان، وكذلك أهل ليان." كانت أمينة من عائلة زهران، ووالدا ليان من العائلة نفسها. نظر ليث عمران إلى أمينة. إن كانوا يؤمنون بطاقة المكان ويستدعون الخبراء، فكيف انهارت أسرة زهران سابقًا؟ دنت أمينة وهي ت

  • اخترتَ حبَّك الأوّل… وأنا اخترتُ نفسي   الفصل28

    بدت ليان متفاجئة وقالت: "لقد أصبتَ في كل شيء يا أستاذ." لم يُبدِ شادي رأيًا فورًا، وسأل: "إذًا كيف نعالج الأمر؟" صرّح ياسر خليل بحزم: "هناك من يضرب انسجام هذا البيت. مواليد النمر، ومعهم مواليد الكلب، يجب إبعادهم." قالت ليان: "مواليد الكلب والنمر؟ هل في البيت خدم من مواليد النمر أو البقر؟" استدعى ليث جميع الخدم. أخذ الجميع يذكرون أبراجهم. وكان اثنان منهم من مواليد الكلب، هما ليث والمربية. حدّقت ليان طويلًا في هذين الاثنين. فولاؤهما ليارا يزعجها كثيرًا. تظاهرت ليان بالبحث وقالت: "أنتما من مواليد الكلب؟ وأين مواليد النمر؟" تجهم شادي. يارا من مواليد النمر، وهي أصغر منه بعام. سألت ليان: "بالمناسبة، ما برج يارا؟" كان ليث يعرف، لكنه لزم الصمت. قال شادي: "تفضل يا أستاذ، أكمل." قال ياسر: "إن كنت من مواليد الثور فلا انسجام مع مواليد النمر، وسيكثر الشجار. أما مواليد الكلب فقد يضرّون بصحّة الأطفال." شجار؟ غاص شادي في التفكير، ففي الآونة الأخيرة ما إن يلتقي يارا حتى يحتدم الخلاف. تبادل ليث والمربية نظرة قلقة. أيعني هذا الأستاذ أنهم يضرّون بصحة الصغيرين؟ تابع ياسر بنبرة ثقيلة: "م

  • اخترتَ حبَّك الأوّل… وأنا اخترتُ نفسي   الفصل27

    ربى ابتسمت وقالت: "لا يؤلمني يا ماما." كانت تتظاهر بأنها بخير خوفًا من أن تقلق أمها. دموع يارا اليوم لا تسيل إلا من أجل هذين الطفلين. احتضنتهما بجسدها النحيل وقالت: "تتناولان الطعام؟" "نعم نعم." كانت رُبى تُطوِّق عنقها بذراعيها ولا تفلتها، ومشهد التعلّق هذا كان يزعج ليان. حملتْهما يارا إلى غرفة الطعام وجلست. قالت ليان: "يارا، ربى قالت قبل قليل إنها تريد من يطعمها. في هذا العمر عليها أن تتعلّم الاعتماد على نفسها." رفعت ربى رأسها فورًا وقالت: "كنتُ أقصد حين أكون مريضة، لقد فهمتِ خطأ." احمرّ وجه ليان قليلًا وقالت: "أوه، نعم." لَزِمت يارا الصمت ومدّت يدها لتناول الملعقة كي تُطعِم ابنتها. لكن ربى خطفتها وقالت: "سأتناول طعامي بنفسي يا ماما." عَبَس شادي. فلماذا أصرت قبل قليل أن يُطعمها هو؟ وللحظة عاد إليه ظنّه بأن يارا دلّلت ربى أكثر مما ينبغي. كانت ربى لا ترفع لقمةً إلى فمها إلا وتنظر إلى يارا كأنها تخشى أن ترحل. قرأت يارا ذلك وابتسمت: "اطمئني، لن أغادر. كُلي على مهل، فالشبع يعطيكِ قوةً لهزيمة الجراثيم." "حسنًا." وأخذت ربى تُدخل الطعام في فمها. في تلك اللحظة ارتسمت الابتسام

