Home / الرومانسية / طرقنا تفترق بعد الزواج / الفصل 4 إن لم تَفي، لا تعِد

Share

الفصل 4 إن لم تَفي، لا تعِد

Author: رنا الخالد
"سارة، هذا مهرٌ جمعته لك جدّتك. أنت ومراد ستتزوجان أخيرًا، خذي هذا المال لترتبي ما تحتاجينه."

أمسكت جدّتها يدها ووضعتها في يد مراد، ثم دست البطاقة المصرفية في أيديهما المتشابكة.

انهمرت دموع سارة، ولم تجرؤ على النظر في عيني جدّتها.

خبر زفاف مراد اجتاح الدنيا، وبالطبع جدّتها، رغم ضمور عقلها ظنت أن العروس هي حفيدتها.

"مراد، عدني أن تعتني بسارة."

أمسكت جدّتها يده بتوسل.

"جدّتي، لا تقلقي، سأبقى معها طوال حياتي، ولن أتركها أبدًا."

لكن هذه الكلمات جرحت قلب سارة كما لو أنها طعنة.

قبل أربع سنوات، رافقت سارة مراد في رحلة عمل، وأخذها معه إلى جبل كاترين. هناك، أمام صخرة العهود الثلاثة، تبادلا الوعد الأبدي. قال لها مراد حينها إنه لا يريدها في هذه الحياة فقط، بل في الحياة التالية، وفي كل حيواتهم القادمة، إلى الأبد.

لكن الآن، حتى هذه الحياة لم تُمنح لهما.

لقد اتضح أن الوعود خُلقت لتُكسر، وأن العهود ليست سوى كلمات تُقال لتُخان.

قالت الجدة وهي توصيهما:

"سارة، مراد، في يوم زفافكما لا بد أن تأتيا لأخذي، فأنا أرغب في أن أرى بعيني لحظة ارتباطكما."

فأجابها مراد بنبرة حنونة:

"جدتي، سنأتي حتمًا، بل وسنركع أمامك لننال بركتك."

لم يكن مراد ذاك الرئيس المتسلط المتعجرف في حضرة الجدة، بل كان حبيب سارة لا أكثر.

وما إن خرجت سارة من دار الرعاية، حتى شعرت بضيق شديد في صدرها، ودموعها تغمر عينيها، همست بصوت متهدّج:

"مراد، إن كنت لا تقدر على الوفاء، فلماذا تعد؟"

إن لم يكن قادرًا على الزواج بها، فلم وعد؟

وإن لم يكن ينوي إحضار الجدة يوم الزفاف، فلماذا وافق؟

ألقى مراد نظرة على هاتفه، حيث ظهرت رسالة من نورة، وبينما كانت أصابعه تكتب الرسالة، أجاب سارة دون أن ينظر إليها: "ستنسى بعد قليل، وعدتها فقط لأرضيها."

هكذا إذن؛ ما قاله أمام الجدة لم يكن إلا كذبًا لطيفًا لخداعها.

حتى ما تفوّه به عن الحب، وعن أنه سيحسن إليها مدى الحياة، وعن عدم الفراق، لم يكن سوى وعود زائفة.

قال مراد وهو يرفع هاتفه أمام سارة دون أن يخفي شيئًا:

"نورة حضرت لي عشاءً خفيفًا وأرسلته، سأعود الآن، وأنتِ استقلي سيارة بعد قليل."

كان صريحًا وواضحًا، لكن ما نسيه أن سارة لم تكن مجرد شخص عابر في حياته، بل امرأة أحبته بصدق. نسي أن عرض تلك الرسائل أمام عينيها، واهتمامه بامرأة أخرى، كان بمثابة طعنة في قلبها.

ردّت بصوت خافت لا يحمل سوى كلمة واحدة:

"حسنًا."

لم تقل أكثر، كانت تعلم أن حرفًا إضافيًا قد يسقط معه ما تبقى من دموعها.

كان قلبها ينزف بصمت، والألم يعتصرها من الداخل، كأن نارًا اشتعلت فيها، تحرقها ببطء دون رحمة.

خلال هذه الأشهر الثلاثة، ذاقت سارة أقسى ألم يمكن لإنسان أن يعيشه.

ولا تدري، بعد سبعة أيام، عندما يسمع مراد بخبر زواجها، هل سيتألم هو الآخر؟ هل سيتذوق ولو للحظة ذلك الطعم المرّ الذي ابتلعته كل يوم؟

رحل مراد، اختفى هو وسيارته في عتمة ليلٍ لا نهاية له.

قال إنه يحبها، ومع ذلك، تركها وحدها في هذا الليل القاسي كأنها لا شيء...

لكن سارة لم تكن ساذجة في الحب.

كانت تعلم تمامًا أن حب مراد لها انتهى يوم عادت نورة إلى حياته.

ومع ذلك، ما زال يجامِلها، يُلقي بكلمات تُرضيها،

لأنه على الأرجح، لم يستغن عنها بعد.

قبل أسبوع، سمعت سارة مراد وهو يتحدث مع صديقه بوضوح. قائلًا: "لو لم تُصر نورة على إقامة حفل الزفاف، لكنت طردتها منذ وقت طويل." لم يُبقِها من أجل الحب، بل لإرضاء خطيبته فقط.

شعرت سارة بألم في كفّها بسبب ضغطها للبطاقة بيدها بشدَّة. نظرت نحو غرفة جدتها، فرأت ظلها المنحني يظهر خلف الضوء الخافت.

سارة يتيمة، فوالدتها توفيت بعد ولادتها بوقت قصير، وجدتها هي التي تولت تربيتها. كانت جدتها الشخص الوحيد المتبقي لها في هذه الحياة.

قبل عامين، تم تشخيص جدتها بسرطان المعدة في مرحلته الأخيرة، وبقاؤها على قيد الحياة حتى الآن كان معجزة.

كل ما تريده الجدة هو أن ترى سارة سعيدةً، وأن تراها عروسًا، ولهذا لا تريد سارة أن تُحبطها.

أخرجت هاتفها، وكتبت للشخص المثبت في المحادثة: "هل توافق أن تتزوجني؟"

Continue to read this book for free
Scan code to download App

Latest chapter

  • طرقنا تفترق بعد الزواج   الفصل 100 كانت على علاقة بعدد كبير من الرجال

    وقفت سارة بجانب طاولة الحلوى، تحاول تجنّب أي اصطدام بها، إذ شعرت أن ما قد يحدث قد يسقط هيبتها في لحظة واحدة. لكن نورة لم تترك لها مجالًا، دفعتها فجأة نحو الطاولة، واصطدم جسدها بها تمامًا، وكان صراخ نورة المفاجئ كافيًا ليشحذ انتباه الجميع نحو المكان.لم تكن تلك الدفعة حقيقية القوة؛ بل محاولة دقيقة لإثارة الموقف، وأبصرت سارة الهدف بوضوح، فأجابت ببرود:"نورة، أنت حقًا تفتقرين إلى أدنى درجة من الحياء."لكن وجه نورة ما لبث أن ابتسم ابتسامة مُثيرة، وقالت بهدوء:"ما دام أنكِ لا تتعاونين، فليس من العار أن أحمي نفسي بطريقتي."دفعت سارة نورة بعيدًا برفق وقالت ساخرة:"أنت حقًا عنيدة كاللاصق الذي لا يُفك."تحركت آمنة بسرعة نحو المشهد، وسألت بقلق متدافع:"ما الذي يحدث هنا؟"لكن قبل أن ترد سارة، وقفت نورة مستندة إلى الطاولة، وابتسامتها المعتلة لا تخفي شيئًا، وقالت بصوتٍ خافت:"آسفة يا زوجة السيد راشد… لقد أصابني هبوط مفاجئ في السكر، ولولا مساعدتكِ لما وقفت."بهذه الكلمات هدأ فضول الحضور، وقد كانوا على وشك التهام المشهد بنظرات فضولهم، متوقعين مشهدًا دراميًا من نوع آخر، لكن نورة تصرفت بسرعة، إذ التفتت