  • اخترتَ حبَّك الأوّل… وأنا اخترتُ نفسي   الفصل26

    أيُّ طفلٍ يُتحدَّث عن حظّه أصلًا؟ لكن أهل التجارة يهتمون بما يسمّى طاقة المكان. وخاصةً حين يتعلّق الأمر بطفلين. لم يكن شادي المنير دقيقًا كالنساء ولا بارعًا في التعبير ككثيرٍ من الآباء. لكنّه في الحقيقة يحبّ الطفلين. حُبّه صامت؛ وهو من الذين يظنون أنّ توفير بيئة نموّ جيّدة للأولاد هو أداء واجب الأب. قال شادي: "حسنًا." ففي الآونة الأخيرة تراكمت أمور غير موفّقة. ابتسمت ليان زهران وقالت: "سمعتُ أنّ بعض الأطفال يكثر لديهم الشغب وتعلو حدّة مزاجهم بسبب طاقة المكان. وأعرف خبيرًا في هذا المجال، أأدعوه إذًا؟" كان شادي ما يزال مُتعَبًا فقال: "شكرًا لتكلّفك." عند الظهر. قالت المربية: "سيدي، الآنسة الصغيرة لا تأكل." كان شادي في غرفة المكتب وقد أنهى لتوّه أمرًا يخصّ الشركة. قطّب حاجبيه وذهب إلى غرفة الطعام. ربى لا تزال مريضة، والمربيات يعتنين بها ويُطعمنها بأنفسهنّ. لكنّها لم تقبل أن تُطعِمها المربية. تقدّمت ليان من تلقاء نفسها، فمَنَعها حازم من الاقتراب من أخته. قال شادي بضيقٍ بدأ ينفد صبره: "ما الأمر هذه المرّة؟" لمعت عينا ربى بالدموع وقالت: "بابا، أطعمْني أنت." قال: "لقد صرتِ

  • اخترتَ حبَّك الأوّل… وأنا اخترتُ نفسي   الفصل25

    لكن هذا ذكّرها بشيء ما... أخرجت ليان زهران هاتفها واتصلت قائلة: "جدتي، هل أزعجت راحتك؟" ... داخل غرفة المستشفى. جلس شادي المنير عند حافة السرير وقال: "رُبى، حازم. بابا ليس منحازًا إلى أمكما البيولوجية، لكن عليكما التحلي بالأدب، وإن كان لديكما شيء فقولاها بهدوء." "لكننا لا نحبها، نحن نريد أمّنا فقط." ومهما يكن، فهو والدهما، فكيف لا يقلق؟ زفر نفسًا، وامتلأت عيناه بضيق. "قبل قليل ارتفع صوت بابا." احتضن حازم وقال: "بابا يعتذر منك، آسف. لا تغضب من بابا، حسنًا؟" شعر حازم بظلم وكتم دموعه ثم قال: "نريد أمّنا أن تعود." أمي... يارا... الأطفال يعتمدون عليها إلى هذا الحد. "إن لم تكن الأم موجودة، أليس بابا هنا؟" تذكّر شادي مجددًا جملة يارا: "هؤلاء أولادك." رحلت بهذه اللامبالاة، قالت وتوارت. عاد الغضب يعلو صدره؛ لم يصدق أن من دونها لا يستطيع رعاية الطفلين. سأل حازم مرة أخرى: "أبي، قلت إن أمّنا تخلّت عنا، أهذا صحيح؟" لم يُرِد شادي جرح قلب طفليه، لكن من تركهما أصلًا هي يارا. قال: "سيرافقكما بابا في الأيام القادمة، ما رأيكما؟" هذا الجواب جعل الشقيقين يشعران وكأن أمّهما حقًا لم تعد تري

บทอื่นๆ
สำรวจและอ่านนวนิยายดีๆ ได้ฟรี
เข้าถึงนวนิยายดีๆ จำนวนมากได้ฟรีบนแอป GoodNovel ดาวน์โหลดหนังสือที่คุณชอบและอ่านได้ทุกที่ทุกเวลา
อ่านหนังสือฟรีบนแอป
สแกนรหัสเพื่ออ่านบนแอป
DMCA.com Protection Status