  • طرقنا تفترق بعد الزواج   الفصل 99 سيدة نورة، أطلقي العنان لكل ما لديك

    لم تجرؤ نورة، ولم تستطع ذلك أيضًا.كانت تعرف جيدًا سبب قدومها اليوم، لكنها فقدت السيطرة بسبب سارة.تنفست نورة بعمق، محاوِلةً إخفاء غضبها وراء ابتسامة مزيفة، وقالت: "ماذا تريدين يا زوجة السيد بشير؟ كل ما أبتغيه هو أن نحافظ على علاقة ودية، حتى لا نصبح مادة للسخرية بين الناس."كانت نورة صائبة؛ فرغم الوجوه المبتسمة واللطف الظاهر من السيدات الراقيات في هذا التجمع، إلا أنهن يتحدثن خلف الظهور بسوء وبكلام لا يليق.مجرد ارتباط امرأتين بنفس الرجل كان سببًا كافيًا لصنع قصص لا نهاية لها، مملوءة بالإشاعات وبلا ذرة من الأدب.حاولت نورة أن تخفف الموقف، لكن سارة لم تُظهر أي تسامح، بل ابتسمت بسخرية وقالت: "سيدة نورة، أنا لا أحب أن يلمسني أحد، فمن الأفضل لك أن تبقي بعيدًا عني."كانت سارة اليوم أكثر حدةً من المعتاد، فانسحبت نورة متراجعةً ومحرجة، التقطت قطعة فاكهة وضعتها في فمها، لكنها سرعان ما انقبضت من طعمها الحامض حتى كادت تسقط أسنانها.حقًا، كانت نورة بمثابة نكدٍ لحياة سارة؛ كلما احتكت بها، تفقد سارة راحتها وصفاءها.ولكن مع ذلك، كانت تحتاج للبقاء قريبة منها، لأنها الوحيدة التي يمكن أن تساعدها في تحقيق

  • طرقنا تفترق بعد الزواج   الفصل 98 وجودي يجعلني أتفوق عليكِ

    بإرشاد آمنة، رأت سارة المرأة التي تُدعى نورة. ضحكت سارة من كلام آمنة، وشعرت بدفء يملأ قلبها.في بيوت الآخرين، غالبًا ما تكون الحماة ضيقة الخاطر تجاه زوجة ابنها بسبب ماضيها، بل قد تكرهها أو ترفضها، لكن لم يكن الأمر كذلك مع آمنة، بل كانت تحذر سارة بأن لا تقترب من نورة.شدّت آمنة يد سارة بخفة وقالت: "هذه المرأة منذ قدومها تريد أن تفرض في كل مكان".كان ازدراء آمنة لنورة واضحًا على وجهها.مازحت سارة: "أعلم يا أمي، لا تقلقي."قالت آمنة: "إذا حاول أحد أن يؤذيك، تعالي إليّ فورًا، فأنا سندك".كانت هذه الكلمات التي افتقدتها سارة، فجعلتها تشعر بالاكتفاء فجأة.قالت آمنة: "هيا، هناك الكثير من الأطعمة اللذيذة اليوم."لم تكن آمنة تخشى شيئًا عليها، لكنها خشيت أن تشعر سارة بعدم الارتياح.فكرت سارة للحظة، إذا انفصلت عن بشير، ستفتقد هذه الحماة.كانت تعرف أن نورة قد رصدتها بالفعل، لكنها تجاهلتها وتوجهت إلى قسم الحلويات والفواكه التي تحبها.اقتربت نورة بسرعة وقالت: "كنت أفكر كيف للسيدة الأولى الباهرة، سارة، أن تغيب عن هذا الحدث المهم اليوم؟"لم ترد سارة ولم تنظر إليها، وقالت: "عدم حضوري أفضل، حتى لا أسرق

  • طرقنا تفترق بعد الزواج   الفصل 97 ثروة لم تكن في الحسبان

    في صباح اليوم التالي، ما إن رأى المساعد رشيد بشير، حتى سمع منه هذه الجملة:"مساعد رشيد، هل تكفيك النقود هذه الفترة؟"تفاجأ رشيد من السؤال، وظل يفكر كيف يجيب بطريقة مناسبة، لكن بشير لم ينتظره وأضاف:"ابتداءً من هذا الشهر، سيتضاعف راتبك، ومعه عشرة أيام إجازة مدفوعة في نهاية العام.""ماذا؟"شعر رشيد وكأنه لا يسمع جيدًا. ماذا فعل ليستحق كل هذا؟ كيف سقطت عليه هذه الثروة من السماء فجأة؟قال بشير بصوته الهادئ، وقد لاحظ شروده:"... ماذا؟ لا يكفيك؟"أفاق رشيد على الفور وردّ: "شكرًا لك، يا سيد بشير".قالها بلسانه، لكنه بقي مذهولًا، لا يعرف ما هي ضربة الحظ التي نزلت عليه.أجابه بشير موضحًا: "لا تشكرني، إن أردت أن تشكر أحدًا فاشكر السيدة".لكن رشيد، رغم أنه فكّر في الأمر طوال اليوم، لم يتذكر أنه فعل شيئًا يستحق عليه هذا من السيدة. ومع ذلك، بما أن الرئيس قال ذلك، فسيظل ممتنًا لذلك.في عطلة نهاية الأسبوع.ما إن خرجت سارة من مركز الأبحاث بعد أن رافقت ليان، حتى تلقت اتصالًا من حماتها، السيدة آمنة.قالت الأم بصوت مستعجل: "سارة، أين أنتِ؟ تعالي بسرعة، أنقذينا".أحست سارة بالقلق من لهجتها، فسألت بلطف: "م

  • طرقنا تفترق بعد الزواج   الفصل 96 أرجو أن تكوني مخلصة

    منزل عائلة راشد!هو الشقة الكبيرة المواجهة لشقة سارة!والآن جاء بها إلى فيلا ذات حديقة صغيرة.هل يرنو بشير إلى حبسها بين جدران؟قالت سارة بهدوء وتذكير:"بشير، هل نسيت أننا مرتبطان فقط لثلاثة أشهر؟ والآن تبقى أقل من ذلك."رد بشير وهو نصف نائم بتثاقل:"ألم يتبقَ شهران واثنا عشر يومًا؟"كان يحفظ عدد الأيام بدقة أكثر منها.قالت سارة: "طالما تعرف العدد، فلماذا كل هذا الاهتمام؟"فالبيت مبني على ذوقها الخاص، من تصميم الحديقة الصغيرة إلى أرقى الديكورات.وبشير يعرف حتى مقاسات ملابسها، فلا عجب أنه يعرف ما تحب.هي تحب أشياء قد لا يهواها الآخرون، وإذا انفصلا يومًا، فلابد أن يتغير صاحب هذا البيت، وهو أمر مزعج بلا شك.تصرف بشير جعلها تشعر بعدم الراحة، فبينما كانت تفكر كيف تنجو من علاقة خاطئة بأقل ضرر، كان هو يحاول بحذر أن يقيدها.أجابها بشير بنبرة مدللة: "أنا أحب ذلك."وأراد أن يكون عنيدًا، ولم تجد إلا أن توافق بهدوء.لكن الحقيقة أن هذا المكان كان حقًا بيت أحلامها،وكانت تفكر أنه إذا انفصلا، ربما تشتريه منه.نادى بشير اسمها فجأة.رفعت سارة رأسها، ونظرت إلى عينيه النعاستين،ورأته يقول بهدوء:"ما دمتُ

  • طرقنا تفترق بعد الزواج   الفصل 95 زوجتي، ظهري لا يتحمل!

    "خُذيني في جولة!"بكلمة واحدة، استطاع بشير أن يخرج سارة من المصحة ويقودها إلى البوابة.كانت تلك السيارة اللافتة التي أثارت إعجاب كمال لا تزال متوقفة هناك بكل عنفوانها. وضع بشير يده بخفة حول خصر سارة، ثم ألقى نظرة على السيارة وأخرى عليها، وقال:"قلتُ من قبل إن هذه السيارة لا تليق بك تمامًا، لكنها تفي بالغرض مؤقتًا، سنختار واحدة أفضل لاحقًا."هل هذه السيارة هدية لها؟تفاجأت سارة، لكنها تذكرت أن سيارتها القديمة لا تزال قابلة للإصلاح، ولا حاجة بها لشراء سيارة جديدة.لكن بما أنَّ بشير راشد قد أحضر السيارة حتى هنا، فرفضُها لن يُجدي. ثم إنَّ عائلة راشد أعطتها أشياء كثيرة، وهي في النهاية لن تحتفظ بها، فلا ضير من هذه أيضًا.حين يُزاح التردد عن القلب، تصبح الأمور أبسط وأكثر سلاسة.دون تكلّف، مدت سارة يدها، فوضع بشير في يدها مفتاح سيارة أنيق، ضغطت على زر الفتح، وصعدت إلى السيارة.كان الشعور... رائعًا جدًا!النساء كُثر، لكن من يجذب القلب قبل العين قليل.ازدادت نظرات بشير عمقًا، فخطا نحو السيارة وصعد بجانبها. وما إن جلس، حتى ضغطت سارة على دواسة الوقود بقوة."زوجتي... ظهري..."كانت المصحة في ضواحي ا

More Chapters
Explore and read good novels for free
Free access to a vast number of good novels on GoodNovel app. Download the books you like and read anywhere & anytime.
Read books for free on the app
SCAN CODE TO READ ON APP
DMCA.com Protection Status